أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراء، وشمس الدين التبريزي














المزيد.....

العذراء، وشمس الدين التبريزي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 14:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قونية (مدينة بتركيا)، مايو 1247 م
كتبت “كيرا” تقول:
إن مناقشة موضوع عميق وشديد الحساسية كالحبّ، هو أشبه بمحاولة الإمساك بريح عاصفة. فقد يصيبك الأذى الذي تسببه الرياح، لكنْ ما من وسيلة إلى التخفيف من سرعتها. بعد فترة من الزمن، لم أسأل العروس"كيميا"، مزيدًا من الأسئلة. ليس لأني اقتنعت بردودها، بل لأنني رأيتُ في عينيها امرأةً عاشقة. فلم أعد أسألها عن الزواج، وتقبلتُ الأمرَ باعتباره من الأمور الغريبة في الحياة التي لا أملك سلطانًا عليها. مرَّ شهرُ رمضان بسرعة. ولمّا كنتُ منهمكة في العمل لم يكن لدي وقت لأفكر بهذا الأمر ثانية. وحلّ عيدُ الفطر يوم الأحد، وبعد أربعة أيام، عقدنا قران "كيميا" على "شمس الدين التبريزي”، الدرويش الإسلامي المتصوف. ولكن، في الليلة التي سبقت الزفاف، حدث شيء غيّر مزاجي كله.
كنتُ وحدي في المطبخ، أجلس أمام لوح من الخشب مكسوّ بالطحين، لأعد للضيوف خبزًا مرقوقًا. وفجأة، ومن دون أن أفكر بما أفعله، بدأتُ أشكل من كُرة العجين صورة لأمنا "مريم" العذراء. أمي مريم. شكلت بالسكين عباءتها الطويلة، ووجهها الهاديء الرحيم. ولما كنتُ مستغرقة في ذلك، لم ألحظ أحدًا يقف خلفي ويرقب.
- "ما الذي تفعلينه يا كيرا؟"
قفز قلبي داخل صدري. فعندنا التفتُ رأيت "شمس الدين" يقف جوار الباب، ينظر إليَّ بعينين فضوليتين. خطر لي أن أُخفي العجينة، لكن الأوان كان قد فات. اقترب شمس من الصينية، ونظر إلى الشكل الذي صنعته. وسألني:
- "هل هذه مريم؟"
وعندما لم أجب، التفت نحوي بوجه مشرق باسم، وقال:
– “إنها جميلة. هل تشتاقين إلى مريم؟”
لكن شمس الدين تابع كلامه كأنما لم يسمعني. قال:
– "لعلك تتساءلين لماذا لا يوجد في الإسلام رمزٌ أنثوي مثل مريم؟ بالتأكيد توجد لدينا عائشة، وبالتأكيد هناك فاطمة، لكنك ربما تظنين أن الأمر مختلف.”
شعرتُ بالارتباك، ولم أعرف ما أقول.
- "هل لي أن أحكي لك قصة ؟" سألني شمس؟
وهذا ماحكاه لي:
"ذات يوم، كان هناك أربعة مسافرين: يوناني وعربي وفارسي وتركي. وعندما وصلوا إلى بلدة صغيرة، قرروا أن يتناولوا بعض الطعام. ولما لم يكن لديهم الكثير من النقود، كان أمام كلّ منهم خيار واحد. وقال كل واحد منهم إن طعامه هو أفضل الأطعمة في العالم، وسوف يطلبه. وعندما سُئلوا عن أطعمتهم، أجاب الفارسي: أنغور. وقال اليوناني: ستافاليون. وقال العربي: عنب. وقال التركي: أوزوم. ولم يتمكن أحد منهم من فهم لغة الآخر، فأخذوا يتجادلون. وظلوا يتشاجرون، ثم بدأ شعورهم بالاستياء والمرارة يتزايد مع مرور كل دقيقة، حتى مرَّ بهم رجلٌ صوفيٌّ وقاطعهم، ووجد الحل.
جمعوا مبلغًا، اشترى الصوفيُّ به عنقودًا من العنب، ثم وضع حبات العنب في وعاء وعصره. ثم طلب منهم أن يشربوا العصير ويلقوا القشر جانباً، لأن كل اهتمامهم يجب أن ينصبَّ على لبِّ الثمرة، لا على قشرتها.
هكذا، فإن المسيحيين واليهود والمسلمين، يشبهون أولئك المسافرين. فبينما يتشاجرون حول الشكل الخارجي، كان الصوفيُّ يبحث عن الجوهر.
حكى شمس الدين التبريزي هذه الحكاية، ثم ابتسم ابتسامة تشي بالحماسة، وقال:
- "ما أريد قوله هو أنه لا يوجد سببٌ يجعلك تشتاقين إلى الأم مريم العذراء. لأنكِ يا كيرا يجب ألا تتخلي عنها أبدًا في المقام الأول. ومع أنك امرأةٌ مسلمة؛ فبإمكانك أن تظلي مرتبطة بها. “
- "لا، لا أظن أن هذا الأمر لائق،" تلعثمتُ قائلة.
"لمَ لا؟ الأديانُ كالأنهار؛ تصبُّ جميعُها في البحر نفسه. وإذ ترمز الأمُّ مريم إلى الشفقة والرحمة والحب غير المشروط؛ فإنها رمزٌ للجميع. وكامرأة مسلمة، فإن بوسعكِ الاستمرارُ في حبها، بل حتى يمكنك تسمية ابنتك باسم مريم.”
قلتُ: "لا توجد لديّ ابنة.”
"ستكون لديك ابنة.”
"أتظن ذلك؟"
"إني أعرف ذلك.”
شعرتُ بالإثارة عندما سمعت هذه الكلمات، ولكن سرعان ما تلاشت الإثارةُ وحلَّ محلها شعورٌ آخر: التضامن.
فقد عشنا معاً لحظة غير عادية من الصفاء والانسجام، ونظرنا معاً إلى هيئة الأم مريم العذراء.
رقَّ قلبي لشمس الدين، وللمرة الأولى منذ قدومه من بغداد إلى بيتنا في قونية، رأيتُ ما يراه فيه زوجي "جلال الدين الرومي”. رأيتُ رجلا ذا قلب كبير.

***
فصل من كتاب: “قواعد العشق الأربعون". تأليف الكاتبة التركية: إيليف شافاك.

-



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكمة داخل الكهف
- -فتحية العسال- وحصان عم محمد
- انتخبت بدمائها وطفلة تغني
- الخطاب الديني والتحرش، يا ريّس!!!!
- حكيم عيون
- بيان مهم من الكاتبة فاطمة ناعوت
- النور يعيد السيدة العجوز
- اليومَ إكليلُ الجميلة
- الصخرة والسراويل الساقطة
- نوبل السلام لأقباط مصر
- ليندا جورج سيدهم...... ثمنُها يفوقُ اللآليء
- السلام الوطني وحزب النور
- -نوال مصطفى- وأطفال السجينات
- هو ينفع منزلش؟
- انتخبوا.... لتعارضوا
- بشرة خير، ورقص المصريين
- العصافيرُ لا يملكها أحد
- لمن سأعطي صوتي (2)
- المصريون بالخارج.... والمقاطعون
- رسالة إلى الرئيس عدلي


المزيد.....




- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراء، وشمس الدين التبريزي