الحزب الكوردي الفيلي العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 1271 - 2005 / 7 / 30 - 07:57
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
نشرت وسائل الاعلام العراقية منذ أيام مسودة الدستور الجديد على الرأي العام العراقي. كما ظهر أعضاء اللجنة برئاسة الشيخ همام حمودي على شاشات وسائل الاعلام المرئية ليشرحوا ويضيفوا وليفسروا بعض فقرات المسودة.
المتابع للندوات والمؤتمرات الصحافية للجنة كتابة الدستورعلى شاشات الفضائيات والاذاعات وعلى صفحات الجرائد , يجد أن تصريحاتهم تزيده غموضا, وبما أن هذه التصريحات ليست نصوصا دستورية, فقد صار من الأولى مناقشة مسودة الدستور المنشورة في وسائل الإعلام.
إن الشعب العراقي الذي قدم ملايين الضحايا على مر تاريخه العريق حيث تحول العراق كله إلى مقبرة جماعية, لم يتنظر أن يكون دستوره بهذا الإلتواء السياسي والإلتباس القانوني والركاكة اللغوية والتناقضات الدستورية. ولنبدأ من مقدمة مسودة الدستور:
1- (نحن ممثلي شعب العراق بارادة الله ورغبة الشعب الحرة نعلن أننا وضعنا الدستور لتحقيق الأهداف الآتية:
*إقامة العدل على اسس راسخة لضمان حق كل انسان ومواطن دون رهبة او تحيز طبقا لمبدأ سيادة القانون.)
من البديهيات أن يتم تعريف حق الانسان أو المواطن أولا, كي يقيم الدستور العدل لضمانها, ونعتقد أن هذا أول غموض نصي وقانوني ولغوي.
2- (* ضمان الحريات الأساسية، وضمان التمتع بها فعلاً في ظل دولة المؤسسات والشرعية.)
ومرة أخرى لم تنص مسودة الدستور على تسمية هذه الحريات الاساسية وتوضيحها بشكل قانوني كحرية العقيدة وحرية الرأي والمعتقد والفكر والدين والحق في الحياة ومجمل الحقوق التي تضمنتها لائحة حقوق الإنسان.
3- (* تأكيد سيادة الشعب التي تقوم على أساس أنه مصدر السلطات في الدولة ومصدر شرعيتها، ولا يجوز لفرد أو لجماعة ادعاء تمثيل الشعب تحت أي مسمى.)
بما أن الشعب العراقي فسيفساء دينية وطائفية وقومية وإثنية, لذا يتوجب إضافة (ولا لقومية او دين اوطائفة او مذهب إدعاء تمثيل ... الخ.)
4- (* نشر روح الاخاء على أساس مبدأ المواطنة الصالحة وتنمية الوعي الاجتماعي حتى يشعر كل فرد بأنه جزء من البنيان وأنه مسؤول عن حمايته. )
يفضل أن تطور هذه الصيغة باضافة نشر روح الإخاء والتسامح والمساواة . كما يرجى توضيح صفة هذا (البنيان) الذي ورد في النص, فهو غامض لغويا, فعن أي (بنيان) تتحدث هذه الفقرة. إذ لم يرد مايوضح هذه العبارة فيما ورد قبلها من نصوص.
5- (* تحرير المواطنين من آفة الفقر والمرض والجهل والخوف باقامة نظام اقتصادي واجتماعي صالح يحقق العدالة ويؤمن الضعيف والخائف ويوصل كل مواطن إلى خيرات وطنه.)
هناك تلاعب لفظي وفكري في هذا النص. إذ لم تحدد هذه الفقرة طبيعة النظام الإقتصادي والإجتماعي الصالح الذي يحقق العدالة.. الخ الفقرة. فهل ياترى هو نظام اقتصادي اجتماعي اسلامي؟ أم نظام اقتصادي اجتماعي رأسمالي؟ أم نظام اقتصادي اجتماعي اشتراكي؟ أم خليط من كل هذه الانظمة؟ أم أنه نظام اقتصادي اجتماعي يقوم على نظام السوق الحره؟ أم هو نظام إقتصادي موجه؟.
وإلحاقا بهذه الفقرة هناك غموض وركاكة لغوية في النص, فما معنى يؤمن الضعيف والخائف؟ فما المقصود بالخائف هنا ؟
أما بخصوص الأبواب الواردة في مسودة الدستور فلنتوقف عندها:
6- في الباب الأول وفي فقرة المبادئ الاساسية وفي المادة الأولى ثمة تباينات في نص المسودة نفسها فقد ورد في المادة الاولى (المادة الأولى: الجمهورية العراقية( الاسلامية الاتحادية ) دولة مستقلة ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوري ديمقراطي اتحادي (فيدرالي ).)
مما هو واضح في هذه الفقرة إن لجنة كتابة الدستور لم تتفق بعد على تسمية العراق: هل هو اسلامي إتحادي أم ديمقراطي إتحادي؟ رغم أن في المسودة, وفي الباب الرابع منها وفي المادة الأولى من فقرة مؤسسات حكومة الأقاليم, يرد تسمية العراق بالجمهورية العراقية الإتحادية: (الباب الرابع مؤسسات حكومات الاقاليم
المادة 1 :يتكون النظام الاتحادي في” الجمهورية العراقية الاتحادية “ من اقاليم ومحافظات وعاصمة. )
وكذا الأمر في المادة 14 إذ يرد تعبير الجمهورية العراقية الإتحادية :( المادة 14 :يمثل رئيس الاقليم اقليمه في الخارج وامام السلطات الاتحادية وهو يبرم الاتفاقيات مع الاقاليم الاخرى في جمهورية العراق الاتحادية في حدود ما سمح به دستور الاتحاد بعد مصادقة المجلس الوطني للاقليم .)
7- المادة الثانية: الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو المصدر الأساسي للتشريع، ولا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه(ثوابته المجمع عليها ) ويصون هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي (بأكثريته الشيعية وسنته) ويحترم جميع حقوق الديانات الأخرى.)
هذه الفقرة تتناقض مع معطيات الواقع الاجتماعي للعراق وتركيبته الاجتماعية الدينية والطائفية والإثنية بل وتتناقض مع مسودة الدستور نفسها. ففي المادة 12 من الحقوق الاساسية تؤكد حرية الدين والمعتقد وفق القانون , وبما أن العراقيين سواسية أمام القانون, فعلى الدستور العراقي أن يتضمن أبوابا تشريعية مستمدة من تلك الاديان والطوائف التي قد يتعارض بعضها مع أحكام الشريعة الاسلامية وبالتالي سيضعها مستقبلا أمام طائلة القانون أو الاستبداد الديني أو المذهبي, ويمكن ملاحظة التناقض ما بين المادة الثانية والمادة 12 والتي تنص على مايلي:
(الباب الثاني
الحقوق الأساسية والحريات العامة
م / 12: حرية الدين والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية مكفولة على وفق القانون بما لايخل بالنظام العام والآداب.)
حيث أن وجود المادة الأولى تذكرنا بالدولة الإسلامية التي تحفظ حقوق الموالي بين ظهرانيها. بينما العراق ملك الجميع , حقوق المسيحي والصابئي والايزيدي والشبكي , تتساوى, لاتزيد ولا تنقص عن حقوق المسلم شيعيا كان أم سنياً ولا فرض لدين على آخر حتى ولو كان دين الأكثرية.
8- المادة الثالثة تنص على مايلي:
(المادة الثالثة: يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيستين هما العربية والكردية ومن قوميات أساسية(قومية أساسية) هي التركمانية والكلدانية والآشورية والسريانية والأرمنية والشبك و(الفرس) ومن ايزيدية وصابئة مندائيين، يتساوون كلهم في حقوق وواجبات المواطنة. )
التناقض اللغوي والقانوني والمنطقي واضح وجلي في هذا النص ويتركز فيما يلي:
1- الكلدان والآشوريون, والشبك والإيزيديون والصابئة المندائيون, فالنص هنا لايفرق بين القومية والعقيدة الدينية.
2- إن النص يحرم الايزيدية والشبك من إنتمائهم الكوردي الأصيل, ويحول إنتمائهم الديني والطائفي الى سمة قومية وهذه مغالطة علمية وسياسية.
3- ورد في النص كلمة (الفرس) بين قوسين ولم يوضح طبيعة هذه التسمية.
4- لم يرد ذكر الكورد الفيليين في النص ولا نعرف سبب ذلك فهل هي مساومات سياسية أم ماذا؟ لما ذكرت مسودة الدستور الإيزيدية والشبك وهم أكراد بينما تجاهلت ذكر الكورد الفيليين؟ إن كان سبب عدم ذكرهم هو كونهم أكرادا, وما يميزيهم هو المذهب فقط, فالشبك اكراد وشيعة أيضا, وقد ورد ذكرهم.
إن الكورد الفيليين مكون أساس من مكونات الشعب العراقي, وليسوا تابعين لإيران, ولا فرسا, وليسوا بالأقلية عدديا حتى يتم تجاهلهم بهذه الصورة المخزية التي يندى لها الجبين ويعتبر نقطة سوداء في هذا الدستور والذي يدعي لنفسه تمثيل إرادة الشعب العراقي, فيما هو تجل واضح لمساومات سياسية لأطراف في السلطة العراقية الحالية.
9- المادة الحادية عشر من الباب الأول والتي تنص على مايلي:
(يحظر فكراً وممارسة تحت أي مسمى كان كل فكر يتبنى العنصرية والتكفير والإرهاب (أو يحرض أو يمجد أو يمهد أو يروج له) وبخاصة البعث الصدامي ولا يجوز أن يكون ذلك جزءاً من التعددية السياسية في الدولة.)
المثير للغرابة أن يتم تخصيص البعث ب(الصدامي) علما إن الفقرة تتحدث عن حظر الفكر العنصري والتكفيري والارهابي وممارساته . فمن المعروف أن حزب البعث واحد في فكره وممارساته, وأن تجربة الشعب العراقي في شباط الاسود عام 1963 لم يكن لها علاقة بصدام حسين كفكر وممارسة وإنما كانت تجسيدا لفكر البعث نفسه, كما أن دعم الإرهاب حاليا يتم بدعم تنظيمات البعث في سوريا والاردن وبالتالي يتوجب إلغاء صفة (الصدامي) الواردة مع كلمة البعث في مسودة الدستور لأن هذه الفقرة ستجر العراق الى كارثة سياسية أخرى, وهي تزكية ضمنية لفكر البعث الفاشي العنصري استوجبتها مصالح سياسية آنية, علما إننا نتحدث هنا عن دستور لا يتحدد بظروف طارئة ومساومات وموازنات سياسية حالية.
10- المادة الخامسة عشر من الباب الأول والتي تنص على مايلي:
(للمرجعية الدينية استقلاليتها ومقامها الإرشادي كونها رمزاً وطنياً ودينياً رفيعاً. (هناك تحفظ من البعض).)
هذه الفقرة بنصها الحالي ذات إشكالية في الصياغة وطائفية المضمون, ففي العراق مرجعيات دينية مختلفة سواء في الطائفة الواحدة أو بين الاديان المتعددة. فهناك مرجعية دينية للسنة ومجلس كنسي للمسحيين ومجلس روحي للصابئة المندائيين وكذا الامر للايزيديين والشبك, وبالتالي فمن الافضل ذكر صيغة الجمع أي( المرجعيات الدينية للأديان والطوائف في العراق ذات استقلالية .. والى آخر النص). وضرورة توضيح طبيعة هذه الاستقلالية.
11- المادة الرابعة أ من الباب الثاني:
(م / 4 : أ- الجنسية العراقية حق لكل عراقي لايجوز اسقاطها عنه لاي سبب من الاسباب وهي اساس مواطنته ومصدر حقوقه وواجباته وله حق طلب استعادتها اذا اسقطت عنه ويجوز تعدد الجنسية.)
هناك عدم وضوح في بناء الفقرة لغويا, من حيث يفترض أن العراق الجديد لايسقط الجنسية عن أحد وبالتالي يفترض أن تكون الجملة: (وله يحق طلب استعادتها لمن سبق وان اسقطت عنه) قبل صدور هذا الدستور.
12-المادة 5 من الباب الثاني:
(م / 5: لايجوز نفي العراقي او ابعاده او حرمانه من التنقل داخل العراق او خارجه، او منعه من العودة الى وطنه الا بموجب القانون.)
يفضل أن يتم توضيح الفقرة دستوريا, وتسمية الجهة القانونية المحددة التي لها صلاحية ذلك, لأن صيغة (إلا بموجب القانون) قد عطلت مضمون النص بكامله.
13-المادة 6 من الباب الثاني:
(م / 6: تكفل الدولة الحقوق الاساسية للمرأة ومساواتها مع الرجل في الميادين كافة طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية وتساعدها على التوفيق بين واجباتها نحو الاسرة وعملها في المجتمع.)
هذه المادة من الناحية التشريعية الإسلامية تتناقض مع المادة الاولى من الحقوق الأساسية والحريات العامة والتي تنص على التالي:
(أولا: الحقوق الأساسيةم / 1 : العراقيون كافة متساوون امام القانون بصرف النظر عن الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي ويمنع التمييز بينهم بناء على ذلك.)
وكما هو معروف فإن الإختلاف بين المرأة والرجل هو إختلاف جنسي وعليه فقد بنت الشريعة الاسلامية أحكامها القانونية في الارث والطلاق والشهادة والعلاقة بين الرجل والمرأة عليها , بينما تنص المادة الاولى من الحقوق الاساسية على المساواة الكاملة أمام القانون, ومن هنا فالتناقض واضح.
#الحزب_الكوردي_الفيلي_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟