أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1267 - 2005 / 7 / 26 - 10:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إثر بزوغ ملامح نهاية مرحلة الحرب الباردة بانهيار جدار برلين، نشر فرانسيس فوكوياما مقاله نهاية التاريخ في مجلة ناشيونال انترست عام 1989، وأعقبها في عام 1992، بإصدار كتابه المعنون نهاية التاريخ والإنسان الأخير. وان فحوى المقال والكتاب هو انتصار الى الليبرالية الديمقراطية، وامتداد لاطروحات سابقة تبشر بنهاية الإيديولوجيات. وأن أفكار نهاية التاريخ التي أطلقها فرانسيس فوكوياما مستمدة من فكرة الاعتراف عند هيغل وفكرة الإنسان الأخير عند نيتشه.
من المعروف أن عبارة نهاية التاريخ متداولة في مجال الفلسفة منذ أمد طويل أي قبل أن يوظفها فرانسيس فوكوياما في اطروحاته المهتمة بعلم المستقبليات، وعلى وجه الخصوص كانت مقاصد هيغل من نهاية التاريخ هي أن روح العقل (المطلق) سيتحقق في التاريخ، ونهاية التاريخ عند ماركس تعني صيرورة التاريخ، وجاءت هذه العبارة أيضاً عنواناً لأحد كتب عبد الوهاب المسيري الصادر عام 1972، الذي اعتبر فكرة نهاية التاريخ فكرة فاشية في جوهرها تعني نهاية التاريخ الإنساني.
وإذا نظرنا الى أفكار فوكوياما التي جاءت متزامنة مع أفكار هنتغنتون نجد بانهما نتاج مستجدات دولية محددة، تمثلت بالأحداث الدراماتيكية لتداعيات نهاية مرحلة الحرب الباردة بدءاً بانهيار الأنظمة الاشتراكية في أوربا الشرقية، وانتهاءاً بانفراط عقد بلدان الاتحاد السوفيتي، التي أودت الى اختلال ميزان القوى العالمي، وقد جاءت متغيرات الساحة الدولية مترافقة مع ما حصدته أمريكا من مغانم مهولة من حرب الخليج الثانية في مختلف الأصعدة، أي حصيلة (حرب تحرير الكويت) التي ساهمت في تسريع التحولات بغياب التعددية القطبية باتجاه إرساء أسس النظام العالمي الجديد، لأجل فرض مصالح مؤسسات المال والأعمال عابرة القارات التي لا وطن لها ولا هوية، وتمكينها باحتكار الاقتصاد العالمي عبر مجموعة من آليات والتقنيات. وكذلك لاحتكار القرار السياسي بما يوافق مصالح القوة المهيمنة على المال والاقتصاد حتى وان كانت على حساب شعوب العالم عبر تجريدها من إرادتها، وأن اقتضت الضرورة باستخدام القوة.
ومادامت التوجهات الرأسمالية تحكمها ستراتيجيات الهيمنة على العالم فأن ضرورات الحاجة الى أرضية فلسفية تبقى متواصلة، فنجد فوكوياما يتستتبع منجزه بالقفز من نهاية التاريخ إلى نهاية الإنسان في كتاب جديد هو بالأصل مقالة منشورة في مجلة ناشيونال انترست صيف عام 1999 بعنوان نهاية الأنثروبولوجيا، وهي محاولة على نفس الخطى لتقديم تفسير جديد لنهاية التاريخ، متخذاً من روايتين شهرتين تناولت المستقبليات مدخلاً له، هما (1984) لجورج أورويل، و(عالم جديد شجاع) لألدوس هكسلي، ومنظوره الفكري في هذا الكتاب امتد بين السيكولوجيا والسياسة والهندسة الوراثية، للوصول الى تحقيق افتراضه الأثير نهاية للتاريخ التي ستقف على قدمين أولهما الاقتصاد وثانيهما الاعتراف، وستقدمها التكنولوجيا الاحيائية هدية للبشرية فتخلق نوعاً جديداً من البشر.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟