أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر














المزيد.....

البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 23:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الطبيعة الساحرة و أحلام اليقظة و الموسيقى يقولون شيء. والواقع يقول شيء آخر !
.. أنطون تشيخوف

عندما ينظر الإنسان أن يحدث تغيير ما في حياته، وينتظر أن يحدث تغيير ما في حياته ـ للأحسن طبعا، فمن يريد تغييرا إلى أسوأ ؟! ـ وينتظر أن يحدث تغيير ما في حياته، وينتظر، وينتظر، وينتظر، وينتظر.. ما الذي تنتظر ؟ وينتظر، فلا يحدث شيء، لا يحدث أي تغيير، وينتظر، ومع ذلك يستمر ينتظر، يبدو أن المقال ممل ! لا ليس المقال هو الممل، إنه انتظار التغيير، وينتظر، ويستمر ينتظر، ولا يحدث شيء ! لماذا ؟ لأن التغيير صناعة أيها الأغبياء ! "الحياة صعبة، هذا لأنك غبي !" كما يقول جون وين John Wayne الشبيه برعاة البقر الأمريكيين ! وكأن هناك رعاة بقر سودانيين !! ـ هنا سيكولوجيا سيظهر عليك شعور غير مريح، كحماية للأنا من الإهانة.

على العموم، في حالة انتظار التغيير، تحدث آلية نفسية قد لا ينتبه لها الشخص، ماهي ؟ إنها نوع من البلادة السيكولوجية تبرز كآلية دفاعية لتحمّل الواقع المر. ولزيادة التفسير : فمن ينتظر من الواقع أو حياته أن تتغير فهو غير راضي عن واقعه الحالي، لهذا يرفضه، وبما أنه يرفضه وواقعه ملتصق به لا يغادره ـ ولا يرغب طبعا في الانتحار ! ـ فإن البلادة هنا هي انعدام الاحساس الوجداني بالواقع. أي.. أي باد أي تاتش أي فون أي شيء يستخدمه الناس دون فهم كيفية عمله : يحقق هروبا مؤقتا من الواقع طالما أنه يصنع واقعا افتراضيا ـ سواء مع المواقع (الشات) أو ملفات الموسيقى أو الصور الشخصية السخيفة المخزّنة فيه ـ بذلك ـ وبما أن الواقع لا يتغير ـ فإنه يزيح وجهه عن كل ما يشير للسعادة : أي ينظر للأمور التي تفرح الآخرين على أنها أشياء عبثية ويبدأ في فقدان مفهوم السعادة على اعتبار أنه وهم ـ مثل المصدومين عاطفيا والذين يعتبرون الحب كذلك وهم ! فشكرا لكم ـ بهذا يصل الأمر حد تجنب الأمور السعيدة ! لأنه لا يرغب بأن يعيش أمورا سعيدة ولم تتغير كثير من الأشياء في حياته "دي مصيبة".

والمصيبة الأكبر، هي أن البلادة تؤثر على الجهاز الانفعالي للإنسان، ما هو الجهاز الانفعالي ؟ وأنا إيش عرفنّي.. المهم أنه لا يهتم بآلام الآخرين وما يحدث لهم سواء بشكل إيجابي أو بشكل سلبي، رغم أن الأشياء الإيجابية في حياة الآخرين تدفعه لفاك دو وارد Fuck the world أي دونت فاك إن كير I don t fucking care وماسواه من الفاك Fuck، حتى دون أن يبدي اهتماما (تأثرا) ظاهريا بذلك. فيتقوقع على إثر ذلك نفسيا على ذاته، لا يهتم إن كان العالم سيتغير أو لا ! ما يهم.. أو أنه يبدو دائما كأنه غير مكثرت.. لا ليس غير مكثرت، يبدو كأنه يفهم العالم بطريقة لا يفهمها سواه ! لكنه بينه وبين نفسه ينتظر أن تتغير الأمور إلى أحسن، هذه الخواطر لا ترواده إلا أمام مرآة الحمّام بعد أن يتبوّل أو عفوا ينتهي من التبوّل، ولا أعرف إن كان يغسل يديه أو لا ؟! ولا أعرف كذلك إن كانت ترتدي سروالها دون تنظيف *** ؟! وتراوده كذلك عندما يضع رأسه على الوسادة قبل أن ينام في الليل، لكن سرعان ما تهجم الأفكار الجنسية لتتغلب على تلك الخواطر، فيغلبه النوم ليستيقظ ولم يتغير أي شيء سوى أن اليوم زاد رقم، اليوم 12 يونيو/حزيران من هذه السنة، حزيران.. الشهور العربية مضحكة ! الشهر القادم هو تموز ! نداء إلى القاعدة ! تموز قادم، الشهور بالتسمية العربية شبيهة بأبطال الديجيتال، زيادة على أن تموز إله سوري قتله خنزير.. لأنه تأخر في مناداة القاعدة.

لكن، والأهم : ما السبب في كل هذا ؟ إنهم يعلّمون الناس أن الصبر مفتاح الفرج، ومفتاح الفرج هو القضيب ! فانتظر كما تشاء أيها الشاذ ! ويعلّمونهم ـ حتى أنا ـ أي يعلّموننا، دع الأمور تأخد مجراها وستتغير نحو الأحسن : من ؟ لاشيء لاشيء.. لاشيء يحدث إذا كنت تنتظر حدوث التغيير أيها الكسول، يجب أن تقوم بالتغيير بنفسك، أن تأخد مثلا قيلولة ! أن تقوم بالرقص أو وأنت جالس انكح العتارس (جمع عتروس وهو الماعز).

قال محمود درويش بعد تدخينه لكمية كبيرة من السجائر "على الأرض ما يستحق الحياة".. أي أرض كان يقصد ؟ لقد تداخلت له الذكريات، بين أرض فرنسا وفلسطين، وهو في فرنسا ظن أن فسلطين تغيّرت.

لا تهتم ستتغير حياتك نحو الأحسن، وستتغير فلسطين، وسيتغير الوضع في البلد وفي السياسة وسيتغير الناس للأفضل.. أيها البليد إن الأشياء دائمة التغير، نحن من نفرض التكرار، أو كما يقول فرويد بأن غالبية الناس يحكم حياتها التكرار، لا يسمحون للتغيير بأن يتخلل حياتهم لأن بلادتهم تخفي عنهم "عصاب التكرار" الذي أصيبوا به. عرفنا الغالبية، ماذا عن البقية ؟ البقية ذهبت للجهاد في سوريا وليبيا ومالي.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء كاتبات رفضن عبادة الرجل :
- نقد العقل العربي : ليس هناك عقل أساساً حتى يتم نقده !
- الانكباب المرضي للفنانين المشارقة على الأغاني والألحان المغر ...
- يكرهون الغرب ويحبون بلدانه
- كيف يراك الآخرون ؟
- تحليل الوضع السياسي المصري (الراهن) في ظل قراءة ميكيافيلية
- سوريا : أخطر منطقة في العالم بالنسبة للإنسان !
- اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد
- الإنسان ليس كائن بل مفهوم
- أسئلة لما بعد الموت
- الطبيعة البشرية للأفراد تنعكس في الصحفي
- الميكانيزم الدفاعي الجماعي : أو كيف يتصرف المُجتمع المصدوم م ...
- تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين
- التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا
- تقرير خاص عن حالتك النفسية
- السلطة الوراثية للرجل على المرأة
- ما يقوله الناس
- شخص قد تعرفه
- أدلجة الأطفال عبر الرسوم المتحركة


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - البلادة كآلية نفسية لتحمّل الواقع المر