|
النظام الاستبداد أيضا فلسفته في بنية الدولة
كنان جسومه
الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 09:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لنظام الاستبداد أيضا فلسفته في بنية الدولة كنان جسومه في دراسة قيمة للأستاذ ميشيل كيلو بعنوان "مجلس الشعب البنية والوظيفة والآليات" نشرتها الجزيرة نت بتاريخ 3/10/2004 بين فيها تحت العناوين الفرعية (الصلاحيات، موقع المجلس، واقع المجلس) رؤيته في شكل نظام الحكم وتركيبة سلطات الدولة في سوريا، وكذلك فيما يمكن تسميته فلسفة النظام في ذلك الشكل والتركيبة. لعل من المفيد إيراد قسم الدراسة بالعناوين الفرعية المشار إليها مع تعديل طفيف على فقرتين - بغية الإيضاح لا أكثر- وردتا في سياق النص بأحرف مائلة، وسيذكر الأصل لهما في نهاية النص: يمثل البرلمان في بلدان الديمقراطية الليبرالية، أو مجلس الشعب في بلدان الديمقراطية الشعبية -كما في سوريا- السلطة التشريعية، بعد هذا المشترك يبدأ الاختلاف بين وظائف البرلمان ومجلس الشعب، فيشكل نواب البرلمان سلطة تشريعية تراقب السلطة التنفيذية المسؤولة أمامها باعتبارها ممثلة الشعب والجهة الوحيدة التي تصدر عنها السيادة في الدولة وتتمتع بها، في حين تقول المادة 51 من الدستور السوري الديمقراطي الشعبي إن عضو مجلس الشعب "يمثل الشعب بأكمله و لا يجوز تحديد وكالته بقيد أو شرط، وعليه أن يمارسها بهدى من شرفه وضميره". لكن الدستور نفسه لا يجعل السلطة التنفيذية مسؤولة أمامه، بل يعطيه فقط حق الرقابة عليها لأن ركن السلطة التنفيذية الأول رئيس الجمهورية ليس مسؤولاً أمام أي جهة بنص الدستور الذي تقول المادة 91 منه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولاً عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى" وركنها الثاني مجلس الوزراء مسؤول أمام رئيس الجمهورية بنص مادته رقم 117 التي تقول "رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية " وهو الجهة التي ترى المادة 94 من الدستور أنها تمارس "السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور"، فلا يعقل أن تتساوى نيابة الرئيس عن الشعب مع نيابة مجلس الشعب، ولا بد من تفادي شجار الصلاحيات عن طريق ترجيح سلطة رئيس الجمهورية على سلطة المجلس، بإعطاء سلطة مجلس الشعب في التشريع إلى رئيس الجمهورية في الفترات التي لا يكون فيها في حال انعقاد، أو أثناء الانعقاد إذا اقتضت الضرورة القصوى، والمجلس لا يستطيع إلغاء أو تعديل مراسيم القوانين إلا بأكثرية ثلثي أعضائه، حسب المادة 111 من الدستور، ولم يسبق في تاريخ المجلس أن حصل ذلك*. يعلق عضو مجلس الشعب الأستاذ منذر موصلي في "مذكرة دستورية" رفعها إلى رئيس المجلس على هذه المفارقات قائلاً "بموجب دستورنا لا أحد مسؤول فعلياً أمام مجلس الشعب (الملاحظة من الكاتب) لا رئاسة الجمهورية ولا مجلس الوزراء" (مذكرة دستورية رقم 2، ص3 بلا تاريخ) ويضيف "بما أن الوزارة ليست مسؤولة أمام مجلس الشعب فمن المنطقي أن لا يكون له حق التصويت بالثقة عليها عند تأليفها. وأن تقتصر وظيفته على أخذ علم وخبر بسياستها العامة، ذلك أن المادة 118 من الدستور تلزمها عند تشكيلها بتقديم بيان عن هذه السياسة وعن برامج عملها إلى المجلس، وتقديم بيان كل سنة إليه عن تنفيذ خطط التنمية وتطوير الإنتاج"، لكن مجالس الوزراء لا تتقيد عادة بالفقرة الأخيرة من النص، فإن تقيدت، مثلما حدث في العام الماضي (2002)، كانت مناقشة أعضاء المجلس لأعمالها "مجرد كلام في كلام أو صرخة في واد"، على حد قول الأستاذ النائب الذي يعزز وجهة نظره بما جاء في المادة 147 من نظام المجلس التي تقول صراحة "إن مناقشة البيان الوزاري لا تترتب عليها إجراءات التصويت". ويطالب أخيراً بإصلاح دستوري وبإعادة نظر شاملة في توزيع صلاحيات السلطات الثلاث التي يرى أنها غير منفصلة، وأن التشريعية والقضائية تابعتان للتنفيذية منها اعتماداً على دستور البعث الذي قررت المادة 14 منه شكل دولته العتيدة عندما قالت "نظام الحكم في الدولة العربية نيابي دستوري والسلطة التنفيذية مسؤولة أمام السلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب مباشرة". تنبع وظيفة المجلس من فلسفة النظام السياسي القائم في سوريا الذي يعتقد أن إرادة شعبه موحدة، وأن فصل السلطات اتفق والمرحلة السابقة من تاريخ البلاد عندما كان المجتمع منقسماً إلى طبقات تخوض صـراعاً طبقياً بعضها ضد بعض يستهدف حسم مسألة السلطة وتـحديد نمط النظام السياسي/الاجتماعي. مع ثورة الثامن من مارس/آذار التي حققت فيها القوى الكادحة من عمال وفلاحين انتصاراً حاسما أدى إلى قيام نظام اشتراكي/وحدوي، تم طي صفحة الصراعات الداخلية، وانعكست وحدة المجتمع نفسها في وحدة السلطة التي تبدل نوعها ونمط وجودها بتبدل طبيعة الصراعات الاجتماعية والسياسية والأيدلوجية، هذه الصراعات التي لم تعد عدائية هدفها الاستيلاء على الدولة، بل غدت توافقية الطابع تستهدف استخدام الدولة الجديدة في بناء النظام الجديد: التعبير التاريخي الصحيح والوحيد عن إرادة المجتمع الموحدة التي يجب أن تتجسد في وحدة السلطات، وإلا تحولت عن وظيفتها الجديدة وسببت انشقاقات وتمزقات في جسده وانقلبت من عامل بناء إلى عنصر هدم وتخريب. في هذا التصور تعبّر وحدة السلطة عن نفسها في وحدة التصور الجامع الذي يحركها، والمصالح العليا التي تخدمها، وتخضع لمعايير غير تلك التي يجب أن نقوّم بها البرلمان في النظام الطبقي القديم، حيث البرلمان ساحة التمثيل الشعبي الوحيدة في الدولة، ولا بد تاليا أن تكون السلطة التنفيذية – جهاز إدارة مصالح الطبقة المسيطرة المستقل عن الإرادة الشعبية – مسؤولة أمامه، وإلا كانت غير خاضعة لأي رقابة من أي نوع كان. بوحدة مصالح المجتمع الجديد وتحول السلطة التنفيذية إلى جهاز إدارة اجتماعي عام لا يخص طبقة بعينها، كان من الضروري أن تتحول وظيفة "مجلس الشعب" من مراقبة السلطة التنفيذية إلى مساندتها، وأن تعبر علاقته بها عن وحدة القاعدة المجتمعية التي ينهضان كلاهما عليها ويعكسان إرادتها ويقومان بخدمتها بصفتهما جهة واحدة تستمد شرعيتها من تلك القاعدة المجتمعية بصورة مباشرة، وليس من ألعاب وفنون وتوازنات تمثيلية أو تفويضيه أو نيابية كما هو الحال في المجتمع الطبقي عامة والبرجوازي منه خاصة!. تقول هذه الفلسفة السياسية باتصال السلطات لا بانفصالها، وتسوغ انضواء السلطتين التشريعية والقضائية تحت السلطة التنفيذية قائدة الدولة والمجتمع بقوة نيابة رئيسها المباشرة عن الشعب التي تبطل حق أية سلطة أو جهة في مشاركته صلاحياته، وتفرض على أية سلطة أو جهة وضع ما تملكه من تمثيل ونيابة وسلطة في خدمته، فتعطيه حق صنعها، فيصنعها على صورته ومثاله وبما يتلاءم وتقديراته وحاجاته، ذلك لأنها سلطات تابعة أو ملحقة بالسلطة التنفيذية المكثفة برئيس الجمهورية - فهو الذي يسمي الوزارة ويقبل استقالتها حسب المادة 95 من الدستور، ويحق له إحالة الوزير إلى المحاكمة حسب المادة 123 من الدستور-**، وعليها أن تحتل موقعاً أدنى تكميلياً ضمن النظام السياسي القائم. بما أنه لا توجد طبقات مناهضة أو معادية لنظام المجتمع الموحد، فأنه يوجد صنفان ممن يحق لهم أن يتمثلوا في مجلس الشعب: مؤيدو النظام، وهم أغلبية ساحقة تنضوي طليعتها في حزب البعث العربي الاشتراكي قائد الدولة والمجتمع، وفي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، أو تلتف حولهما وتمثل بحسابات التمثيل الانتخابي في المجلس 76% من الشعب، والصنف الثاني المتبقي هم المحايدون أو المستقلون. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * وإعطائه صلاحياته في الفترات التي لا يكون فيها في حال انعقاد، وكذلك حق الاعتراض على ما يصدر عنه من قوانين ومراسيم. ** وتفرض عليها وضع ما تملكه من تمثيل ونيابة في خدمته، وتعطي السلطة التنفيذية حق صنعها على صورتها ومثالها وبما يتلاءم وتقديراتها وحاجاتها بوصفها سلطات تابعة لها أو ملحقة بها.
#كنان_جسومه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما نشأ إلغاء الآخر
-
تقييم سياسة بوش -عدم الاستقرار البناء-
-
وطن بين الواقع والحلم أو الأمل
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|