داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4496 - 2014 / 6 / 28 - 16:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نسمع الآن كثيرا عن سعى وزارة الأوقاف للسيطرة على خطباء المساجد أو على الخطابة فى المساجد، وهذا أمر تتشابك وتتداخل فيه اعتبارات عديدة متباينة، مما يجعل الاقتصار فى تناول الأمر على زاوية نظر واحدة محفوفا بالمزالق والمحاذير. وأول هذه التشابكات والتداخلات يجابهنا إذا ما طرحنا السؤال: هل تعمل وزارة الأوقاف فى هذا الصدد بوصفها جهازا من أجهزة الدولة أم بوصفها ممثلة للمؤسسة الدينية؟
الإجابة على هذا السؤال تنعكس على قراءتنا لما تقوم به أو تحاول أن تقوم به وزارة الأوقاف لمنع القيادات السافية من صعود المنابر. هنا لا بد من أن نحدّد فى وضوح ما الغاية من هذا المنع وما المبرّر له. إذا كانت الغاية والمبرّر الحيلولة دون استخدام المساجد وغيرها من دور العبادة لإثارة الفتن الطائفية أو لبثّ الكراهية والعداء لطوائف أو جماعات معيّنة، فهذا واجب من أوجب واجبات الدولة وتختص به الدولة والدولة وحدها. , وقد تكون الغاية منع توظيف المساجد وغيرها من دور العبادة لخدمة بعض الأغراض السياسية، فهنا يكون فى الأمر شبهة التضييق على الحريات، وإذا رأت الدولة فى ظروف معيّنة ما يبرّر هذا التضييق فعليها أن تبيّن هذه المبررات فى وضوح وأن تحيط إجراءاتها بالضمانات القانونية والعملية. ويكون هذا أيضا من شئون الدولة لا دور للمؤسسات الدينية فيه. أما إذا كانت الغاية منع الدعوة لتوجهات فكرية أو عقائدية تخالف توجهات أو عقائد المؤسسة الدينية الرسمية، فهذا يكون عدوانا صارخا على مبدأ حرية التفكير والتعبير، عدوانا تقوم به المؤسسة الدينية، وينبغى على الدولة لا أن تبرأ منه وتنأى عنه فحسب بل يجب عليها أن تجرّمه وتمنعه.
إننى لم أقصد الدخول فى صراع وزارة الأوفاف مع الحركة السلفية، فهذا أمر لا ناقة لى فيه ولا جمل، إنما أردت أن أنبّه إلى أمرين: الأول أن أخذ الأمور مأخذا سطحيا متعجّلا يقود إلى متاهات فكرية تغيب عنا فى ثناياها اعتبارات هامة. الأمر الثانى ضرورة التنبّه لأن نكون حذرين دائما من تبرير التضييق على الحريات والعدوان عليها بمبررات قد تستهوينا وقد تستغل انحيازاتنا لنسكت على أفعال إن نظرنا إليها بموضوعية وفى رويّة رأيناها تهدد مبادئ نؤمن بها ونناضل فى سبيلها. فما أسهل على العلمانى المؤمن بحرية الفكر أن ينظر لمطاردة وزارة الأوقاف للسلفيين على أنها أمر لا يعنيه، حتى يستيقظ ذات يوم فيرى نفس المبررات التى سيقت لمحاربة السلفيين تساق لمحاربة حرية الفكر والإبداع.
القاهرة، 28 يونية 2014
http://khashaba.blogspot.com
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟