أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - إعادة برمجة التصورات والمعطيات الذهنية والعلائق الداخلية القديمة















المزيد.....



أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - إعادة برمجة التصورات والمعطيات الذهنية والعلائق الداخلية القديمة


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 1268 - 2005 / 7 / 27 - 11:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



إعادة برمجة التصورات والمعطيات الذهنية والعلائق الداخلية القديمة :
____________________________________________

كن راغبا وعازما بقوة على أن تتخذ الخطوة الأولى
مهما تكن تلك الخطوة صغيرة ، أو هكذا تبدو لعينك
ركز ذهنك بقوة على هذا الفعل الإرادي الحاسم الذي
تود فعله ، ستحصل صدقا معجزات لم تكن قبلئذ تصدق أو تُعقل .
________________________________________

الإيحاءات تفعل المستحيل :
_________________

الآن وقد فهمنا قليلا كم هي مؤثرة أفكارنا والكلمات التي نرددها لأنفسنا أو للآخرين ، فإذن علينا أن نعيد الإعتبار ونولي الإنتباه لهذا الذي نقوله والطريقة التي نقوله بها فيما إذا كنا جادين حقا في أن ننال نتائج جيدة .
هل أنت مقتنع حقا وتريد فعلا أن تغير نمط وطريقة تفكيرك وإيحاءاتك الذاتية لنفسك من السلب إلى الإيجاب ؟ إذن عليك أن تكون متيقظا لما تقول ، وحالما تجد نفسك تفكر أو تتكلم ، إهمس لنفسك بإيحاء إيجابي ولو واحد في داخلك أو بصوت عال .
ليكن الإيحاء الذاتي منطلقا يوميا ، بل لحظيا لكل سلوك أو فعل أو تفكير أو مشاعر دفاقة تعتلج في الذهن ، كن على الدوام منتبها لنمط تفكيرك وعلى الدوام لديك ما تقوله لذاتك من قبيل " أنا سعيد " أو " أنا إيجابي " أو " أنا ذكي ومعافى وأمامي مستقبل زاهر " شيء من هذا عزيزي القاريء ، لن يكلفك شيئا بقدر ما يمكن أن يخلق في الداخل شعورا بالزهو والتفاؤل يدفعك إلى ان تتصرف دوما بشكل شجاع وإيجابي وواثق وبالنتيجة ، تجد أنك حتى دون أن تشعر ، تجدك تتغير نحو الأحسن وتجد أن فرصا تأتيك من حيث لا تحتسب ، أو من حيث تحتسب إن كنت مؤمنا بأن لهذا الكون مدير تهزه وتحركه الإرادات الواثقة المتفائلة ، فيفتح الفرص والنوافذ لكل عازم شجاع مؤمن بذاته ومحب لنفسه وحريص على التطور والتغير .
ما معنى أن نقول لأنفسنا شيئا إيجابيا ؟
معناه أننا نقول لعقولنا الباطنة أننا مسؤولين عن تطورنا وأننا راغبين بهذا الذي نوحي لأنفسنا به ، وأننا مدركين إلى أننا نملك القدرة على التغيير نحو الأحسن .
وبالتالي فهذه الكلمات تدفع العقل الباطن إلى البحث عن حلول لتحقيقها لأنه لا يستطيع أن يخالفك أبدا ولأنه يملك قنوات سرية لا يملكها عقلك الواعي ، وبالتالي تأكد من إنه سيفعل ما تريد .
العقل الباطن عزيزي القاريء الكريم ، أو الروح أو الذات العليا ، هي أدوات جبارة تتواصل مع الكون ومع الرب عبر قنوات غير تلك التي يملكها عقلنا الواعي ، أنها تملك قدرات هائلة جدا جدا ، ليست في واقع الحال بمتناولنا أو بالأحرى بمتناول عقلنا الواعي المشغول بحساباته وهمومه وضعفه وخوفه .
فقط أوحي لعقلك الباطن بما تريد ودعه يعمل سرا وبهدوء ولا تلح عليه أو تنتظر منه الجواب وأنت في حالة الوعي الإعتيادي ، لأنه لا يهتم بوعيك الإعتيادي ولا ينشغل به ولا ينفذ ما تريد منه إلا ضمن حريته الخاصة وتقديراته الخاصة للوقت المناسب والمكان المناسب والحل المناسب .
غالبا ما نعتمد الإيحاءات لخلق تغيير في حياتنا من قبيل كسب شيء لم يكتسب بعد أو التخلص من شيء لا يسرنا المحافظة عليه ، فمثلا يكون الواحد منا مريضا وهو لا شك ضجر من هذه الحالة ويريد شفاء سريعا أو أن يكون الواحد منا فقيرا أو كسولا أو مترددا ويريد التخلص من هذه الخصلة غير المفيدة أو تلك .
هنا علينا أن ننتبه لصياغة الإيحاء فمثلا عبارة من قبيل :
" أنا لا أريد أن أظل فقيرا إلى الأبد " أو " أنا لا أريد أن أبقى مريضا حتى نهاية الإسبوع " . تقول هذا وأنت متحمس وسعيد وعازم بقوة على أن تتخلص من الفقر أو المرض ، لو تنتبه للصياغة لوجدت أن هناك كلمة لا يفهمها العقل الباطن ولا يعرف معناها لأنها ببساطة لا تحمل صورة ذهنية يمكن أن يترجمها العقل الباطن ، هذه الكلمة هي " لا " ، ماذا يفعل العقل الباطن في هذه الحالة المربكة ، إنه ببساطة يحذف الكلمة التي لا يفهمها ، وبالتالي فكأنك تقول لنفسك ، أنا أريد أن أبقى فقيرا إلى الأبد أو أنا أريد أن أبقى مريضا حتى نهاية الإسبوع .
فينفذ العقل الباطن ما تريد وتظل فقيرا إلى ما شاء الله وكلما تسنت لك فرصة مهما كانت صغيرة إرتجف قلبك بقوة وأمتنعت عن إتخاذها خشية أن تنجح وأنت لست عازم على النجاح لأنك ببساطة أوحيت لنفسك بأنك تريد أن تبقى فقيرا إلى الأبد .
هذا السر الصغير لآلية عمل العقل الباطن ، عليك عزيزي القاريء الكريم أن تنتبه له ، فإن فعلت فلا أشك في أنك ستنجح في صياغة الإيحاء الأجمل والأقوى والأسرع تأثيرا .
بدلا من أن تصيغ إيحاءاتك بطريقة سلبية أو حاوية على كلمة النفي التي لا يفهمها العقل الباطن ، إختر عبارة إيجابية من قبيل " أنا لست مريضا " أو " أنا لست فقيرا " .
هنا قد تسألني ولكنني أكذب في هذه الحالة لأنني أريد أن لا أكون مريضا أو فقيرا إنما أنا لست كذلك الآن ؟ حسنا الجواب هو أن العقل الباطن لا يعرف عبارات من قبيل : أنا أريد أن أكون غنيا في المستقبل أو بعد عشر سنوات أو أنا أريد أن أشفى قبل نهاية الإسبوع . جميع هذه العبارات لا يفهمها العقل الباطن أو إنه يظن أنها مؤجلة فلماذا ينشغل بها الآن .
حين تقول في المستقبل أو نهاية الإسبوع فإنك هنا لا تريد شيء عاجل ، فتعطي العقل الباطن إيحاء بالتأجيل لأنه يريد أن يطيعك بحرفية شديدة ، وما لا يناسب الرغبة الحاضرة الكائنة الآن لا ينفذها العقل الباطن .
أنت لا تكذب حينما تقول أنك لست فقيرا فأنت فعلا لست فقيرا وليس فينا من هو فقير من أبسط وأعظم النعم وهي العقل والبصر والسمع وغيرها هذا أولا الثاني ، العقل الباطن يعمل بلغة الحاضر ، أي لا تقل له أريد أن أكون ... بل قل أنا كائن .
" أريد أن أكون سعيدأ أو جميلا أو غنيا ، عبارات غامضة تثير في الدماغ والعقل الباطن إلتباسا حادا ، لكن عبارة من قبيل أنا جميل أو أنا قوي أو أنا غني ، تعني أنك يا عقل يا باطن عليك أن تجند كل جهودك لتنفذ أمري الحالي الذي هو أنا قوي أو غني أو جميل ... هنا ليس له مجال للإعتراض أبدا لأن العبارة مفهومة وواقعة في هذه اللحظة .
العقل الباطن عزيزي القاريء قدير على فعل الكثير ، إنما هو بسيط في التعامل حد السذاجة ، فهو لا يملك خططا إستراتيجية ولا يعرف الخداع والتزويق ولا يسعى لتضليلك ، بل إنه يستجيب ببساطة لهذا الذي تقوله له شريطة أن تقوله بلغة بسيطة مفهومة وواضحة .
لو إنك كرهت شيئا ما وأردت التخلص منه بحيث كانت أقصى رغبة لديك هو في أن تتخلص منه ، هنا ... يكون من اليسير على عقلك الباطن أن يخلصك منه بالحسنى دون أن تعلن كراهيتك لهذا الشيء .
سواء كان هذا الذي تكره شخصا ما أو مكانا أو عادة معينة ، عليك أن تباركه أو تباركها مع نفسك بإيحاء جميل من قبيل " إنني أحبك وأباركك وأود لو إننا أفترقنا بالحسنى " هذا الإيحاء يكون تأثيره أسرع على العقل الباطن مما لو قلت إيحاءا سلبيا من قبيل " أنا أكره هذا الشخص وأود لو أتخلص منه " .
أعرف رجلا جرب هذا النوع من الإيحاءات مع عادة التدخين ونجح فعلا في التخلص منها بأقل قدر من الألم إذ كان الإيحاء الذي كان يردده كلما أمسك سيجارة هو :
" أيتها السيجارة ، إنني أحبك وأود أن أتحرر من الإرتباط بكِ " ، هذا ليس تناقضا أبدا ، بل إنه توديع لعادة سيئة بالحب والمودة ، وهنا يكون القبول من العقل الباطن أكثر لأنه يتأثر بالعبارة الإيجابية ويستجيب لها بسرعة .

أنتَ تستحق الأفضل دائما :
________________

فكر للحظة الآن مع نفسك عزيزي القاريء ، ما هو الشيء الذي ترغبه بقوة الآن ؟
فكر برهة ثم قل لنفسك الإيحاء التالي بعد أن تملأ الفراغ بهذه الرغبة التي تريدها :
" إنني أقبل أن أنال ............................... ( تضع في الفراغ رغبتك التي فكرت بها ) .
هنا أظن يا صديقي أن الأغلبية منّا يتوقفون طويلا ويترددون كثيرا ، لماذا ؟ الجواب لأن الإغلبية منا يشعرون في داخلهم أنهم لا يستحقون هذا الذي يتمنونه أو يحلمون به .
قوتنا الشخصية عزيزي القاريء تعتمد جديا على ما نعتقده في أنفسنا أو ما نعتقد إننا نستحق أن نناله . إعتقادنا الداخلي بعدم الإستحقاق لهذا الشيء أو ذاك ، ينبعث في الواقع مما قيل لنا في الطفولة من آبائنا أو أمهاتنا أو معلمينا أو أخوتنا أو الجيران ، أو من أنفسنا ذاتها وهذا الذي قلناه يوما لأنفسنا في الطفولة من إننا لا نستحق السعادة أو إننا سيئو الحظ أو عاجزون عن التطور أو النجاح .
الكثيرون يقولون لي " لقد جربنا الإيحاءات الإيجابية ولكننا فشلنا في أن ننال شيئا من الحياة " وأجيبهم المشكلة ليست في الإيحاءات التي قيلت ولكن في مدى إقتناعكم الداخلي بأنكم تستحقون صدقا هذا الذي ترغبون به ، هذه هي المشكلة ... قناعتنا الداخلية ، إيماننا بأننا لا نستحق هذا الذي نتمناه أو لا نجرؤ على أن نأخذ هذا الذي نريده .
حسنا ... ومع ذلك فليس هذا بمشكل كبير ، بل يمكن بالإنتباه لأنفسنا أن نفضح هذا الذي يعتمل في داخلنا . قل لنفسك إيحاءٍ معينا ثم إنتبه إلى هذه الصور التي ترد في مخيلتك أو الأفكار التي تغزوك في لحظة الإيحاء أو عقبها ، قم بتدوينها في ورقة ثم قم بدراستها لاحقا .
ستكتشف هذا الذي يعيقك عن تصديق الإيحاء ومباركته لكي ما يمكن أن ينفذه لك العقل الباطن . ما يعيقنا عزيزي القاريء عن قبول إيحاء ما أو رغبة ما هو أن لدينا في الداخل رغبة أو إيحاء معين وسالف يمتلك من القوة ما لا يمتلكه الإيحاء الجديد ، بلى ... هناك إيحاء قديم قيل لنا قبل عام أو عشرة أو في الطفولة ، هو الأقرب إلى التصديق من قبل العقل الباطن من هذا الإيحاء الجديد الذي ليس له تاريخ مثل رفيقه السابق .
كثير من الناس يوحي لنفسه برغبة معينة ويمتلك الثقة التي تقوده إلى الوصول إلى هذا المكان الذي سيجد فيه رغبته أو ينفذها ، ثم فجأة تجده يفشل أو يتعثر أو يصيبه حادث من نوع ما بحيث يعوقه عن الوصول إلى المكان أو في الوقت المناسب ، إنها عدم الثقة القديمة الموجودة فينا ، تلك الحقيقة التي رسخناها في داخلنا بأننا لا نستطيع أو بأننا لا نستحق هذا الذي نلناه أو أوشكنا أن نناله .
أنت ملزم عزيزي القاريء أن تؤمن بأنك تستحق هذا الذي تريده وبأنك جدير بهذا الذي تتمناه ، وهذا ليس بالعسير عليك أن تؤكده لنفسك .
إعتمد إيحاءات أخرى يمكن أن تكون حجر أو أحجار الأساس لإيحاءاتك المحددة المعينة التي قلتها سابقا وأضطربت تجاهها وشعرت بأنك لا تصدقها .
خذ الآتي على سبيل المثال :
" أنا أجيز لنفسي أن أنال ............( وتذكر الرغبة التي تود أن تنالها ولتكن الثروة أو الوظيفة الأفضل أو أي كان ... ) ، هنا عليك أن تضيف الجديد الذي يشكل حجر الأساس لهذه الرغبة وهو الآتي :
" لأنني ذو قيمة عالية في عين نفسي "
أو " لأنني أستحق كل شيء جيد "
أو " لأنني أحب نفسي بقوة "
أو " لأنني أسمح لنفسي أن اؤكد ذاتي من خلال الأفضل والأجمل والأرقى "
هذه الأحجار الأساسية هي التي ستساعدك في إقناع عقلك الباطن بأن ينفض عن كاهله تلك الإيحاءات السلبية القديمة أو الموهومة غالبا ، من قبيل " أنا لا أستحق هذا ، أو أنا أخاف الخطر أو أنا راضي بوضعي ولا داعي للأفضل ..." ... الخ .
أمر آخر مهم عزيزي القاريء .
هناك الكثير من العادات أو الأمراض أو العلل أو الأخفاقات التي تصيبنا وتعطل حياتنا بهذا القدر أو ذاك دون أن نسعى للتخلص منها بشكل جاد . مثل هذه الأعراض أو الحالات ، لماذا نتشبث بها أو لا نحاول التخلص منها لكي ما يمكن أن نعيش حياة أسعد وأجمل ؟
الجواب ... لأننا تعودنا عليها وصارت جزء من تكويننا النفسي قبل أن يكون الجسدي أو الفيزيائي .
الكثيرون منا يعيشون حياة خاملة مملة مع عادات كريهة قديمة لا خير فيها ، من قبيل التدخين أو إحتساء الخمر بشكل يومي أو الجلوس ساعات طويلة أمام التلفاز ، وكثيرون منا يعانون من أمراض ونواقص وعلل سخيفة ومع ذلك يتمسكون بها ، وحين تسألهم لماذا لا تغير نمط حياتك أو تتخلص من هذه العادة أو هذا المرض ، يجيبك ... لا أستطيع ... هذا ليس بيدي ، إلى غير ذلك من الأعذار السخيفة التافهة .
طيب ، إذا كان الأمر كذلك ، كيف يمكن لنا أو لمثل هؤلاء أن يحققوا تفوقا أو نجاحا أو تميزا أو أن ينالوا رغبة كبيرة ذات قيمة طالما هم مقيدين إلى عادة كريهة أو نمط حياتي سخيف أو سمنة فضيعة ؟
هذا الذي لا تستطيعه عزيزي القاريء ، هو في واقع الحال ما لا تريد أن تتخلص منه وللأسف ... ! إنها رغبة داخلية أو حاجة داخلية لديك للمحافظة على هذه الثلاثون كيلو الإضافية لديك أو هذه السجائر التي تدخنها بشراهة . هل سألت نفسك يوما هذا السؤال البسيط :
ما حاجتي إلى التدخين ؟ أو " طيب ماذا لو إني لم أدخن هذه السيجارة التي دخنتها قبل هنيهة ، ماذا كان سيحصل ؟ " ... ستجدك حائرا لا تملك جوابا .
طيب إسأل نفسك بطريقة أخرى مغايرة ولتكن كالآتي :
" ماذا لو إني لم أدخن هذه السيجارة أو أي سيجارة أخرى ؟ " هنا ستجدك تجيب على نفسك بالآتي : " لكانت صحتي أفضل أو لكانت حياتي أجمل أو كنت أكثر نضارة مما أنا عليه الآن " . وهذا يؤكد بما لا يقبل الشك تلك الحقيقة الأكيدة التي نؤمن بها في داخلنا وللأسف من إننا لا نستحق الحياة الأفضل ، وإلا لما مارسنا هذه العادة أو تلك من العادات السلبية الكريهة .
وذات الأمر ينطبق على السمنة أو على عوق ما أو تردد أو تلعثم بالكلام أو حتى بعض الأمراض التي تصيبنا لأننا لا نريد أن ننجح وننتظر أن ننال الشفقة والحب من الآخرين دون أن نبذل الجهد ونتعب لنبني أنفسنا بدلا من إنتظار أن يبنينا الآخرون بعواطفهم أو شفقتهم العديمة القيمة . إننا نؤمن في داخلنا غالبا بأننا لا قيمة لنا ولهذا تجدنا نعزز شعور اللاقيمة من خلال المعوقات التي نصطنعها لأنفسنا .
مسؤوليتك عزيزي القاريء إن شئت أن ترتقي بذاتك وتغير حياتك وتنال السعادة والحب والإحترام ، هو أن تنتبه لأنماط تفكيرك وأنماط معيشتك وتلك العادات التي تمارسها ، ثم تقوم بتغييرها بقوة الحب وبالإيحاء الإيجابي الذكي وبالصبر والإصرار .

حجوزات من ذلك المطبخ الكوني العجيب
__________________________


حين توحي لنفسك بإيحاء ما فقد لا يبدو صادقا في نظرك ، لكن عليك أن تتذكر أن الإيحاء هو مثل البذرة التي يزرعها الفلاح في الحقل ، من المؤكد أنه لا يتوقع أن يعود لها بعد ساعة أو في اليوم التالي ليحصد منها ثمارا .
علينا أن نكون صبورين ونحن نبذر الرغبات في العقل الباطن ، يجب أن نترك للبذرة وقتا لكي تنمو وتزهر وتثمر ثم تنضج لكي ما تُقطف .
حين توحي لنفسك بإيحاء ما ، فإنك أما أن تكون مستعدا للتخلص من شيء ما تود التخلص منه أو إنك تريد أن تحقق شيئا لما تزل بعيدا عن تحقيقه ، في الحالتين أما إن ينجح الإيحاء معك بقوة إرادتك وكفاءة نص الإيحاء ووضوح الرؤية أو إن طريقا ما ينفتح أمامك من الخارج في ذات اللحظة التي تكون فيها في حالة إيحاء أو في تلك الفترة التي أنت فيها مشغول بهذا الهم الجميل ، وإذ بالفرصة تأتيك من الخارج من خلال تلفون يدق فجأة وإذ بصديق يقترح عليك أن تفعل كذا للوصول إلى هذا الذي تريده أو أن مصادفة ما جميلة جدا تحصل في مكان ما في ذات البرهة أو الفترة التي أنت فيها منشغل بهذا الشاغل .
كما إن البذرة التي يبذرها المزارع في حقله تفجر طاقة الخلق المبثوثة فيها بشكل سري غير مرئي ، فكذلك الإيحاء يحرك كوامن الطاقة في العقل الباطن أو الروح أو الخارج حيث قاعدة الخلق وجوهر الكينونة الكونية يفعل فعله حسب قوانينه الخاصة التي تتأثر بقوانين عقلك الباطن وروحك المرفهة .
وبالتالي عليك أن تمنح الإيحاء الزمن الذي يحتاجه كي ما يستنبت أسرار قوته في عمق الروح والعقل الباطن والكون .
تذكر عزيزي القاريء أن تصوغ الإيحاء بلغة الحاضر لا الماضي ولا المستقبل ، بل الحاضر .. الآن .
- لا تقل سأكون سعيدا غدا ، بل قل أنا سعيد الآن ... أنا قوي ... أنا جميل ... أنا غني .. تصرف وكأنك قوي وغني وجميل وسعيد الآن وليس في المستقبل .
بمقدورك أن تصوغ وتؤدي الإيحاء بأساليب عديدة من قبيل أن تصوغه بشكل أغنية تدندنها مع نفسك وتكررها بإستمرار بحيث تتحول إلى لازمة تتردد في دماغك بإستمرار حتى دون وعي منك وهذه ظاهرة جميلة ستفعل فعلها فيك حتى دون أن تشعر وستلحظ متغيرات جدية حقيقية تحصل في حياتك في فترة غير بعيدة .
وتذكر عزيزي القاريء أن إيحاءاتك لا ينبغي أن تكون موجهة إلى شخص محدد بعينه سواك ، من قبيل أن توحي لنفسك بأن فلان يحبك وتذكره بالاسم ، هذا النوع من الإيحاءات ليس ما نريده هنا في هذا الكتاب ، بل نحن نتحدث عن الإيحاءات الإيجابية ذات الطبيعة البنائية العامة بالنسبة لك كفرد .
لو إنك صغت إيحاء من قبيل " أنا محبوب من قبل شخص رائع يتميز ب................... ( تذكر الصفات التي تحلم بها في فارس أو فارسة أحلامك ، دون أن تحدد إسما ما ) ، لكان إيحاءك أكثر إيجابية وأكثر توفيقا من إيحاء ضيق محدد بشخص ما ، وقد يفضي إلى الخيبة في ما لو إن هذا الشخص لم يكن معك على نفس الإيقاع أو إنه لم يكن حتى لائقا لك ، ولكنك أوهمت نفسك بلياقته ، رغم إن هذا النوع من الإيحاءات ليس بالمستحيل ولكنه يتطلب ما ليس بمقدورنا التعمق فيه هنا .
ثم حين تدع العقل الباطن وحليفه العقل الكوني يتصرف بحرية أكبر فإنه سيؤتيك بما هو أفضل من هذه الوجبة التي طلبتها بالاسم ، هذا مؤكد ، لإنك منحتهما الحرية الأكبر مما لو قصرت الأمر على إسم محدد ، وبالنتيجة قد يكون هذا الذي يأتيك هو ذاته الذي طلبته بالاسم ، من يدري ، إنما هنا سيأتيك بجهد أقل من الجهد العصبي الذي يمكن أن يتطلبه السعي الحثيث له وحده .
لماذا أحبذ لك أن لا تطلب بالتحديد الشخص الذي تريد أو تظن أنك تريده ؟
الجواب ، لأننا لا نعرف كيف هي تراتبية حياة الآخرين ولا نريد أن ندمر سعادة من هو سعيد في حياته وربما هو يعيش ظروفا لا نعلم حقيقتها ، وبالتالي فمن غير الإنساني أن نتدخل بقوة العقل أو الإرادة الذاتية في حيوات الآخرين ، لأن هذا بالتأكيد ما لا يسرهم وما قد يغضبهم لو إنك مستقبلا قلت لهم أنك تدخلت على البعد في حياتهم الداخلية وزججت بعواطفك المتوهجة في عقولهم فأربكتها ودفعتهم من حيث لا يدرون للمجيء إليك .
وأظنك أنت ذاتك لا تقبل ولا تجيز لغيرك أن يتدخل بشكل متطفل على حياتك ، فلا تجز لنفسك أن تفعل مع الآخرين .
الحقيقة أنني أعتبر مسألة الإيحاء الذاتي مثل عملية حجز الطعام من مطعم ما .
لو إنك دخلت مطعم ما وجلست إلى كرسيك الذي أنتخبته عند طاولة معينة ، ثم جاءك عامل المطعم وسألك عن ما تحب أن تتناوله ، ستقول له أريد لحما أو سمكا أو بيضا .. الخ .
ثم تستمر في جلوسك إلى طاولتك بكل تهذيب وصبر .
من المؤكد أنك لا تنهض لتلحق العامل وتقول له :
- عفوا ولكني أود أن أرى كيف تجهز لي طعامي ...
ذات الأمر نفعله مع المطبخ الكوني الجبار الذي نوحي له بما نريد ثم ننتظر أن تأتي الوجبة التي طلبناها .
دع الإيحاء يفعل فعله ، وأترك لقوتك الداخلية أن تهديك للسبيل للوصول إلى هدفك ، لا نقول أنك ستنتظر أن تهبط عليك المكاسب والمنجزات في سلتك وأنت جالس في بيتك ، لا طبعا ، ولكن ستقدح في ذهنك أفكار وستأتيك فرص وعليك أن تكون مستوعبا لهذا الذي يأتيك فتختار منه الأفضل من الفرص والأقصر والأذكى من الطرق .
طبعا في الفترة التي يكون الحجز فيها قد تم ، لا ينبغي أن تقلق أو تقلب حلمك أو رغبتك بين أصابعك بشك أو سخرية أو خوف ، لا.. عليك فقط أن تتابع حياتك على ذات الإيقاع وكلما ظهرت بارقة تتبعها بحماس وثقة وشجاعة وتوظف لها ما لديك من طاقات .
حذار من القلق أو التردد أو الخوف أو النبش المستمر في الهدف ، فإنك ستقتل فيه روح النمو حتى قبل أن يبدأ بالخروج من قشرة البذرة ، أتركه في حاله ودع القوة الداخلية فيك وقوة الكون المتحالفة معها تعمل لك الوجبة التي تريد .

إعادة برمجة العقل الباطن :
_________________

الأفكار التي تدور في الذهن ، هي كالجراد يتقافز هنا وهناك بلا ظوابط ولا رحمة بعقولنا ومشاعرنا وخاصة حين نكون غير منتبهين إلى أنفسنا ، إذ تعود الأفكار القديمة السخيفة عن العجز وعدم القدرة والخوف من الفشل والنواقص التي فينا ، تعود لتكرر صورها ووخزاتها في الداخل فتملأنا باليأس والتردد من جديد .
علينا أن نكون صبورين عزيزي القاريء مع تلك الأشياء القديمة وبذات الآن علينا أن نتيقظ وأن نؤمن أن خطوة قصيرة إلى الوراء هي ثمن يجب أن ندفعه بين الفترة والأخرى لكن يجب بذات الآن أن نستمر ولا نتردد ولا نضعف ونستسلم .
لا بل إن الهزائم الصغيرة على طريق التطور الذي تريده يمكن أن تكون ضرورية أحيانا ، لأنها ستعلمك كيف تتقن تطورك وترسخه أكثر فأكثر ، لا أقول لك إستمتع بالهزيمة ولكن أقول لك تقبلها على إنها ضرورة للنجاح الحقيقي الكبير .
كلما تعرضت لعودة المشاعر السابقة أو الخيالات السابقة أو صور الضعف والتردد ، فإن هذا يعني أنك تحتاج إلى المزيد من العمل مع ذاتك ، وبالتالي كلما أتقنت العمل وعززت إيحاءاتك ، كانت النتيجة بالتأكيد إنتصارا أكبر مما لو إنك تغيرت بسرعة وتقبلت النمط الجديد من التفكير أو الرغبات بدون عوائق .
خذ على سبيل المثال ، مسألة التدخين أو الكف عن حب شخص سيء ، لو إنك نجحت مباشرة في التخلص من السجائر أو هكذا بدا لك أو لو إنك أقصيت هذا الشخص الذي لا تريد أن تستمر في حبه ، أقصيته من حياتك بسهولة ، فهذا لا يدل بالضرورة على النجاح ، لأنك قد تعود إلى السيجارة بعد يومين أو شهر أو أن تعود إلى هذا الشخص السيء بعد فترة وتكون هزيمتك آنئذ موجعة للغاية . من الأفضل أن تكون هناك معوقات وأن تنجح في تجاوزها واحدة إثر الأخرى في ذات فترة إعادة برمجة العقل الباطن على التخلص من أشياء كريهة أو تحقيق منجزات عظيمة ، أما إن لم تظهر أي معوقات جدية فطبعا هذا يدل على أن رغبتك قوية وإيحاءاتك نافذة ودقيقة وتعطشك للتغيير كبير ، وإذن فلا مشكلة ، بل على الرحب والسعة .
من المهم أيضا عزيزي القاريء أن نتحرك خطوة خطوة في البداية ولا نطلب المستحيل بقفزة واحدة . عملية إعادة برمجة العقل الباطن ، تتطلب أن نتحرك بتأني ، وكلما حققنا نجاحا ما ، علينا أن نُثني على أنفسنا ونكافئها بالكلمة الحلوة والهدية الصغيرة مثلا ، أما إن فشلنا في الخطوة التي خطوناها ، فعلينا ربما أن نعود إلى أعماقنا فنرى ما المشكلة بالضبط ؟
لماذا تعثرنا في هذه الخطوة أو تلك ، ربما نحتاج لمراجعة شاملة وتغلغل أعمق في دواخلنا للتعرف على هذا الذي أعاقنا ، فهو في الغالب من بقايا الماضي التي لم نستأصلها بشكل متقن بعد .
المهم أنك لا ينبغي أن تتوهم أنك لست جيدا أو أنك عديم الثقة بالنفس أو ضعيف الشخصية .
حذار من أن تقسو على نفسك مهما تأخرت في التقدم ، بل إستمر بالإيحاء لنفسك بأنك قوي وأنك ناجح وقادر على أن تكون هذا الذي تريده .
تذكر هذا جيدا ... حذار من النقد اللاذع لذاتك ، فإنا هي أداتك للتغيير وينبغي أن تكون رؤوما معها وحفيا بها .

ما رأيك بتسجيل إيحاءاتك إلكترونيا :
_______________________

أظن أن من اليسير علينا اليوم بعد هذا التطور الذي حصل في مضمار الإلكترونيات وبعد أن أصبح كل واحد منا يملك أكثر من جهاز تسجيل وأبسطها كما أظن هو برنامج التسجيل على الكمبيوتر وهو رخيص الكلفة للغاية وبمنتهى النقاوة والوضوح .
ما رأيك لو إنك سجلت إيحاءاتك إلكترونيا على كمبيوترك ، بحيث يمكن أن تشغلها متى ما شئت سواء في البيت أو المكتب أو حتى في الطريق إذا كان كمبيوترك من النوع المحمول أو يمكن أن تستعيض عنه بمسجل يدوي صغير تسجل عليه صوتك وإيحاءاتك .
الحقيقة أن للكلمات تأثير أكبر إذا كانت مسموعة وليس مقرؤة حسب ، ويزداد التأثير أكثر وأكثر إذا ما كانت الكلمات مسجلة بصوتك أنت ذاتك أو صوت حبيب قريب جدا منك وعزيز جدا عليك . مثلا صوت الوالدة أو الحبيبة ، وإن كان الكثيرون منا يفضلون أن لا يطلعوا أقرب الناس لهم على إيحاءاتهم ، وإذن فلنكتفي بأن يكون الصوت صوتنا .
هناك عزيزي القاريء إيحاءات إيجابية أساسية عامة شاملة يحتاجها أي واحد منا كحجر أساس لكامل برنامجنا للتغيير وإعادة تأهيل العقل الباطن لتقبل وتحقيق المنجزات الإستراتيجية الكبرى في حياتنا .
هذه الإيحاءات تلعب دورا كبيرا في تحقيق الإنفراج النفسي والإنفتاح على الكون والرب وعلى جوهرنا الداخلي العظيم بكنوزه الخطيرة ، وبالتالي خير بداية لبرنامجك الإيحائي هو تلك العموميات التي لا غنى عنها وليتك تقرأها أو تسمعها مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم الواحد وبالذات قبل النهوض من الفراش وقبل النوم وبشكل يومي ويمكن أن تستمر عليها حتى بعد أن تنتقل إلى برنامج إيحاءات أكثر تخصصا من قبيل أن تحدد رغبة معينة أو طموح ما ذو طابع إستراتيجي من قبيل أن تكون ثريا أو أن تغدو مبدعا عظيما أو غير ذلك .
حسنا لنستمع لهذه الإيحاءات ، فإن أعجبتك فلا عليك إلا أن تسجلها بصوتك أو أن تغير فيها بما يناسبك :
1- كل ما أريد أن أعرفه ، موجود فيّ ومفتوح أمامي كالكتاب المفتوح .
2- كل ما أحتاجة يأتي لي في الوقت والمكان المناسب .
3- الحياة ممتلئة بالسعادة والحب .
4- أنا إنسان محبوب وسعيد وأحب الناس .
5-أنا معافى وصحيح الجسم والعقل ومليء بالحيوية والطاقة .
6-أنا محظوظ حيث أذهب في هذا العالم .
7- أنا راغب حقا في تغيير نفسي ولدي القوة والإردة .
8- كل شيء جميل مبهج في حياتي وفي هذا العالم .

هذه الإيحاءات عزيزي القاريء ستفتح أمامك نوافذ عظيمة للسعادة والتوفيق والنجاح لأنها توحدك مع الغامض المجهول الجميل الحافل بالمصادفات والحكمة والثمار التي لا تنفتح إلا لمن يقول هذا الذي تقوله أنت والذي يعبر عن روح الأمل والتفاءل والثقة بالعقل الكوني وبالجوهر الذاتي للفرد ذاته .
لقد جربت انا ذاتي هذا عشرات المرات ، إذ حيث أقول أن كل شيء سيأتيني في الوقت والمكان المناسب ، وإذ به فعلا يأتيني من حيث لم أكن أحتسب ، ليست هذه مصادفات فقط وإنما أن تعلن من خلال هذه الإيحاءات ثقتك بالحياة وبالقوة الحكيمة التي تدير هذه الحياة ، فإنها هي ذاتها من يرتب لك الأمور بحيث تبدو وكأنها مصادفات .
لا أشك في أنك ستواجه مواقف عصيبة من اليأس أحيانا أو التردد ، كل ما عليك فعله وأنت في حومة هكذا مشاعر هو أن تسترخي وتقول لنفسك :
حسنا لأترك هذه المشكلة الآن ، لأطردها من ذهني من خلال الإسترخاء ، وبعدها قم بممارسة واحدة من تقنيات الإسترخاء أو التأمل .
أنا شخصيا حين أفشل في ضبط عواطفي أو أفشل في تصديق إيحاء ما ، أجدني بحاجة إلى الإسترخاء أو التأمل العميق ، وما هي إلا دقائق وإذ بي أعود إلى صفائي الذهني والنفسي فإذا وجدت أن المشكلة لا زالت قائمة ، فهي على الأقل أقل تأثيرا وعنفوانا مما كانت عليه في المرة الأولى وبالتالي يتيسر لي بسهولة أن أعالجها بهدوء .

الإيحاء وأنت في حالة الإسترخاء :
_____________________

ربما يكون قد فاتني عزيزي القاريء أن أذكر أن الإسترخاء ضرورة ملحة جدا ليس لحل الإشكاليات أو الإختناقات التي تواجهنا ونحن نحاول إعادة برمجة العقل الباطن من جديد ، بل وفي أي إيحاء نود قراءته أو تسجيله أو الإصغاء إليه .
ربما تسألني لماذا ؟
وأجيبك لأنك في حالة الإيحاء الذاتي سواء عند تسجيل إيحاءك للمرة الأولى أو عند إعادة قراءته أو الإستماع له ، في كلتا الحالتين أنت تخاطب العقل الباطن وليس عقلك الواعي ،ا فعقلك الباطن هو المقصود لإنه هو من يملك القدرة على التقبل والتأثير والتغيير وتعديل السلوك وليس عقلنا الواعي .
عقلنا الواعي مجرد مجتر يجتر ما مختزن في الباطن أو ما نعيد تخزينه في هذا الباطن ، إنه يجتر الخبرات المختزنة في الباطن ويعيد تجميعها وترتيبها مرات ومرات ليقوم بإداء أو تحليل هذه الفكرة أو تلك أو إيقاظ هذا الشعور أو ذاك أو إعادة إجترار هذه الصورة الذهنية أو تلك .
وإذن فعقلنا الباطن هو المقصود وعقلنا الباطن لا يكون في حالة صحو وعافية وصفاء يمكنه من إلتقاط الإشارات التي نبعثها له بإصواتنا أو بعيوننا إلا إذا كان الوعي مسترخيا أو نائما .
وإذن فعليك أن تسترخي قبل الإيحاء بحيث يهدأ عقلك إلى أبعد حد ممكن وبحيث يغيب هذا الضجيج المتواصل من الصور والأصوات التي تتوارد في الذهن بإستمرار .
هنا يكون العقل الباطن متلقيا جيدا فيتشرب بالقول الذي تقوله أو تقرأه أو تستمع له ، ثم يقوم بالتعامل معه لاحقا بشكل خفي سري لا نعرف بدقة تفاصيله ولكننا متأكدون منه غاية التأكد .

كيف نسترخي :
_________

هناك تقنيات عديدة للإسترخاء عزيزي القاريء ، لكنها تلتقي جميعا في الجوهر وهو أن توصل الجسم بكافة أعضاءه إلى حالة الإسترخاء التام بحيث لا تبقى فيه أية عظلة أو عصب متوتر ، لإن الجسم إذا أسترخى أمكن للفكر أن يهدأ وللوعي أن يسترخي وبالتالي تغدو إمكانية إستيقاظ العقل الباطن وسيطرته على الكيان أكبر وعندها يمكنه أن يتلقى ويستمع ويسجل في إرشيفه الداخلي ، هذا الذي تقوله له .
البعض يشرع بالإسترخاء من الأسفل إلى الأعلى وآخرون يقومون بالإسترخاء جملة واحدة إنما الأفضل طبعا أن تمنح نفسك وقتا كافيا للإسترخاء وهو على أية حال لا يتجاوز العشر دقائق .
أما كيف ، فهو بأن تقوم بشد وإرخاء أعضاء الجسم عضوا عضوا وإبتداء من الأسفل أي من أصابع القدم اليسرى واليمنى معا ويمكن أن تربط العملية بالشهيق والزفير فحين تشهق تشد العضو الذي تريد إرخاءه ، ثم حين تزفر تقوم بإرخاء العضو وهكذا وصولا إلى الرأس والوجه .
شهيق ... شدّ ، زفير ... إرخاء وهلم جرا حتى تصل في بحر دقائق إلى حالة إسترخاء تام في الجسم وفي الوعي أيضا ، عندها وأنت في هذه الحالة الجميلة من الإسترخاء ، قم بقراءة إيحاءك أو الإستماع له من جهاز التسجيل .
من الجميل عزيزي القاريء أن نعود أنفسنا على أن نسترخي عدة مرات في اليوم ونستمع إلى ما سجلناه من إيحاءات ، لكن كل هذا لا يستغرق أكثر من مرتين أو ثلاثة وبواقع ربع ساعة أو ثلث ساعة في كل مرة ، طيب ماذا نفعل في هذه الثلاث وعشرون ساعة الباقية من يومنا ؟
هذا هو المهم أيها القاريء العزيز ، تلك الساعات الباقية ، كيف نملأها وبم نشغلها .
الحقيقة أن التأمل الناجح والإيحاء الصادق القوي المؤثر سيظل أثره فاعلا وشاغلا لتلك الساعات الباقية بلا شك . إنه سينعكس على نهارك وليلك كله ، إنما على أية حال علينا أن لا نفرض النتائج فرضا بل أن نكون صبورين ونترك المؤثرات تلعب دورها بيسر وشفافية .

تعامل مع الشك كصديق :
________________

على الدوام ، يواجهني هذا السؤال من قبل الكثيرين من زبائني الذين أنصحهم غالبا بإعتماد الإيحاءات ، هل أنا أسعتمل الإيحاء بشكل صحيح أم لا ؟ لماذا لا ينفع معي ؟ ودائما أجيبهم
هل تسترخون جيدا قبل الإيحاء ؟
الكثيرون يجيبون بأنهم لا يستطيعون أن يسترخوا تماما أو إنهم حتى وهم مسترخون ، تعترضهم شكوك مما يدل على أن العقل الواعي لا زال مستيقظا أو أن العقل الباطن ذاته غير
مطمئن لتلك الإيحاءات ولديه شكوك قوية بشأنها .
هنا أقول لهم ، طيب عليكم أن تتصالحوا مع الشك الذي يعترض طريقكم . لا تعتبروه عدوا بل إتخدوه صديقا واؤمنوا بأن هذا هو دوره وواجبه . ثم أشرح لهم وجهة نظري في الأمر كله :
حين كنتم أطفالا ومع إستمراركم بالنمو ، تلقيتم طوال تلك السنين ، ما لا يعد ولا يحصى من الخبرات والتجارب والأوامر والمحاذير التي شكلت هذه الشخصيات التي تملكونها الآن وتسعون لتغييرها أو تعديلها من أجل أن تحققوا ما لم تحققه لكم تلك الشخصيات .
أولاً : لا ينبغي أن نشك بما ترسب في عقولنا الباطنة من مفردات هذه الشخصية ، يجب أن نحترمه لأنه هو ما أوصلنا إلى أن نبقى أحياء لحد الآن ، وإذا كنا غير راضين عن بعض المفردات الآن فقد كانت نافعة في وقتها وأفادتنا في الإستمرار بالعيش وكسب رضا من حولنا من أهل وأقارب ومعلمين وأصدقاء .
ثانيا : يجب أن نعرف أننا حين نوحي اليوم لأنفسنا بإيحاء لا يوجد له نضير من تجربة أو خبرة مختزنة في العقل الباطن ، فمن المؤكد أن ينهض الشك متسائلا : ما هذا ؟ ماذا يقول هذا الرجل أو هذه المرآة ؟
حاولوا أن تتخيلوا في أذهانكم هيئة العقل الباطن وكأنها إرشيف مكتب ما ، في هذا الإرشيف تتكدس ملفات عديدة تجمعت عبر السنين ، أقوال ما آمنا بها ، خبرات ما أختبرناها وعرفنا كيف نكرر ممارستها ، قناعات معينة أو وجهات نظر قيلت لنا وآمنا بها أو جربناها وتوهمنا أنها صحيحة جدا وصارت جزء من أرشيفنا وممارسة يومية من ممارساتنا الحياتية .
لو أن واحدة من تلك الخبرات المختزنة هو هذا القول الذي ربما لم تكف عن ترديده منذ طفولتك والقائل : أنا لا أصلح للحب أو أنا فاشل عاطفيا أو أنا ضعيف الشخصية ولا أملك ثقة بنفسي ، ثم جئت اليوم بكل حماس وقلت : أنا واثق من نفسي ، أو أنا شجاع أو أنا قادر على أن أحب وأُحب من قبل أفضل النساء ( أو الرجال ) ، هنا سينهض الشك في الحال قائلا : ماهذا ؟ لا يوجد لدينا في العقل الباطن شيء مثل هذا ، ماذا يعني بأنه واثق من نفسه أو شجاع أو ... الخ ؟
هنا عليك أن تنتبه لنفسك ولهذا الشك الذي نهض فيها وتهمس له ببساطة : يا صديقي أنا أشكرك على إنتباهيتك العالية ، ولكن هذا الذي قلته أريد منك أن تخزنه محل نقيضه الذي يقول : أنا لا أثق بنفسي أو أنا جبان .
هنا ضعه لأن هذا هو مكانه وأنا أحبه وأريده أن يكون بديلا عن ذاك .
بهذه الحالة ومع الإستمرارية بالإنتباه وتأكيد ما تريد ، تستطيع أن تستزرع الإيحاء الجديد الجميل الذي سيغير حياتك .
ليس معيبا أن نشك بهذا الذي نقوله ، فهذا نوع من الحماية الذاتية التي يقوم بها العقل الباطن لنفسه ، بأن يحرك حارسه الشخصي المسمى الشك ، ويطلب منه الدفاع برفض الأوامر الجديدة من أجل ان يحمينا مما قد يكون مؤامرة على كينونتنا الشخصية التي أستتبت بشكلها هذا الذي يعرفه العقل الباطن وتعود عليه منذ زمن طويل .

_________________________________________________________________________________________
ونكتفي بهذا القدر في هذا الفصل الطويل الممتع ، آملين أن نأخذ الفصل الخامس في القريب ، وشكرا لحسن القراءة

المترجم
ترجمة - كامل السعدون



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي -الفصل الثالث
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - الفصل الثاني
- أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي
- عراقيات - ومضات قصصية -4-
- مديات حرّة بين السطور - مقال سيكولوجي
- 3 عراقيات -ومضات قصصية
- -2- عراقيات - ومضات قصصية
- عراقيات - ومضات قصصية
- ستلد الوطنية العراقية ولو بعد حين ...فلا تيأسوا أيها الطيبون
- إحتفالية رفاهية البترول توشك على الإنتهاء عالميا
- دروس المرحلة المنصرمة وآفاق المستقبل
- 2-باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- باقة منتخبة من الشعر العاطفي
- إشكاليات الحال العراقية - عودة إلى الجذور
- العنصرية والطائفية ثمار إسلامية خالصة
- لحظة من فضلك - نصوص مترجمة من الشعر النرويجي الحديث
- أحزان - شعر نرويجي
- اهلأ بدرة أعياد نيسان - شعر
- معيب والله أن نترك العرب الأحوازيون وحدهم
- مرحى للأحوازيون إذ أنتفظوا


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - أنت تملك القوة في داخلك - بقلم لويزا هاي - إعادة برمجة التصورات والمعطيات الذهنية والعلائق الداخلية القديمة