أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - رسالة يوسف ومأساة العراقيين














المزيد.....

رسالة يوسف ومأساة العراقيين


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 327 - 2002 / 12 / 4 - 03:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

                                                                                  
  الرسالة المفتوحة التي وجهها المؤرخ العربي الفلسطيني يوسف سامي اليوسف الى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الابن ، ونشرتها بعض الصحف العربية ، تستحق أكثر من قراءة لأهميتها الفائقة. ولكنني سأحاول أن أقدم لها في هذه الفسحة قراءة بعيدة عن السياسة أو للدقة  بعيدة : عن السياسة المباشرة !
  بعد السلام على من اتبع العقل وحاز مكارم الأخلاق، يعرف المرسل نفسه بالقول بأنه ينتسب ( الى الأرض الجليلة التي أنجبت السيد المسيح وأما أنت فتنتسب الى الشعب الوحيد الذي ضرب البشر بالأسلحة النووية وذلك سنة 1945 وهذه فعلة إجرامية تستهين بقيم الإنسان ولم يفعلها أحد قبلكم ولا بعدكم  .)
   يمكن أن ينظر بعض المثقفين المعقَمين ضد "التلوثات" السياسية والمحافظين على نمط من الحياد بين السيف والرقبة الى رسالة هذا المؤرخ والمثقف الشجاع وذي الوجدان الحي بوصفها خوضا في ميدان لم يعد يجدي الخوض فيه " في زمن انهيار الأدلوجات " . ولكننا لو دققنا النظر مليا في الأمر لوجدنا أن هذا لزمن ليس زمن انهيار الأدلوجات والأحزاب بقدر ما هو زمن انهيار شكل تاريخي محدد من العلاقات بين الأدلوجات . بمعنى ، إن الذي انهار فعلا هو تلك العلاقة التصارعية اللاعقلانية  والتي لا تمت بصلة الى تاريخ الفكر الإنساني على مدى التاريخ .فبدلا من علاقات التفاعل والإخصاب المتبادل بين أقانيم الفكر ساد  نوع من الحرب الأدلوجية خلال فترة الحرب الباردة أضرت قبل كل شيء بالطرف الصاعد والمدافع عن التقدم الإنساني .
  وبالعودة الى رسالة  يوسف اليوسف ، نجد أنها تقيم ذلك الجسر الصحيح بين رؤيتنا نحن ضحايا الإرهاب والظلم الغربي ،و هي رؤية متعصبة لنفسها دون ريب،و بغض النظر عن صوابية معطياتها وبين المعطيات الفعلية والمتجسدة على الأرض بفعل حركة المشروع الغربي الساعي الى الهيمنة المطلقة على الكوكب . يتبدى ذلك الجسر واضحا  مثلا في تأكيد المؤرخ على أن ( الشرق هو الذي اخترع الإنسان نفسه، وقبلنا لم يكن هنالك سوى الوحش . ثم إننا نحن الذين جعلنا الإنسان كائنا ممكنا في هذا الوجود الذي جلبتم إليه من الشقاء ما لم تجلبه أية قوة تاريخية أخرى دون استثناء المغول التتار .) ولكنه يعترف في الوقت ذاته بأن الولايات المتحدة هي ( قوة لا مثيل لها في التاريخ البشري منذ بناء الأهرام الى اليوم ولكن هذه القوة لا تتمتع بأية رسالة كونية أو إنسانية عامة تستهدف النهوض بالجنس البشري كله بحيث تتوقف الحرب والصراع اللذين يسودان الأرض منذ آلاف السنوات )
  إنها مرافعة موثقة وشهمة دفاعا عن البشر وليس عن البشر في الشرق فحسب بل عنهم في كل مكان.. فالبؤس والفقر والاضطهاد يمكث على  حدود الإمبراطورية الأمريكية ذاتها وفي أمريكا اللاتينية التي يسميها أعلامها " الحديقة الخلفية لأمريكا "، وفي عدد من البلدان الأمريكية الجنوبية ،كما هي الحال في البرازيل ،صار بيع الأعضاء البشرية المقتلعة غصبا من أطفال الشوارع والمشردين بضاعة رائجة وشبه علنية .
  يتابع اليوسف حشد ترسانة الإدانة ضد أمريكا ،ويحصي عمليات العدوان التي شنتها ضد شعوب العالم ،ثم يعرج على نوايا أمريكا العدوانية ضد العراق والتي لا تخلو من التحريض الصهيوني العلني ، معيدا هذا التحريض الى جذور ه القديمة أي الى الثارات التي لا يريد الصهانية نسيانها ضد العراق منذ أيام سركون ونبوخذنصر. ثم يستدرك المرسل فيقول ( أنا  ميال الى الظن أنك أمي ثقافيا شأنك شأن معظم الأمريكيين ولهذا فأنا أرتاب بأنك تعرف سركون ونبوخذ نصر )  .وبعد أن يناقش اليوسف أطروحات الفيلسوف الألماني شبنغلر حول خريف الغرب وعلائم انحطاطه يضيف  علامة أخرى لم يذكرها الفيلسوف الألماني وهي أن من يحكم أمريكا والغرب ويهيمن عليهما هي الحركة الصهيونية . ويختم رسالته بالقول ( واليوم ها أنتم أولاء تريدون تقسيم العراق الى ثلاثة أقسام أو أكثر . ترى كم طفلا عراقيا سوف تقتل يا جورج لكي يعيش أطفال الغيتو الصهيوني بأمان ؟ إن الصهيوني يحمل قنبلة نووية في كل يد من يديه ومع ذلك فهو يرتعد فرقا من المستقبل ولهذا فهو يحرضكم على العراق ولا تجدون أمامكم من سبيل  للتمرد ، حتى و لا الى التفكير بمصالحكم التي قد تتضرر من العدوان المرتقب .)
تلك هي اللغة السياسية  غير المعهودة التي يكتب بها المثقف التحرري والمقاوم وهي تختلف كثيرا عن لغة السياسي المحترف والبارع في تزييف الوعي العام وتلميع الأكاذيب . شيء واحد افتقدناه في رسالة أستاذنا اليوسف ولا مبرر لهذا الفقدان الذي يشيع عادة بين المثقفين العرب أو لدى أغلبهم ألا وهو : التأشير على مأساة العراقيين والاضطهاد الذي يعانون منه على يد نظامهم الحاكم  المستبد والذي هو من مصنوعات المرسل إليه بشكل من الأشكال وهي مأساة كما يعلم المرسل لم تبدأ بالأمس القريب بل فاق عمرها الثلاثة عقود .


جريدة "الزمان " / الثلاثاء /3/12/2002



#علاء_ اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
- ماذا نعرف عن العالم الخفي لمنجم ذهب تديره إحدى العصابات بجنو ...
- وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة 23 في الغارة الإس ...
- ما هي الدول والشركات التي تبيع أسلحة لإسرائيل؟
- سلسلة غارات إسرائيلية على منطقة البسطا وسط بيروت
- تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
- هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا ...
- كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا ...
- غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
- مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - رسالة يوسف ومأساة العراقيين