أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد كشكولي - مصخّمة الدستور المهزلة ... نضح الإناء بما فيه














المزيد.....

مصخّمة الدستور المهزلة ... نضح الإناء بما فيه


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1272 - 2005 / 7 / 31 - 13:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المواطن العراقي أصبح أمام الخيار الوحيد الذي يفيد " تريد غزال اخذ أرنب، تريد أرنب اخذ أرنب!" . ولا يمكن أن يطلب المرء من الديك أن يبيض، وإلا ستكون ثمة معجزة ، وحالات من الجنون تنتاب مجتمعنا العراقي. فأفراد ذاقوا طعم ما درّ عليهم الفلتان الأمني وتفكك بنيان الدولة العراقية ليعيثوا فسادا ونهبا ، وقوات الاحتلال التي تدّعي أنها جاءت محرّرة من الظلم والدكتاتورية تتفرج ، أو ربما تدعم تلك العصابات . هذه العصابات الاسلامية و القومية والطائفية المسلحة تتسابق في هذه الأعمال المخالفة لأبسط القيم الخلقية والإنسانية. فأي رجاء في أناس لا تهزهم هذه المصائب و أنهار الدماء التي تجري في العراق، و الأحياء من العراقيين يعيشون جحيم البطالة و الجوع والحرمان؟ هذا الجحيم الذي ترى فيه أفراد هذه العصابات جنتهم ونعيمهم ، فهل أصبحوا مجانين لكي يعملوا على ازالة هذا الجحيم؟
وما أعنيه بعبارة "نضح الإناء بما فيه" واضح وضوح الشمس ، فأني أقصد أن الامتيازات و الحكم والسلطات التي يتمسك بها حكام اليوم في العراق كانت نتيجة المحاصصة و تكريس الطائفية و النزعة القومية المتطرفة ، فلا يمكنهم أن يتخلّوا عن مصدر نعمتهم الالهية هذه ، فاقترحوا دستورا يلبّي حاجاتهم و يضمن مستقبلهم في حكم العراق و التحكم بخيراته و مقدرات الجماهير ، دستورا سيشكّل عقبة كأداء أمام تقدم شعب العراق وتطوره و تحرره.
إن مسوّدة الدستور التي انتشرت في وسائل الإعلام تثير القرف في النفس، و التشاؤم من مستقبل العراق ، ويأسا واحباطا لدى الذين كانوا يتطلعون إلى مجتمع مدني حديث، ودولة القانون التي تضمن للمواطن حرياته وحقوقه بغض النظر عن لغته و شكله وجنسه وطائفته و دينه ومعتقده . و أية مهزلة هذه أن يجعل كتّاب المصخّمة من أنفسهم ممثلي شعب العراق بإرادة الله و رغبة الشعب الحرّة ؟؟؟؟!!!
لا أريد أن أعلّق على كل بنود هذه المسوّدة الآن ، فهي من الباب للمحراب كما يقولون ، لا تلبي حاجات المواطن العراقي و تطلعاته ، ولا أظن أنها تشبه دستور أي بلد من بلدان العالم. إن المصادقة عليها تعني الاتيان بنظام حكم ولاية الفقيه أو ما شابهها من الأنظمة الدينية. وهذا تؤكده المادة الثانية
" التي تنص على أن الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو المصدر الأساسي للتشريع، ولا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه(ثوابته المجمع عليها ) ويصون هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي (بأكثريته الشيعية وسنته) ويحترم جميع حقوق الديانات الأخرى."
ويمكن للعراقيين أن يقبلوا بصفة اسلامية العراق في الشكل فقط ، إن كان الدولة بمضمون علماني تقدمي يكون الدين فيها لله و الوطن للجميع.
وإن التأكيد على أنه لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام وأحكامه كفيل بحرمان المرأة من حقوقها الإنسانية في المساواة مع الرجل ، و يمكّن الحكم العراقي من انتهاك معظم حقوق الإنسان وحرياته التي أكدتها المواثيق الدولية و منظمات حقوق الإنسان ، كما يجعل المرء يشكك في كل بنود وفقرات هذا الدستور المقترح، و التي تقول بكون الشعب مصدر السلطات في الدولة و تطلق وعودا بالعدل و ضمان توزيع عادل للثروة و غيرها.
فالاستبداد الديني آت ٍلا ريب فيه إذا أصبح لنا هكذا دستور غريب عن روح العصر و قيم الديمقراطية و الحرية.
و المادة الثالثة تكرّس المحاصصة و الروح الطائفية في المجتمع العراقي، و تجرّد المواطن الإنسان من إنسانيته و مبادراته الفردية .
إن الشعب العراقي ليس الشعب الوحيد على الأرض الذي يتكون من أقوام وملل و ديانات و طوائف مختلفة . و إنه لا يمكن لأي ّ دستور أن يثبت تسميات كل هذه الأطياف التي ربما تزيد على المئة عددا و عديدا . و إنّ ذكر بعض هذه المكونات سيٌشعر مكونات أخرى لم تٌذكر بالغبن أو ما يسمى بالتهميش. و كذلك إن الدرجات و التقديم و التأخير في ذكر هذه الأطياف تثير حزازات كثيرة ، إذ أن كل مجموعة تدّعي أنها الأكبر من الأخريات و الأكثر عددا ( وللضحك أنها أعرق و أشرف هههههه) . وثمة كثير من الأخوة الكورد الفيلية ناقمون على كتّاب الدستور بسبب أنهم أغفلوا ذكرهم ضمن مكونات شعب العراق. و أعجب من أحد كبار مثقفي الفيلية و قد كتب أ"لقد أحسنت المسودة بتعداد مختلف التكوينات الدينية والقومية العراقية وحتى الفرعية" . و لا أظن أن الظلم الذي لحق بالكورد الفيلية ، و المآسي و المصائب التي نزلت عليهم سيزول بتسميتهم ضمن تكوينات شعب العراق في هذه المصخمة. وإن دستورا مدنيا عصريا للعراق لا بد أن يؤكد على المواطن المتساوي في الحقوق والواجبات ، بدون أن يدمغ بهوية قومية أو طائفية أو دينية . إنه لضرورة أخلاقية و مدنية و حضارية أن تزول هذه المادة الثالثة من أي دستور في المستقبل. إن ضمان مستقبل الشعب الكوردي يمكن بالاعتراف بوجود اقليم كوردستان. و أن دستورا يضمن حقوق المواطن وواجباته ، و يؤكد على حرياته في المعتقد و الثقافة و ممارسة طقوسه وحرية استخدام لغته في مجالات الكتابة والحديث والابداع ، يكون ضمانا لحقوق و حريات أتباع الديانات والعقائد و الأقليات جميعها. ولكن أخيرا تذكرت ُ قولة للكوردي حين ينتابه اليأس من أن يتعقل صاحبه ، فيقول له ليعطي الله العقل لأولادك !
لقد ضاعت كل هذا السنوات من عمر العراق وحياة شبابه و نسائه و رجاله ، و لا بد من أن يفعنا الأمل في الأجيال القادمة .



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية تتج الفقر و الإرهاب
- آلهة الحرب
- اقرعي! اقرعي! ياطبول!
- نحن كثيرون قصائد للشاعر بابلو نيرودا
- المميزات الأربعَ عشرة للأنظمة الفاشيّة
- قصيدة فروغ فرّخزاد - الوهم الأخضر
- نعاج الله
- مهمات اليسار في العراق شاقّة لكنها ليست مستحيلة
- من غزليات جلال الدين الرومي
- لماذا لندن وواشنطن تدعمان نظام كريموف الدموي؟
- تأمّلات في العولمة و الفدرالية
- ارتعاشة الجنيّات
- في ذكرى محاكمة جزّار ليون
- النازية وتأميم الجماهير
- مطر الألم والحنين
- الأول من آيار_ اليوم الأول للدنيا
- بقرتان و اختلاف نظريات الاحتلاب
- السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام ص ...
- إلى أين ؟ إلى أين ؟
- البابا الراحل كان حليف ريغان في قتل المستضعفين


المزيد.....




- رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري ...
- جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج ...
- لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن ...
- قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
- كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
- أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن ...
- شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة - ...
- -عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد كشكولي - مصخّمة الدستور المهزلة ... نضح الإناء بما فيه