أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - التفسير المنطقي للضيق النفسي














المزيد.....

التفسير المنطقي للضيق النفسي


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 18:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كشعور نفسي، يشير الضيق إلى حالة المعني بأنه مقيّد : والقيد يضيّق من ممارسته الحياتية، غير أن مقيّده كيان غير مرئي. يشعر الإنسان في حالة الضيق، بأن قوة ما تجثم فوق صدره، أو تطوق رقبته ـ بتعبير أوضح : الضيق هو الشعور بالانزعاج والحزن دون سبب واضح. وحسب إميل سيوران : "إذا حزنت مرة دونما سبب، فثق أنك كنت حزينا طيلة حياتك دون أن تعرف". لأن الضيق يكمن في منهج الحياة، أما داخليا فمجرد رد فعل ـ إسقاط (رافض) ـ لذلك المنهج.
الشعور بالضيق دافع للتخلص من القيود : وبما أنها افتراضية غير ظاهرة أو ملموسة، يصعب نزعها ـ بل لا يتم الالتفات لمصدرها، ليتطرق التركيز على داخل الذات.

حسب الثقافة المجتمعية، هناك تنافس بيولوجي اقتصادي، منذ الطفولة يتم العمل على تحفيز الأطفال للتفوق : "يجب أن تأكل كي تصبح أقوى وأكبر من الأطفال الآخرين ـ "يجب أن تدرس أفضل من الآخرين" ـ "يجب أن تنجح" ـ "يجب أن تعنتي بمظهرك ليبدو شكلك أجمل من الأخريات" ـ "يجب أن تتزوج(ي) بالأفضل.. الخ. وهو ما يفضح نوع البرمجة الممارسة على عقول الأفراد : على اعتبار أن ذلك (الأفضلية) هو ما سيجلب لك الحب والاهتمام والمساعدة والتقدير والائتلاف؛ ودونه تصبح خطأ تقني، يتم اهماله وتجاوزه حتى حين : حصول تلاقي مع خطأ تقني آخر، وتشكيل ثنائي عصابي منفعل.

وطبعا في ظل هذه البيئة التنافسية ـ التي يخفي فيها البشر عجزهم الفردي بإسقاطه على الخاسرين (والتماهي بنفس الوقت مع الفائزين) ـ لن يستمتع بالكعكة الاجتماعية ـ بما فيها من اهتمام وجداني ومادي ـ إلى القلة المتفوقة : كفريق فائز أو حتى فرد واحد (يمثل البطل المفتقد في كل ذات اجتماعية). أما البقية فتتقاسم أحساسيس الإحباط فيما بينها لتَدارك ما تبقى من الدمار الداخلي : نتيجة صراع الرغبة (بالأفضلية) ـ لنشدان الامتياز الاجتماعي (من جهة) ـ والنقص البيوعقلي الذي أدى للانهزام (من جهة أخرى). بذلك تكوّن علاقات وائتلافات لتجاوز الهزيمة بتقليد ساذج للمتفوقين لا يلغي الإحساس بالاهمال الذي تفرضه الجماعة كمجال يصنف المنهزمين.

إن الشعور بالضيق، هو الإحساس الذي ينتاب اللاعب الذي يجد نفسه في منافسة مع احتمال يميل لكفة الخسارة (خسارة الرهان بحياة أفضل وما يترتب عن ذلك من نقص امتيازات، من ضمنها "No Party" حسب ضيق أفق البعض). وبما أن الحياة المجتمعية الساذجة التي تنبني على المنافسات الإيكوسوسيولوجية (اقتصاديا واجتماعيا) تضغط بكلتا يديها على عنق الفرد ليضمن الفوز ولايخسر. على هذا النحو، تم تقزيم الإنسان وتشيئه في وظيفة : "حلاق"، "أستاذ"، "طبيب"، نجار"، "نخاس"، "ربة بيت"، "مغنية".. وهي في مجملها "ممارسات" وليست "ذوات" ـ المهنة جزء من ممارسات الإنسان، وليست الإنسان. وهو ما دفع المفكر المُمِل ديفيد هيوم أن يقول ـ في كتاب تحقيق في الذهب البشري : "أيها الإنسان، كن فيلسوفا لكن مع ذلك ابق انسانا". حتى لا يندمج الإنسان بذاته في ممارسته الفرعية من عدة ممارسات، تتحول على إثر ذلك (الممارسة الضيقة) لهوية تصنفه ضمن منافسة غبية تستقطب العقول الإقطاعية والقطيعحيوانية.

أكثر ما يهم في الأخير من كل ذلك هي حياتك ـ بما أنها تتجسد كانفعالات وحالات نفسية ـ هي ما يلزم أن تستفيد وتستمتع بعيدا عن صخب الضغوط التي تدفعك لتصبح الأفضل : أي شبيه بأحد الحمقى السابقين الذي يبجّله أشباه القردة الاجتماعيون.

إننا تنافسيون بامتياز، وكضريبة مترتبة عن ذلك : الشعور بأن الواقع ينسحب من تحت سيطرتك كالبساط، والضيق هو نتاج الإحساس بفقدان السيطرة على سعادة الفرد. لأنه ضمن المنافسة : السعادة ليست سوى من حق المتفوق والفائز، لا أحد يتوج الفاشل ـ لكن من حق الفاشل أن يسعد بفشله ! هذا ما ترفضه الروح التنافسية.

نأتي لنقطة مهمة ـ نظرا لارتباطها بالموضوع ـ وهي "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، لكن في موقع آخر نجد "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" : يستمر شعور المؤمن بالضيق (حتى لو قرأ 1000 حزب) كخوف من ألا يحظى بكانة هامة ـ حسب أعماله الدينية ـ عند الرب الذي يتنافس حوله باقي المؤمنون : ما يعني أن آخرا قد يفوز بمكانته عنده ـ أي حبه واهتمامه وعطاءه.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصائب سوريا عند المتأسلمين فوائدُ
- عبد الباري عطوان وتأليه صدام حسين
- منطقة الشرق الأوسط.. من مهبط الأنبياء لمهبط الصواريخ
- البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !
- اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد
- الإنسان ليس كائن بل مفهوم
- أسئلة لما بعد الموت
- الطبيعة البشرية للأفراد تنعكس في الصحفي
- الميكانيزم الدفاعي الجماعي : أو كيف يتصرف المُجتمع المصدوم م ...
- تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين
- التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا
- تقرير خاص عن حالتك النفسية


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - التفسير المنطقي للضيق النفسي