أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد بن حادين - الدين و القومية ... دونت ميكس















المزيد.....

الدين و القومية ... دونت ميكس


عبد المجيد بن حادين

الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 14:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين أخلاق و عبادة, الدين طريق يتبعها المؤمن و خطوط تحدد له الممنوع من المباح. الدين فلسفة حياة. هذه هي خلاصة التعريفات التي يمكن أن نجمعها عن الدين. كل الأديان: اليهودية, المسيحية, و الاسلام ركزت الالهة التي سبقت ظهورها في اله واحد, خالق كل شيء, بما في ذلك الخير و الشر, الحياة و الموت, النور و الظلام, اذ لم يعد هناك اله مسؤول عن المطر و الخصوبة و اخر مسؤول عن الجفاف و اخرون عن الحرب و السلم والموت و الحب و الجمال. اله ما ان تؤمن به حتى تكون ملزما باتباع وصاياه و تبني العقيدة التي سنها مع اقامة شعائر عبادته.

عبر التاريخ كانت الأديان مصدر قوة للأمم, تحقق الراحة النفسية, تشكل قاسما مشتركا بين الساكنة لخلق التناغم, و قانونا يحكم بينهم في حالة الخلاف. و الأهم, حافزا للأفراد على التضحية من أجل الأمة و توسعها. التوسع الذي هو في حد ذاته حاجة عضوية للأديان. فالدين في حاجة دائمة لكسب أعداد جديدة في صفوفه لكي يتقوى و يحمي نفسه من خطر الاندثار أو التضييق و العزلة.

العقائد الدينية والعبادات و القوانين, يمكنها ان تكون كونية, اذ يكفي أن تقتنع بها, أو تفرض عليك لتطبقها و تصبح فردا من أفراد مجتمعها. حيث لا تتطلب هذه الأمور كلها الا انسانا كيفما كان عرقه أو لونه له عقل يدرك به معانيها و يستطيع الاقتناع بها و احترام معالمها و خطوطها.

و لو عدنا الى التاريخ لوجدنا أن فترات ازدهار الأديان هي الفترات التي كانت تسعى فيها لكسب أعداد جديدة مخاطبة فيهم العاطفة محطمة حواجز اللون و العرق بل و حتى اللغة . بينما يتهدد وجودها عندما تنغلق على نفسها و تضع حدودا بينها و بين الاخر.
قاعدة ذهبية تمكننا من فهم أسباب تراجع الأديان و حدوث الشروخ داخل اجساد مجتمعاتها و طفو الخلافات الى السطح مسببة صراعات دموية و تطرفا يجعل من نفس النصوص التي ساهمت في القوة سببا في الضعف و الدمار.
في الحالة الأخرى, أي عندما لا يتم تحطيم حواجز العرق واللون, و تدخل العرقية (أو ما سيسمى لاحقا بالقومية) كمكون من مكونات الدين, فإن النتائج تكون وخيمة, اما أن تؤدي للعزلة و التضيق و ربما الاندثار أو الى التطرف و التشردم و الوحشية بسم القيم. فلو قارنا مقارنة بسيطة بين الأديان سنجد أن الاسلام و المسيحية استطاعا غزو جميع أركان العالم رغم أن اليهودية أقدم بكثير منهما.
اذ على عكس الديانتين (الاسلام و المسيحية) اللتان كانتا تعتبران نفسهما رسالتين كونيتين تخاطبان كل شعوب العالم التي يكفي أن تلتحق باحداهما لتكون فردا من الأمة المسيحية أو الاسلامية. اليهودية كان لها رأي مغاير عندما قدست العرق و جعلته مكونا من مكوناتها. فاليهودي ليس من آمن بالعقيدة اليهودية وحسب و انما اليهودي من ولد من أم يهودية تنحدر من سلالة اسحاق ابن يعقوب (اسرائيل). الأمر الذي يفسر حجم الحروب و المصائب التي تعرض لها اليهود على مر التاريخ. اعتمادهم على العرق جعلهم يعيشون عزلة و منع مجتمعهم من التوسع, ما خلق لهم أعداءا متلاحقين على مر التاريخ يذيقونهم أصناف الهزائم في كل مرة. دون أن يتمكنوا ولو مرة واحدة من الانتصار و التوسع على حساب عدو الا انتصارات حربية سرعان ما تعود بعدها الأمور الى نصابها لأنهم لم يتمكنوا من غزو العقول بالتوازي مع انتصاراتهم. الواقع الذي جعلهم على مر التاريخ يعتبرون انفسهم الضحية الدائمة للاخر لانعدام وسائل الدفاع و الهجوم المضاد لديهم. حيث أنه لم يكن بامكانهم كسب الاخر ضمنهم بسبب اعتمادهم العرق و لا انضمامهم اليه بسبب التطرف الناتج عن العزلة و عدم التلاقح مع المجتمعات الأخرى معادية كانت أو غير معادية.

في المسيحية لم يرتبط الدين بالقومية كثيرا. الا في مراحل من التاريخ كان من بينها فترة الحرب الدينية التي لعبت خلالها الجهوية (le régionalisme) دور الزيت في اذكاء نار الحرب التي أشعلتها الاختلافات الدينية. و جعلت مطالب مارتن لوثر تدوب داخل صراع دموي دام لعقود طويلة نسي الناس خلاله لما يتقاتلون . و خلفت عوضة الأمة المسيحية , أمتين كاتوليكية و لبروتستانتية. و أفكار متطرفة لم تعرفها المسيحية من قبل, عجلت بالثورة عليها بعد قرنين فقط
لكن مع ذلك تبقى المسيحية أقل ارتباطا (تاريخيا) بالعرقية أو القومية أو الجهوية, من الاسلام و ان كان الاثنان لا يقارنان أصلا باليهودية
في الاسلام اتصفت الرسالة كما في المسيحية بالكونية, و تم اطلاق مصطلح الأمة على اتباع الديانة وليس على العرق أو القومية العربية. هذه الميزة مكنت الاسلام من الانتشار بسرعة كبيرة, حتى في البلدان التي تم غزوها بالقوة كانت نسبة كبيرة من الشعوب تقتنع بدين الغزاة وتتبناه دينا لها.
الاختلافات في بين المسلمين كانت موجودة منذ موقعة السقيفة و تقوت بموقعة الجمل لكنها لم تطفوا الى السطح كثيرا و لم تعرقل تطور الأمة و اكتسابها لأتباع و أراض جديدة, بل حتى حرب صلاح الدين مع الفاطميين لم تؤثر تأثيرا كبيرا على قوة الأمة الاسلامية حينها. كانت الخلافات الحروب حروبا سياسية لم تتجلى فيها الخلافات العقدية .
وضع القوة و المهادنة الداخلية هذا دام طويلا الى أواخر القرن التاسع عشر حيث ظهرت النزعة القومية جنبا الى جنب مع النزعة الدينية في الجزيرة العربية على شكل ثورة عربية كبرى على حكم الامبراطورية العثمانية للمنطقة.
امتزاج القومي بالديني سبب شرخا كبيرا في الأمة الاسلامية و جعل كل العيوب التي تراكمت على مدى قرون تطفوا الى السطح. و خلق تطرفا لم يعرف التاريخ الاسلامي نظيرا له على يد حملة محمد بن عبد الوهاب و اتباعه و حلفائه السياسيين الذين كان من بينهم قادة الثورة العربية الكبرى. المجز بين الدين و القومية و جعل كل واحد منهما رافدا من روافد الاخر سهل المأمورية على الغرب المتربص بالعثمانيين و بالمنطقة, اذ انه كان يكفي بريطانيا أن تخطط لينفذ الثوار العرب حينها كل مخططاتها لينتهي بهم المطاف أمام حقيقة سايكس بيكو و ضياع فلسطين .
تفتيت المنطقة و ضياع فلسطين لم يخلق عند اصحاب المزيج القومي الديني رغبة في مراجعة مواقفهم و محاولة تصحيحها و معالجة ما نتج عنها و انما دفعهم الى مزيد من العزلة و التطرف الذي نمى و ترعرع بسرعة قياسية لم يعرف التاريخ الاسلامي لها مثيلا. حتى وجدوا انفسهم مرة أخرى لعبة في يد الغرب لمواجهة السوفيات (الروس – غير عرب- ,الكفار) ثم بعد ذلك وسائل لإساعة الفوضى في منطقتهم.
مرحلة الثورة العربية الكبرى و تلاقح الديني مع القومي كانت السبب الرئيسي في رجوع الخلافات الاسلامية - الاسلامية الى الواجهة حيث بدأ التنظير منذ انهيار الامبراطورية للعثمانية لحرب دينية محتملة بين المسلمين الى أن جاءت الألفية الثالثة و دخل الأمريكان على الخط باحتلالهم للعراق ثم تحريضهم على سورية بعد ذلك. لمحاولة دفع الاسلاميين القوميين لتطبيق نظرياتهم الجديدة ضد الفرس الشيعة.
هي اذن مرحلة اندحار ثلت مرحلة قوة. قوة انبت على أمور عدة من بينها تحييد القومية. قومية ما ان تم ربطها بالمعتقد حتى انهار كل شيء. قد لا يكون (بل أكيد أنه) ليس السبب الوحيد, لكنه من أهم الأسباب.
مرحلة اندحار اتجه فيها منحنى عدد المسلمين نحو الأسفل (تراجع) بالنظر الى الأفواج التي تعلن الحادها يوميا بسبب خيبة أملها و صدمتها من التفسيرات الجديدة التي أصبحت تعطى للنصوص الدينية لتبرير التطرف الطارئ . و أعداد الذين تنطلي عليهم التفسيرات لتحولهم الى وحوش ادمية تحرم الاخر (المسلم المخالف) حتى من حقه في الوجود. ناهيك عن أعداد اللامبالين, الهاربين من طرح السؤال و الملتجئين لعدم الالتزام دون انكار للدين.



#عبد_المجيد_بن_حادين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوندليزا ... البغدادي ... و الآخرون
- الاسلام في خطر يا حراس المعبد - العلمانية قارب النجاة


المزيد.....




- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد بن حادين - الدين و القومية ... دونت ميكس