أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الحرية تليق بكم














المزيد.....

الحرية تليق بكم


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 4477 - 2014 / 6 / 9 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مراسم العفو الرئاسية بعد انتخابات و مظاهر مبالغ في جنونها هي ضمن تراتبية مدروسة للنظام الأسدي حيث يخرج معظم المجرمين و المعتقلين السياسيين المتطرفين كما حدث في السنة الأولى للثورة و يحتفظ بالكثير من المعتقلين السياسيين و الناشطين المؤثرين في ثورة الحرية و الكرامة و الذين يستحقون حريتهم و يحتاجهم الوطن.
في هذا السياق أذكر في تسعينيات القرن الماضي حين خرج صديقي و رفيقي اليساري من المعتقل بعد ثماني سنوات اعتقال قضاها بين سجن تدمر و سجن صيدنايا, التقيته صدفة أمام بناء كسم و قباني بدمشق تعانقنا و تحدثنا بشكل سريع عن تجربته في المعتقل لكني وجدت في عيونه حالة من الانكسار و الندم. لم يكن لهما ذاك البريق الذي كان يخبرك عن ثقة صاحبه و عمق شخصيته.
قلت له: (ثماني سنوات لم تكن, هذه المرة, بالفترة القصيرة على المتغيرات التي حدثت يا صديقي, الحزب تقريباً تم تدميره بعد حملات أمنية لم ترحم أحداً و قصص الاختراق الأمني و تسريب المعلومات في جلسات التحقيق كسرت حالة التماسك بين الجميع. ستكتشف أن البلد في حالة ركود سياسي منذ سنة اعتقالك و الكثير من الرفاق تغيروا و بدأوا بمشاريعهم التجارية و المهنية و بعضهم ينجح في ذلك و يحقق سمعة طيبة بين الناس. أنت دفعت ثمناً باهظاً و ستدفع أيضاً في المستقبل كونك معتقل سابق و قد خسرت وظيفتك في الدولة كمهندس. بتقديري ستتفاقم الأزمة بسورية بسبب تفرد النظام الأسدي و بطشه حتى بأصغر الأحزاب السياسية المعارضة و كما ترى سورية أصبحت مزرعة لبيت الأسد و الناس هائمة على وجوهها لتلحق لقمة العيش و هذا يعني انفجاراً اجتماعياً عشوائياً عندما يصل إلى حدوده القصوى حيث لا يخسر الناس شيئاً. أعتقد أن البلد في حالة انحدار نحو الهاوية و في ظل حالة الجذر الجماهيري هذه علينا أن نتماسك و نحافظ على أنفسنا من الانهيار في مستنقع الفساد الرسمي و قد نعود يوماً لنلتقي و نعيد تشكيل انفسنا من جديد مستفيدين من تجاربنا و اخطائنا فلا يمكن أن ندع البلد تدمر ذاتها تحت مظلة هذه السلطة الهمجية).
كانت عيناه تائهتان في عالم آخر, ربما بحفلات الضرب اليومية و الإذلال, ربما لم تغب عن ذهنه و أنا أتحدث معه, تسريبات الأجهزة الأمنية له بأن رفاقك خونة و مخترقين و انت ضحيتهم بينما هم في الخارج يعملون و يحبون و يتزوجون و أنت هنا في ظلمتك وحيداً. كانت حركات وجهه تخبرني عن الصفعات التي تلقاها كل صباح من حثالة و مجرمين بلباس رسمي و هو المتعلم المثقف و الناجح في عمله و المخلص لسوريته. أدركت أن حديثي معه في ذلك الوقت هو فتح لجروحه العميقة التي اصابت روحه قبل أن تطال جسده.
تراجعت قليلاً, ثم ضممته و قلت له مبتسماً: (خذ وقتك يا صديقي و انظر إلى كل المتغيرات التي حصلت منذ اعتقالك و لا تتفاجأ كثيراً لأنها نتيجة حتمية لاحتجاز حريتك ثماني سنوات. ستكون سورية أفضل لو كنت خارج اعتقالك و ثق بأنها اليوم بحاجتك أكثر من اي وقت آخر).
مرت سنوات, لم استطع التواصل معه لكونه مقيم في مدينة حماة. كنت ارسل له التحيات دائماً و لكني سمعت أنه اعتزل فترة من الزمن ثم خرج مفرطاً في تدينه و أنه فتح مكتباً هندسياً, و تزوج من قريبته المتدينة. سررت بسماع اخباره و لكني حزنت كثيراً على جيل كامل من الشباب اليساري المؤمن بقيم الحرية و العدالة الاجتماعية من أجل وطن أفضل و كيف استطاع الاستبداد الأسدي أن يقتل فيهم الكثير من الأحلام و الآمال و الذين من المفترض أن يكونوا في زمان ثورتنا اليوم, طليعة و قيادة تخطط و توجه و تنشر الوعي الوطني بين مختلف التكوينات المجتمعية السورية و تقودها لهدف الحرية بصبر و تفان.
لقد كان نظام حافظ الأسد يقاتل الثورة السورية و بشراسة قبل قيامها بأربعين سنة وفق استراتيجية أمنية محكمة و بعيدة المدى و هو الآن يحصد نتائج هذه الاستراتيجية تدميراً للوطن و قتلاً لأبنائه و تصفيةً لمفكريه و أحراره و استقداماً لقوى عسكرية أجنبية و تأسيساً لأحقاد دينية و طائفية تمنحه شرعية دولية لبقائه.
كأس سيجترها الجميع و طعم العلقم لن يستثني أحداً من السوريين طالما بقي هذا النظام أو جاء بديله بوجه استبدادي جديد.
لمن يحتفظ في أعماقه بوطنه سورية, فقط دون توصيف لاحق: سورية تحتاجكم جميعاً قبل أن يتحول العلقم إلى سم زعاف, فسورية إما أن تعيش مع الحرية و الكرامة و إما ستصبح ذكرى.
الحرية لكل المعتقلين السوريين في سجون الاستبداد الأسدي و القوى الظلامية.
الحرية لسورية و لعقول الكثير من أبنائها, أخوتنا و شركائنا في الوطن.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودوا, الأرض حنت لكم
- الثورة السورية و بعدها الوطني و الأخلاقي
- الدكتوراه قبل القيادة و المناصب
- سورية: إقليمياً, دولياً بعد 38 شهر من الثورة
- ثورة من أجل الثورة
- قذائف هاون ... على الأهل
- المزاودة في سيكولوجيا العقل السوري
- قتلة تروتسكي في صفوف الثورة السورية
- ستحرمون من الخبز
- معركة الساحل واقع و مستقبل
- ربط الملفات أم لف الروابط
- العام الرابع, طقوس و تحولات
- جلجامش السوري
- غربان الموت, إلى أين؟
- جنيف 2, نحو الجنة السورية
- الحرية تؤخذ و لا تعطى
- علم مقابل وطن
- القضاء على الحاضنة الشعبية للثورة
- الجيش الحر و انتقام النظام
- استراتيجية المفاوضات في مسيرة الثورة السورية


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة قصف دبابة إسرائيلية المبنى الذي كان يتواجد ف ...
- أول تعليق من حزب الله والحوثيين على مقتل يحيى السنوار: -حمل ...
- الرئيس الفرنسي يكرم ضحايا مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ويعتبر أنها ...
- تفاصيل مقتل السنوار في غزة وردود الفعل ومن سيخلفه؟
- اتهامات أممية لطرفي النزاع في السودان باستخدام -أساليب التجو ...
- بعد مقتل السنوار... بلينكن يجري عاشر جولة في الشرق الأوسط من ...
- ترحيب غربي بمقتل السنوار وإيران تشدد على أن -روح المقاومة ست ...
- غداة مقتل السنوار... ملف غزة على رأس محادثات بايدن وقادة أور ...
- قمة -كوب16- في كولومبيا... ما هو واقع التنوع البيولوجي في ال ...
- المجلة: من هو يحيى السنوار.. وهل أخطأ في -الطوفان-؟


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - الحرية تليق بكم