أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نضال العبّود - البحث العلمي بين الشعار والتطبيق















المزيد.....

البحث العلمي بين الشعار والتطبيق


نضال العبّود

الحوار المتمدن-العدد: 1271 - 2005 / 7 / 30 - 09:56
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


إذا كان ربط الجامعة بالمجتمع شعاراً طرح على كافة المستويات في القطر العربي السوري ، فإنّ تطبيقه ‏وإسقاطه على أرض الواقع ما يزال يواجه صعوبات ذات طبيعة مختلفة ، فمنها ما هو مرتبط بخطط التنمية ‏نفسها و بالإمكانيات المتاحة و بالقوانين والتشريعات النافذة و القسم الآخر مرتبط بإرادة الأشخاص المعوّل عليهم ‏إعطاء هذا الشعار جسداً و روحاً.‏
لكن ما هي المعوقات التي أدت إلى تراجع مكانة البحث العلمي في وطننا بعد أن عرفت في فترات ماضية ‏ازدهاراً نحسد عليه من الأمم الأخرى و ما هي أهمية البحث العلمي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا ؟!‏
إن أهمية البحث العلمي لا يمكن أن تخفى عن أحد ، فالكثير منا يعرف بأن الدولة أي دولة لا يمكن أن تقوم لها ‏قائمة بدون زج قسم من طاقاتها في عملية البحث العلمي التي تضمن عزة الأمة و عدم تبعيتها للطرف الأجنبي ‏الذي يمتلك التكنولوجيا المتقدمة التي هي بالأساس نتاج البحث العلمي ، فالانترنت مثلاً مالئ الدنيا و شاغل ‏الناس هو أحد ثمار البحث العلمي في أحد المخابر العلمية الصغيرة وغيره الكثير الكثير. ‏
البحث العلمي إذاً هو الأساس الحقيقي للحضارة الإنسانية وبدونه لا يمكن أن تقوم لنا قائمة ، هذه مسلمة علينا أن ‏ننقشها في عقولنا و نورثها إلى أبنائنا كما نورثهم لون شعرهم و أعينهم.‏
البحث العلمي بين الشركة و الجامعة
إن الوعي الحقيقي بأهمية البحث العلمي لم تتبلور بعد في أذهاننا وبخاصة في أذهان الأشخاص الذين يمكنهم و ‏بحكم مواقعهم أن يوفروا الظروف المناسبة للباحثين ، فلا عجب أن يكلف رئيس مرؤوسه من حملة شهادات ‏الدكتوراه بأن ينفذ عملاً يمكن أن يقوم به من هو أدنى شهادة بكثير، فيكون قد عطّل طاقةً مكلفة من طاقات الأمة ‏كان عليه أن يوظفها في مكان آخر. من الملاحظات المهمة أن غالبية الشركات في قطرنا ينحصر اهتمامها في ‏عملية التنفيذ الآلي لمهامها التي أخذت مع مرور الزمن طابعاً جامداً و لم يتجاوزها نحو تأسيس مراكز بحوث ‏خاصة بها تتناسب طردا ً مع إمكانياتها تعالج بشكل أساسي تطوير أدائها و نقده علمياً و حل مشاكلها بدلاً من ‏الاستعانة بالخبير الأجنبي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال حل المشكلة حلاً جذرياً فالمشكلة يمكن أن تتكرر ‏وبالتالي نحن بحاجة لاستحضار هذا الخبير و الإنفاق عليه من جديد !!.‏
‏ من جهة أخرى لا يوجد أي تعاون فعال بين الشركة و الجامعة في مجال البحث العلمي سواء من حيث الإدارة أم ‏من حيث التمويل و لا توجد حتى الآن قوانين تنظم علاقة الجامعة بالشركة في هذا المجال. و هنا لابد من الإشارة ‏بأن هذا التعاون الذي هو أحد الصيغ الأساسية للبحث العلمي في الدول المتقدمة أدى إلى دفعها قدماً إلى الأمام منذ ‏زهاء قرنين من الزمان.‏
‏ فإذا كان هذا هو البحث العلمي في المؤسسات و الشركات فما هو وضعه على مستوى الجامعة؟ ‏
تشير الإحصائيات إلى أنه خلال الفترة ما بين 1985-1996 تزايد عدد طلبة مؤسسات التعليم العالي في الوطن ‏العربي بمعدل سنوي يعادل 5% ليصل إلى حوالي 3.1 مليون طالب عام 1996 و 3.6 مليون طالب عام 1998 ‏و هذا يعني زيادة في أعداد الطلبة تقدر 9% سنوياً وهي من أعلى النسب في العالم. و من المتوقع أن يصل عدد ‏هؤلاء الطلبة إلى 6 ملايين بحدود عام 2010.‏
و مع هذا النمو المتسارع تبقى معدلات الإنفاق السنوي على طالب التعليم العالي متدنية كثيراً مقارنةً بنظيره في ‏الدول المتقدمة حيث يبلغ هذا الإنفاق في المتوسط 2500 دولاراً في حين الإنفاق في بعض الدول المتقدمة إلى ‏حوالي 4500 دولاراً.‏
و من النتائج المباشرة لهذا المعدل المتدني في الإنفاق ، تدني مستوى المكتبات الجامعية و افتقارها إلى الكتب و ‏المراجع الحديثة و افتقار المختبرات العلمية إلى الأجهزة المتطورة. و لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل كيف يمكن ‏أن يتسنى لمجتمعاتنا أن تواجه تحديات النمو الاقتصادي و الاجتماعي دون أن تكون هناك برامج بحث علمي ‏تمكنها من إطلاق طاقاتها الحضارية. ‏
إذا ما نظرنا إلى أغلب المناهج الدراسية، و خاصةً العلمية و التقنية منها فإننا نجدها تعاني التبعية شبه المطلقة ‏إلى المصادر الأجنبية مع بعض التطويع هنا و هناك فالمناهج و المقررات الدراسية بشكلها العام و بفلسفتها ‏التربوية بعيدة عن واقع مجتمعنا و يسودها الجانب النظري على حساب الارتباط مع الواقع العملي بل الأسوأ من ‏ذلك أن النمط التدريسي السائد يشجع على حفظ المادة الدراسية من خلال الكتاب المقرر، على حساب التفكير و ‏التعلم من مصادر متعددة و حديثة أو من خلال البحث و التحليل النقدي الذاتي.‏
‏ إننا في الحقيقة في أمس الحاجة إلى تطوير طريقة تعاملنا مع العلم و المعرفة فالاهتمام الذي توليه جامعاتنا لا ‏يتعدى حتى الآن مرحلة النقل و الاقتباس عن الآخرين و لم تتجاوزها بعد إلى مرحلة التحدي الحقيقي التي يتم ‏خلالها انطلاق العقل الإنساني و تحرره من شتى القيود المعيقة و الجري وراء الحقيقة العلمية عن طريق البحث ‏العلمي الجاد.‏
إن الإنفاق الكلي على البحث العلمي في الوطن العربي و نحن منه لا يتجاوز 0.15% من الناتج المحلي الإجمالي ‏و هي نسبة متدنية جداً مقارنة بالكيان الصهيوني –على سبيل المثال- التي تقتطع من ناتجها المحلي الإجمالي ‏لأغراض البحث العلمي نسبة مئوية تعادل 17 ضعفاً للنسبة المئوية التي يقتطعها العالم العربي من ناتجه المحلي ‏الإجمالي.‏
أن البحث العلمي هو أساس تقدم الأمم و الشعوب و لذا فإن إقامة مراكز بحوث علمية بمختلف أنواعها كفيل بنقل ‏المجتمع –أي مجتمع- من مرحلة الجمود و التخلف إلى مرحلة الحركة و النمو.‏
إن أي محاولة لإصلاح وضع البحث العلمي يجب أن تبدأ أولاً باقتناع حقيقي من كافة الأطراف المسؤولة و هذا ‏غير ممكن إلا إذا حصل تفاعل حقيقي و ديمقراطي مع كل فئات الشعب و مؤسساته التربوية و الثقافية.‏
فإذا كانت الحكومة هي الوحيدة التي تتحمل تمويل البحث العلمي فإنه من الممكن إيجاد مصادر أخرى من ‏الشركات العامة و الخاصة و من التبرع و الهبات الأجنبية فتلتقي بذلك مصلحة الممول و الباحث فالأول يبحث ‏عن حل لمشكلة تعترضه و الآخر موجود هنا من أجل البحث بما يتمتع به من إمكانيات علمية و الفائدة العظمى ‏تعم الأمة ككل و تنقلها من مرحلة الجمود إلى مرحلة النمو و الحركة.‏
و هكذا يتحول دور الحكومة من مصدر التمويل الرئيسي إلى دور المنظم و الضابط لجودة البحث العلمي.‏
البحث العلمي بين الكم و الكيف
إن تخطيط البحث العلمي و التوازن بين أعداد الأشخاص المؤهلين للقيام بعملية البحث العلمي و بين المختبرات و ‏المراكز بكل ما فيها من إمكانيات هي مسألة ذات أهمية قصوى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. فتكديس حملة ‏الشهادات العليا دون زجّهم في عملية البحث العلمي لا يفيد الوطن بشيء إلا إذا ترافق بتأمين ظروف مناسبة ‏لهم تضمنها قوانين و تشريعات ترتقي إلى تلك المعمول بها في الدول المتقدمة. فجزء مهم من ميزانية البحث ‏العلمي يمكن أن ترصد من أجل تدعيم المختبرات الموجودة أصلاً بالأجهزة الحديثة و على إنشاء مختبرات جديدة ‏لتحتضن مواضيع بحث علمي قادر على القيام بها أشخاص أهلوا في الخارج فيزداد المستوى العلمي لهؤلاء ‏الباحثين و تزداد خبرتهم و يصبحون قادرين على تأهيل جيل آخر من الباحثين و يضحى البحث العلمي بمثابة ‏عجلات المركبة التي وقودها الباحثون الذين يتجددون باستمرار و يرسون في مسيرتهم تقاليد علمية تتوارثها ‏الأجيال و لا ننفي هنا دور الاحتكاك مع تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال. ‏
‏ البحث العلمي والعولمة ‏
إن ظاهرة العولمة ستفرض علينا –شئنا أم أبينا- حقائق جديدة لا يمكن إهمالها ، فاقتصاد السوق العالمي الجديد ‏الذي تخطى الحدود السياسية و الجغرافية القائمة خلق نظاماً تنافسياً شديداً أساسه التعليم و المعرفة و فرضت ‏العولمة التعامل المتزايد مع التكنولوجيا المتطورة في شتى مجالات الحياة و منها الإنتاج و الاتصالات. و حتى ‏نشغل حيزاً في هذا النظام العالمي الجديد علينا رفع مستوى إنتاجنا الفكري و المادي حتى يصبح قادراً على ‏المنافسة و هذا لا يمكن تحقيقه إلا بامتلاك التكنولوجيا المتقدمة عن طريق البحث العلمي في جامعاتنا و شركاتنا. ‏
خاتمة
إن التحديات المشار إليها هي تحديات حقيقية كبرى لا يمكن التغاضي عنها بل يجب الاعتراف بها و التحرك ‏السريع للتعامل معها سواء من جانب المجتمع المدني أو من جانب الحكومة. فعلينا أن نتحلى بروح النقد البناء و ‏هذا مرتبط بدوره بثقافتنا و عقليتنا التي بالرغم من عظمتها توقفت عند فترة معينة من التاريخ و ما زالت إلى ‏الآن في سبات عميق وهذا يتجلى بوضوح من طريقة تعاملنا مع أنفسنا و مع الآخرين.‏

د.م. نضال العبّود
باحث من سوريا



#نضال_العبّود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال ...
- مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة ...
- وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد ...
- الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال ...
- العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال ...
- تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
- لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...
- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نضال العبّود - البحث العلمي بين الشعار والتطبيق