أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم العزب - احزاب الهشك بشك















المزيد.....

احزاب الهشك بشك


ابراهيم العزب

الحوار المتمدن-العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسم الله الرحمن الرحيم

أحــزاب الهشـك بشــك*
ودعنا السيد الرئيس المؤقت عدلى منصور وداعا رومانسيا مؤثرا دعـمه ببعض المؤثرات الخاصة ، كبحة فى الصوت و دمعتين شفيفتين منحدرتين فى تؤدة على الخدين ، كادتا فى الحقيقة أن تنسيانا قسوته علينا واستبداده بنا حين أصر على اصدار قانون التظاهر وهو المعيب دستوريا ، ثم حين صمم على تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية مطيحا بالمبادىء الدستورية الراسخة التى لا تجيز ذلك ، وبعد أن تمالكنا انفسنا من فرط التأثر ، وبعد أن وثقنا عفـونا و تسامحنا بأن دعونا له أن يجزيه الله عنا خيرا ، بتنا ليلتنا هذه ونحن - نحتضن الوطن – استعدادا لاستقبال الرئيس الجديد – واذ بنا نصحو فى اليوم التالى على المؤقت وهو يقذفنا بعدد كبير من الحجارة ( القوانين ) قبل أن يولينا ظهره منصرفا وهو يأد ابتسامة ساخرة كانت تولد لتوها على شفتيه صفراء فاقع لونها ، ومن بين تلك الحجارة كان قانون انتخابات مجلس النواب الذى لم يكن أحدا يتوقع صدوره على هذا النحو المتعجل اذ كان قيد المناقشة المجتمعية لم يزل وكانت المناقشات تشير بوضوح الى نتائج كارثية ستترتب عليه حتما ان جرى تمريره على هذه الصورة الشوهاء التى قدم بها ، وفى المساء استضافت أحدى المذيعات اللامعات مسئولين حزبيين يمثلان حزبين من توجهين فكريين مختلفين – يمين ويسار – واذ بهما رغـم خلافاتهما الصغيرة والمعتادة ، يتفقان على أن حزبيهما قد قررا أن يخوضا الانتخابات فى ظل هذا القانون ، وقد بررا ذلك بما أسمياه ( الواقعية السياسية ) والتى تبين - بعد أن اسهبا فى الشرح - انهما يعنيان بها أن القانون قد صدر بالفعل وأصبح أمرا واقعا ، ولا شك أن حالة الانبهار والذهول التى تملكتنى ازاء ذلك انما ترجع فى حقيقتها الى هذا المشهد العبقرى للمرحوم فؤاد المهندس حين طالبه احدهم بمستندات ملكيته للارض الى يبيعها فأخبره بأنه تملكها بوضع اليد ثم وضع يديه الاثنتين على الارض وسأله ( وضع يد دا والا مش وضع يد ) وبغض النظر عن معنى ومفهوم الواقعية السياسية اذ ليس مجاله هاهنا ، فان البحث عن مواقف الاحزاب الاخرى وردود افعالها قد انتهى الى أن قليل منها ما زال يدرس الموقف وغالبيتها قد انهمكت فى البحث عن تحالفات انتخابية دون توقف امام ما يحدث ولو لدقيقة واحدة من قبيل ذر الرماد فى الاعين ، ومن أسف أن تلك الوقفة التى بحثنا عنها ولم نجدها كانت وما زالت تمثل ضرورة قصوى لمستقبل النظام السياسى للبلاد ولمستقبل الاحزاب السياسية ذاتها كجزء من هذا النظام ان اريد لها أن تكون رافعة حقيقية فى اتجاه النهوض السياسى المبتغى ، ومن أسف أيضا أن القانون الذى تم تمريره بليل يستهدف فى الاساس تهميش الاحزاب والحياة الحزبية وما كان له أن يمر الا أن تكون تلك الاحزاب قد تواطأت عليه وارتضت لنفسها سكنى الهامش ، ولنرجع قليلا الى الدستور الذى هللت له تلك الاحزاب لنجده فى المادتين السادسة والسابعة والاربعين بعد المائة منه ينظم علاقات كل من الرئيس والحكومة ومجلس النواب على نحو يتأسس و يتحدد مسبقا فى قانون انتخابات مجلس النواب ، ومن ثم فان هذا القانون الاخير أما أن يضع الاحزاب فى قلب النظام ان ارادت واما أن يدفع بها الى الهامش ان اراد ، فرئيس الجمهورية وفقا للدستور يقوم ابتداءا باختيار رئيس للوزراء اختيارا حرا لا قيد عليه فيه ، ثم يكون على هذا الاخير أن يعرض نفسه وبرنامجه على مجلس النواب فان حاز ثقته بالاغلبية فبها ونعمت ، والا كان على رئيس الجمهورية أن يختار أخر يوافق عليه الحزب أو الائتلاف الحائز على الاكثرية ، أى واحد منهم يرشحونه له ، ثم ينفرد رئيس الوزراء الحزبى هذا بتشكيل الحكومة ولا يشاركه رئيس الجمهورية الا فى اختيار الوزارات السيادية الاربع وهى الدفاع والداخلية والخارجية والعدل ، واذا اراد الرئيس أن يقيل الحكومة فعليه ان يحصل على موافقة مجلس النواب بالاغلبية البسيطة وان اراد أن يجرى تعديلا وزاريا محدودا فلابد له من أغلبية مطلقة فى المجلس ، وهكذا فان رئيس الجمهورية ان اراد الانفراد بتشكيل الحكومة واقالتها وتعديلها فما عليه الا أن يضمن لنفسه أغلبية مريحة فى المجلس ، وان ارادت الاحزاب أن تشاركه فى الحكم فما عليها الا أن تضمن لنفسها منفردة أو مجتمعة أغلبية فى هذا المجلس ، وهذه وتلك لا سبيل اليها الا عبر بوابة وحيدة هى قانون انتخابات مجلس النواب والقوانين المعاونة كتقسيم الدوائر ومباشرة الحقوق السياسية ، فاذا كان الدستور يدفع فى اتجاه تقوية الحياة الحزبية وتمكين الاحزاب واشراكها فى الحكم فان مخالفة قانون انتخابات مجلس النواب لهذه الروح بل والعمل على اقصاء الاحزاب واضعافها والتمكين للفلول* يدحضه ويشوبه بالبطلان ويدمغه بعيب عدم الدستورية دون شك ، ولكن الاخطر من ذلك والاكثر ضررا هو فى الحقيقة موقف الاحزاب ذاتها من القانون وموافقتها الضمنية والعلنية عليه على الرغم من أن هذا هو شأنه معها ، ولا معنى لهذا الا أن تكون تلك الاحزاب قد ارتبطت باتفاق موثق مع النظام وأهل الحكم على أن تبقى فى منطقة الظل مع العابها الاثيرة لديها والتى قد يكون من بينها احيانا بعض طلقات الصوت ، أو أن تكون قد انضغطت نفسيا فتبنت وتماهت مع أفكار خصومها التى ترى أنها أهون من أن تحصل على أغلبية أو أكثرية فى انتخابات شعبية ، أو أنها أضعف وأقل شأنا من أن تقدم حكومة حقيقية قادرة على ادارة البلاد وقيادتها ، ولعل الموقف الاكثر دلالة فى هذا الاطار كان موقف تلك الاحزاب من قانون انتخابات رئيس الجمهورية اذ اجتمع عدد كبير منها ووضعوا عريضة ضمنوها اعتراضاتهم على القانون وبالاخص على تحصين قرار اللجنة ورفعوها الى رئيس الجمهورية الذى رد عليهم فى اليوم التالى بأنه رفض اعتراضاتهم وأصدر القانون فانصرقوا جميعا الى تطبيق القانون الذى اعترضوا عليه بالتحالف والاصطفاف الى جوار احد المرشحين ، والواقع أن تلك كانت هى السمة الابرز فى نظام مبارك البائد الذى لم يكن يعترف بالمعارضة ولا يكن أية مودة للاحزاب وذلك فى الوقت الذى كان يحتاج فيه اليها ، ولكن كديكور لا غنى عنه خاصة فى حجرة الصالون حيث يجلس الضيوف من الاغراب عن البيت عادة ، ومن ثم فقد عقد اتفاقه الضمنى الشهير معهم والذى يتلخص فى حقهم المطلق فى أن يقولوا ما يشاءون ، وحقه المطلق فى أن يفعل ما يشاء ، على أن يسيرا فى خطين متوازيين لا يلتقيان ولا يتماسان أبدا ، أى دون أى فعالية حقيقية لتلك الاحزاب أو أية محاولة منها للعب دور سياسى حقيقى ، أو اتخاذ أية مواقف من شأنها وقف أو تعطيل نفاذ ارادته ، وأى منها حاول أو يحاول الاقتراب من الخطوط الحمراء المتفق عليها تكون المقصلة من نصيبه فرضا ، أما من يلتزم منها وينضبط على خط السواء فان له حصصا مقدرة من أنجر الفتة ، صحيح أنها – فيما يقال - كانت فى النهاية مجرد فتات وما كانت تغنى عن سؤال اللئيم ، لكنها فيما يبدوا من الاحوال كانت فضلا ونعمة من لاشىء ، ولكن اذا كان هذا هو ميراث احزاب ما قبل الثورة فما بال أحزاب الثورة ؟ ما بالها تقبل اللعب وفقا لذات القواعد وهى التى ثارت عليها ؟ وما بالها تدشنها وتجذرها مرة أخرى فى المجال السياسى وهى المنوط بها تحطيمها والاطاحة بها وتخليص الحياة السياسية منها بشكل نهائى ، أتكون هى الواقعية السياسية اياها ؟ الحق أن الواقعية السياسية تقضى بأن نتائج الانتخابات تحددها مقدما النظم والاجراءات الانتخابية المختارة ، والاهداف والاغراض السياسية المبتغاة من وراء تلك النظم وهذه الاجراءات ، والاوضاع والملابسات والمستويات التى يعيشها المجتمع وتمر بها البلاد فى اللحظة التى تجرى فيها الانتخابات ، ومن ثم فان على الاحزاب السياسية أن تتمسك بحقوقها القانونية والدستورية وأن تدافع عنها بكل ما تملك من وسائل وان كانت ضعيفة قليلة الجدوى ، وان تدعـوا الجمهور أن يحتشد معها ويؤازرها وأن تتفاعل معه وتشرح قضيتها له وامامه، وتربط أوجاعها بأوجاعه وقد لا تكون الاستجابة مرضية أو مؤثرة فى البداية ولكنها أيضا قد تكون كاسحة وبالغة وفاعلة فى النهاية والنتائج قد تكون أكيدة وحقيقية لمن اراد أن يبنى مستقبلا لا أن يغتنم حاضرا أويهتبل فرصة ومكسبا ، وبالتالى فقد كان وما زال واجبا على الاحزاب أن تكافح هذا القانون وامثاله وأن تناضل ضده نضالا حقيقيا مشهودا فان نجحت فى التخلص منه فهى لها وان لم تنجح فعليها أن تستكمل نضالها بأن تدعوا الجماهير التى شهدت نضالها واقتنعت به وصدقته أن تؤازرها وتمنحها أصواتها لتمكنها من الانتصار فى معركتها والمشاركة الحقيقية والجادة فى الحكم لمصلحة هذه الجماهير ذاتها ، - وان لم تفعل - فقد يسألونك عن الجماهير لم انصرفت عنهم ، قل انكم كنتم - فى الحقيقة - احزابا ...... هشك بشك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الهشك بشك :- تعبير شعبى مصرى يراد به الرقص الخليع ، فاذا أطلق قصد به الشىء التافه والمبتذل .
* تشير الفلول هنا الى معنيين أولهما هو المعنى الاصطلاحى المتعارف عليه أى مشردى النظام القديم الهاربين من نطاقه ، والثانى هو معنى لغوى مفهومى يقصد به الشراذم المتفرقون اللذين لا رابط بينهم وهم النواب اللذين ينتجهم نظام الانتخاب الفردى ، والمعنيين مقصودين ضمن السياق .



#ابراهيم_العزب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرلمان والثورة ....... وثالثهما الشيطان
- رسالة الى الرئيس السيد الرئيس ....... انهم لا يتسلون
- بالدستور ...... الرئاسة أولا
- الهوية والنظام
- دستور جديد لثورة قديمة
- ملاحظات شكلية على الوثيقة الدستورية
- الجاويش أركان حرب شيكابالا


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم العزب - احزاب الهشك بشك