زيارة الوفد الكردي العراقي الى باريس والإشارات الضائعة !

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 327 - 2002 / 12 / 4 - 03:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 
[email protected]
[email protected]
3/12/2002

 

   عن الزيارة التي قام بها الزعيمان الكرديان العراقيان مسعود البرزاني وجلال الطالباني الى فرنسا  كتب المحلل السياسي للمكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي من باريس :
  شدد رئيس البرلمان الفرنسي خلال استقباله الزعيمين الكرديين جلال الطالباني ومسعود البارزاني على ( تمسك فرنسا بالحل السلمي للازمة العراقية ) و كانت هذه إشارة من الإشارات التي توالت على الزعيمين الكرديين العراقيين خلال زيارتهما لفرنسا مؤخرا . الإشارة الثانية جاءت من الرئيس شيراك شخصيا، فهو لم يستقبل الضيفين  في قصر الإليزيه  وبدا الرئيس الفرنسي بعيدا جدا عن ان يفعل ماكان يفعله سلفه الراحل فرانسوا ميتران الذي كان حريصا  على استقبال القادة الأكراد بترحاب ظلت زوجته تظهره حتى الآن  .
   رئيس الوزراء السيد رافاران من جهته لم يبادر ويلتقي الضيفين  وهذه أيضا إشارة أخرى ، أما الإشارة الأهم والأقسى فجاءت من وزير الخارجية دوفيل فقد أعلنت أوساط صحفية قبل حضور البارزاني والطالباني بأنه حريص على لقائهما والتعرف إليهما، لكنه ما أن وصل الضيفين  الى باريس حتى شد رحاله وغادر الى ساحل العاج .
   بهذا يكون الطالباني والبارزاني قد أمضيا وقتا غير سعيد في باريس ، وقد زاد من فتور أجواء الزيارة كونهما لم يتمكنا - كما تشير بعض الأوسط الدبلوماسية - من التقاط الإشارات والرسائل التي توالت عليهما ، وتقول تلك الأوساط أن ذلك كان بمثابة اختبار لبداهة ومبادرة الزعيمين الكرديين ، فالفرنسيون كانوا ينتظرون استجابة يبديانها ويظهران رغبة في التأسيس لعلاقة مع طرف لا يبدي لهما تأييدا بلا حساب ،كما كان عليه الحال ايام الاشتراكيين . فاليمين الحاكم في فرنسا ، يحمل تساؤلات كثيرة حول الموقف الكردي ، منها ما يتعلق بقضية  ( الحكم الاتحادي "الفيدرالي" في العراق ) التي يعتبرها الرئيس الفرنسي وطاقمه  شعارا أو مطلبا لا يجوز أن يطرح من طرف واحد ، فالأكراد أما أن يتصرفوا كعراقيين ، وفي هذه الحالة يجب عليهم ان ينتظروا ليطرحوا مطلبهم في إطار هيئة تمثيلية منتخبة تضم العراقيين جميعا، وإليها يعود تحديد شكل النظام القادم في العراق، أو إنهم يريدون فرض إرادتهم من طرف واحد ،وهذا يعني قرارا منهم بوضع أنفسهم خارج مجموع الحالة العراقية وسيزيدون بذلك الى تعقيدات تلك الحالة  تعقيدا آخر .
   وقد ذكرت مصادر صحافية ودبلوماسية إن من التساؤلات التي كان الفرنسيون يودون سماع إجابات عليها هي مسألة مدى توافق أهداف الأكراد مع الرغبة الأمريكية في شن الحرب على العراق بقصد تغيير النظام العراقي، فالتقدير الفرنسي يذهب الى الاعتقاد بان الأكراد لا مصلحة لهم في الحرب ، ولكنهم لا يتصرفون بطريقة تتطابق وحقيقة مصالحهم ، وبينما تعمد رئيس البرلمان الفرنسي الإشارة بوضوح الى تفضيل فرنسا للحل السلمي للأزمة العراقية  فقد كانت بقية اللقاءات التي عقدها بعض المسؤولين الفرنسيين مع الطالباني والبارزاني مليئة بالتلميحات وبإيحاءات التي عكست هذه الخلفية أوحت برغبة فرنسا في ان لا يبالغ الأكراد بالانسياق وراء الموقف الأمريكي . وبما أن زيارة الزعيمين الكرديين قد جرت في ذروة التحضيرات لمؤتمر المعارضة المنوي عقده في لندن منتصف الشهر الحالي برعاية وتمويل أمريكيين فلقد تعاظم الحذر الفرنسي ، وسادت أجواء بولغ خلالها في إبداء  التلميحات لدرجة كان يمكن معها القول بان المضيفين لم يفلحا في إيجاد طريقة لعقد حديث مفيد مع ضيوفهم .
   لقد بدا حلم الحكومة الفرنسية في استكشاف استعداد الأكراد للانخراط في أي جهد سلمي بعيدا جدا ، و هكذا ضاعت حتى الفرصة التي كان يجب استغلالها لنسج علاقة ضرورية بين الطرفين ، بينما ضيَّع الزعيمان الكرديان من جهتهما مناسبة لتوطيد علاقات  يحتاجانها ولو على سبيل المناورة ، فلم يظهرا ردة فعل مناسبة إزاء تلك الإشارات والتلميحات واكتفيا بالتلقي ومسايرة الأمور كما كانت تجري ، وهكذا سجل فشل ذريع لم يكن الأكراد لوحدهم المسؤولين عنه فالفرنسيون يتحملون الجانب الأهم من المسؤولية لأنهم أظهروا قدرا مبالغا فيه من الحذر وحتى من الخوف من الأمريكيين فبالغوا في الإيحاءات وأكثروا من الإشارات المبهمة التي تجمعت لتوحي للزعيمين الكرديين بقدر من الجفاء تلقوه بطبعهم الكردي الميال للتهذيب الشديد بأقل ما يمكن من التحفظ وبكثير من الانسحاب وعدم التطلب ...الى ان شدوا أمتعتهم وغادروا كما جاءوا ..
  

#المكتب_الإعلامي_للتيار_الوطني_الديموقراطي_ العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات