راميا محجازي
الحوار المتمدن-العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 09:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فاز الأسد بالانتخابات الرئاسية و ربح جولة كبيرة في صراعه مع المعارضة السورية( بشقيها الداخلي و الخارجي) من جهة و مع الدول الغربية التي أسقطت عنه الشرعية بعد تجاوزه للقوانين الدولية خلال عمليات القمع الوحشية التي أعتمدها ضد الثوار من جهة أخرى.
من المؤسف بأن المعارضة السورية ما زالت تـأخد بشار الأسد بطريقة السخرية و تهمش نجاحه و سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي السورية التي إلى الآن لم تستطع دخولها ناهيك بأن انتخابه لفترة رئاسية جديدة يمنحه الصلاحيات في التحكم بالدستور و بالجيش و الأقتصاد وعقد الصفقات الدولية و طلب القروض و استلام الدعم و برم أتفاقيات تجارية و منح الاستثمارات التي لن تتردد أي من القوى الخارجية المُسقِطة عن الأسد الشرعية أن تعقدها معه في حال كانت ملبية لمطامعها في المنطقة .
و سواء أن أعترفت المعارضة بأن حكومة بشار الأسد تمتلك امتيازات على الساحة الدولية أم لم تعترف فعلى الصعيد الدولي مازال لدبلوماسي الأسد الحصانة و المقاعد على طاولات المفاوضات الخارجية و الدولية و التي لم تتمكن إلى الآن الحكومة المؤقتة من منحها للسفراء الذين أعتمدوا كممثلين للمعارضة و لن تتمكن إلا أن تثبت حكومتها المؤفتة قوتها و قدرتها على ضبط حركة الثوار وتبين قدر عالي من المسؤولية والإلتزام تجاه أعضائها و دولتها .
ففي الوقت الذي كانت المعارضة السورية فيه تستنزف طاقاتها و امكاناتها في البحث عن جهات داعمة و ممولة لحربها ضد الأسد وتجميع الانتهاكات و توثقيها لاستخدامها أمام العالم كدليل على أجرام الأسد ووحشيته و تضيع الوقت في السخرية من علاقاته النسائية وفيما كانت تضخ عبر بياناتها و خطاباتها اسقاط الشرعية عن انتخابات الرئاسة السورية (انتخابات الدم) كان الأسد في ذلك الوقت يستعد بكل جدية لهذه الأنتخبات و يسعى بكل قوته لأن تكون منضبطة مع القوانين الدولية , فكانت الخطوط العريضة لحملته الانتخابية (القضاء على الإرهاب ), في الوقت الذي كانت حملت المعارضة السورية لمواجهة الأسد دوليا تتلخص في كيل من تهم التخوين و العمالة و التسلق و التكفير فيما بينها و التهكم على المسرحية الهزلية التي يقوم بها النظام عبر وسائل الإعلام و مواقع التواصل الإجتماعي وقد نأت عن نفسها المشاركة و خوض غمار المعركة الانتخابية ف فئة من المعارضة تذرعت بأن القوانين التي سنتها الحكومة السورية للتقدم للانتخابات الرئاسة السورية تحول دون قبولهم و فئة أخرى تذرعت بأن هذه الانتخابات غير معترف بها و المشاركة فيها يصبغها بالشرعية و كأننا نعترف بشرعية الأسد كحاكم لسوريا و فئة قالت بأن هذه الانتخابات لا تعنيهم و بأنهم الأقوى على الأرض و بأن جيش الأسد و شبيحته سيولون الأدبار خوفا من أول معركة بعد تسلحهم بالعتاد الكامل , و بهذا انتهت ولاية الأسد كحاكم لسوريا و قدم نفسه كمرشح رئاسي لولاية جديدة و الساحة أمامه كانت فارغة تماماً إلا من اتباعه و شبيحته و مرتزقة أيران و حزب الله يطلقون الرصاص مهللين له لفترة رئاسية جديدة سبع سنوات , سبع سنوات والمعارضة تتحاشى النظرفي أهميتها داخلياً و دولياً عن عمد أو دون عمد . و في وقت آخر همشت المعارضة المرشحين للانتخابات الرئاسية بالوقت الذي أعطى فيه الأسد وثيقة أخرى للمجتمع الدولي على الأجواء الديمقراطية التي تقوم عليها الأنتخابات ,و حرص على استقدام مراقبين دوليين لأضفاء المزيد من المصداقية على صورته في المحافل الدولية فكان وفد المراقبين الروس في المقدمة إضافة إلى الوفود التي شاركت في الرقابة من بوليفيا و زمبابوي و أوغندا و طاجاكستان و أيران و الفلبين و فنزويلا و الشقيقة لبنان , عجباً بأن لا ترى المعارضة من هذا الحدث سوى مسرحية هزلية تشارك فيها وفود لتسع دول مختلفة ؟! و النتيجة التي خرجت بها هذه الدول نزاهة هذه الأنتخابات و الإقبال الشديد عليها ؟ و أجواء الديمقراطية السلسلة التي سادت البلاد أثناء الانتخابات ؟!!!!!
لم يكن حسان النوري و ماهر الحجار يوماً إسمان عشوائيان كما أشيع عنهما و لم يكونا كومبارس في المسرحية الأنتخابية الدموية لإضفاء الفكاهة على المهزلة الانتخابية ابداً. حقيقة لقد أدييا دوراً عظيم الفائدة للأسد فبعد تعديل الفقرة الثامنة من الدستور السوري في عام 2012 و التي تنص على أن حزب البعث العربي الأشتراكي هو الحزب الحاكم , دخل النوري كرئيس للمبادرة الوطنية للأرادة و التغيير و الحجار كيساري علماني المنافسة الرئاسية مقدمين بذلك وثيقة دولية أخرى للأسد على أن الانتخابات تعددية ولا إقصائية ولقد امتلك كلًا من النوري و حجار و لو حتى ظاهرياً صفات منقطقية كمرشحين رئاسيين فالنوري حاصل على شهادة الدكتوراة في الأدارة العامة قسم التنمية البشرية من جامعة كندي الأمريكية اضافة إلى أنه وزير دولة سابق أما الحجار فدبلوم لغات و قيادي شيوعي سابق و يساري قديم و خبرته في العمل السياسي لا يمكن تجاهلها بغض النظر عن ماضيه السياسي سواء أكان نظيف أم ملوث و قد قدم كلاً من المرشحين برنامجهما الانتخابي حسب الأصول . إذا فالمشهد السياسي للانتخابات دولياً يظهر مراعياً للقوانين العامة للبلاد , و السؤال الذي يطرح نفسه ألم تفكر المعارضة السورية بتقديم مرشح رئاسي ببرنامج سياسي ينطلق من صيرورة الثورة ؟ و هل المجتمع الدولي ( و خصوصا ً مجموعة أصدقاء سورية )عاجزاً عن الضغط على الأسد لقبول هذا المرشح ؟ و لماذا تم تغييب هذه المسألة في الوقت الذي تسعى القوى الدولية لإيجاد مخرج سلمي للصراع في سوريا ؟ أم أن هذا كان من شأنه أن ينهي الصراع قبل أن تؤهل البديل الأنسب للأسد ؟ و قبل أن ينهي الأسد ما هو متوقع منه ؟
ما زالت المعارضه السورية تركز على الصبغة الإنسانية في مفاوضاتها مع الغرب و كأنها لا تعلم بأن ما يحدث في سوريا اليوم يحدث على مرأى و مسمع المجتمع الدولي إن لم نقل بمباركته , و قد أعلن هذا المجتمع مسبقاً بأنه لا مجال للحل الليبي في
سوريا و بأنه لا تسليح جدي للمعارضة لما تحتويه الجبهات القتالية الداخلية على متطرفين اسلاميين معظمهم يتبعون لجهات تقع ضمن الدائرة السوداء و تهدد الأمن و السلام الدولي و خصوصاً بعد أحداث أوكرانيا و ما فرضته من مخاوف على المجتمع الدولي عامة و الروسي بشكل خاص .
بعد أقتراب الثورة على أربع سنوات من أنطلاقها لا يزال البعض يجهل بأن قلق بانكي مون أو تنديد كاميرون أو تهديد أوباما لن بفقد الأسد شرعيته دولياً ,و لن يفقده أياها سوى الشعب السوري عندما يواجه الأسد بالبديل الأقوى فالكيماوي هو الرد الأبلغ لدى الأسد رد بألف صورة لأطفال قتلوا تحت التعذيب بالنسبة للمجتمع الدولي .
الموقف العالمي يندرح بين مؤيد و داعم علني للأسد كروسيا و الصين وأيران و بين مؤيد و داعم للحل السياسي و السلمي في المنطقة كبريطانيا و و أمريكا و فرنسا و ألمانيا , و في حين أن الدول الداعمة للنظام لم تتوقف عن دعمه و امداده اقتصادياً و عسكرياً و سياسياً بدت الدول الباحثة عن حل سياسي و سلمي للصراع في سوريا عاجزة عن إيجاد أرضية مفاوضات خصبة فبريطانيا أبدت خيبة أملها من التفاوض مع الأسد و خصوصاً بعد عدم جدية ألتزامه بجنيف واحد و اثنين و تركز اهتمامها حالياً على التفاوض مع الأمم المتحدة و السوريين أنفسهم و الأمم المتحدة من جهه أخرى تبدي تخوفا ظاهراً من أي دعم عسكري فتاك للمعارضة و ذلك طبيعي في ظل عدم وجود قيادة سياسية و عسكرية مترابطة و موحدة بين المعارضة المسلحة و الحكومة الانتقالية ( أي بين الجسد العسكري و الجسد السياسي للثوار ) ومن البديهي أنه طالما كانت المعارضة السياسية عاجزة عن إحكام قبضتها على الأمور العسكرية و القتالية داخل سوريا فمن الصعب أو قد يكون من المستحيل عليها الحصول على الدعم العسكري الذي يمكن أن يحسم الثورة السورية إلى صالح الثوار ناهيك عن جبهة دولة العراق و الشام داعش و حالش و كل من يرتبط مع النظام من جبهات مقاتلة متغلغلة ضمن المناطق السورية التي لم تعد تحت سيطرت النظام و لا حتى ثوار الدار هذه الجبهات ورغم إدراك القوى الدولية بأنها من صنيعة النظام إلا أنها أضفت صفة الأرهاب على الجو القتالي العام داخل سوريا .
من نافلة القول بأن المعارضة السورية اليوم لم تحسم معركتها السياسية و لا القتالية بعد و لا ظواهر ملموسة على الحسم الفعلي تلوح في الأفق الدولي (فانتخاب الأسد لفترة رئاسية جديدة جب ما قبله من مؤتمرات و حوارات دولية ) و ستبقى كذلك ما لم تتوحد جدياً تحت قيادة مشتركة و حكيمة و واقعية أولاً و ثانياً ما لم تعمل بالأدلة و البراهين و الوثائق و بعيداً عن العواطف و الأنفعالات التي لن تجدي نفعا على طاولة القرارات الكبرى .
الثوار في الداخل يطالبون الحكومة المؤقتة كجسد سياسي الحصول على الدعم الدولي و تسليحهم بما يمكنهم من التقدم و الحسم و المطلوب من الثوار في الداخل التوحد تحت قيادة واحدة تلتزم أخلاقياً و سياسياً بما تقره الحكومة المؤقته بعدها يمكن أن يكون التفاوض على الحل العسكري و دعم و تسليح الثوار ممكناً و قد يغير من المواقف الدولية و إذا ما لم يلتزم كلا الطرفين بما له و ما عليه فسيكون الخيار عبر المفاوضات السلمية مع الأسد و أيران و سيكون لسان حال المعارضة صراع داخلي بين قابل للحوار و رافض له و صراع خارحي مع النظام و أزلامه في وقت واحد و هذا ما سيقود حتماً إلى فلسطنة الصراع السوري ليكون بشار الأسد و زبانيته و شبيحته في سوريا الاسرائيلون الجدد خنجراً جديداً في قلب الأمة العربية و الإسلامية .
#راميا_محجازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟