فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4498 - 2014 / 6 / 30 - 12:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذا رجلٌ لا ينام. ما بين مكتبه بمجلس الوزراء مع شعاع الشمس الأول، واجتماعاته مع رجال الحكومة، وبين جولاته الميدانية ليعاين بنفسه مشاكل المواطنين التي أورثتها حكوماتُ سابقةٌ وعهود، وعقود، أغرقت مصرَ في لُجّة التسيّب والفوضى، حتى جاءها رجلٌ نشط قرّر أن يُصلح ما أفسده السابقون. لا ينتظرُ التقاريرَ في مكتبه المكيّف؛ بل يجول بنفسه ليعيش معاناة المواطن اليومية، فكان قدوة طيبة لمرؤوسيه الوزراء، فبدأوا يومهم، مثله، في السابعة صباحًا وركبوا المترو مع المواطنين وتفقّدوا الأسواق والطرقات.
لا أصدق أن نبوءتي، أو بالأحرى رجائي من الله، يتحقق بهذه السرعة! بتاريخيْ: 13 مارس، 20 مارس 2014، كتبت بجريدة "الوطن" مقالين عنوانهما على الترتيب: “أمّي وأحمد رشدي"، "نحتاج ألفَ أحمد رشدي"، تذكّرت فيهما (بحسرة) وزيرَ الداخلية اللواء "أحمد رشدي" الذي كاد يُعيد للشارع المصري انضباطه، لولا أن أُطيح به بعد سنوات ثلاث، أصلح خلالها ما تكرّس في عقدين من فوضى. وكنتُ أصلّي لله أن يهبنا مثل ذلك العظيم الذي أحبّ مصرَ فأحبه المصريون، لأنه قدّم نموذجًا للمسؤول الشريف. وبعد شهرين استجاب الله دعائي ومنحنا هذا المثقف الوطني، الذي يترأس حكومتنا الراهنة.
رفعتُ إليه الأسبوع الماضي مظلمة سكّان مشروع "بيڤ-;---;--رلي هيلز" بالشيخ زايد، ضدّ شركة سوديك المالكة حيث لم تلتزم بالعقود التي أبرمتها معهم منذ 16 عامًا، فشيدت الجامعَ، واستولت على الأرض المنذورة للكنيسة! فاتصل رئيس الوزراء فورًا بـ"سوديك" وطالبها بتنفيذ بنود العقد الذي سوّقت به عقاراتها. ثم هاتفني وقال إن الحق عائدٌ لأهله ولم تعد لتلك الممارسات العنصرية مكانٌ في مصر الجديدة بعد ثورتين هائلتين ضد الفساد والظلام.
وكان للرجل المحترم سابقةٌ مشرّفة مماثلة، في فترة توليه وزارة الإسكان، حين استولت الدولةُ على أرض مخصصة لكنيسة بحي التجمع، فأمر بأرض بديلة فورًا، ليشعر أقباطُ مصر المسيحيون، لأول مرة، أنهم في دولة بدأت ترعى حقوقهم التي ظلّت في مهبّ الأهواء والنزعات العنصرية عقودًا طوالا.
الجمعة الماضية، اتصلت بمكتب المهندس محلب في الثامنة مساء، لأسأل السكرتارية عما تمّ في قضية بيڤ-;---;--رلي هيلز، وهالني أن رد بنفسه، دون سويتش، ولا بطانة ولا حاشية تعزله عن المواطنين. وطمأنني أن الأمور ستعود لنصابها في أقرب وقت. نسيتُ ان أسأله: “تخرج من بيتك في السادسة صباحًا، وتعود بعد منتصف الليل حتى أيام الجمعة، فمتى ترى أسرتك، ومتى تنام؟"
مهندس إبراهيم محلب، شكرًا لك. أخيرًا أثق أن غدّا مشرقًا تدخله مصرُ التي وضعت قدمها على طريق التحضّر، أخيرًا.
2014
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟