سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 16:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كيف يؤمنون (38) .
ليس لدى المؤمنين بفكرة الإله منطق يمكن أن يتعاطوا به ويتكئوا عليه لتبرير إيمانهم فلا وجود لمثل هذا النهج الفكرى فى التعاطى وهذا ليس إجحافاً ولا تجنياً ولا سخرية من إمكانياتهم العقلية بقدر أن المنطق يستند فى جذره البدئى وقواعده الأساسية على صور وجودية محسوسة ملموسة ليؤسس عليها العقل ويتعاطى معها بترتيبها وتنظيمها وإيجاد علاقات بينها ,بينما الإيمان يفتقد لهذا النهج فهو يتعامل مع فرضيات ميتافزيقية لا يوجد لها أى دلالات وحضور وخواص مُدركة أى تعاطى مع الخيال والظن فقط ,والخيال دوما مُتحرر من المنطق ولا علاقة له به .
المؤمنون يتعاطون بمنطق مهترئ هذا إذا صح أن نعتبر فكرهم منطقى أو يقترب من المنطق ولكننا سنتجاوز هذا وسنتدوال كلمة المنطق الدينى تهذباً بالرغم أننا لن نتلمس أى فكر عقلاني عندما نجد مدارات الفكر تتحرك نحو الإستدلال بالذى هو بحاجة للإثبات فتجد ماهو مطلوب إثباته أصبح فرضية مُسلم بها يتم التعامل معها ويتأسس عليها فرضيات أخرى أو قد تجد مراوغة لإنتاج منطق دائرى مهترئ الذى هو بلاهة ومناورة دماغ ظن وهماً أن ما لديه من تهافت هو منطق ,ولا يتبقى إلا منطق السببية الذى يتم التعامل معه بتعنت وتعسف حيناً والقفز عليه حيناً أخرى مع نهج لا يخلو من النصب .
أنظر لآية لقمان 11:( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) فهل تتصور أن هذا منطق يقتنع به من لا يؤمن بالله ,فهو هنا نسب الخلق لله بدون أن يقدم حجة ثبوتية أن هذا الخلق جاء من الله حصراً ,وعليه فيمكن لأى مؤمن بأى إله كيهوه أو رع أو زيوس أو بكائن فضائي أو بأى خرافة أخرى ليقول أن هذا الخلق هو من إنتاج إلهه فماذا خلق إله محمد .!
على نفس الشاكلة تأتى آيات كثيرة تنسب الحياة والوجود لله وترى فى هذا حجة على وجود الله وفعله فلا تقدم سوى الإدعاء مثل (والخيل والبغال والحمير لتركبوها) و(وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) فبغض النظر عن التهافت الشديد الذى يتناول أمور بديهية كون الخيل والبغال للركوب والأنعام للدفء والمنافع وكأنه يُنبأ أهل هذا الزمان بإكتشاف عظيم لم يُدركوه ولكننا سنتجاوز هذا ونعتنى كون الآيتان لم تقدما إثبات فقد عزت أن هذه الحيوانات ومنافعها إلى إنتاج إلهى بدون أى إثبات حقيقى ولنقول أيضا أن من حق اى مدعى القول بأن الخيل والبغال والأنعام من إنتاج وخلق زيوس أو رع أو كائن فضائي .
فى سورة الحج 73 يقول :(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) فهو هنا يعتبر أن الله خالق الذباب ليتحدى أى إله آخر مما يدعون على خلق الذباب بينما سؤالنا وقضيتنا كيف تثبت أن الله خالق الذباب حقاً ,فهو يعتبر إدعاءه كفيل بإثبات وجوده وفعله ليدخل بعدها كاتب النص فى تحدى الآلهة الأخرى على قدرتها فى خلق ذباب فهل هذا منطق ,فمن حق أى مؤمن بأى خرافة أخرى وفقاً لهذا أن يقول أن إلهه الفنكوش مثلاً خلق الذباب والبراغيث والصراصير ولترونا كيف أن إله محمد يمكن له ان يخلق ذباب مثل إلهنا فنكوش.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ{10} هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) - هذا تحدى إلهى آخر يتوهم كاتبه أنه يقدم منطق يثبت به وجود إله وقدرته على الخلق فهو يعتبر أن الله خلق السموات ورفعها على أعمدة غير مرئية وألقى فيها الجبال وأنزل من السماء ماء لإنبات الزرع ليطلب التحدى فى من يستطيع ان يفعل ذلك ,فكاتب النص سطا على مشاهد وجودية ونسبها إلى الله بدون أن يثبت أنها بالفعل من خلقه وإنتاجه فأى منطق وعقلانية هذه , فيمكن لأى مؤمن بخرافة أخرى أن يقول أن إلهه (خَلَق السَّماوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا من كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ هَذَا خَلْقُ إلهى فَأَرنى يا محمد ماذا يخلق إلهك ).!
فى نفس هذا السياق تأتى آية (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه, قال من يحي العظام وهي رميم, قل يحيها الذي أنشأها أول مرة, وهو بكل خلق عليم, الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا, فإذا انتم منه توقدون, أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على ان يخلق مثلهن, بل وهو الخلاق العليم, إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) - فهنا يرد على تساؤل كيف يتم بعث البشر من العظام وهى رميم وهو سؤال ذو أهمية ليؤمن الإنسان بالبعث لتجد الإجابة غريبة تقول إن من خلق السموات والأرض والشجر الذى يستخدم كحطب قادر ان يُحى العظام وهى رميم لنجد اللامنطق بل التهافت فهو إعتمد وإدعى أن عملية خلق السموات والشجر هى من فعل الله دون أن يثبت ذلك ثم بنى عليها ليقفز بعدها وليؤسس منها قدرته على إحياء العظام وهى رميم ويخلق بكلمة كن فيكون ,فكيف يكون هذا كلام منطقى ,فهو يفترض أن السائل شاهد وأيقن أن عملية الخلق تمت بواسطة الله حتى يحق لك أن تقول له أن الذى صنع هذا قادر على الإحياء ثانية بالرغم أن هذا غير كاف من الناحية المنطقية أيضاً فليس معنى أننى شاهدت فعل الخلق فرضاً سيسمح هذا بتمرير فكرة عملية البعث فهذه عملية ليست بالضرورة ملازمة للعملية الأخرى كأن اقول أن المهندس قادر على إصلاح سيارة فمن المؤكد أنه قادر على القيام بعمليات جراحية– الخلاصة أنه لم يقدم لنا إثبات على الفعل الأول الذى هو خلق السماوات والأرض والحطب حتى يبنى عليه إدعاءه بالبعث وكن فيكون.
فلنتناول منطق الله فى محاججته لنمرود عندما يقول (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة 258 - لتجد التهافت والمراوغة الشديد السذاجة يطل عليك ثانية ,فإبراهيم تعامل هنا مع ظاهرة طبيعية معهودة وهى شروق الشمس وغروبها ونسب فعلها لله .لن نتوقف هنا عند أن الله يأتى بالشمس من المشرق والتى تعنى دوران الشمس حول الأرض ولا ذاك الوعى بأن الشمس هى التى تشرق وتغرب ولكن سيعنينا هنا تلك السذاجة فى نسب ظاهرة طبيعية لله بتعسف وبدون إثبات حقيقى فماذا يكون الحال لو أن نمرود هو من تسابق وإدعى أن إلهه يأتى بالشمس من المشرق وطالب إبراهيم أن يجعل الله يأتى بها من المغرب فإثبات القدرة لا تأتى بالسطو على المشهد والإدعاء انه لك ,لأتصور المنطق الصحيح يقول أن على إبراهيم إعلان التحدى أمام النمرود بقوله هاهى الشمس تُشرق من الشرق كما هو معلوم وإلهى سيجعلها غداً تشرق من الغرب ليكون الدور عليك بأن تأتيها من الغرب فى اليوم التالى .
لم يروا .. لم يروا .!!
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ -27 السجدة
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ- النمل: 27/86
أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم من قرن مَّكَّنَّٰ-;-هُمْ فِي ٱ-;-لأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱ-;-لأَنْهَارَ تجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰ-;-هُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ -الانعام 6
فَأَمَّا عَادٌ فَٱ-;-سْتَكْبَرُواْ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) 15من سورة فصلت
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ-;- أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا
أَفَلَمْ يَرَوْاْ إًلَى مَا بَيْنَ أَيْدًيهًمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مًّنَ السَّمَآءً وَالأَرْضً إًن نَّشَأْ نَخْسًفْ بًهًمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقًطْ عَلَيْهًمْ كًسَفاً مًّنَ السَّمَآءً إًنَّ فًي ذَلًكَ لآيَةً لًّكُلًّ عَبْدْ مُّنًيب-. الآية التاسعة من سورة سبأ
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذًي خَلَقَ السَّمَاوَاتً وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بًخَلْقًهًنَّ بًقَادًرْ عَلَى أَن يُحْيًيَ الْمَوْتَى بَلَى إًنَّهُ عَلَى كُلًّ شَيْءْ قَدًيرّ - الآية 33 من سورة الأحقاف :
أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدًئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعًيدُهُ إًنَّ ذالًكَ عَلَى اللَّهً يَسًيرّ - سورة العنكبوت
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرًّزْقَ لًمَن يَشَآءُ وَيَقْدًرُ إًنَّ فًي ذَلًكَ لآيَاتْ لًّقَوْمْ يُؤْمًنُونَ - الآية 37 من سورة الروم
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَنَ نقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا والله يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَسَرِيعُ الْحِسَابِ - الآية 41 من سورة الرعد
أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ-;- مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنشَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ - الآية 48 من سورة النحل
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَٰ-;-اتٍ فِي جَوِّ السَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله إِنَّ فِي ذٰ-;-لِكَ لأَيٰ-;-تٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ- الآية 79 من سورة النحل :
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰ-;-افَّـاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱ-;-الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) الآية 19 من سورة الملك
ماذا تقول عن كل هذه الآيات التى جعلت حجتها فى الرؤية لتبدأ جميعها بقول : ( أولم يروا ) فهل حضر أحد وشاهد عملية خلق السموات والأرض والزرع والأنعام والطير وبسط الرزق الخ حتى يعتبر هذا حجه لوجود الله وأنها من خلقه ,فبالإمكان أن يذكر أى مُدعى على لسان أى إله هذه الآيات .. الغريب أنه يقول ألم يروا .!
هذا أسلوب إدعاء يفتقد لألف باء منطق فالآيات تستهل بسؤال (أولم يروا) ثم تقدم الإدعاءات عن خلق السموات والأرض الخ وتطلب من المستمع الإقرار بوجود الله وعظمة الخالق بينما هو لم يرى ولم يكن حاضراً هذه المشاهد فهى تستشهد به كأنه حاضر لتمرر أن الله الخالق ,فكاتب الآيات إعتبر هذا لإثبات لفعل الله بدون ان يقدم دلائل ثبوتية بالرغم أنه إستشهد بقول (أولم يروا) !!! وبذا لا يصح الإلتفاف بالقول أن المقصود بأولم يروا هو التدبر . فهذا التدبر لا يجعل هذا الفعل ملك إله محمد حصراً.. ولنسأل هل يحق لكل من يمتلك خرافة أن يؤكد خرافته بقول أن إلهه أو الكائن الفضائى أو العشوائية هى الفاعل والدليل( أولم يروا) وانه جاء من تدبره.. إنه يثبت من المطلوب إثباته أو للدقة هو يَدعى ويعتبر إدعاءه منطق .!
آيات أخرى ولكم بألم تر( ألم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء .)
( ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والارض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون .)
(سبحيه يا أيتها الشمس والقمر. سبحيه يا جميع كواكب النور , سبحيه يا سماء السماوات، ويا أيتها المياه التي فوق السماوات . لتسبح اسم الرب لأنه أمر فخلقت , وثبتها إلى الدهر والأبد، وضع لها حدا فلن تتعداه , سبحي الرب من الأرض ، يا أيتها التنانين وكل اللجج , النار والبرد، الثلج والضباب، الريح العاصفة الصانعة كلمته ,الجبال وكل الآكام، الشجر المثمر وكل الأرز ,الوحوش وكل البهائم ، الدبابات والطيور ذوات الأجنحة ( مزمور 148)
ولكنه يقول :( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن ((لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)) إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) سورة الإسراء 44 .
بالفعل شئ غريب ولا يمت لأى منطق أو فكر عقلانى بأى صلة فما معنى ألم تر ونحن بالفعل لم نرى حيوان ولا جماد ولا نبات يسبح ويسجد بل الغرابة قوله (لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) أى أنه يقر اننا لن ندرك هذا التسبيح ولن نراه ففيما يستشهد وأى حجة يسوقها هنا ولكن هكذا هو منطق الفكر الدينى الإدعاء بتعنت وتهافت وتصور هذا الإدعاء منطق .
هل من هذه الآيات ندرك سبب الخلل فى العقلية الدينية فهو يستدل بما فى حاجة إلى إستدلال ,, ويعطى الحجة بما فى حاجة لحجة وينطلق مما هو فى حاجة إلى إثبات ليعود اليه .. فإبراهيم ينسب ظاهرة طبيعية واضحة ومكررة وثابته لإلهه ليطلب من محاوره أن يجعل إلهه يأتى بالشمس من المغرب أى أنه وضع المعتاد والمألوف فى صالح إلهه وطلب من محاوره العكس وهذا الزخم من الآيات الذى يعتبر الإدعاء حجة ودليل على وجود الله وفعله .
- ألم يروا ال D .N .A
المؤمنون بفكرة الله يتبعون نفس منهجية ( ألم تر ) و( أولم يرو) على مر العصور فهى ما يمتلكونه من إفلاس ويسمونه منطق ولكنهم لا يستطيعون أن يستجلبوا آيات (ألم تر ) و( أولم يروا) فى حججهم بعصرنا الراهن فهنا سيجلبون على أنفسهم التهافت والنقد والسخرية فليس من المعقول أن يستدعوا آيات ألم تر السماء سقفا مرفوعة بلا أعمدة ترونها أو ألم تر الشمس تأتى من المشرق للمغرب ولا الخيل والبغال لتركبونها ولا السفن التى تسيرها الرياح الإلهية ولا كل مافى تراثهم من تناقض وتهافت وإشكاليات لذا نجد المؤمن ينصرف عن هذه الآيات ليدخل فى موضة جديدة ولكن بنفس منهجية (ألم تر) الحاضرة فى تلافيف دماغه وذاك بإنساب كل ما فى الوجود لله بدون أن يقدم لك مصوغات الملكية والحجية فيحدثك عن ألم يروا ال D .N .A..ألم تر الخلية الحية .. ألم تر الثابت الكونى ..ألم تر القانون الثانى للثرموديناميك وهكذا لتجده يقفز على العلم المادى فيستحضر الغريب والمعقد فيه ليقول لك أن هذه الأشياء المعقدة هى ملك الله ومنتجها فهذه هى الموضة الجديدة.
للمتهافتين الذين تمتلئ بهم ساحات مواقع ومنتديات الإنترنت ليتوهم هؤلاء البؤساء أنهم يقدمون حجة على وجود الله بأن ينسبوا كل ما يكتشفه العلم من غرائب الطبيعة والحياة لله بعد أن يغرقوك بأرقام ومعلومات وتعقيدات لتندهش منها ليتم حينها القفز أو قل النصب ليقولون لك أليست هذه من إنتاج إله عليم قدير ولنسأل هنا أين إثباتكم أن هذا من الله فأنتم هنا فتحتم أفواهكم فقط أمام تعقيدات الطبيعة والوجود مثل الإنسان القديم الذى كان يفتح فاه أمام سقوط المطر وثورة بركان وغموض كسوف الشمس .
نعم يوجد تعقيد هائل ولكن ما علاقته بالله فأنت لم تقدم لى إثبات علمى دقيق أن الله هو الذى رص جزيئات الدى أن إيه ووضع مكونات الخليه الحية الأولى فموقفك هذا مثل من يقدم معادلة كبيرة ومعقدة ويطلب أن نحلها والغريب أنك لا تعرف حلها سوى ان تصرخ إنه الله , فالله سيظل دوما مُختبأ فى المربعات المجهولة فكما كان قديماً مختبأ كفاعل المطر والمرض والبركان فسيظل وراء تعقيد الدى أن ايه بالرغم أن العلم يتلاعب اليوم بموضوع الجينات .
طالما أنت تقول ألم تر فمن حقنا أن نقول لك أننا نريد الرؤية وطالما أنت تريد أن نشرح لك كيف تكونت الخلية الاولى بدون الله فنحن نطلب منك فى المقابل وأنت صاحب اليقين والحقيقة والميديا الهائلة أن تذكر لنا الخطوات العملية التى إتخذها الله فى تكوين الخلية الأولى ورص شريط ال D .N .Aبالتفصيل حتى يحق لك أن تقول أنه صانعه وليس زيوس أو الفنكوش أو العشوائية ولكنك لا تمتلك شيئا فإلهك المتوهم لا يعرف ما يعنى الدى ان ايه فكل علمه أن الخلق هو شوية تراب على ماء ليصير طينه .
- المنطق الدائرى .
المنطق الدائرى هو ابن طبيعى لمنهجية التهافت والإفلاس فهو عملية إلتفافية للعودة لنفس النقطة التى بدأ منها ولتوضيح ذلك فلننشأ هذا الحوار الإقتراضى بين مؤمن بوجود الله وملحد فلن تخرج الأسئلة والإجابات عن هذا النحو .
الملحد : أسألك من أوجد الكون ؟
المؤمن : هو الله .
الملحد :من هو الله ؟
المؤمن : الله خالق وواجد الكون .
الملحد : ههههه أنت عرفت الماء بالماء .. أسألك ماهية الله .
المؤمن : نحن لا نعرف أى شئ عن ماهية وكينونة وذات الله وليس لنا أن نعرف .!
الملحد : شئ غريب تؤمن بذات لا تعرف عنها شئ !!!! – طب من أين عرفت معلومة أن الله خالق الكون .
المؤمن : من القرآن .
الملحد : كيف تثبت مصداقية القرآن ؟
المؤمن : لأن القرآن من الله .
الملحد : هههههه وكيف عرفت أن القرآن من الله .
المؤمن : من النبى .
الملحد : ما مصداقية النبى حتى لا تعتبره يَدعى أو يكذب .
المؤمن :لأن القرآن قال عنه أنه نبى ورسول وصادق .
الملحد : ههههه نحن نلف وندور حول بعض لتعلق كل فرضية على أختها .
- السببية والتهافت والقفز .
المؤمن لا يمتلك بكل تفذلكاته إلا (ألم تر ) و(أولم يروا ) وهذا المنطق الدائرى البائس أما إذا حاول أن يقترب من منطق العقل تجده يردد المقولة البائسة ( البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير.) ليتصور أنه يتعامل هكذا مع منطق السببية ,فلكل سبب من مُسبب لتُعطى الإله سببية الوجود , وقبل أن نتناول منطق السببية وكيف يتحايلون عليه سنقول طالما سنعتمد منطق بأن لكل سبب من مُسبب لذا فمن حقنا أن نسأل ما هو سبب وجود الله ؟ –هنا تبدأ أول أشكال التهافت والمراوغة , فالله بلا مُسبب فقد توقف المنطق بإستخدامه فى إثبات وجود الإله ليتم إلقاءه فى صندوق القمامة فلا تسأل عن مُسبب الله ولا تطلب تفعيل المنطق فهو إستفاد منه ليلقيه وراء ظهره وإذا كانت الأمور هكذا فلما يستغربون سببية الوجود المادى فبديهياً هو أبسط من الإله ,فهل يشغلنا سَببية وجود البسيط ونهمل سببية وجود المُعقد .؟!
" البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير." بهذه المقولة الشهيرة يتوهم المتفذلكون أنهم هكذا أثبتوا وجود الله لنقول حسنا البعرة جاءت بسبب البعير ولكن لماذا تم حشر الله كسبب لوجود السماء فى سببية البعرة من البعير ,فما علاقة الله وسماء ذات بروج مع بعرة جاءت بسبب بعير ؟!.. هنا عملية نصب واضحة فهى تقفز وتمرر ما تريد تمريره من خلال مشهد منطقى , فأنا يمكنى القول أن البعرة جاءت من بعير والسماء جاءت من تنين فضائى بنفس هذا القياس .
سنتعامل مع مفهوم السببية لنثبت مدى إحتيالهم فبالرجوع لمثل البعرة والبعير نجدهم لا يفهمون ماهية السببية أو يتغافلون عنها ,فالسببية تأتى من تجارب وتراكم خبرات بمعنى أننا لم نقل أن البعرة من البعير إلا بعد مشاهدات لبعرة تسقط من بعير أى من خلال تراكم مشاهدات وخبرات لهذا المشهد وهكذا هو مبدأ السببية ,فمن أين لنا أن نقول بأن الله خالق السماء ذات الأبراج فهذا يلزم أن نكون قد شاهدنا آلهة تخلق أكوان ولنا خبرات سابقة فى ذلك فحينها يمكن القول أن السماء ذات البروج من إله وليس من مصدر آخر وحتى لو شاهدنا آلهة تخلق أكوان فلنا تحفظ منطقى أيضاً على أن هناك إله خلق الكون فليس مصدر كل النيران من عود ثقاب .. عالعموم نرى هنا النصب بالقفز والإحتيال فطالما البعرة من البعير والسيارة من مصنع السيارات إذن هذا الوجود من إله فلا هو عرف الإله ولا قدم مشاهد وخبرات بينت أن الإله خالق بل نصب وإحتيال على منطق ليمرر وهمه أو قل هكذا الجهل الإنسانى الذى وضع إجابة سهلة ومتسرعة لسؤال الوجود. .لا ننفى السببية بالطبع ولكن أى سبب هو للمُسبب أى عندما يكون لدينا أسباب فعلينا إثبات أنها لهذه المُسببات بناء على وعى وتجربة وخبرة وقياس وإلا حق لأى مُدعى أن ينسب أسباب لذاته .
العملية الإيمانية ليس لها أى علاقة بعقل أو منطق فهى عملية تصديقية فقط لا تخضع للتعامل العقلى فعليك أن تصدق بهكذا غيبيات وإدعاءات وسيناريوهات إختلقها فكر وخيال إنسان قديم ليحق القول طوبى لمن آمن ولم يرى كما قال المسيح أو للدقة طوبى لمن آمن ولم يفكر ويمنطق ويدقق ويختبر فلتحمل المنظومة الإيمانية كما هى وتنبطح أمامها فهنا لا مشكلة طالما تجد إحتياجاتك النفسية فيها ولكن لتبقى مشكلة مع هؤلاء المتفذلكون النصابون المتبجحون الذين لا يخجلون من افلاسهم وتهافتهم لتجدهم ينفخون صدورهم غروراً متصورين أنهم يمكن أن يمنطقوا خرافاتهم لنقول لهم فلتصمتوا فلا علاقة بالعقل والمنطق بما تؤمنون به ولتنبطحوا كأقرانكم بلا فذلكة ولا تهافت ولا نصب .
دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟