|
حول خطاب أبو مازن المثير للجدل !
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 19:20
المحور:
القضية الفلسطينية
أعلم أني بهذا المقال سأغضب الكثير من أصدقائي، خاصة من الراديكاليين اليساريين، أو الراديكاليين الإسلاميين ( لا فرق في المحصلة )، فالمثقف الذي يفكر في الدفاع عن تصريحات الرئيس عباس هو في حكم المنتحر " شعبياً "، ذلك أن الشعب لا يستوعب وقوف الرئيس الفلسطيني مع عائلات المستوطنين المخطوفين، ولا يمكنه تفهم كيف تقوم أجهزة السلطة الأمنية بالبحث عنهم أو تقديم معلومات تسهل العثور عليهم، فهذه التصرفات يعتبرها الرأي العام الفلسطيني " خيانة وطنية " لأن الرئيس يكون بذلك قد حاد أو زاغ عن طريق الشهداء ( عرفات وياسين وأبو علي مصطفى والرنتيسي والشقاقي .. ) !
إذن أنا بهذا المقال أرتكب مخاطرة " الكلام " بما يخالف الرأي العام الهائج ضد أبو مازن، رغم أن المضمون النهائي لهذه المساهمة لن تعجب أبو مازن نفسه ربما !
أكاد أتفق مع الرئيس تماماً في رفضه للعنف المسلح أو حتى لقيام انتفاضة ثالثة .. هذا الكلام هي قناعة تامة تولدت بعد تجارب مريرة فقدنا فيها آلاف الشهداء وتركنا عشرات الألوف من الأيتام الذين يحلمون بأي يجلس معهم على مائدة الإفطار .. آلاف الثكالى والمعاقين والجرحى .. حتى الجريح يمكن شفاؤه، لكن من استشهد فلن يعود أبداً !!
نحن لم نستوعب الدروس ولم نتأمل حقيقة التجارب في هذا الكوكب، فقمنا بنسخ أمثلة حدثت في أمكنة لا تشبه فلسطين، وكان هناك أعداء ومجرمون، ولكنهم ليسوا كالحركة الصهيونية .. حقيقة المعادلة يدركها الكهل أبو مازن جيداً، فنحن شعب أعزل محاصر في مواجهة جيش يمتلك أحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً. سيطول النقاش لكي يقتنع البعض أن التضاريس والغابات التي حارب فيها تشي جيفارا لا تشبه مخيمات غزة المكتظة بالبشر، وأن مساحة الجزائر التي تعادل مساحة أي دولة عظمى لا تشبه مساحاتنا الضيقة، وان الحصيلة النهائية للكفاح المسلح كانت كارثية بحصيلة صفرية في حالتنا، فنحن لسنا فيتنام، والاتحاد السوفييتي العظيم لا يتاخم حدوداً مفتوحة معه لاستقبال المؤن والعتاد والذخائر ! للأسف حصيلة الكفاح المسلح هي التضحية بشعب كامل لردود الفعل الصهيونية التي لا تحترمنا كبشر، بل هم لا يحترمون أي شعب آخر ! من تعاليم التلمود اليهودي التي ذكرها الكاتب الروسي الشهير دوستوفيسكي ( اقتل ودمر كل الآخرين غيرك !! ).
نعم أتفق مع الرئيس عباس حول عدم جدوى العنف وعدم جدوى انتفاضة ثالثة، لسبب بسيط، هو أننا شاهدنا جيداً ماذا كانت نتائج انتفاضاتنا الكبرى التي تم تسليحها !! ثم أن أبو مازن يشاهد كما نشاهد جميعاً ما الذي يحدث في البلاد العربية حيث عصابات بدائية موغلة في الهمجية تجتاح المدن والقرى وتقطع الرؤوس وتأكل الأكباد، فهل هؤلاء من سيحررون فلسطين ؟؟ وإذا كانت داعش قادرة على تحرير فلسطين، فمن سيقبل طريقة حكمها ؟؟! هذا علماً بأن جرحى داعش والنصرة يعالجون في المشافي الإسرائيلية !!
لا أعلم عن العرب إلا هزيمتهم الحضارية المنكرة أمام الغرب " الصليبي "، فقد قرأت أن الشيخ تميم ( الذي انقلب على أبيه ) قد دفع 2.2 مليار يورو لشراء أكبر ساحة لمصارعة الثيران في أسبانيا ( مشهورة باسم لامومينتال )، وأنه قد عقد العزم في حال موافقة أسبانيا على الصفقة إلى تحويل الساحة لأكبر مسجد في أوروبا. أتساءل: هل انتهينا من تحسين أحوال المسلمين في بلادنا الأصلية لكي نتفرغ لأسلمة أوروبا ؟؟ لماذا لا يدفع الشيخ تميم مبلغ 2.2 مليار دولار لبناء مدارس أو مستشفيات أو مصانع في أفغانستان لكي يكفوا عن زراعة الحشيش ؟؟! لماذا ينفق الأمراء ملايين الدولارات في نوادي لندن ولاس فيغاس ولا يقومون بالتبرع لبناء مركز أبحاث لعلماء مصر والعالم العربي ؟! ليس هذا موضوعنا إنما فقط هي إشارة عابرة للعمق ( القومي والإسلامي ) !
أما ما أختلف فيه مع أبو مازن فهو حل الدولتين من الأساس، لأن هذا الحل بات مصلحة صهيونية أكثر منه مصلحة فلسطينية، ذلك أن أراضي الدولة العتيدة قد تمت مصادرتها من الدولة المحتلة وأقاموا عليها المدن العملاقة وناطحات السحاب .. 50 % من الضفة الغربية ذهبت للمستوطنات التي ستبقى في الحل النهائي ( المنظمة وافقت على تبادل أراضي ) والجدار الفاصل الذي يعتبر من " منجزات " الانتفاضة الثانية قضم 12 % من الأرض، أما طرق الأوتوستراد الواسعة والمحرمة على الفلسطينيين تبتلع 8 % من الأرض، أي أن 70 % من الضفة الغربية هي عملياً تحت السيادة الإسرائيلية، أي أن الدولة التي تروج لها تسيبي ليفني واليسار الصهيوني لا تمثل أكثر من 13 % من مساحة فلسطين التاريخية، فأين سيسكن 12 مليون فلسطيني بينما الاستيطان مستمر وجلب المهاجرين اليهود ( أو من تم تهويدهم ) مستمر على حساب أصحاب البلاد الأصليين ؟؟!
الحركة الصهيونية لا تعترف بنا كشعب، ولهذا هم منحوا قيادة المنظمة سلطة ( رشوة ) ولم يمنحوا الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير والعودة !
أختلف مع أبو مازن في تفريطه بالحياة في صفد، فهو حق أصيل من حقوق الإنسان، وفلسطين ليست لليهود وحدهم. كل فلسطين لنا ولهم، أي أن الأمور في النهاية ستتجه لدولة واحدة. سنتفق جميعاً على طريقة ذبح الدواجن، ونتفق على أسباب زرقة البحر، وسنقرأ نحن وهم كتاب ( كيف لم أعد يهودياً ؟ ) لشلومو سانيد وسنقرأ كتاب إسرائيل شاحاك ( التاريخ اليهودي )، وسوف نواصل تجميع الفيديوهات التي أخذت تنتشر حول شهادات ضباط العصابات الصهيونية عن التطهير العرقي الذي مارسوه ضد الفلاحين المساكين أصحاب الأرض.
شاهدوا وانشروا هذا الفيديو !! إنه وثيقة تاريخية في صالح الشعب الفلسطيني أكثر من مستندات الطابو العثماني نفسه !!
https://www.facebook.com/photo.php?v=645027218917622&set=vb.100002310503779&type=2&theater
نحن الآن نراهن على حركة BDS " المقاطعة وسحب الاستثمارات " التي تتصاعد ضد الدولة الصهيونية منذ العام 2005 !
نعم أبو مازن صادق عندما يقول أن صراعنا مع إسرائيل ليس عسكرياً فهذا ما لا طاقة لنا به، وهو صادق عندما يقول أننا لا نحتاج لانتفاضة ثالثة، فقد شاهد معنا نتائج انتفاضتين كبيرتين. نحن نحتاج إلى تفكيك الفكر الصهيوني وتشجيع نشر الفكر الإسرائيلي الناقد للعقيدة الصهيونية والمؤيد لحق العودة، ولكني أختلف مع أبو مازن حول حق العودة فأنا من أنصار إغراق إسرائيل باللاجئين، ذاك أن إسرائيل لم تعترف بها الأمم المتحدة كدولة إلا بشرط القرار 194 القاضي بالعودة الفورية للاجئين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم.
إن مخاوف قادة الدولة الصهيونية من مخاطر حركة BDS التي أطاحت بالنظام العنصري في جنوب أفريقيا قد بدأت، وهم الآن يتبادلون الاتهامات حول التسبب في تصاعدها. العالم لن يقبل الفاشية بعد موسوليني وهتلر، ولن يقبل العنصرية بعد النازية، وعلينا أن نثق بأن العقيدة الصهيونية إلى زوال !!
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حل السلطة والعودة إلى ما قبل أوسلو !
-
حكايتنا مع الشرعية الدولية !
-
السلطة الفلسطينية ومشروع الفصل العنصري !!
-
إلى حركة حماس: على هامش أزمة الرواتب والمشروع الوطني !
-
رداً على نتنياهو: الدولة الواحدة أمر واقع !
-
نص مجهول لديستوفيسكي في المسألة اليهودية
-
دعوة لتأسيس حزب الدولة الواحدة !
-
تحية لتوفيق الطيراوي .. نعم لدولة واحدة !
-
التاريخ اليهودي وطأة 3000 عام – إسرائيل شاحاك
-
لكي لا ننسى: جرائم الإرهاب الصهيوني قبل وبعد النكبة !
-
ضد الصهيونية !!
-
فلسطين لشعبها من قبل الديانات !
-
هل تعترف إسرائيل بالنكبة وآثارها ؟؟!
-
لماذا ندفع ثمن المحرقة ؟!
-
في ذكرى النكبة: ماذا عن لاجئي الضفة وغزة ؟؟!
-
في ظل الانهيار العربي .. هل من تواضع ؟؟!
-
ماذا ينتظر اليسار الفلسطيني ؟؟!
-
إسرائيل دولة أبارتهايد !
-
الدولة الواحدة في شعر محمود درويش !
-
إله الكنعانيين وإله اليهود !
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|