|
التطرف اليمينى هو سمة أساسية للعقود المقبلة
ممدوح مكرم
الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 01:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التطرف اليمينى هوسمة أساسية للعقود المقبلة سبق و قلنا و كتبنا و أكدنا ؛ كلما تتعمق أزمة النظام الرأسمالى ، و تبدأ الأرباح فى التناقص ( فائض القيمة المعولم هنا ) من جراء الأزمات الدورية الهيكلية فى بنية اقتصاد النظام ، هذا معناه مزيد من الحروب و الصراعات و القمع و العنف ، لأن التأزم الاقتصادى يستتبع بالضرورة تأزم سياسى ، و يتأجج الصراع الاجتماعى ، فيتم تصدير الأزمات للخارج ، و من ثم تشتعل الحروب و الصراعات ، و فى الغالب تكون هذه الأزمات بيئة حاضنة للأصوليات الدينية ، و التعصب الشوفيينى القومى و العرقى ، و الطائفية و المذهبية ، وهى تستخدم كمطية للتغطية على أزمات النظام و تناقضاته الحادة التى يعجز عن حلها بسسبب جوهرة المستغل و أنانيته المفرطة و لا إنسايته ، حتى يحافظ النظام على بقاء أقصى قدر ممكن من الربح و التحكم فى الطبقات المستغلة فى المركز ، و التحكم فى الأطراف . وهذا بالضبط ما يحدث فى منطقتنا ( منطقة الشرق الأوسط ) فهى تقع فى طرف من أطراف النظام الرأسمالى ، و فى نفس الوقت تمثل الحلقة الرخوة فى النظام ، فالتناقضات ( تناقضات النظام الرأسمالى ) كثيفة حدا و عميقة و مركبة فى هذه المنطقة لعدة اعتبارات :- - وجود الكيان الصهيونى و ما يمثله من أداة وذراع و امتداد للإمبريالية ، بإعتباره كيان استعمارى استيطانى عنصرى إحلالى . - وجود النفط و الغاز وهو ما يثير لعاب و شره الشركات دولية النشاط العاملة فى هذا المجال . - اعتبارات جيو-بولتيكية و جيو- استراتجية لها علاقة بمتاخمة المنطقة لروسيا و الصين و امتدادات أمنهما القومى . - اعتبارات ثقافية و أنثربولجية حيث تتوزع المنطقة على ثقافات و عرقيات و مذاهب و طوائف رغم إنضوائها تحت عنوان كبير ( الثقافة العربية - الإسلامية ) و لكن هناك إحياء لهويات و ثقافات و مذاهب و طوائف فرعية بل حتى إحياء ثارات تاريخية و مذهبية ..وهذا يسّهل كثيرا تقسيمها و تفتيتها ، بإشعال حروب وصراعات لا تنتهى . إذن ما يحدث فى المنطقة منذ ما يعرف( بالربيع العربى ) هو انعكاس لأزمة النظام الراسمالى فى دول المركز ، تصدرها للأطراف وخاصة فى جانبها الرخو ، و الأزمة الأوكرانية كذلك مرتبطة بما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط ، و التناقضات التى تتعمق بين أمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى ، وهى تنعكس كذلك على وجود المحاور الإقليمية فى المنطقة و صراعها خاصة فى سوريا و العراق و لبنان . يمكن أن نجمل ما نريد أن نقوله : أنه لا يمكن فهم سياق ما يسمى بالربيع العربى و ما يحدث فى مناطق أخرى من العالم ، بدون تحليل اقتصادى ( سياق الأزمة الاقتصادية العالمية ) و ربطه بالتحليل الجيوبولتيكى ( كرافد للجغرافيا السياسية التى يحاول أن يغيبها البعض ) و ربطا أيضا بالأوضاع الاستراتيجية فى الإقليم ، ومعرفة دور كل طرف إقليمى و موقعه من النظام . وهذا يغيب عن ما ينزعون نزوعا ليبرالويا ، أو إسلامويا ، و حتى فى أوساط اليسار المشوش إما بسبب التمويل ، أو و بسبب عدم قدرته على اعمال أدوات معرفية حقيقية يحلل بها ما يحدث منطلقا من الواقع دون اسقاطات ذاتوية أو إيديولجية . و للأسف أن كثيرا من وسائل الإعلام و الإعلاميون الجهلة يكرسون للسطحية و السذاجة لما يحدث ، و يتبعهم نفر ليس بالقليل من غوغاء النشطاء السياسيين و الحزبيين الجهلة ، مما يراكم الماساة و الأزمة و يخلق حالة من التشوش و اللايقين الذى يقود إما للعدم أو الإنتحار ؛ وفى أحسن الأحوال ( بيع كل شيئ و الرقص على الحبال بدولارات معدودة )!! و فى نظرنا ستسمر تلك الحالة لعقود ، إلى أن يتبلور بديل حقيقى، الإتحاد الأروبى يمر بأزمة عميقة قد تودى به ؛ خاصة مع صعود اليمين المتطرف ، كذلك الولايات المتحدة تعانى أزمة خانقة و مكتومة بسبب الوضع الاقتصادى المتردى منذ العام 2008 م ، و هناك خصم من القوة الأمريكية لحساب الدول الصاعدة ( روسيا ، الصين ) .. وفى دول الأطراف تتصاعد الموجات المذهبية و العرقية و الدينية و الطائفية و المذهبية ، وهى شكل من أشكال اليمين المتطرف . كل هذا وغيره ينذر بمزيد من الحروب و الصراعات و المذابح و الإرهاب ، كرد فعل على الأزمة ، و سيكون النصيب الأكبر لأطراف النظام الرأسمالى ؛ حيث كما قلنا تتكثف و تتعمق التناقضات رأسيا و أفقيا .
#ممدوح_مكرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تثوير الفن ، و تنوير التثوير
-
خطاب الهزيمة ، وهزيمة الخطاب ( سبعة و أربعون عاما على هزيمة
...
-
بنية التخلف فى مصر
-
مع هادى العلوى الذى جمع بين الماركسية و التراث الاسلامى و ال
...
-
حول إعادة الإعتبار للجيو-بو لتيكس
المزيد.....
-
على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا
...
-
في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ
...
-
بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل
...
-
هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
-
مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ
...
-
مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
-
حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
-
دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با
...
-
كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو
...
-
طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|