|
هل أراد ملك المغرب مساندة تونس في زيارته أم خطط للاستهزاء من إنجازات شعبها ؟
ناصر موحى
الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 09:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قام ملك المغرب محمد السادس بزيارة رسمية لتونس إمتدت من 30 ماي الى 9 من شهر يونيو مرفوقا بوفد كبير من مستشاريه ووزراءه ورجال اعمال وتوجت بتوقيع إتفاقيات بين حكومة البلدين وإلقاء الملك لخطاب أمام المجلس الوطني التأسيسي التونسي . بعد ذلك دخلت زيارة الملك لمرحلت وصفت بالخاصة والتي إمتدت لاسبوع كامل . تفاصيل هاته السفرية الخاصة تلقفتها وسائل التواصل الاجتماعي معززة بالصور والفيديوهات التي تصور الملك وهو يسير في شوارع العاصمة التونسية بلا حراسة ، يمشي في الاسواق بين الناس بدون تكلف او بروتوكول ، يصافح تونسيا هنا ويأخذ صورة مع طفلة بين ذراعيه هناك ، يتغدى في مطعم شاطئي ويتجول في زقاق جانبي . باختصار السيد واخد راحتو فتونس أكثر من بلده المغرب ! في البدأ كان التضليل ولمكر الاحداث فقد غطى تقريبا الجانب الخاص للزيارة على جانبها الرسمي وأصبح الجميع يتحدث عن غزوات الملك في شوارع تونس مابعد الثورة ودلالاتها والرسائل الموجهة يمينا وشمالا . كان هناك شبه إجماع على أن الملك ذهب لتونس للتعبير عن مساندته لهذا البلد الذي بدأ يخطو خطواته الاولى في طريق ترسيخ دولة ديمقراطية حديثة شكلا ومضمونا على جميع المستويات . هذا التوجه في التحليل فسر حتى الجانب الخاص من سفره بأنه دعم للاستقرار الامني بتونس وبالتالي تشجيع للسياحة في هذا البلد المعتمد كثيرا على هذا القطاع خاصة في وقت يضرب الارهاب فيه بقوة . هل هذا التحليل له من الدلائل مايجعله سليما ومتماسكا في نسقه الحجاجي أم أن الاندفاع العاطفي السطحي المتحكم فيه في الخفاء هو من أسعفه ليكون السائد ؟ ألا يمكن أن تكون الزيارة الملكية لتونس تهدف لعرقلة مسار قطارها التحديثي والاستهزاء من كل التراكم الثوري الذي يتحقق بعد اسقاط الدكتاتور بن علي ؟ لنضع الزيارة في إطارها التاريخي وسنرى الى اية نتيجة سنصل . حين تسلم محمد السادس مشعل الملكية من أبيه الحسن الثاني سنة 1999 كان المغرب يعرف انفتاحا هامشيا على مستوى حرية التعبير وعلى مستوى الفعل السياسي لدرجة اعتقد الكثير من الفاعلين السياسيين ان البلد مقبلة على تحقيق انتقال ديمقراطي "ممغرب ". لكن الملكية كقائدة للدولة المخزنية بدأت تغلق هذا القوس كلما أحست أن نفوذ الشلة المحمدية يتقوى داخل القطاعات الحساسة وتستحوذ على المؤسسات الاستراتجية داخل البلد . واصبحت كل الخطوات الانفتاحية (التناوب التوافقي ، هيئة الانصاف والمصالحة ، الاعلام ...) تفرغ من محتواها التحديثي . كان لدى فريق محمد السادس نموذج مغاير ليحققوا النجاح على طريقتهم المبني على انفتاح اقتصادي يكونون قاطرته ومحاصرة الحقل السياسي والمدني وخنق كل من يحتمل ان يشكل خطرا عليه .إنه النموذج التونسي تحت حكم آل بن علي الذي اسقطه الشارع التونسي قبل ثلاثة سنوات . ياللمصادفة !! في خطاب رئيس المجلس الوطني التونسي امام الملك تحدث عن علاقات البلدين القوية في عهد بورقيبة دون أن يذكر ولو بكلمة علاقاتهما في عهد بن علي تفاديا لإحراج الضيف على مايبدو . تجاهل أكده محمد السادس في خطابه في نفس الجلسة وكأن 24 سنة من حكم بن علي حدثت في جزيرة خارج غلافنا الجوي ولم تكن لأحد مسؤولية في تلك الفترة المظلمة من تاريخ تونس . هل من المنطق أن يكون الملك سعيد بأن ينهار نموذجه المفضل والذي سخرت دولته من أجل تحقيقه ثروات هائلة من أموال المغاربة وعشر سنوات من العمل الدؤوب في الوقت الذي بدؤوا فيه يجنون ملايير تطبيقه ؟ هل من الحكمة أن يبارك القصر الملكي المغربي نجاح التونسيين في كتابة دستور فرضه الشعب وتوافقت حول مضامينه معظم القوى السياسية في الوقت الذي فرض على بلاده تغييرا سطحيا لدستورها من اقتراح لجنة إختارها الملك وفرض عليها إطارا لايجب الخروج عنه ومرر بأسلوب لايوجد الا في الجمهوملكيات الموز ليس اقتناعا بالتغيير بل من أجل إمتصاص غضب الشارع المغربي الذي قادته حركة 20 فبراير ؟
مؤشرات على رغبة الملك في تبخيس كل نجاحات التونسيين
في زيارة محمد السادس كان واضحا أن الخلية المكلفة بالتواصل لدى القصر تهيأت جيدا لشن حملة تبخيس رمزية على ثورة التونسيين ورموزهم ومنجزاتها حتى لاتغطي على مايعتقده الرسميون المخزنيون المغاربة "ريادة التجربة المغربية" في المنطقة على المستوى الانفتاح الاقتصادي والسياسي والحقوقي . الاشارة الاولى والقوية هي كلمة محمد السادس أمام المجلس الوطني التأسيسي التونسي والتي وصف فيها الدستور التونسي بأنه "دستور متقدم " avance" عكس توصيف أمين عام المجلس في كلمته الترحيبية بالملك والتي إعتبر فيها الدستور التونسي بأنه دستور تقدمي " progressiste " ! لقد أراد الملك بعبارته أن يستهين بماحققه التونسيون وذلك بوضع ماحققوه في إطار مسار إصلاحي محض تماما كما وصف به دستوره الممنوح للمغاربة لسنة 2011 في إحدى خطبه في الوقت الذي أراد فيه رئيس المجلس التونسي أن يضع ماتحقق دستوريا في إطار مسار ثوري مستمر . ولكي يؤكد محمد السادس خلفية توصيفه هذا عبر في نفس الكلمة عن استعداد المغرب لتقديم كل اشكال الدعم لإنجاح التجربة التونسية .( هذا رئيس المملكة السويدية أو النرويجية يتحدث وليس ملك الايالة العلوية المغربية !!!) . الاشارة الثانية هي كل تلك الصور المسربة عبر الشبكة العنكبوتية والتي يأخذها "بعفوية وتلقائية " مع عامة الشعب التونسي "بدون حراسة " .وعلى ضوءها تمنى الكثير من التونسيين المستجوبين "بتلقائية كذلك أن تكون لدى ساستهم نفس جرأة ملك المغرب ويخرجوا للتجوال بدون حراسة ، بحال إلى المغاربة كيشربو معاه ديما القهوة فأزقة وشوارع المغرب بلا حراسة . لقد خلقت تحركاته نوع من التشكيك في السياسيين التونسيين الذين افرزتهم الانتفاضة التونسية وكأنهم يريدون التوانسة أن يقولوا " أنظروا ملكا لم يأتي بثورة ولاانتفاضة لايخاف من الشارع بل هو قريب من نبضه اليومي " . الاشارة الرابعة ذات رمزية دينية جد معبرة وتتعلق بالاحراج الذي اراده الملك أن يضع فيه الرئيس التونسي المؤقت وهو يرافقه لصلاة الجمعة بتونس وهو تقليد ثانوي في هذا البلد لايقوم به الرئيس الا في لإطار خاص ولاتهتم به التلفزيونات او الاعلام كثيرا . فكما يبدو في الصورة الرفقة اسفله فقد وقف محمد السادس مباشرة وراء الامام بينما المرزوقي وضع في الجانب الايسر له كما ان ميكروفون وضع أمامه ليختم صلاة الجمعة كما يفعل البروتوكول الملكي في المغرب وكأنه المضيف وليس الضيف . لقد كان واضحا إذن أن رأس النظام المخزني محمد السادس ذهب لتونس ليس دعما لهذا البلد الذي يخطو خطوات عملاقة نحو بناء دولة حديثة بل للاستخفاف والاستهزاء بكل ماحققته تونس وشعبها في ظرف ثلاث سنوات لأن نجاح التجربة التونسية ستكون ضربة موجعة وقاضية لكل الانظمة المستبدة بالمنطقة . إشارات غير ضرورية . قام محمد السادس بزيارة لملك السعودية في إقامته الصيفية بالدار البيضاء مباشرة قبل سفره لتونس . الملك الذي ذهب للترويج لسياحة تونس لم يستطع أن يروج لبلده للرفع من عدد السياح الزائرين للمملكة وظل هدف استقبال 10 ملايين في مخطط إمتد لعشر سنوات معلقا لحد الساعة حتى باحتساب المهاجرين المغاربة . فاقد الشئ لايعطيه ياسادة وتونس رغم صغرها مساحة وسكانا لكنها كاتغلع .
#ناصر_موحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتى لاينتحر كل جيل مريم
-
الحريرة المصرية وحريرة المغاربة
-
يوم رشيت فيه المدير
-
فنانون ام كراكيز ؟
-
لحظة بوح مغربية..
-
وصايا لابد منها قبل السفر على طرقات المغرب..
-
التعليم ...تلك فضيحتنا الاولى
-
من اجل حفل ولاء وبيعة للتنمية...
-
الملكية المغربية والمتاجرة بالمآسي الانسانية
-
وهم التعددية بالمغرب !
-
الدولة المخزن واهانة رموزها
-
دفاعا عن ملك المغرب !
-
مخزن الظل بالمغرب
-
في تابين كل حاكم طاغية قبل الرحيل !!
-
وبكامل قواي العقلية أنا إرهابي!
-
نعم لدستور محمد السادس بطعم البيعة!
-
فقرات من المشاكسة الأدبية المعنونة - بولمحاين -
-
حركة 20 فبراير للتغيير بالمغرب ودرس سيدي إفني
-
هل وصلت رسالة الشعب المغربي ياسادة؟
-
رسالة إلى ملك المغرب قبل فوات الأوان...
المزيد.....
-
ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا
...
-
السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا
...
-
-صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ
...
-
بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا
...
-
مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع
...
-
إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا
...
-
مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا
...
-
من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
-
غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ
...
-
طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|