|
إنتخاباتنا وإنتخاباتنا
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 4479 - 2014 / 6 / 11 - 00:42
المحور:
سيرة ذاتية
في 28 أبريل الماضي أدليت بصوتي في انتخابات مجلس النواب العراقي ، وفي يوم 22 أيار ادليت بصوتي في انتخابات البرلمان الأوربي ، كلا الفعاليتين جرتا في كوبنهاكن . أقر مسبقاً بعدم صحة المقارنة بين الفعاليتين ، ولكني أود اجراء هذه المقارنة ، على أية حال ، لاطلاع الأعزاء في العراق على واقع الحال في الدنمارك ، بلد الديمقراطية الحقيقية ، والتي أقول دوماً ، انني تعلمت الديمقراطية هنا .
- في انتخاباتنا العراقية في كوبنهاكن جرى التصرف ، بالضبط ، كما لو انها تجري في اية محافظة عراقية ، وبدلاً من أن يتعلم موظفو مفوضية الانتخابات القادمون من بغداد على طرق عمل أفضل واسهل لإدارة عملية الانتخاب ، دربوا العاملين العراقيين من سكنة الدنمارك على طرق عملهم في ظل ظروف العراق ، وتقبّلها العاملون ونفذوها بإتقان أيضاً ، تحت واجهة " هذه تعليمات العمل من بغداد " .
- في انتخاباتنا العراقية جرى الإعلان من قبل مندوبي المفوضية الموفدين الى الدنمارك ، لطلب موظفين لإدارة مراكز الانتخاب الأربعة في الدنمارك ، واعلنت المعلومات المطلوب ارسالها لمكتب المفوضية ومنها نوع جنس المتقدم ، ذكر أم انثى ، ولا أدري ما علاقة نوع جنس الموظف في إدارة عمل فعالية الانتخاب ، وعند سؤال مندوبي المفوضية حول ذلك ، عبر الفيسبوك ، أجاب المكتب الإعلامي ان اغلب إعلانات العمل في الدنمارك تسأل عن جنس مقدم الطلب ، والحقيقة ان هذا الجواب بعيد جداً عن الواقع ، لأن القانون الدنماركي يمنع تحديد جنس المتقدم للعمل عند الإعلان عن عمل ما باعتبار ان ذلك يدخل ضمن سياسة التمييز ، والدنمارك بلد يهتم كثيراً بالمساواة ، ولدينا وزارة بهذا الهدف . ومن الجدير بالذكر ان المعلومات المطلوبة للمتقدمين في الدنمارك تختلف عنها في جارتنا السويد . المتقدمين الذين تم قبولهم حصلوا على أجور لقاء عملهم . اما في انتخاباتنا الدنماركية فقد اعلن عن الحاجة لمتطوعين ، اكرر متطوعين ، للعمل في المراكز الانتخابية ، وسألت مديرة الانتخابات في مدينة كوبنهاكن حول كيف يتصرفون اذا لم يتوفر العدد المطلوب من المتطوعين واجابت : دائما لدينا العدد الكافي من المتطوعين ، وخطتنا البديلة الاستعانة بالأحزاب المشاركة في الانتخابات وكذلك موظفي الدولة . المتطوعين يحصلون على مكافأة ضئيلة ويتم دفع ضريبة عنها .
- في انتخاباتنا العراقية خضع مدراء وموظفي المحطات والعاملين الآخرين الى دورات للتدريب بلغت خمسة أيام عمل بمعدل 8 ساعات يوميا ، وهي تحتسب ضمن وقت العمل المدفوع الأجر ، أما في انتخاباتنا الدنماركية فقد احتاج الأمر الى التبليغ عن توزيع العمل في المركز الانتخابي المحدد مع جدول أوقات العمل وأوقات الاستراحة ، وأوقات تناول وجبتي الغداء والعشاء . كل هذه المعلومات قيلت ووزعت بالأوراق للعاملين خلال تناول الفطور الصباحي المشترك قبل ساعة من بدء العملية الانتخابية .
- في انتخاباتنا العراقية أطّلع مراقبو الكيانات على صناديق الاقتراع قبل غلقها ، وتأكدوا انها خالية من أية أوراق انتخابية ، ولكنهم ، مراقبو الكيانات السياسية لم ولن يعرفوا ماذا حدث بالصناديق بعد انتهاء يومي الانتخاب ، وعند السؤال حول الصناديق وكيفية التصرف بها ، أجاب مدير مكتب الدنمارك انها ستكون في القاعة وهو الوحيد من يحمل المفاتيح ولذلك لا خشية عليها ، متوهما انه يوحي بالثقة بقوله هذا ، أود التأكيد اني لا أريد التشكيك بهذه الصناديق وطريقة التعامل معها ، لأن كل أصوات الخارج غير مؤثرة فعليا في النتائج الانتخابية الأخيرة للبرلمان العراقي . أما في انتخاباتنا الدنماركية ، فقد شاهدت ، للمرة الأولى ، ان صناديق الاقتراع تبقى مفتوحة حتى دخول المجموعة الأولى من الناخبين الذين يتم سؤالهم والطلب منهم تدقيق الصناديق قبل غلقها بشريط لاصق ، وبالطبع بعد اعلانهم انها صناديق فارغة من أي شيء . وليس هناك مراقبين من الأحزاب أو المنظمات .
- في انتخاباتنا العراقية اعلن عن الحاجة لوثيقتين عراقيتين لتثبيت حق الانتخاب ، أو وثيقة عراقية واحدة ، فيها اثبات لأية محافظة ينتمي الناخب ، ويضاف لها وثيقة دنماركية ، ويجب توافر صورة شخصية للناخب في احدى الوثيقتين ، وقد أعلنت المفوضية من بغداد انها الغت 8 آلاف صوت لأنها لم توفر الوثائق المطلوبة . من الجدير الذكر ان المفوضية في انتخابات البرلمان السابقة قد استعانت بالسلطات الدنماركية وارسلت رسائل للناخبين فيها اعلان عن موعد ومكان الانتخاب ، وهذا الأمر لم يتحقق في الانتخابات الأخيرة ، حيث بررت المفوضية ذلك بتفسيرين غير مقبولين ، الأول ان الجهات الدنماركية رفضت تزويد المفوضية بعناوين العراقيين المقيمين في الدنمارك ، وهذا موقف قانوني صحيح ، وفي الحالتين السابقتين قدمت المفوضية الرسالة المطلوبة وتبنت الجهات الدنماركية ارسالها للعراقيين المقيمين في الدنمارك ، وهذا من باب الحرص والحفاظ على سرية المعلومات الشخصية للمواطنين والمقيمين حسب القانون الدنماركي . وفي اجابة اخرى قالت المفوضية انها وصلت متأخرة الى الدنمارك مما عرقل ارسال الرسالة المطلوبة ، كما حدث سابقاُ . أما في انتخاباتنا الدنماركية فقد جرى الاكتفاء ببطاقة التأمين الصحي ، والتي هي بدون صورة ، مع الكارت الانتخابي الذي وصل للمواطنين عبر صناديق بريدهم في عناوين سكنهم ، والذي يتضمن مكان المركز الانتخابي ، ورغم وجود رقم للطاولة الانتخابية التي ينبغي التسجيل فيها ، فقد جرى تجاوز ذلك ، وذلك لاستخدام التكنولوجيا في ذلك ، وكان بإمكان الناخب الذي فقد ، أو لم يستلم كارته الانتخابي ، الحضور الى المركز الانتخابي والحصول على كارت انتخابي جديد ، بعد التثبت من هويته بإبراز أية وثيقة تخصه .
- أعلنت المفوضية من بغداد ان نسبة المشاركة حوالي 20% من العراقيين المقيمين خارج العراق ، وهذه النسبة الضئيلة لها أسبابها بالطبع ، وابرزها حالة الياس التي يعيشها العراقي المغترب من تحسن الأوضاع في العراق ، بل هو ينظر بحزن كبير لما هو الحال عليه ، وعدم وجود أفق لعودة الحياة الطبيعية في العراق . أما في انتخاباتنا الدنماركية فقد اعلن ان نسبة المشاركة هي 58% وهي نسبة اعلى من سابقتها قبل خمسة أعوام ، خاصة ان المواطن الدنماركي يمارس حقه الانتخابي بنسبة عالية تصل 86% في انتخابات البرلمان الدنماركي ، وقد رافق يوم الانتخابات جو صيفي رائع ، الأمر الذي يدفع الدنماركيون الى الذهاب الى السواحل والتمتع بشمس الصيف .
- في انتخاباتنا العراقية تم الإعلان عن النتائج الأولية بعد ثلاثة أسابيع ، ولازلنا في انتظار النتائج النهائية بعد حل قضية الاعتراضات والشكاوى . أما في انتخاباتنا الدنماركية فقد انهينا العد والفرز بعد ساعتين الا ربع ، من موعد اغلاق المراكز الانتخابية ، في المركز الانتخابي الذي عملت به ، وتم اعلان النتائج النهائية للأحزاب قبل حلول منتصف الليل ، وتم احتساب الأصوات الفردية لكل مرشح في اليوم التالي ، وانتهت العملية الانتخابية بعد ذلك مباشرة .
- في انتخاباتنا العراقية يستقبلك في باب المبنى من يطلب الاطلاع على وثائقك ان كنت عراقي أو غير عراقي ، ثم يستقبلك من يطلب تفتيشك شخصياً وتفتيش حقيبتك اليدوية ، ضحكت وسألته : هل تتوقعون مجيء انتحاري أو إرهابي هنا ؟ أجابني : هذه هي التعليمات ، واخبرته اني كنت في نفس اليوم في مبنى البرلمان الدنماركي ولم يفتشني احد أو يفتش حقيبتي ، واجب انها التعليمات ، وللعلم فان الزوار السائحين وغيرهم يمرون بعملية تفتيش الكترونية عند زيارتهم لمبنى البرلمان عبر بوابة خاصة ، أما اذا كان لديك موعد مسبق مع عضو برلمان فالدخول يتم من الباب الرئيسي وبدون أي تفتيش ، ويحضر عضو البرلمان أو احد موظفي السكرتاريا لاصطحابك داخل البرلمان . في الخطوة الثالثة يقابك موظف يمسك بأوراق صغيرة مقطعة بغير انتظام ويسجل عليها رقم المحطة التي يجب عليك الذهاب اليها ، وبدون عملية منظمة سوى تسلسل ذاكرته ، ويمكن لك ان تذهب الى اية محطة تريد ، لأن كل المحطات موجودة في قاعة كبيرة ، خاصة للأعراس ، ومقسمة بحواجز من القماش . ناداني بكلمة ( حجي ) اعترضت عليه منزعجاً . حضرتُ للتصويت قبل اغلاق الصناديق بساعة فقط ، ووضعت طرف اصبعي في الحبر البنفسجي ، اعترضت الموظفة لأن التعليمات تقول بطمس كامل أظفر السبابة ، سألتها : تقفل الصناديق بعد ساعة ، وهل سأتمكن من الخروج والعودة للتصويت من جديد ولا يوجد سوى هذا المركز الانتخابي ؟ لم تقتنع ونادت على مدير المحطة الذي جدد طلب موظفته ، واعدت عليه نفس السؤال ، فأدار وجهه وعاد الى مكانه . قبل ان اضع المظروف قلت للموظفة سأضعه بعد ان التقط صورة لي مع الظرف ، اجابت وبسرعة : ممنوع ، وسألتها بجدية حادة : لماذا ممنوع ومن قال ممنوع ، صمتت ، وطلبتُ من احد المراقبين التقاط صورة لي وقام بذلك وشكرته لاستجابته . أما في انتخاباتنا الدنماركية ، لا يوجد تفتيش او تدقيق أو حبر بنفسجي أو منع للتصوير ، المكان الوحيد الذي يمنع على الصحافة تصويره هو مكان وضع الصوت الانتخابي على استمارة الانتخاب لأي ناخب ، وهذا لم يحصل لأن أجهزة الاعلام والصحافة يعرفون القوانين ويحترمونها .
سيمر زمن طويل حتى تنمو ديمقراطية حقيقية وتنتعش في العراق بعد ان يتحرر من عقول التخلف والظلام التي تحملها القوى السياسية المتنفذة ، وذاك اليوم البعيد سيحتاج الى نضال ومواجهة وتصدي ، بدأت نواته في 25 شباط 2011 تحت نصب الحرية وسط بغداد ، بغداد التي لن تكون قندهار .
حكمت حسين 10 حزيران 2014
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات دنماركية 45
-
يوميات دنماركية 44
-
يوميات دنماركية 43
-
يوميات دنماركية 42
-
يوميات دنماركية 41
-
يوميات دنماركية 40
-
يوميات دنماركية 39
-
احذروا صولة السدة
-
يوميات دنماركية 38
-
يوميات دنماركية 37
-
يوميات دنماركية 36
-
جهژنی نهورۆ زتان پی رۆز بێت
-
يوميات دنماركية 35
-
يوميات دنماركية 34
-
زعطيط السياسة ، مقتدى
-
يوميات دنماركية 33
-
يوميات دنماركية 32
-
جيش العراق ، جيش الحاكم بأمره
-
هل انا دنماركي ؟؟؟
-
يوميات دنماركية 31
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|