أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - تزييف الوعى والثورات الشعبية














المزيد.....

تزييف الوعى والثورات الشعبية


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4493 - 2014 / 6 / 25 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شاهدت جون كيرى وزير الخارجية الامريكى (على الشاشة) يتكلم فى المؤتمر الصحفى بالقاهرة يوم الاحد 22 يونيو 2014، ويقول إن الولايات المتحدة غير مسئولة عما يحدث فى العراق أو ليبيا، وأنها بذلت الكثير من أجل "إنقاذ" الشعب من الديكتاتور، ثم تركت الشعب حرا ليجرى الانتخابات الديمقراطية ويختار حكامه واليوم تحاول إنقاذ الشعب العراقى وشعوب المنطقة من خطر الإرهاب الخطير الذى تمثله "داعش"، ولا يهمها إلا أن ينجح الشعب العراقى فى توحيد صفوفه ويتخلص من الارهاب ويختار حكومته ديمقراطيا، وأن يحدث ذلك لكل شعوب المنطقة.
صوت جون كيرى كان يرن قويا، ويوحى لمن يسمعه أنه صادق ومخلص للشعب العراقي، أكثر من الشعب العراقى نفسه، ومخلص للشعب الليبى والسورى والمصرى وكل شعوب المنطقة أكثر من إخلاص الشعوب لنفسها، كان واقفا بجسمه الطويل الممشوق وشعره اللامع الكثيف ونبرته الأمريكية القوية المتعالية، كأنما ينطق الحقيقة الالهية المطلقة.
لو أنه ممثل من الدرجة الأولى فى فيلم أمريكى حائز على الأوسكار لما أتقن دوره بهذا الشكل، ولما دوى صوته بهذه القوة والثقة المطلقة، رغم علمه أنه يكذب وجميع من يستمعون اليه فى مصر والعالم أجمع يعلمون أنه يكذب، وأن الحرب الطائفية هى إحدى نتائج الاحتلال الأمريكى للعراق وأحد أهدافه الرئيسية. فالخطة الأمريكية الأصلية تشمل تقسيم شعوب المنطقة وليس توحيدها، وإنقاذها، بل إغراقها، فى وحل الفتن الدينية والحروب الأهلية هكذا يزيف الأقوياء الوعى والتاريخ.
وتحت اسم المساعدات يثبت الاستعمار الامريكى أقدامه فى البلاد، ويقول جون كيرى "تريد الولايات المتحدة الامريكية ضمان أن الاموال التى تدفعها لمصر، والتى هى فى الأساس أموال دافعى الضرائب، يتم صرفها بصورة يرضى عنها الامريكيون".
معنى ذلك أن الشعب الامريكى يدفع لمصر مساعدات مالية من عرقه وتعبه، يدفعها من الضرائب التى يسددها للحكومة الأمريكية سنويا، ومن حقه أن يعرف كيف يتم صرف هذه المساعدات، وهل يتم صرفها بصورة يرضى عنها الامريكيون؟.
لم يكن الاستعمار البريطانى القديم بهذا الوضوح والصراحة، كان يستعبدالشعب المصرى ويسرق قوته وعرقه ودمه تحت اسم "الحماية"، وهى كلمة إنسانية رقيقة مزيفة، كانت تستخدم فى السياسة لطمس الهيمنة الاستعمارية المطلقة على الشعوب، وكانت تستخدم فى العلاقات العاطفية والزوجية، لطمس السلطة الذكورية المطلقة على النساء. وقد تطورت اللغة السياسية والعاطفية والزوجية مع تطور تكنولوجيا الاعلام والخداع، وأصبحت "الحماية" هى "الانقاذ" أو "الصداقة" أو "الشراكة" وغيرها من كلمات الحب الجميلة، ويتم تزييف الوعى بتاريخ ثورات الشعوب ضد الاستعمار الخارجى والاستبداد الداخلي، فالأقوياء أصحاب المال والسلاح، والاعلام يكتبون التاريخ كما يشاءون، ويبطشون وينهبون كما يشاءون. ألم تغزو الولايات المتحدة العراق وليبيا وتستولى على مواردهما، تحت اسم إنقاذ الشعب من الديكتاتور؟.
وثورة الشعب المصرى (عام 1919) بكل طبقاته وفئاته المقهورة ألم تصبح فى التاريخ ثورة الباشاوات أعضاء حزب الوفد على رأسهم سعد زغلول باشا، الذى صعد الى الحكم على دماء الشعب وأرواح الشباب، فإذا به يحتكر الزعامة والقرار، ويتهم الشباب الثائر بالرعونة وعدم النضج، بل انقلب ضد زملائه فى حزب الوفد الذين خالفوه الرأي، لكنه كان يمتلك القوة والسلطة والتاريخ، ويقف تمثاله فى قلب القاهرة يطل على نهر النيل، رغم ما فعله لإجهاض الثورة وتشريد أبطالها وإعادة مصر للخضوع للاستعمار البريطانى والحكم الملكى المستبد الفاسد.
أما ثورة يوليو 1952 فقد مهدت لها دماء الشعب المصرى من الشباب وطلبة الجامعات، الذين ثاروا ضد الملك والاحتلال البريطاني، وامتدت مظاهراتهم على مدى السنوات منذ إلغاء المعاهدة مع الانجليز عام 1936، أكبرها المظاهرة الشعبية الصامتة فى نوفمبر 1951، والتى شارك فيها الشعب المصرى بجميع طوائفه وفئاته نساء ورجالا وشبابا وأطفالا، وسافرت كتائب الفدائيين من الشباب إلى القنال فى حرب العصابات ضد الانجليز وكادت تنتصر عليهم لولا خيانة حكومة الملك فاروق وتعاونها مع الانجليز فى حريق القاهرة 26 يناير 1952، وإجهاض العمل الفدائى وضرب الثورة الشعبية؟.
ألم نشهد الانتفاضة الشعبية فى يناير 1977 التى تحولت بأمر حكومة السادات إلى انتفاضة الحرامية؟ ثم تكررت مأساة تزييف الوعى والتاريخ، حتى ثورة يناير 2011، ألم يحدث لها ما حدث لغيرها فى التاريخ المصرى الحديث والقديم، منذ أول ثورة شعبية ضد الإقطاع منذ ستة آلاف عام، مرورا بالثورات الشعبية المتكررة ضد الاستعباد الداخلى والخارجي؟.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون ت ...
- ما يختفي وراء جرائم الاغتصاب
- المرأة ونقد الفكر الرأسمالى
- انطق اسم أمك عالياً بكل فخر
- قضية النساء وتفاقم اللامساواة
- الأصوات التى ليس لها صوت
- قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير
- لا يقول الحقيقة إلا الخيال
- رجل الشارع والإنسان العادى
- رحلة لحلوان الثانوية للبنات
- رسالة أحمد دومة المنشورة
- النساء والبيئة وتوحش الحقيقة
- المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا
- عبودية القرن الواحد والعشرين
- لن يغلبه زمن
- كافكا وأورويل وزويل وقانون الغابة
- تتوالد الأجيال الجديدة وتتكاثر
- هل تجهض الثورات الأفكار الوسطية؟
- ليس لأمي مكان في الجنة
- لو أن كل رجل أصبح إنسانا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - تزييف الوعى والثورات الشعبية