|
ألعائلة المثلية :جدلية أخلاقية ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 14:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أود بداية أن أعترف بأن إختياري لإستعمال مُصطلح ، عائلة مثلية ، هو خطأ منهجي لأنه يُحول الأنظار إلى الميل الجنسي لهذه العائلة ، بينما المقصود من هذه المقالة هو ألعائلة وليس ألميل الجنسي . لكني "أرضخ " مُرغما للتسميات ألشعبوية من أجل الإيضاح فقط . بينما الصحيح هو إستعمال مُسّمى ، عائلة أُحادية الجنس ، وهذه هي الحقيقة . كما وأنه ليس بمُستغرب على المُجتمعات الإنسانية وجود عائلات أحادية (أم أو أب فقط ) ، نتيجة قسوة الحياة الأحيان ، كالترُمل في سن صغيرة ، وكم من الأرامل في عالمنا ألعربي والإسلامي ! أو العائلات التي تُعيلها الأم فقط (لغياب الأب ) وهي عائلات أُحادية أيضا ، ناهيك عن المُطلقات والأُمهات الوحيدات . ولو قام معهد بإجراء بحث حول العائلات غير التقليدية في عالمنا العربي ، لكانت ألنتائج في ظني صادمة . فالعائلات التي لا ينطبق عليها التعريف الكلاسيكي للعائلة ، الذي يفترض وجود أب ، أم وأولاد ، كثيرة جدا ،وتنضم العائلة أُحادية ألجنس ، لهذه المجموعة ألكبيرة من ألعائلات الغير تقليدية . والعائلة أحادية الجنس هي ظاهرة جديدة في المُجتمعات ، لذا فإن الأبحاث التي درست هذه الظاهرة قليلة ، ومع ذلك فهذه الظاهرة أخذة بالتوسع في المجتمعات الغربية ومن ضمنها إسرائيل . وتتنوع العائلة أحادية الجنس فهي ليست نمطية ، فهناك عائلة من ذكرين وأولاد ، من أُنثيين وأولاد ، من رباعية ،إمرأتين ورجلين وأولاد ، ويعود سبب وجود رجال مثليين في عائلة نسائية مثلية ،إلى أن أحد الرجال قرر التبرع بحيواناته المنوية للعائلة المثلية النسوية ، لكي تُنجب ولدا ، فيصبح ألولد إبنا لعائلتين عمليا ..تعيشان في وحدتين مُنفصلتين وتُربيان إبنا مُشتركا . أوردتُ هذا المثال لأهمية موضوع التبرع بالحيوانات ألمنوية أو إستئجار رحم إمرأة ، لإنجاب طفل للعائلة أحادية الجنس . وقد فجرت قضية إستئجار الرحم أو التبرع بالحيوانات المنوية ، جدلا أخلاٌقيا وقانونيا حاميا . ونحن نعلم بأن النساء المُستعدات لتأجير أرحامهن ، يوافقن على ذلك نتيجة ضائقة إقتصادية ألّمت بهن ، لذا يعتقد البعض وبمقدار كبير من الصدقية ، بأن إستئجار الرحم هو استغلال لضائقة المرأة المؤجرة لرحمها . وعلى الصعيد الأخر ، هل تستطيع الأم البيولوجية إسترداد "ثمرة بطنها " إذا رغبت بذلك ؟ علما بأن غالبية العائلات أحادية الجنس وخاصة العائلة الذكرية ، في اسرائيل مثلا ،تُسافر إلى خارج البلاد للبحث عن "رحم " تستأجره ، لكنها تُواجه صعوبة في تسجيل ألمولود في سجل السكان وفي بطاقة هوية العائلة ، لأن قانون الأحوال ألشخصية مُستمد من الشريعة ، مما دفع بالقضاء الى البت في هذه القضية لاحقا. وبعيدا عن الجدل الأخلاقي والقانوني ، يتبادر للذهن السؤال التالي : كيف تؤثر العائلة أحادية الجنس على الأطفال داخلها ؟؟ وهل هناك فروق بينهم وبين بقية الأطفال ؟؟ إن الأبحاث ألتي أُجريت على المثليين وأهليتهم ليكونوا والدين ، تتفق على أن الميل الجنسي المثلي لا "يضر " بقدرتهم واهليتهم كوالدين ، بل وجدت الابحاث مُشتركات كثيرة بين الوالدية التقليدية والوالدية المثلية . كما وأن هذه الأبحاث تؤكد بأنه لم تُوجد فروق بين أطفال العائلة أحادية الجنس وبين أطفال العائلة التقليدية في ألهوية الجنسية ووتيرة نموهم طبيعية مقارنة مع ابناء جيلهم على كافة الأصعدة ، الشعورية ، المعرفية والجنسية ، لكن كان هناك فرق في مجال السلوك الجنساني ، فأبناء وبنات العائلة أحادية الجنس لا يستجيبون للعب الأدوار الجنسانية المتعارف عليها، فيما يخص اللباس ، الألعاب ، التصرف الجسماني (خشونة – رقة ) وطموحاتهم المستقبلية من ناحية إختيار المهنة . كما تطرقت الأبحاث إلى مواقف الأطفال في العائلة أحادية الجنس وطبيعة علاقاتهم مع الوالدين ، وكُلها تُشير إلى أنهم ، أي الأطفال ، يحملون مواقف تؤمن بالمُساواة بين الجنسين ، ولا يتعاملون في تقسيم مهام العمل داخل البيت من مواقف جنسانية نمطية ، بل من "الموديلنغ" داخل العائلة ، كما تُدلل الأبحاث إلى ان علاقات الوالدين والأبناء في هذه العائلات هي علاقات يسودها الإنسجام ، التفاهم والمعاملة اللطيفة . (لا تحسدوهم ) .ولن أستمر في إستعراض نتائج الأبحاث والتي قرأتُها بالعبرية ، ولو كانت بلغة أُخرى لأوردتُ روابطها ، لئلا نُتهم بأننا نُلقي الكلام على عواهنه !! لكن المؤكد بأنني أمتلك النزاهة العلمية . ولكن هناك من يعترض على شكل هذه العائلة ، لأنها لا تُعتبر نموذج تقليد "موديلينغ " لأطفالها وفق التعريف التقليدي للعائلة ، أو الأمر ألأصعب بأنها تُعطيهم " موديلينغ "غير طبيعي ، لشكل العلاقة الحميمية على أقل تقدير . نعم هذه قضايا تُواجه العائلة وأطفالها ، لكنها تواجهها بالتربية والتثقيف ولا تترك إسئلة دون أجوبة ، فالعائلات تتحدث بصراحة عن تنوع الميول الجنسية ، وعن كيفية قدومهم الى الحياة . وكما قال أحد الأباء الذي سأله طفله سؤالا نابعا عن حب إستطلاع وهو : من كان يُرضعني وأنا صغير ؟؟!! فكان جواب الأب : أنا كُنتُ أُرضعك من قنينة الحليب .. فالأمر يحتاج الى شفافية ، صراحة وحساسية إنسانية في الأساس . وقد يكون السر في أن أحد الوالدين أو إحدى الوالدتين ، يؤدي أو تؤدي دور الأم بينما الشريك يؤدي دور الأب ، بطبيعية وتلقائية ودون تصنع !! ربما ..لكن وبما أن الأبحاث ما زالت في أول الطريق فقد تتوصل لاحقا إلى نتائج أُخرى . لكن المؤكد بأن الحياة في عائلة أُحادية الجنس لا يؤثر في الميول الجنسية المولودة مع الأطفال . . .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين ألكيفية وألماهية ..
-
داعش تكشف العورات وتُمزق الأقنعة ..!!
-
ألتحرش ألجنسي : جدلية الإنتقام أو فكر ثقافي جديد ؟!(4)
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :ألخوف الإجتماع
...
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :(ألبهمنة) ( 2)
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة (1)
-
المثلية بين البيولوجيا والتنشئة ..
-
المثلية ، السياسة والدين ..
-
-يعيش - الإحتلال ..!!
-
ألأخلاق وألسياسة..
-
إسرائيل : ما بين -عاهرة - وقديسة - !!!
-
حزيران بين -ألمسيحية - الإسلامية و- المسيحية -اليهودية ..
-
التستوستيرون بين ألقمع ،الإباحية والترشيد ..
-
ألفقر والأخلاق ..
-
شدو الربابة بأحوال الصحابة ..ألمُعاصرين !!
-
حق تقرير ألمصير : تصادم ألطموح والواقع .
-
نساء بيدوفيليات ..؟؟
-
ألرجم للعُشاق ..!!
-
ترهل أحزاب أليسار ألعربي .
-
على هامش مقالات الزميلة ماجدة منصور : ألداروينية ألإجتماعية
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|