أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال من أجل عالم مغاير راديكاليّا و النضال من أجل مقاربة علمية للواقع - ردّ أوّل على مقال - ضد الأفاكيانية -















المزيد.....



حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال من أجل عالم مغاير راديكاليّا و النضال من أجل مقاربة علمية للواقع - ردّ أوّل على مقال - ضد الأفاكيانية -


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 23:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حول " القوّة المحرّكة للفوضى " و ديناميكية التغيير .
نقاش حاد و جدال ملحّ :
النضال من أجل عالم مغاير راديكاليّا و النضال من أجل مقاربة علمية للواقع .
ريموند لوتا ، العدد 322 من جريدة " الثورة " بتاريخ 10 نوفمبر 2013
www.revcom.us
العالم فظيع . بأكثر تحديد ، العالم الذى أودجته الرأسمالية – الإمبريالية و عزّزه عالم حروب غير عادلة و غزوات وحشية و فقر مدقع ساحق للحياة و لامساواة وحشية و الحطّ المتفشّى من مقام النساء . هذا عالم – و هنا من المناسب الحديث عن الكوكب – فيه الأزمة البيئية المتسارعة ليست جزءا من قوام الحياة اليومية فقط ، بل هي تهدّد التوازنات البيئية ذاتها و أنظمة الحياة على الأرض.
إنّ عذاب الإنسانية فى العالم و الوضع الخطير الذى يوجد فيه الكوكب هما جوهريّا نتيجة لسير التناقض الأساسي لعصرنا ألا وهو التناقض بين قوى الإنتاج العالية الإجتماعية المعولمة و المترابطة من جهة و علاقات الملكية و التحكّم الفرديين فى قوى الإنتاج هذه من جهة أخرى . لكن ما يقع فى أسر هذا التناقض هو إمكانية تجاوزالإنسانية للعوز و الإستغلال و الإنقسام الإجتماعي – إمكانية تنظيم المجتمع على أساس مغاير تماما سيسمح للبشر بأن يزدهروا حقّا .
و هذا يعنى أنّ العالم كما هو ليس العالم كما يجب و يمكن أن يكون .
ما المشكل الذى يواجه الإنسانية ؟ ما الذى يجب تغييره من أجل معالجة هذا المشكل ؟ و كيف يمكن تحقيق هذا التغيير ؟ الشيوعية هي العلم الذى يخوّل للإنسانية أن تفهم العالم بهدف تغييره – فهم العالم بأكثر عمق أبدا من أجل تغييره أبدا بشكل أعمق بإتجاه المجتمع الإنساني العالمي . و مثلما هو الحال مع كافة العلوم ، تنطلق الشوعية من العالم كما هو فعلا ، كم الضرورة ( الهياكل و الديناميكية ) التى تواجه عمليّا الإنسانية . فى الواقع يكمن الأساس الحقيقي لتجاوز الإستغلال و الإضطهاد و إيجاد عالم مغاير راديكاليّا من خلال الثورة .
و يجرّنا هذا إلى النقطة المحورية فى هذا الجدال .
فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية هناك نقاش محتدم حول طبيعة و سيرورة و عمل التناقض الأساسي للرأسمالية : بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الفردي . و النقاش يدور حول أشكال الحركة – و ما هو عامة الشكل الرئيسي لحركة – هذا التناقض الأساسي .
و يشمل هذا النقاش مسائلا حيوية فى الإقتصاد السياسي إلاّ أنّه محوريّا يدور حول مسائل المنهج و المقاربة . هل أنّنا سنواجه العالم الموجود فعلا و تغيراه وتعقّده و تحليله و على ذلك الأساس نغيّره ؟ أم سنستعمل المفردات الماركسية كأداة براغماتية أساسا لتحديد مصادر التغيير و البحث عن ضمانات أن " يعمل " التاريخ من أجلنا و أن تتغلّب الجماهير و ذلك ببناء إطار مثالي للسياسة و الفلسفة ؟
ما هو نوع الحركة الشيوعية العالمية التى ستوجد : حركة متجذّرة فى العلم و تنطلق من العالم كما هو أم حركة تنطلق من " روايات " تفرض بالقوّة تفرض بالقوّة على الواقع أن يتناسب مع مع نظام إعتقادي يبحث على الطمأنينة ؟
لقد مثّلأت هزيمة الثورة الصينية فى 1976 نهاية المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية . و قد شهدت هذه المرحلة الأولى إيجاد أوّل دولة إشتراكية فى العالم فى الإتحاد السوفياتي ( 1917- 1956) و قفزة و تقدّم أعمق مع إرساء سلطة الدولة الثورية فى الصين و المضيّ قدما بتلك الثورة ( 1949- 1976).
و غداة الثورة المضادة فى الصين ، شرع بوب أفاكيان رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، فى سيرورة التمحيص و الدراسة العلمية للمكاسب الملهمة التى لا تصدّق لتلك المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية ، و كذلك لنقائصها و أخطائها الحقيقية ، و بعضها جدّي للغاية . رفع راية المبادئ الجوهرية للشيوعية و التقدّم بالعلم بطرق نوعية و جديدة و صاغ خلاصة جديدة للشيوعية إنطلاقا من تلخيص للتجربة الثورية للحركة الشيوعية و بالتعلّم و إستخلاص الدروس من مجالات متنوّعة من الفكر و البحث العلمي و الثقافي و الفنّي .
لقد أعاد أفاكيان تصوّر المرحلة الإنتقالية الإشتراكية إلى الشيوعية تصوّرا جذريّا و فى نفس الوقت ، وضع الشيوعية على أسس علمية أرسخ حتى . و توفّر هذه الخلاصة الجديدة إطار المضيّ أبعد و إنجاز ما هو أفضل خلال الموجة الجديدة من الثورة الشيوعية فى العالم المعاصر .
لقد طوّر بوب أفاكيان الخلاصة الجديدة للشيوعية فى تعارض مع و قد عارضته إجابتين أخريين تجاه هزيمة الإشتراكية فى الصين الثورية : واحدة تنبذ المبادئ الجوهرية للشيوعية و تعانق الديمقراطية البرجوازية و الأخرى تتمسّك بتصلّب و بطريقة شبه دينية بالتجربة الإشتراكية و النظرية الشيوعية السابقين و ترفض مقاربة علمية صريحة لتلخيص الماضي و مزيد تطوير النظرية الشيوعية (1).
هذه خلفية هذا النقاش . بيد أنّ قضايا الإقتصاد السياسي و المنهجية المتصلة بهذا الجدال ليست قضايا محدودة أو فقط ذات فائدة و أهمّية بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية .
يشمل هذا النقاش مواضيعا تخصّ التنظير و النزاع ضمن أوساط سياسية تقدّمية و مثقّفين – أكاديميين ، مواضيعا ذات أهمّية عميقة و آنية .هل أنّ الرأسمالية فعلا نظام – له محرّكات نظامية و نتائج نظامية ، أي له قوانين حركته ؟ كيف نفهم مدى المبادرة الإنسانية الواعية نسبة للديناميكية الهيكلية للرأسمالية ؟ وما هي المقاربة العلمية لفهم المجتمع و تغييره ؟ و ما الذى يمثّل بالفعل تحرير الإنسانية فى هذا العصر؟
وفقرة من " العصافير ليس يوسعها أن تلد تماسيحا لكن الإنسانية بوسعها أن تتجاوز الأفق " لبوب أفاكيان تكثّف نقطة حيوية كمنطلق :
" هكذا هي فعليّا الأمور فى ما يتصل بالظروف الحالية للمجتمع الإنساني و إمكانيات كيف يستطيع مجتمع أن يُسيّر و يتمّ تنظيمه : إنّها مسألة إمّا بديل راديكالي للنظام الحالي الذى تهيمن عليه الرأسمالية – الإمبريالية – بديل قابل للتطبيق و البقاء لأنّه يقوم على القوى المنتجة المتوفّرة و يزيد فى إطلاقها ، عبر تغيير العلاقات الإجتماعية ، و أكثر جوهرية علاقات الإنتاج و فى علاقة جدلية بهذا ،تغيير البناء الفوقي السياسي و الإيديولوجي – و من خلال هذا التغيير و جوهريّا تغيير الظروف المادية الأساسية إيجاد نظام إقتصادي جديد جذريّا كقاعدة لمجتمع جديد جذريّا ككلّ ؛ و إمّا ما سيأكّد بالفعل نفسه كبديل واقعي وحيد فى عالم اليوم – الإنجذاب أو الإضطرار إلى مجتمع أسير لحدود الإنتاج و التبادل السلعي و بأكثر تحديد علاقات إنتاج و سيرورة مراكمة و ديناميكية رأسمالية ..." ( 2) .
I - إختراق حيوي : " القوّة المحرّكة للفوضى " كديناميكية حاسمة للرأسمالية :
أ- خلفية :
فى بدايات ثمانينات القرن العشرين ، شرع الحزب الشيوعي الثوري فى عمل و بحث نظريين هامين فى الإقتصاد السياسي للرأسمالية و كيف أنّ تناقضات العالم تأكّد نفسها و تتفاعل فيما بينها . و أثيرت مسألة ديناميكية الرأسمالية و كيف تحدّد " المرحلة " التى يرجى فيها النضال الثوري ، فى كلّ من العلاقة بالوضع العالمي الملموس حينها و فى علاقة بالمسألة الأوسع للإنتقال التاريخي من العصر البرجوازي إلى عصر العالم الشيوعي .
و مركزية فى هذا العمل النظري كانت الرؤى الثاقبة التى تقدّم بها بوب أفاكيان . فقد حدّد " القوّة المحرّكة للفوضى " بإعتبارها الشكل الرئيسي لحركة التناقض الأساسي للرأسمالية ، محدّدة الإطار العالم للصراع الطبقي .
و تعيين " القوّة المحرّكة للفوضى " كديناميكية رئيسية للرأسمالية قد أفرز قدرا غير قليل من الغضب و الإستياء من أطراف مختلفة داخل الحركة الشيوعية العالمية ( و هنا نحيل على القوى و التشكيلات الماوية فى تلك الفترة و ليس على الأحزاب الشيوعية التحريفية المرتبطة بالإمبريالية الإشتراكية السوفياتية حينذاك و التى قد تخلّت عن الثورة منذ زمن بعيد ).
و قد حاجج البعض ضمن الحركة الماوية وقتها بأنّ هذا الفهم يصفّى عمليّا دور الجماهير و الصراع الطبقي فى التاريخ . و دافع آخرون على فكرة أنّه نظرا لأنّ إستغلال العمل المأجور للبروليتاريا هو مصدر فائض القيمة ( للربح ) و نظرا لأنّ الترفيع إلى الأقصى فى الربح هو سبب وجود البرجوازية ، بالتالي منطقيّا و تاريخيّا الصراع بين البروليتاريا و البرجوازية المتجذّر فى إنتاج فائض القيمة ، هو بالضرورة الديناميكية الرئيسية للتطوّر الرأسمالي .
و وُجدت حجّة أخرى أيضا هي أنّه مبدأ جوهري فى الماركسية أنّ الجماهير تصنع التاريخ و أنّ الإضطهاد يفرز مقاومة يمكن تحويلها إلى ثورة – و لذا الصراع الطبقي و إمكانيته الثورية يجب أن تكون الشكل الرئيسي لحركة التناقض الرئيسي للرأسمالية .
حقيقة موضوعية هي أن الجماهير تصنع التاريخ . لكن كذلك حقيقة هي أنّ الظروف الموضوعية الفعلية تنشأ إطار الصراع الطبقي و أنّ الجماهير لا تستطيع أن تصنع تاريخا يخدم مصالحها العليا و أنّ الإنسانية لا تستطيع بلوغ الشيوعية دون قيادة ، مركّزة فى حزب طليعي تعتمد على الفهم العلمي الأكثر تقدّما لكيف هو العالم و كيف يمكن تغييره فى مصلحة تحرير الإنسانية فى العالم .
و من جديد طفح هذا النقاش إلى السطح رغم أنّه الآن يتمّ فى إطار الصراع الإيديولوجي حول ما إذا كانت الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان هي الإطار النظري للمرحلة الجديدة من الشيوعية . و الرهان هو الحاجة و الأساس الفعليين للثورة الشيوعية الشاملة فى عالم اليوم ، من أجل التحرير الحقيقي للإنسانية و صيانة الكوكب ... و الحاجة إلى مقاربة علمية إلى أقصى الحدود إن كانت تلك الثورة لتنجز و تمضي قدما .
ب- حفريّات فى الإقتصاد السياسي :
التغيير الأساسي الذى أدخله المجتمع الرأسمالي هو جعل الإنتاج إجتماعيا . حوّل وسائل الإنتاج الفردية المحدودة إلى وسائل إنتاج إجتماعية لا يمكن إستخدامها إلاّ من قبل مجموعت من العمّال . و الإنتاج نفسه تحوّل من سلسلة من العمليّات الفردية إلى سلسلة من الأعمال الإجتماعية و تحوّلت المنتوجات من منتوجات فردية إلى منتوجات إجتماعية .
و هذه المنتوجات هي الآن بالفعل إنتاج طبقة واحدة هي البروليتاريا ( 3).
و البروليتاريا ، الطبقة التى هي فى أساس العمل الجماعي و الإجتماعي الطابع ، تقوم بالإنتاج فى المصانع والمعامل و المناجم و المزارع المصنّعة و المركبات الصناعية – الفلاحية –و النقل و التخزين – التوزيع و غيرها . وهي تستخدم المعرفة الإجتماعية التى طوّرتها و نقلتها الأجيال السابقة .
لكن هذا الإنتاج الإجتماعي تمتلكه و تتحكّم فيه و تراكمه طبقة رأسمالية قليلة العدد نسبيّا . و البروليتاريا و هذا الشكل من الإنتاج الإجتماعي فى تناقض جوهري مع التملّك الرأسمالي الفردي للثروة المنتجة إجتماعيّا – فى شكل رأسمال خاص .
فى " ضد دوهرينغ " ، يبيّن فريديريك إنجلز أنّ التناقض بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الرأسمالي لإنتاج العمل الإجتماعي يتمظهر و يتحرّك بشكلين من التناقضات العدائية (4). الشكل الأوّل هو التناقض العدائي بين البروليتاريا والبرجوازية . و مع ظهور الرأسمالية و تطوّرها ، صار العمل المأجور القاعدة الأساسية للإنتاج الإجتماعي المعاصر. و هؤلاء العمّال المأجورين منفصلون عن – لا يملكون و لا يتحكّمون فى – وسائل إنتاج المجتمع الرئيسية . و تتركّز وسائل الإنتاج هذه بأيدي الطبقة الرأسمالية . و هم لا يملكون سوى قوّة عملهم( قدرتهم على العمل ) يجب على العمّال المأجورين كي يظلّوا على قيد الحياة ، أن يبيعوا قوّة عملهم لرأس المال . و تصبح قوّة العمل سلعة فى ظلّ الرأسمالية .
و عندما يشغّلهم رأس المال ، يدخل هؤلاء العمّال المأجورين الحركة على وسائل الإنتاج الإجتماعية .إلاّ أنّ إنتاج ذلك العمل الإجتماعي و سيرورة العمل الإجتماعي تتحكّم فيها الطبقة الرأسمالية .ويربط رأس المال العمل الحيّ بخلق قيمة و يهدف إلى إستخراج أقصى فائض عمل ( فائض قيمة ) – كمّية العمل الزائدة و وقت العمل المتجسّد فى أجورهم ( متناسبا مع ما يتطلّبه إبقاء المنتجين على قيد الحياة و الحفاظ عليهم وعلى عائلاتهم ، و تنشأة أجيال جديدة من العمّال المأجورين ).
و يمارس الصراع بين البروليتاريا والبرجوازية ، إلى جانب الصراعات الأخرى الناجمة عن مختلف التناقضات الإجتماعية المشروطة و المندرجة فى تطوّر التناقض الأساسي للرأسمالية على النطاق العالمي ، يمارس تأثيرا عميقا على الإقتصاد و المجتمع و العالم .
لنضرب بعض الأمثلة لكيف أنّ التناقض الطبقي و التناقضات الإجتماعية الأخرى جزء من الضرورة القائمة التى يواجهها رأس المال :
إشكالية كبرى لدى الرأسمال الصناعي المتحرّك أبدا أكثر هي إشكالية الإستقرار الإجتماعي . هناك ضغوط تنافسية هائلة تحثّ رأس المال على التحرّك من المكسيك إلى الصين ، إلى الفتنام إلخ بحثا عن تكاليف إنتاج أرخض . لكن الكلفة ليست العالم الوحيد ؛ و القرارات متأثّرة أيضا بعوامل " عدم إستقرار العمل " و التنظيم . أو أنظروا إلى دولة الإستعمار الجديد التى صاغتها و شجعت عليها الإمبريالية الأمريكية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية : إحدى أهمّ وظائفها كانت تعزيز ظروف النظام الإجتماعي لتيسير مزيد توغّل رأس المال . و هناك الوضع فى شرقي أوروبا اليوم حيث هجوم التقشّف الشامل تمّ بحسابات تنطوي على إستباق الردّ الجماهيري . و بالعودة إلى ستينات و سبعينات القرن العشرين فى الولايات المتحدة ، فإنّ المعايير المستخدمة فى الصناعة الأمريكية و مواقع المصانع و السياسة الإجتماعية المدينية كانت مشروطة كثيرا بتهديد ( و واقع ) إنتفاضات و تمرّدات جماهير المضطهَدين السود . و مجدّدا ، التناقض الطبقي و التناقضات الإجتماعية الأخرى جزء من الضرورة القائمة التى يواجهها رأس المال .
يشكّل التناقض العدائي بين البروليتاريا و البرجوازية حركة التناقض الأساسي .
و الشكل الآخر لحركة التناقض الأساسي للرأسمالية هو التناقض بين تنظيم الإنتاج على مستوى المعامل و المصانع و المؤسسات الفردية و وحدات رأس المال من جهة و فوضى الإنتاج فى المجتمع ككلّ من جهة أخرى .
يجتهد الرأسمال الفردي لتنظيم الإنتاج بفعالية بُغية إسترداد تكاليف الإستثمار و كسب أفضلية و أجزاء من السوق على حساب الرساميل الأخرى . و للقيام بذلك ، يضطلع الرسمالي بتنظيم علمي و " طغياني" للإنتاج : تحليل الإستثمار و الإنتاج و الحسابات الصارمة والبرمجة القصوى و سرعة التنفيذ و تمديد مدّة العمل ومراقبة العالم و التحكّم فيه إلى أقصى درجة . و يحدث هذا على جميع مستويات الرأسمال الخاص وصولا إلى الشركات المعاصرة المتعدّدة القوميّات ( فكّروا فى وال – مارت و سلسلة تنظيم تزويده).
لكن بقدر ما يكون الإنتاج منظّما بأعلى الدرجات على مستوى المؤسسة ، لا وجود و لا يمكن أن يوجد تخطيط منهجي و عقلاني على مستوى المجتمع . و هذا يجب شرحه .
فى ظلّ الرأسمالية ، الغالبية العظمى من المنتوجات التى تشكّل القاعدة المادية لإعادة الإنتاج الإجتماعي للمجتمع تنتج كسلع . بمعنى أنّها تُنتج للتبادل ( للربح ). من يشترون و من يبيعون هذه أو تلك من السلع سواء وسائل الإنتاج التى هي إستثمارات فى سيرورة الإنتاج أو وسائل إستهلاك – تعتبر أمرا معطى . لكن لا وجود لروابط إجتماعية مباشرة بين المنتجين فالإنتاج الإجتماعي ليس منسّقا ككلّ إجتماعي .
و تمثّل السلعة المنتجة كسلعة رأسمالية تناقضا ينبغى بإستمرار معالجته. فمن جهة ، يقوم المنتجون الأفراد بنشاطهم بإستقلالية الواحد عن الآخر :عديد سيرورات العمل المختلفة التى تمثّل النشاط الإنتاجي للمجتمع منظّمة فرديّا . و من جهة أخرى ، هؤلاء المنتجين الأفراد مترابطين ببعضهم البعض – هم جزء من تقسيم عمل إجتماعي واسع . كيف إذن يتمّ تنسيق النشاط الإقتصادي للمجتمع الرأسمالي ؟ كيف تتماشي مختلف القطع مع بعضها ؟
و الجواب هو أنّ سيرورات العمل المنظّمة فرديّا هذه مترابطة و مصاغة فى تقسيم إجتماعي للعمل منخلال التبادل . و التبادل هو تبادل السلع و تبادل السلع فى حدود معيّنة : تباع و تشترى بأسعار تعكس زمن العمل الضروري إجتماعيّا لإنتاجها . هذا هو قانون القيمة و وقت العمل الإجتماعي هو مُعدِّل الأسعار و الأرباح .
و يهيمن السعي وراء الربح على سيرورات العمل المنظّمة فرديّا . و الربح يحدّد ما يتمّ إنتاجه – و كيف يتمّ إنتاجه .
و تفاعلا مع حركة الأسعار والربح ، يتحرّك رأس المال إلى القطاعات ذات أعلى الأرباح و خارج القطاعات ذات الأرباح الدنيا . إن لم يجلب إستثمار ما ربحا مرضيا ، أو إن لم يقع بيع سلعة معيّنة بثمن يمكن أن يغطّي كلفة إنتاجها ، عندئذ يضطرّ رأس المال إلى رفع الفعالية أوالإنتقال إلى خطّ إنتاج آخر. و تدلّ حركات الأسعار و الأرباح على " المعلومة " التى على أساسها تتخذ قرارات الإنتاج. و السوق هكذا يُعدِّل و يماى أيضا إعادة التنظيم ...و بالتالي تُغلق صناعة السياّرات المصانع غير الفعّالة و تعيد التجهيز وتقلّص من قوّة العمل ؛ و الشركات يقع إبتلاعها والعمّال يجبرون على تغيير العمل . و على هذا النحو يصاغ التقسيم الإجتماعي للعمل و تعاد صياغته .
هذا هو التعديل الأعمى و الفوضوي . إنّه إضرب – و إنسحب ؛ كثير جدّا – و- قليل جدّا : سيرورة جرعات أكثر من اللازم – و جرعات أقلّ من اللازم فى الإستثمار ؛ سيرورة إكتشاف ؛ بعد وقوع الواقعة ، لما سيلغيه السوق و ما لا يلغيه ،و ما إذا كانت سيرورة العمل فى ظلّ قيادة هذا الرأسمالي أو ذاك ضرورية عمليّا أم هي تتماشى مع معايير التنافس . يقول ماركس عن الدور التعديلي للسوق المعتمد على عملية قانون القيمة : " مجمل حركة هذه الفوضى هي نظامه " ( 5) و مثلما يضع ذلك إنجلز فى عرضه لشكلي الحركة " إنّ الفوضى تسود فى مجال الإنتاج الإجتماعي "
تنتج الرساميل الفردية و تتوسّع كما لو أنّه لا توجد حدود (مرّة أحرى ، مفترضة المشترين والبائعين الضروريين ) . لماذا ؟ لأنّه مثلما يشرح ماركس فى " رأس المال " :" يجعل تطوّر الإنتاج الرأسمالي من الضروري بإستمرار تنمية كمّية رأس المال المنفق فى نشاط صناعي معطى ... ويدفع التنافس [ الرأسمالي الفردي ] بإستمرار إلى توسيع رأس ماله من أجل الحفاظ على نفسه..."(6)
و بتطوّر التنافس الأساسي للرأسمالية بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الخاص عبر هذين الشكلين من الحركة : التناقض بين البرجوازية والبروليتاريا ،و التناقض بين التنظيم فى وحدة مؤسسة – الإنتاج و الفوضى فى الإنتاج فى المجتمع بأسره . و لكلّ شكل من هذين الشكلين للحركة تبعاته الخاصّة و كلّ واحد منهما يتداخل من الآخر .
لكن بطريقة مستمرّة ، طالما أن نمط الإنتاج الرأسمالي مهيمن على النطاق العالمي ، فوضى الإنتاج الرأسمالي الذى يحدث التغييرات الجوهرية فى المجال المادي يحدّد إطار الصراع الطبقي . و الحركة التى تدفع إليها الفوضر ، العلاقات الفوضوية ضمن المنتجين الرأسماليين المدفوعين بالتنافس ، هي الشكل الرئيسي لحركة التناقض الأساسي . و هذا إختراق هام فى الفهم أنجزه بوب أفاكيان :
" فى الواقع فوضى الإنتاج الرأسمالي هي القوّة المحرّكة لهذه السيرورة حتى و إن كان التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا جزء لا يتجزّا من التناقض بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الفردي . و فى حين أنّ إستغلال قوّة العمل هو الشكل الذى به و من خلاله يُنتج فائض القيمة و يتكمّ تملّكه ، فإنّ العلاقات الفوضوية بين المنتجين الرأسماليين ، و ليس مجرّد وجود البروليتاريين الذين لا يملكون شيئا أو التناقض الطبقي فى حدّ ذاته ، هي التى تدفع هؤلاء المنتجين إلى إستغلال الطبقة العاملة على نطاق أوسع و أشدّ تاريخيّا . قوّة الفوضى المحرّكة هذه تعبير عن واقع أنّ نمط الإنتاج الرأسمالي يمثّل التطوّر التام للإنتاج السلعي وقانون القيمة . إن لم يكن الأمر أنّ هؤلاء المنتجين للسلع الرأسمالية منفصلين عن بعضهم البعض رغم أنّهم مرتبطون بسير قانون القيمة ، لن يواجهوا ذات الحاجة إلى إستغلال البروليتاريا – يمكن تلطيف التناقض الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا . إنّه الإضطرار الداخلي لرأس المال للتوسّع هو الذى يفسّر الديناميكية التاريخية غير المسبوقة لنمط الإنتاج هذا ، سيرورة تغيّر بإستمرار علاقات القيمة وهي التى تؤدّى إلى أزمة . " (7)
لقد جرى مزيد التنظير لفهم أولوية " القوّة المحرّكة للفوضى " و تطبيقه و التوسّع فيه فى كتاب " إنحطاط أمريكا " الذى طبّق ترتيب لينين لديناميكية الإمبريالية و الثورة البروليتارية و تقدّم به . (8)
و مع صعود الإمبريالية ، حدثت المراكمة فى إطار وحدة و إندماج أكبر نوعيّا للسوق الرأسمالي العالمي – لم تعد رئيسيّا من فعل دوائر التجارة و المال لكن الآن هي من فعل دوائر عولمة رأس المال المنتج ( إنتاج فائض القيمة ). وتتمّ المراكمة فى إطار التقسيم الجغراسياسي للعالم بين القوى العظمى و تحوّل علاقات القوّة ضمن هذه القوى فى الإقتصاد العالمي و النظام العالمي للدول الأمم المرتكزة فى مناطق ترابية معيّنة . و للمراكمة فى عصر الإمبريالية مظاهر خاصّة . إنّها تسير من خلال أشكال عالية الحركة و المرونة من رأس المال المالي الإحتكاري ؛ عبر تقسيم العالم إلى حفنة من القوى الرأسمالية الغنية و الأمم المضطهَدة أين تعيش الغالبية العظمى من الإنسانية ؛ و عبر النزاع الجغرافي- الإقتصادي و الجغرافي - السياسي المركّز فى النزاعو الصراع من أجل التفوّق العالمي ضمن الدول القومية الإمبراطورية.
و التناقض بين مختلف الرساميل الإمبريالية القومية و الصراع حول تقسيم العالم ،ينمو فى معظمه و ستوسّع وهو تطوّر نوعي للتناقض بين التنظيم على مستوى المؤسسة و فوضى الإنتاج الإجتماعي . و قاد هذا التناقض إلى حربين عالميتين فى القرن العشرين .
و فى نفس الوقت ، يتمظهر التناقض الأساسي كذلك بمعاني طبقية . و ضمن أشكاله تعبيره المفاتيح التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية فى البلدان الإمبريالية و التناقض بين الأمم المضطهَدة و الإمبريالية و التناقض بين البلدان الإشتراكية و الكتلة الإمبريالية ( متى وجدت بلدان إشتراكية و ليس الحال كذلك الآن ).
و يمكن لتناقض أوآخر أن يصبح رئيسيّا طوال فترة زمنية أي يمكن أن يأثّر على تطوّر التناقضات الأخرى أكثر من تأثّره بها – و هكذا يكون الأكثر تحديدا لكيف يتطوّر التناقض الأساسي فى مرحلة معيّنة .
منذ أواخر خمسينات القرن العشرين إلى بدايات سبعيناته ، مثلا، كانالتناقض الرئيسي على النطاق العالمي بين الإمبريالية و التحرّر الوطني فى ما يسمى بالعالم الثالث. و قد عمّت الإعصارات الثورية آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية . و كان هذا التناقض يفرز ضرورة جديدة نوعية بالنسبة للطبقات الحاكمة الإمبريالية ( و المحلّية ) و يأثّر على مراكمة رأس المال على النطاق العالمي .
و الإمبريالية الأمريكية بوجهخاص كانت تطوّر و تطبّق ، على نطاق واسع ، عقائد مضادة للعصيان . و كان النضال التحرّري الفتنامي يوجّه صفعات قويّة للإمبريالية الأمريكية فى ساحة المعركة ؛ وقد إستوعبت الحرب قسما هائلا من القوات الأرضية للولايات المتحدة و تسببت فى إرتفاع كبير فى النفقات العسكرية الأمريكية وهو ما ساهم بدوره فى إضعاف الدولار ( و قيمة الدولار – الذهب ) عالميّا . و أثناء هذه الفترة ، كانت الولايات المتحدة تشجّع برامج مساعدة و تطوير فى أمريكا الجنوبية مثل التحالف من أجل التقدّم ، و هدفها الأساسي منها كان ، فى ترابط مع القمع ، فرض إستقرار الظروف الإجتماعية و صدّ إمكانية الثورة .
فى وقت معيّ، يمكن أن يكون الصراع الطبقي هو الرئيسي محلّيا ( قوميّا ) أو عالميّا . لكن عموما ، و على المدى الطويل ، بالمعنى العالم ، إلى أن يوضع حدّا لهيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي على النطاق العالمي ، ستكون " القوّة المحرّكة للفوضى " للنظام الإمبريالي العالمي الشكل الرئيسي لحركة التناقض الأساسي . إنّها القوة المحرّكة للفوضى – الديناميكية والتناقضات الكامنة للمراكمة الرأسمالية على النطاق العالمي وتعبيراتها المختلفة بما فى ذلك وليس فقط النزاع ما بين القوى الإمبريالية ، و التغيرات فى ظروف الحياة المادية والإقتصادية – الإجتماعية و بصورة متصاعدة الطبيعية – البيئية – هي التى تحدّد المرحلة الأوّلية و أسس تغيير المجتمع و العالم .
و المسألة هي بالضبط تغيير المجتمع و العالم على أساس الواقع كما هو و ليس على أساس ما نرغب فى أن يكونه :
لا يمكن حلّ التناقض بين الإنتاج الإجتمتعي و التملّك الفردي إلاّ فى مجال البنية الفوقية . و يتمّ ذلك فقط من خلال النضال الواعي للقيام بالثورة ، لإلحاق الهزيمة الحاسمة بالبرجوازية ( و كافة الطبقات الإستغلالية الحاكمة ) وتفكيك جهاز تحكمها و قمعها . و يتمّ ذلك فقط من خلال النضال الواعي لتشكيل سلطة دولة ثورية جديدة هي قاعدة إرتكاز للثورة العالمية و على هذا الأساس إيجاد إقتصاد إشتراكي جديد يعمل وفق الديناميكيّات و المبادئ المختلفة عن الرأسمالية ( لن يظلّ قانون القيمة هو الآمر ) ، و خوض النضال الشامل لتغيير تفكير المجتمع و الناس .
فقط عبر الثورة الواعية بالإعتماد على مقاربة علمية لفهم العالم وتغييره يمكن حلّ التناقض الأساسي لعصر البرجوازية .
و المهمّة التاريخية للبروليتاريا هي القضاء على الرأسمالية و وضع نهاية لكلّ أنواع الإستغلال و الإضطهاد وتجاوز تقسيم المجتمع الإنساني إلى طبقات و لإنشاء مجتمع عالمي للإنسانية .
II - رفض معالجة طبيعة المراكمة الرأسمالية – أو لماذا " الرأسمالي تجسيد لرأس المال " :
تعرّض تشخيص " القوة المحرّكة للفوضى " كشكل رئيسي لحركة التناقض الأساسي للنقد و أحيانا لهجنات لاذعة من قبل البعض ضمن الحركة الشيوعية العالمية .
و يتكشّف خطّ نقدي على النحو التالي : بما أنّ أ- " العمل بإستمرار من أجل الحصول على المزيد من فائض القيمة " هو جوهررأس المال ؛ و بما أنّ ب- فائض القيمة هذا يقوم على إستغلال العمل المأجور، و بما أن ت- هذا الإستغلال يستدعي مقاومة المستغِلّين – فبالتالي التناقض العدائي و الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية يقع على مستوى أعمق من التحديد مقارنة بالترابط الفوضوي بين الرساميل فى حركةالتناقض الأساسي وتطوّره .
هناك منطق ظاهري لهذه الحجّة غير أنّ المشكل معها هي بالذات هو سطحيّتها . إنّها لا تثير سؤال : لماذا يجب على رأس المال أن يراكم " بإستمرار" ؟ هل السبب هو مجرّد كون هناك بروليتاريين للإستغلال ( و فرض للإستغلال )؟ و سنعود إلى هذا بعد قليل .
و الآن يعترف بعض النقّاد بوجود قوّة التنافس لكنّهم يوكلون لها دورا ثانويّا . و يعتبرون المنافسة شيئا " خارجيّا " للجوهر الأعمق لرأس المال ، لعلاقة العمل المأجور – رأس المال . و يستحضر البعض فقرة لماركس فى المجلّد الأوّل من " رأس المال " يشير إلى " قوانين المنافسة القسرية " لكنّه يشير أيضا إلى أنّ " تحليلا علميّا للمنافسة غير ممكن قبل أن يكون لنا فهم للطبيعة الداخلية لرأس المال " (9) و يرفعون إعتراض أنّ فوضى الرأسمالية فى النهاية متجذّرة فى الطابع الإستغلالي للرأسمالية – مع أنّ البعض ينسبون هذه الرؤية حتى إلى إنجلز.
بيد أنّ إنجلز لا يحدّد فوضى الإنتاج الرأسمالي بإستغلال العمل المأجور و إستخراج العمل الفائض فى حدّ ذاته بل بالأحرى يحدّدها فى الديناميكية الخاصة للإنتاج السلعي الرأسمالي . و لنتفحّص ما قاله فعلا: " إنّ أسلوب الإنتاج الرأسمالي إنغرز فى مجتمع مكوّن من منتجي البضائع ، المنتجين المنفردين ، الذين كان الترابط الإجتماعي بينهم يجرى عن طريق تبادل منتجاتهم . إلاّ أنّ خاصية كلّ مجتمع مستند إلى الإنتاج البضاعي ، تتلخّص فى أنّ المنتجين فيه يفقدون السلطة على علاقاتهم الإجتماعية ... و ما من أحد يعرف ما إذا كانت هناك حاجة فعلية إلى السلعة التى ينتجها و ما إذا كانت سلعته ستباع أم لا . إنّ الفوضي تسود فى مجال الإنتاج الإجتماعي " .(10)
و يشهد هذا الطابع العام للإنتاج السلعي الذى أبرزه إنجلز قفزة نوعية مع تطوّر الرأسمالية . من جهة ، يُصبح الإنتاج السلعي مُعمّما بالتحويل التام لوسائل الإنتاج إلى مال و تحويل قوّة العمل إلى سلعة . و من جهة ثانية ، ينجز الإنتاج السلعي على أساس نطاق إنتاج غير مسبوق ؛ و التقدّم و التقدّم المستمرّ فى التكنولوجيا ؛ و الشبكة الكثيفة للترابط بين المنتجين الآن عالمية و التنظيم " العلمي " و " العقلاني " على مستوى وحدة رأس المال فردية . و مع ذلك ، بعدُ تظلّ " الحدود الإجتماعية " للمنتجين الأفراد ، لنستعمل جملة إنجلز ، هي تبادل السلع – فقط الآن هو إنتاج للتبادل عالي الإجتماعية .
أمّا بالنسبة لحجّة أنّ ماركس يعالج التنافس فى علاقة ( ثانوية ) ب " الطبيعة الداخلية لرأس المال " ، هنا يجب أن نسجّل مظهرا هاما لمنهج ماركس فى " رأس المال ". ففى المجلّد الأوّلب من ذلك المؤلف ، يتوغّل ماركس فى رأس المال و يحدّد طبيعته مميّزا رأس المال عن الأشكال الأخرى من الثروة و مستخلصا ترابط عديد الرساميل . رأس المال علاقة إجتماعية و سيرورة جوهرها هو الهيمنة على قوة العمل من طرف مصالح غريبة ، عدائية و إعادة إنتاج هذه العلاقة و إعادة إنتاجها بشكل واسع . و القانون الأكثر جوهرية لنمط الإنتاج الرأسمالي هو قانون القيمة و إنتاج فائض القيمة . و علاقة الإنتاج الرأسمالية الأهمّ هي علاقة رأس المال بالعمل . و إستغلال العمل المأجور هو اساس خلق فائض القيمة و تملّكه .
هذا أمر مثبت علميّا ، إلاّ أنّ النقّاد يريدون شرح الفوضى على قاعدة إستغلال العمل المأجور ، على أنّ هذا الإستغلال هو الأساس . هذا ليس علميّا . هذا ليس الإنطلاق من الوقاعلا و التناقض الأساسي فى تعقّده و " الحركة الحقيقية لرأس المال " بل بالأحرى الإنطلاق من نظرة إختزالية للواقع ، تشويه للواقع خدمة لرواية أولوية الصراع الطبقي .
و هذا يجرّنا إلى العودة إلى مسألة : ما الذى يحكم إستغلال العمل المأجور ؟ أو لنطرح السؤال بصيغة مغايرة : هل هناك إضطرار لإستغلال العمل المأجور على أسا أوسع و أكثر كثافة رأسمالية ؟ و الإجابة هي نعم هناك مثل هذا الإضطرار وهو ينبع من المنافسة .
يعيش رأس المال تحت الضغط المستمرّ للتوسّع . لأجل البقاء ، عليه أن ينمو : ليس بوسع رأس المال أن يوجد إلاّ إذا راكم المزيد من رأس المال . و على الصعيد الملموس ، " رأس المال عامة " يوجد و لا يمكن أن يوجد سوى كرساميل متعدّدة فى منافسة مع بعضها البعض ، تحديدا لأنّ الرأسمالية تقوم على التملّك الخاص . شرح ماركس الأمر قائلا :
" تجعل المنافسة القوانين الملازمة للإنتاج الرأسمالي كلّ فرد رأسمالي يشعر بها كقوانين خارجية قسرية تدفعه ليظلّ يوسّع بإستمرار رأسماله من أجل الحفاظ عليه ، غير أنّه لا يستطيع توسيعه إلاّ بوسائل المراكمة التدريجية " .( 17).
تدفع المنافسة ، " معركة المنافسة " كما يصفها ماركس ، الرساميل الفردية إلى تقليص كلفة الإنتاج . و يعتمد هذا بالأساس على رفع إنتاجية العمل و توسيع نطاق الإنتاج وبلوغ ما يطلق عليه " إقتصاديّات السلسلة " ( أقلّ كلفة لوحدة الإنتاج ) عبر المكننة و التجديد التكنولوجي و كذلك التجديد التنظيمي .
و يتطلّب التغيير التكنولوجي و التنظيمي للإنتاج المزيد من رأس المال ما يقتضى قدرا ناميا من فائض القيمة منه يموّل الإستثمار – و هكذا هي الحركة من أجل الحصول على المزيد من فائض القيمة . و تلبّى حاجيات المراكمة بصورة متصاعدة عبر قروض رأس المال و نظام القروض بما يخوّل لرأس المال أن يموّل إستثمارا جديدا و ينتقل إلى خطوط إنتاج جديدة . لكن هذا أيضا هو الحجّة المسلّم بها على على مسبح شاسع من فائض القيمة . بكلمات أخرى ، بالنسبة لرأس المال بمختلف أشكاله ، هناك حركة كامنة بإتجاه التوسّع ، بإتجاه الرفع من مراكمة رأس المال . و كلّ هذا مرتبط بالمنافسة .
و الذين يتحرّكون الأوّلين للتجديد قادرون على كسب ميزة مؤقتة ( ربح إضافي ) بينما الذين يخفقون فى التحرّك و يبقون مع المجموعة يخسرون حصّة السوق و الموقع فيه . لنأخذ على سبيل المثال صناعة السيّارات فى الولايات المتحدة مقارنة بمصانع السيّارات اليابانية الأكثر تجديدا من أواخر سبعينات القرن العشرين فصاعدا . فقد كان الرأسمال الياباني رائدا فى طرق الإنتاج الأكثر فعالية وهو ما تعمّم أخيرا . و قد كسر ذلك إحتكار مصانع السيارات " الثلاثة الكبرى " ( فى سوق الولايات المتحدة خاصة ) و أملى تبنّى تكنولوجيا تقليص العمل .
و تفرض " قوانين المنافسة القسرية " الإضطرار على الرساميل الفردية أي " التوسّع أو الموت ". و التفاعل المتبادل للرساميل الخاصّة يجبر على التثوير المستمرّ لقوى الإنتاج كمسألة إضطرار داخلي و ضرورة للحفاظ على الذات . هذا ما يفسّر ديناميكية الرأسمالية .
هذا هو السبب وراء عدم قدرة الرأسماليين ببساطة على الإستغلال ثمّ مجرّد تحويل ثروتهم بإتجاه الإستهلاك- أي فى حال أرادوا البقاء كرأسماليين . و ذلك لأنّ شيئا أعمق يعتمل : بجملة ماركس العلمية التى لا تنسى و العميقة " الرأسمالي ليس سوى تجسيد لرأس المال " (12)
و هذا أيضا سبب عدم بلوغ الرأسمالية لحالة توازن مستقرّ . مثلما سبق و أن شرحنا ، من خلال التفاعلات التنافسية العمياء للرساميل الفردية ترسى ضوابط الإنتاج ( الفعالية إلخ ) و يوجه رأس المال إلى هذا القطاع أو ذاك ( إستجابة إلى علامات الثمن و الربح ) . و ضوابط الإنتاج هذه ، بدورها ، يجب أن تُطاع ...إن كانت رساميل معينة لتبقى تنافسية .
لكن الرساميل الفردية تتطوّر بشكل غير متكافئ ، و الواحد منها ينقضّ على الآخر ،و تفتح خطوط إنتاج جديدة لتكتظّ و تتشكّل رساميل جديدة و تنقسم الخطوط القديمة على قاعدة صدامات السعي وراء فائض القيمة المنتج عبر المجتمع ؛ و يتمّ تركيز مراتب تنافسية جديدة . و تتطوّر التطنولوجيا الجديدة و هذا يفتح مجالات جديدة للإستثمار؛ و تصبح التكنولوجيا الجديدة حقل معركة حوله تتشكّل الرساميل الجديدة و تنقسم أو تتداعي . فكّروا فى التحوّلات التى تحصل فى الصناعات العالمية للحواسيب و التقنيات العالية .
مراكمة رأس المال سيرورة ديناميكية و تفكيكية للتوسّع و التعديل و الأزمة .
مزيدا عن المنافسة :
فى " الغرندريس " ، يشرح ماركس أن المنافسة " تنفّذ " قوانين المراكمة : " المنافسة عامة ، هذه القوّة الدافع الأساسي للإقتصاد البرجوازي ، لا تركّز قوانينها بل هي بالأحرى منفّذتها " (13).
ما هو دور المنفّذ ؟ تحمل المنافسة على تركزي متنامي ( قدرة إنتاج جديدة ، توسيع لنطاق الإنتاج ) و مركزة متنامية ( إندماج ، إبتلاع إلخ ) للرساميل الموجودة . كما تحمل المنافسة على المكننة المتنامية و التخصّص و تعقد الإنتاج الإجتماعي و إرتفاع فى المكوّنات الهيكلية لرأس المال ( مزيد الإستثمار فى الآلات و المواد الأوّلية إلخ نسبة إلى العمل الحيّ ) ما يشدّد على نزعة نحو إنهيار نسبة الربح . و تؤدّى قوانين المراكمة التى تدفعها المنافسة إلى خلق " جيش عمل إحتياطي " ( مكوّن هام من ضمنه العمّال الذين طردتهم المكننة ).
و تعنى المنافسة حركة رأس المال من مجال إلى آخر ، بحثا عن ربح أوفر ؛ إنّها تعنى النزاع على حصص السوق ، تعنى تغيّرا تكنيكيا يغيّر ظروف الإنتاج .
خلاصة القول ، يوجد رأس المال بالضرورة كرساميل متعدّدة فى تنافس و للمنافسة تأثيرات محدّدة .
المنافسة متجذّرة فى الرأسمال الخاص : فى التنظيم الخاص لسيرورات العمل المنفصلة ، المنظّمة حول إنتاج الربح ( فائض القيمة ) لكنّها موضوعيّا مترابطة ببعضها البعض ، مع سيرورات عمل خاصة أخرى . المنافسة و الطابع الخاص متجذّران فى وجود المواقع المستقلّة لمراكز المراكمة و تفصل إتخاذ القرار لما هو فى الواقع تشكيلة إقتصادية مترابطة و مندمجة – حيث الإنتاج إنتاج لسوق غير معروف .
تنشأ ذات ديناميكية الرأسمالية من التغيّر التكنولوجي المتجسّد فى السيرورة التنافسية . هذا هو واقع المراكمة الرأسمالية .
نقادنا فى مأزق . عليهم أن يشرحوا ديناميكية الرأسمالية الظاهرة النابعة من ضرورة التوسّع – أو الموت التى تفرضها المنافسة على رأس المال . عليهم أن يشرحوا هذه الديناميكية ببعض الطرق الأخرى لأجل الإبقاء على التناقض الطبقي كشكل رئيسي للحركة . لذا يطلعون علينا بحجّة أخرى : مقاومة العمّال هذ فعلا منبع التجديد و المكننة . حسب هذا الرأي ، الإستثمارات الرأسمالية لإستبعاد العمّال و للضغط على الأجور و / أو للسيطرة بطريقة أفضل على قوّة العمل المتردّدة . و حسب هذا الرأي ، لا وجود لإضطرار التفاعل التنافسي بل يوجد بالأحرى خيار مقصود للتكنولوجيا و / أو إستراتيجيا إحتواء العمل .
لنعد إلى مثال صناعة السيارات اليابانية لكشف بعض من المشاكل المتصلة بهذه الحجّة . تبنّى إنتاج " فى وقته بالضبط " ، " مسؤولية " فرق العمل ، ممارسة التشديد فى قوائم مخزون البضائع ( للتقليص من ثمن الكلفة ) و الإستعمال الكثيف للآليين من قبل رأس المال الياباني ، مثّلت تغييرا حيويّا فى التصنيع المعاصر . لكن سيكون فى حدود العبثية المحاججة بأنّ هذا تحكمه ضرورة درأ أو قطع طريق مقاومة العمّال ، علما و أنّ البروليتاريا اليابانية كانت صراحة طيّعة وقتها .
ما كان يحدث بالفعل فى هذه الفترة من سبعينات القرن العشرين إلى أواسط ثمانيناته هو أنّ المنافسة و النزاع الجغرافي الإقتصادي كانا يشتدّان فى صفوف الكتلة الإمبريالية الغربية . فالإمبريالية اليابانية و كذلك الإمبريالية الألمانية كانا يحدثان غارات تنافسية على حساب الرأسمال الإمبريالي الأمريكي ، حتى مع أنّ هذا النزاع كان ملحقا و مرتهنا بالنزاع العالمي الإستراتيجي الأكثر تحديدا حينها : النزاع بين الكتلة التى تقودها الولايات المتحدة و الكتلة التى كان يقودها آنذاك السوفيات، و ذلك من أجل التفوّق العالمي .
و الآن تأكّدت صحّة أنّ مظهرا هاما من " عقلنة " الإنتاج و تنظيم " سلسلة التزويد " و أشكال " التعاقد ..." مع متعاقد آخر ، و إستعمال تكنولوجيا المعلومات إلخ تخدم دور ضبط العمل والتحكّم فيه . لكن هذا ليس جوهريذا ما يدفع إلى التجديد .
ديناميكية الرأسمالية ليست ديناميكية يجتهد فيها الرأسمالي للحصول على أقصى فائض للعمل وفق رغبته الخاصة فى الربح . ليست ديناميكية يملك فيها الرأسمالي حرّية أن يستثمر أو لا يستثمر ، عدا بالنسبة لتحديد عامل مقاومة العمّال. فى هذه الحال ، الحركة " المنطقيّة " للرأسماليين كانت ستكون التجمّع و الإتفاق على الإستثمار و الإنتاج على أصعدة معيّنة ، و ضبط نسب الربح و تقديم تنازلات و بلوغ السلم الإجتماعي . لكن هذا لا يحدث لأنّ هناك الإضطرار للإستثمار ، للتوسّع ، لكسب حصص سوق ... و إلاّ كان جزاؤهم الإفلاس .
و للعودة إلى الرؤية النقدية النافذة لبوب أفاكيان المذكورة أعلاه :
" إن لم يكن الأمر أنّ هؤلاء المنتجين للسلع الرأسمالية منفصلين عن بعضهم البعض رغم أنّهم مرتبطون بسير قانون القيمة ، لن يواجهوا ذات الحاجة إلى إستغلال البروليتاريا – يمكن تلطيف التناقض الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا . "
الرأسمالي يخضع ل " قانون المنافسة القسرية " . الرأسمالي مضطرّ لتخفيض التكاليف وهو أداة التقدّم التكنولوجي . " الرأسمالي ليس سوى تجسيد لرأس المال " .
III - القوّة المحرّكة للفوضى و العالم الذى يخلقه رأس المال و يدمّره :
إنكار النقاد " للقوّة المحرّكة للفوضى " كشكل رئيسي لحركة التناقض الأساسي يجعل من غير الممكن بالنسبة لهم أن يفهموا بعمق و شمولية التيارات الكبرى فى العالم و المرحلة التى على أساسها ينبغى للثورة الشيوعية أن تقاتل و تسير . " رواية " الصراع الطبقي و مقاومة العمّال لا تحجب التحدّيات الكبرى و غير المسبوقة أمام هذه الثورة الشيوعية و حسب ، بل كذلك القدرة الكبيرة للنضال الثوري . هذا ما أريد أن أدلّل عليه و أكشفه إعتمادا على أمثلة .
أ- الأزمة البيئية :
فى 9 ماي 2013 ، سجّل مخبر بحوث أنظمة الأرض فى هاواي أنّ مستويات ثاني أكسيد الكربون فى المجال الجوّي للأرض قد بلغ 400 جزء بالمليون . و المرّة الأخيرة التى تحملت فيها الأرض هذه الكمّية من ثاني أكسيد الكربون كانت قبل ثلاثة ملايين سنة ، عندما لم تكن توجد أيّة حياة إنسانيّة على الكوكب . و قدأكّد علم المناخ أن إرتفاع حرارة الأرض أزيد من درجتين فوق المستويات ما قبل الصناعة قد يؤدّى إلى تغيّر فى المناخ مدمّر و لا رجعة فيه .
إبتدأت الثورة الصناعية الرأسمالية فى القرن 17 و حصلت القفزة من الإمبريالية فى أواخر القرن 19 و التسريع الهائل للضغوطات البيئية لأواسط القرن العشرين إلى اليوم قد خلق وضعا بيئيّا إستعجاليّا رهيبا .(14)
والتبعات نشهدها بعدُ اليوم : أحداث مناخية قصوى ( فياضانات و إعصارات و عواصف عاتية غير مسبوقة ) و جفاف و تصحّر و جليد الأركتيك يصل إلى أدنى مستوياته.
و فى نفس الوقت ، يواصل الإمبرياليون القيام بإستثمارات مترنّحة فى الوقود المستحاثي بقسط متنامي أبدا يوجه إلى الإحتياطيّات " غير التقليدية " للنفط و مصادر الغاز ( التكسير المائي عميقا بعيدا عن السواحل ، و قطران الرمال و الخام الثقيل و زيت السجّيل إلخ ) . و المفاوضات العالمية المناخية و أهمّها بكوبنهاغ فى 2010 لم تتوصّل إلى أي شيء .
من جهة النفط أساسي للسير المربح للنظام الإمبريالي بأكمله . و ستّة من العشرة مؤسسات الأضخم فى الولايات المتحدة و 8 من العشرة الأكبر فى العالم هي شركات سيارات و نفط . و من جهة أخرى ، النفط محوري فى النزاع ما بين الإمبرياليات . فالشركات الرأسمالية الكبرى و القوى الإمبريالية الكبرى – الولايات المتحدة و الصين و بلدان الإتحاد الأوروبي و روسيا و اليابان و غيرهم يتنافسون مع بعضهم البعض للسيطرة على المناطق أين توجد مصادر وقود مستحاثي : فى الأركتيك و جنوب الأطلسي و أماكن أخرى .
و النزاع فى صفوف القوى العظمى للسيطرة على إنتاج النفط و تكريره و نقله و تسويقه هو فى الواقع نزاع من أجل السيطرة على الإقتصاد العالمي . فالجيش الإمبريالي الأمريكي يعوّل على النفط للحفاظ على الإمبراطورية و توسيعها ، و لخوض حروبه الإستعمارية الجديدة و لصيانة تفوّقه العالمي . و الآن بالذات ، من الميزات التنافسية العالمية للإمبريالية الأمريكية هناك بالذات قدرتها المتنامية على إمتلاك وقود مستحاثي : فى 2012 ، سجلت الولايات المتحدة أكبر نموّ فى إنتاج النفط فى العالم و أكبر نمّو نفطي فى سنة واحدة فى تاريخ الولايات المتحدة .
لا شيء ممّا يحدث ( و لا يحدث ) فى مجال الطاقة يمكن فهمه خارج إطار الإندفاع بحثا عن الربح و المنافسة و النزاع الشديدين على مستوى المؤسسة و القطاع و نظام ما بين الدول الإمبريالية .
و أبرز ميزة للمفاوضات البيئية الحديثة هي واقع أنّه وجدت مناطق نزاع حاد بين " القوى العظمى " – من جهة لا تنوى و لا تقدر على القيام بأفعال ملموسة بعيدا عن التعويل على الوقود المستحاثي ؛ و من جهة أخرى ، تدفع و تسرّع التأقلم مع التغيير المناخي نحو حقيبة- وسائل التموقع التنافسي ( الأوروبيون و الصينيون ،مثلا ، يتمتعون بميزة بعض تكنولوجيا الطاقة المتجدّدة ).
و ليست الطاقة فقط : القوى الكبرى منخرطة فى تنافس عالمي حاد من أجل المواد المعدنية و المواد الأوّلية للكوكب . إنّها مزاحمة من أجل النهب بلا توقّف لمصادر الأرض أو كما سمّى ذلك جامعي تقدّمي : " السباق من أجل ما تبقّى ".
ظهور الصين كثاني أوسع إقتصاد رأسمالي عالمي بحاجياتها إلى الموارد و طَولِها العالمي المتنامي ، عنصر هام فى المعادلة البيئية . و قد دفع نموّها السيلان الكثيف للإستثمار الرأسمالي طوال العشرين سنة الماضية و النموّ الذى كان مصدرا كبيرا ، إن لم يكن المصدر الوحيد ، لديناميكية الإقتصاد العالمي. و الصين الآن أكبر باعث لثاني أكسيد الكربون .
إنّ الخطر الحقيقي للتغّير المناخي الذى لا يتوقّف جزء من أزمة بيئية أشمل . ليس الكوكب فى طريقه إلى إنقراض أنواع كثيرة فقط بل كذلك إلى تداعي الأنظمة البيئية الحيوية خاصة الغابات و الشعاب المرجانية ، إضافة إلى تهديد للتبعات المتلاحقة على النظام البيئي لكوكب الأرض ككلّ . هناك إمكانية حقيقية لتحوّل الأرض إلى كوكب مختلف جدّا نوعيّا ... كوكب من الممكن أن يهدّد الوجود البشري . ليس بوسع أي كان أن يتنبّأ بالمسارات و النتائج الدقيقة لما يحدث لكن هذا هو الطريق الذى نسلكه نحن و كوكب الأرض .
لماذا يتمّ القضاء على الغابات الإستوائية بعمليّات الإحتطاب و التجهيزبالأخشاب ؟ لماذا تفسد التربة و تجفّ جراء الفلاحة الموجّهة للتجارة و تتحمّض المحيطات ؟ لماذا تُحوّل الطبيعة إلى بلوعة لإهدار مسموم ؟ لأنّ الرأسمالية – الإمبريالية تسنثمر و تضارب وتتاجر و تنشر فى الكوكب معاملة الطبيعة على أنّها إستثمار لا حدود له فى خدمة إنتاج الربح المتوسّع أبدا .
لغاية المراكمة الواسعة على المدى القريب نتائج بيئية على المدى البعيد – لكنّها ليست " النتيجة " المباشرة فى معركة المنافسة . تبحث الوحدات الفردية لرأس المال عن تقليص التكاليف لتبقى فى المنافسة ، محسوبة بدقّة كبيرة ( التنظيم على صعيد المؤسسة ) . لكن تبعات النشاطات الإنتاجية مثل التلوّث التى تقع خارج مجال الحسابات الإقتصادية لهذه الوحدات من الملكية الخاصة لا " تسجّل " فى دفتر حسابات الربح و الخسارة . هذه التكاليف الإجتماعية و البيئية " تحمّل " خارجا إلى المجتمع والكوكب و تدفع إلى المستقبل ( الفوضى على الصعيد المجتمعي و الكوكبي ).
كانت التأثيرات الكارثية للعولمة أكبر فى الأمم المضطهَدَة و مع ذلك تسبّبت فيها بدرجات متفاوتة البلدان الإمبريالية . فبين 1961 و 2000 ، تسبّبت البلدان الغنية فى أزيد من 40 بالمائة من التراجع فى التوازن البيئي حول العالم بينما تتحمّل فقط 3 بالمائة من تكاليف تغيّر النظام البيئي . (15)
عندما تقطع الشركات الرأسمالية الغابات الممطرة فى أندونيسيا من أجل التجهيز بالأخشاب و تزرع أشجارا لإنتاج زيت النخيل للحصول على وقود بيولوجي – وهو قطاع هشّ للغاية فى الإقتصاد العالمي يعكس المنافسة الشديدة بين الطاقة العالمية و أسواق الغذاء – فإنّ الكربون الذى يُطلق فى الجوّ و تحطيم مآوي نمور سومتران ليسا جزءا من حسابات هذه الرساميل للكلفة – الربح .
و الآن إن حاجج إمرء بأنّ الأزمة البيئية هي رئيسيّا نتاج للتناقض الطبقي و بأنّ هذه الأزمة هي نتاج لمقاومة العمّال والفلاحين و الجماهير ، أو نتاج البحث عن تكنولوجيا التقليص من العمل للتحكّم فى العمل ، فإنّنا رغم أساليب سرعة التصديق ، سنكون من أولى المنذهلين لقيام شخص بذلك.
عدم قدرة الرأسمال على التفاعل مع الطبيعة بطريقة مستديمة ... و التدمير الذى تسبّبت فيه الرأسمالية للطبيعة ... و التسريع فى إبتلاع الكوكب و الأزمة البيئية التى تهدّد الكوكب ، جميعها متجذّرة فى التفاعلات الفوضوية للرأسمال الخاص بمجموعاته العالية التنظيم ، مواجهة إضطرار التوسّع بصورة مربحة أو الموت – و النزاع على النطاق العالمي .
و فى نفس الوقت ، من الحيوي فهم أنّ الأزمة البيئية تأثّر و ستأثّر فى الصراع الطبقي بطرق متعدّدة . بداية ، ينجم عن تحطيم البيئة تصدّعات فى الصراع الطبقي العالمي و نقطة تركيز مقاومة جماهيرية هامة ، لا سيما فى الأمم المضطهَدة ، عادة فى إرتباط بنضالات الفلاحين و الشعوب الأصلية ، لكن أيضا فى القلاع الإمبريالية .
و علاوة على ذلك ، أنواع عدم الإستقرار و " أزمات الأمن البيئي " ( مثلما يسمّيها الإمبرياليون ) التى يمكن أن تتسبّب فى تراجع فى التوازن البيئي على الأرجح ستفرز أزمة إجتماعية كبيرة و قد تكون مسرّعا لأزمة ثورية .
يمكن أن يهرب الملايين من مناطق الدلتا الكثيفة السكّان مثل البنغلاداش محفّزة على هجرة كثيفة . و تأثيرات التغيرات البيئية على الأنظمة الفلاحية ، لا سيما فى الأمم المضطهَدة ، كذلك ستنجمعنها أضرار إقتصادية وإجتماعية ظخمة . وفق بعض التوقّعات ، سيلمس التأثير فى أواخر هذا القرن فى 29 بلدا فى آسيا و أفريقيا و الكاراييب و المكسيك ستخسرون 20 بالمائة أو أكثر من إنتاجهم الزراعي الحالي بفعل إرتفاع حرارة الكوكب . (16)
و فى البلدان الإمبريالية : شهد إعصار كاترينا فى الولايات المتحدة تقاطعا بين إرتفاع حرارة الكوكب و الإضطهاد الشديد للسود و بيّن الحاجة و الفرصة الكبيرتين للتقدّم بالحركة من أجل الثورة فى " معتقل الوحش " .و إنهيار المفاعل النووي فوكيشيما و ما نجم عنه من عدوى – و كانت شبكة الإمبريالية اليابانية الكبيرة للقوّة النووية و تصديرها للمفاعلات النووية ميزة من ميزاتها التنافسية العالمية – هو أيضا معبّر عن أصناف التفكّك التى من المرجّح أن تتكاثر مستقبلا .
و الأسباب الكامنة و التبعات الظخمة للأزمة البيئية لا تسجّل و لا يمكن أن نسبر غورها عبر مصفاة الضيق الإقتصادي للتناقض الطبقي بإعتباره الشكل الرئيسي المستمرّ لحركة التناقض الأساسي. و مع ذلك ، ستكون هذه الأزمة التى يدفع إليها بصورة طاغية تناقض الفوضى / التنظيم ، عاملا كبيرا محدّدا للمرحلة التى سيجرى على أساسها الصراع الطبقي .
ب- التمدين والأحياء القصديرية :
مع بداية القرن 21 و لأوّل مرّة فى تاريخ الإنسانية ، بات أزيد من نصف سكّان العالم يعيشون فى المدن . لتقريبا عقود أربعة ن كانت المدن فى الأمم المضطهَدة تنمو بنسق متهوّر و هذا التمدين فوضوي محكم و إضطهادي . أكثر من مليار شخص يعيش فى الأحياء القصديرية فى بؤس مدقع فى المدن و حولها فى ما يسمّى بالعالم الثالث – و من المرجّح أنّ عدد هؤلاء السكّان سيتضاعف بحلول 2030 – بينما عدد مساوى يتدبّر بشقّ الأنفس حياة يأس فى ما يسمّى بالإقتصاد الموازي .
ما الدافع إلى التمدين على هذا النحو ؟ من ناحية ، قفزات فى تصنيع الفلاحة و الإندماج العالمي لإنتاج الغذاء و نقله و المشاريع التجارية الفلاحية الإمبريالية تستولي على الأرض و تعزّز تملّكها لها بما يقوّض المعيشة الريفية القائمة على فلاحة المعاش على نطاق ضيّق .
لقد كانت الإمبريالية تغيّر أنظمة الفلاحة القومية إلى مكوّنات معولمة للإنتاج و لشبكات التسويق العالمية ، أكثر إنفصالا عن السكّان المحلّيين ؛ و بصفة متصاعدة ، تغدو الفلاحة أقلّ " أساسية " لدي عديد الإقتصاديات القومية للعالم الثالث . و تحويل الإمبرياليين للأرض التى كانت تستثمر سابقا لإنتاج الغذاء إلى أرض فى خدمة إنتاج الإيتانول – الكحول و أنواع من الوقود المستخرجة من المحاصيل قد زادت فى حدّة هذه النزعات .
و من ناحية ثانية ، نتيجة التدمير البيئي و الجفاف و الحروب الأهلية ( التى كانت تغذّيها عادة أو تستفيد منها القوى العظمى ، مثلما حصل فى الكنغو ) حلّ الدمار بالأنظمة الفلاحية ما دفع الناس نحو المدن .
أثناء ثمانينات القرن العشرين و تسعيناته ، شدّد صندوق النقد الدولي ، كشرط للقروض ، على أن تلغى حكومات عدّة بلدان فقيرة الدعم لمالكي الأراضي الصغيرة الريفية و كذلك " انفتاح " الإقتصاديات على توريد الغذاء من الغرب لتوسيع الأسواق و السماح بمزيد إدخال الرأسمالية فى الفلاحة . و قد وضع هذا ضغوطا لا تصدّق على الفقراء فى الريف و دمّر معيشتهم .
و فرّت قطاعات عريضة من البشر من فقر عالم الريف و دماره و يأسه.
و فى الأخير ، ألقى النموّ الرأسمالي السريع فىالصين بمئات ملايين الفلاحين إلى المدن و مثّل ذلك أكبر هجرة من الريف إلى المدن فى تاريخ الإنسانية فرضها تموّج قوى السوق فى الريف الصيني و جذب مواطن الشغل وهي عادة العمل بأجر بخس فى أعمال صناعية بمعامل عناء أحوالها سيئة فى مدن الصين .
و هذه الظواهر تتحكّم فيها جوهريّا الحاجيات و الضرورات والنتائج غير المرئية للمراكمة على النطاق العالمي ، لا سيما تعمّق لتوغّل الإمبريالي فى الأمم المضطهَدة و عولمة الإنتاج .
التمدين و نشأة " الأحياء القصديرية " لا يمكن تفسيره علميّا كنتيجة أوّليّا للتناقض الطبقي – ببساطة ليس صحيحا أنّ المقاومة الطبقية فى الريف قد ادّت إلى هذه التحوّلات الديمغرافية – الإجتماعية . هل أنّ حجّة نقادنا أنّ تمرّدات الفلاحين فى الريف كانت تمثّل تهديدا للنظام الإجتماعي إلى درجة أنّ الطريقة الوحيدة لتثبيتها كانت عبر طرد عمل الفلاحين عن طريق تقريض فلاحة المعاش ؟
هل أنّ حجّة التمرّد المديني قد بلغت مثل هذه المستويات من عدم الإستقرار بحيث أنّ الطبقات المستغِلَّة إضطرّت نوعا ما إلى الحثّ على هجرات كبرى للفلاحين إلى المدن على أمل أن يكون لهذا تأثيرا نحافظا و معاديا للثورة ؟ هذه ليست منهجيّة علمية .
جانب تاريخي و سؤال : هل أنّ أنصار هذه النظرة سيحاججون بأنّ الحرب العالمية الأولى دفعت إليها الحاجة إلى حرف الصراع الطبقي أو إعادة توجيهه فى البلدان الأوروبية – أم هل كانت هذه الحرب ناجمة ، كما كانت بالفعل ، عن إستفحال النزاع بين الإمبرياليات و خاصة النزاع حول المستعمرات ( حتى و إن كانت أوروبا المسرح الأساسي للمعركة ) ؟
تفرز عمليّات التمدين و البلترة و إنشاء الأحياء القصديرية التى تشهدها الأمم المضطهَدة بحكم السير الفوضوي لرأس المال نتائجا متناقضة بالنسبة للجماهير ، إقتصاديّا و إيديولوجيّا . فإجتثاث الإمبريالية للطرق التقليدية للحياة فى الريف و عدم الإستقرار المقترن بتمدين قطاعات من الجماهير لم تدمج فى الإقتصاد " الرسمي " قد غذّيا نموّ و دعوة الأصولية الإسلامية و البنتيكوستاليزم و أصناف شتّى من الفكر الديني لألاف السنين الماضية إلخ . و لتقدّم هذه التيّارات مدى إيديولوجي و أخلاقي رجعي صريح فى ظروف تمتاز بالإضطراب و التفكّك .
و من جديد ، العوامل الكامنة وراء ما يحدث فعلا و التحدّيات التى يفرضها فعلا بمعنى تغيير المجتمع و العالم لا يمكن أن تدرك علميّا إذا كان يُنظر إلى حركة التناقض الأساسي وتطوّره من خلال نظّارات إقتصادوية .
ت- الأزمة العالمية ل2008-2009 :
لقد سبق و أن كتبنا عن العوامل المولّدة لهذه الأزمة . (17) و بإختصار ، لنشخّص بعض مظاهر الديناميكية المفتاح لمسار خاص للنموّ تحوّل إلى نقيضه :
• منح إنهيار الكتلة الإمبريالية الإشتراكية بقيادة السوفيات فى 1989-1991 حرّية جديدة للقوى الإمبريالية الغربية و خاصة الولايات المتحدة للتوسّع و إعادة هيكلة رأس المال . (18) و بوجه خاص ، تلت ذلك موجة جديدة من العولمة – على مستوى الإنتاج و التجارة و التمويل . و من أهمّ المظاهر الدالّة على النموّ و التوسّغ العالميين المؤدية إلى الأزمة كانت تعمّق إندماج الإقتصاد الرأسمالي العالمي و كان محوريّا فى هذا الإندماج الأتمّ لبلدان العالم الثالث ذات الإنتاج الموجّه للتصدير و الإقتصاد الصناعي ذى اليد العاملة الرخيصة .
• كانت الصين نقطة إرتكاز سيرورة العولمة المشتدّة قائمة بمهمّة "المعامل و الورشات السيّئة الظروف" فى العالم الرأسمالي فى علاقة جدلية بقاعدتها الرأسمالية القوية الآخذة فى التشكّل . و قد وسّع ظهور تجارة كبرى لفائض القيمة النطاق العالمي الذى بلغته الصين و دورها كأكبر مشترى لديون خزينة الولايات المتحدة الأمريكية و مموّل لعجز الولايات المتحدة ( و القوّة النامية المترافقة مع ذلك ) .
• على أرضية إنتاج و إستغلال خارق للعادة أكثر عولمة ، تقدّم قطاع الخدمات المالية فى البلدان الرأسمالية تقدّما سريعا . و أصبح النموّ فى هذه البلدان متصاعدا تقوده المالية و تحرّكه القروض . و كانت الولايات المتحدة النقطة المركزية لهذه السيرورة من التمويل المشتدّ ( بسوق التأمينات المسنود برهن كتعبير مكثّف عن هذه الطفيلية ).
• كان الترابط الديناميكي بين الولايات المتحدة و الصين رابطا حيويّا فى نموّ العقد الأوّل من القرن الواحد و العشرين أو لنضج ذلك و بصيغة أخرى ، هناك صلة عميقة بين نزاع موت العمل المستغَلّ إلى أقصى الدرجات فى أحشاء المناطق الصناعية الجديدة للصين و بين ما كان يحدث فى أعلى امستويات المالية .
• و أدّت هذه السيرورات المترابطة من العولمة و التمويل فى النهاية إلى عدم توازن و عدم إستقرار لا يمكن السيطرة عليهما .
- إنتفاض القطاع المالي المرتبط بالقاعدة الإنتاجية فى الولايات المتحدة وعدم التوازن بين النظام المالي ( و إنتظاراته للأرباح المستقبلية ) و مراكمة رأس المال : الهياكل و الإنتاج الفعلي و إعادة إستثمار الربح القائمين على إستغلال العمل المأجور .
- التوسّع المهتاج للقروض مؤدّيا إلى هشاشة مالية شديدة .
- نشّط إستهلاك الولايات المتحدة و إقتراضها النموّ الصيني لكن النمو المتهوّر للتصنيع الصيني قد زاد تغذية العجز التجاري للولايات المتحدة مشدّدا الضغوطات التنافسية عبر الإقتصاد العالمي ، بقدرة إنتاجية نامية بسرعة فى الصين .
• لقد حاولت الإمبريالية الأمريكية منذ 11 سبتمبر أن تراهن على تفوّق القوّة العسكرية لصياغة نظام عالمي يكون لها فيه التفوّق العالمي على المنافسين وضد أية حواجز عالقة أمام هيمنتها ( بما فى ذلك الأصولية الإسلامية الرجعية ) لعقود قادمة . لكن وزن العسكرة و العجز و التكاليف الباعثة على عدم الإستقرار لتمويل هذه العسكرة ، صار عاملا مساهما فى هذه الأزمة .
• إنفجرت الأزمة و تركّزت فى المراكز المالية للرأسمالية العالمية . فسعت المؤسسات المالية لتقليص الخطر و الكسب منه بنشر المزيد من الأجهزة المالية المتنوّعة و المعقّدة على مجال أوسع للمستثمرين العالميين – لكن هذا فى النهاية عمل على جلب المستثمرين و الحكومات إلى دوّامة الهشاشة والأزمة.
وولّدت الديناميكية التى حفّزت النموّ حواجزا جديدة أمام المراكمة المربحة لرأس المال . عصارة القول ، الأزمة هي تعبير و نتاج مكثّف و لو أنّه معقّد و مرن إلى أعلى درجة ، لفوضى الإنتاج الرأسمالي .
و قد حاجج البعض بأنّ التناقض الطبقي ، لا سيما فى شكل مقاومة العولمة و ضندوق النقد الدولي كان العامل الدافع الكبير وراء هذه الأزمة بما أثّر فى مخطّطات التعديلات الهيكلية و ما إلى ذلك . و بالفعل هناك موجة كبرى من مقاومة العولمة . إلاّ أنّه أ- مهما كانت دلالة ذلك فى تسعينات القرن العشرين ، لم ترتقي هذه المعارضة و هذا النضال إلى مستوى نوعي يطرق حركة مراكمة العالم و تطوّرها ؛ و ب- فى الواقع ، مثلما عرضنا بإختصار أعلاه ، للأزمة التى برزت فى 2008-2009 محدّدات عميقة فى تناقضات مسار خاص للتوسّع ، متميّز بتلك الديناميكية من العولمة و التمويل المشتدّين .
و تفترض تلك الحجّة أيضا أنّ التواطئ بين القوى الإمبريالية هو الرئيسي و مردّ ذلك هو الحاجة المشتركة لرأس المال لإستغلال قوّة العمل . لكن النزاع المدفوع بالتطوّر اللامتكافئ و تحوّل طرقات الإقتصاد فى العالم كانت مظهرا رئيسيا للعلاقات المتبادلة بين الإمبرياليات المعاصرة . و قد عبّر هذا النزاع عن نفسه بالأساس إقتصاديّا و جغرافيّا إقتصاديّا و ليس بقدر كبير فى المجال العسكري .
إنفجرت هذه الأزمة فى إطار تحوّلات كبرى فى العلاقات والقوى التنافسية ضمن القوىالعظمى و منها : " صعود الصين " و إنتقالها إلى التحوّل إلى قوّة إمبريالية و تأثيرها يبلغ أبعد من شرقي آسيا إلى الشرق الأوسط و آسيا الوسطى و أفريقيا و نموّها الآن يأثّر على التقسيم العالمي للعمل ؛ توسّع سوق الإتحاد الأوروبي و توحيد عُملة المنطقة ما أفرز إطارا لميزة فى النطاق و الفعالية بالنسبة للرأسمال الأوروبي الشرقي المعولم ، و للدفع نحو تحدّى فى العُملة لهيمنة الدولار ، و إمبريالية روسية تعيد تأكيد نفسها .
و بدورها كانت للأزمة إنعكاسات ليس على إستقرار النظام الإمبريالي العالمي فقط بل على تحوّلات القوى القائمة و نزاعاتها صلبه . و أبرز إنعكاسين : طرحت الأزمة التى فاقمت التناقضات بين الولايات المتحدة و الصين ، و الولايات المتحدّة أكثر عدوانية فى بحثها على التصدّى لصعود الصين و نموّ غناها ؛ طرحت صعوبات جديدة أمام المشروع الإمبريالي للإحاد الأوروبي .
IV - الرهانات : نظام لا يمكن إصلاحه ... هناك حاجة إلى الثورة :
فى " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن الإنسانية بوسعها تجاوز الأفق " يؤكّد بوب أفاكيان :
" قد لا يعجبنا كلّ هذا ، لكن هذا هو الوضع الذى نحن فيه . قد لا يعجبنا أنّ الرأسمالية و ديناميكيتها لا تزالان تهيمنان على العالم ، هذا هو الحال غالبا حاليّا ، و تحدّد مرحلة النضال الذى علينا أن نخوضه – قد لا يعجبنا هذا غير أنّ هذا هو الواقع . و فى هذا الواقع يُوجد أساس التغيير الجذري للأشياء . إنّه يوجد فى المواجهة و النضال من أجل تغيير هذا الواقع و ليس ببعض الطرق الأخرى . إنّه عبر فهم هذا الواقع و من ثمّة العمل على تغييره من خلال مسارات الطابع المتناقض الذى يفتحه أمامنا هذا الواقع – مسارات يجب المسك بها و التأثير فيها لإنجاز هذا التغيير للواقع " . (19)
ليس أفاكيان بصدد التعليق و حسب على مهمّة تحليل ديناميكية الرأسمالية و كيف تؤكّد التناقضات فى العالم نفسها و تتفاعل و إستيعاب لماذا " القوّة المحرّكة للفوضى " هي بالفعل الديناميكية الرئيسية للرأسمالية . إنّه يركّز كذلك على موضوع جوهري فى العلم ، فى الشيوعية كعلم و كما كتب : " إمّا أن ننطلق من الواقع الموضوعي و نعترف بالقاعدة ضمن الديناميكية المتناقضة لهذا الواقع من أجل التغيير الجذري – و إمّا ننطلق فحسب من جملة من الأفكار بما فى ذلك رؤية للجماهير أضحت مثالية نحاول فرضها على الواقع ..." (20)
عند الخوض فى موضوع الرأسمالية – الإمبريالية و سيرها ، نتعامل مع الضرورة – مع قوانين سير خاصة و قوانين الحركة. و هذه القوانين مستقلّة عن إرادة الأشخاص و مستقلّة عن إرادة طبقة ،و حتى عن شخص ( الرأسمالي الإمبريالي ) ، تملك أكبر ذخيرة للقمع و القوّة فى التاريخ .
الرأسمالية ليست نظاما قائما على الجشع أو " إرادة الإستغلال " . ليست نظاما قائما على حركة الربح ك " مبدأ أوّلي " - إعتصار ما أمكن من العمّال . إنّها نمط إنتاج يتأسّس عل إستغلال العمل المأجور و تدفعه الضرورة الداخلية للتوسّع . و عدم إستيعاب هذا يعنى موضوعيّا إنكار الحاجة إلى الثورة – إن لم يكن هذا النظام تحكمه الضرورة و القوانين الكامنة و ضرورات المراكمة عندئذ ربّما ... ربّما يمكن إصلاحه .
و هذه القوانين و خاصّة القوّة المحرّكة لفوضى على خلاف تهم نقّادنا ، لا " تضفّى " الصراع الطبقي . بل و نكرّر ذلك : هذا ما يحدّد المرحلة الأولية لما يجب القيام به لتغيير المجتمع و العالم . إن جرى إستيعاب ذلك ، حالئذ يمسى من الممكن ،مثلما يشدّد على ذلك بوب أفاكيان ، إكتشاف مسارات التغيير الجذري لهذا الواقع . يمسى من الممكن المسك بالحرّية و نحتها لأنّ نمط الإنتاج هذا و قوانينه ديناميكيين و متناقضين . و هذا ما يفتح إمكانيات عريضة أمام العالم الواعي للعمل على أساس فهم علمي للواقع – فى تعقّده و تغيّره .
هناك قنوات متنوّعة للتغيير و للإنفجارات الفجئية . وهذا التوجّه العلمي حيوي فى بناء حركة من أجل الثورة ، من أجل ثورة شاملة فى مداها ،و للإعتراف بالحاجة إلى هذه الثورة و إمكانيتها – و التحدّيات أمامها- و العمل على ذلك الأساس . و الأزمة البيئية عظيمة الشأن بهذا الصدد.
و ثمّة التحديات التى تطرحها كيفية التطوّر الفعلي للتناقض الأساسي بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الخاص . و نموّ الأصولية الإسلامية و غيرها من الأصوليّات فى نفس الوقت الذى باتت فيه قوى الإنتاج أكثر إجتماعية و العالم أكثر تشابكا حالة توافق المقام . و السير " الملتوي" للتناقض الأساسي يبيّن بالشواهد أنّ حركته و تطوّره ليست سيرورة خطّية للعصرنة و البلترة و العلمنة . بل إنّها سيرورة معقّدة من التغيّرات فى الهيكلة الطبقية و الإجتماعية ، فى الإيديولوجيا و الحركات الإجتماعية المتداخلة مع التغيير الإقتصادي ، مع طرح عميق للحاجة إلى أخلاق تحرّرية و لمسألة إجتثاث البطرياركية [ النظام الأبوي ].
إنّنا نحيا فى فترة إنتقالية مع إمكانية هزّة كبرى : الرأسمالية العالمية فى حالة تغيّر دائم وهي تفاقم اللامساواة و التفكّك و تراجع التوازن البيئي و الفظائع التى تتعرّض لها النساء ، نصف الإنسانية . الرأسمالية فى عصر الإمبريالية نمط إنتاج هو فى أن معا فى مرحلة إنتقالية إلى شيئ أرقي وهي تكدّ بعنف ضد حدودها .
هل سنخلق الوقائع و الحقائق و نبنى روايات بأنّ الصراع الطبقي هو دائما الرئيسي ، من أجل أن نعزّي أنفسنا و نصرف النظر عن التحدّيات الحقيقية ؟ أم سنواجه الواقع من أجل تغييره ؟
ما هو موضع رهان هو فهم مادي للعالم ، لما يجب تغييره فى تفكير الناس و فى المجتمع ، و كيف يتمّ ذلك . أي شيئ آخر عدا مقاربة علمية حقّا سيبقى على العالم كما هو . ما هو موضع رهان هو الثورة الشيوعية التى تحتاجها الإنسانية : معالجة التناقض الأساسي للعصر و تحرير الإنسانية و إنقاذ الكوكب . --------------------------------
الهوامش :
1- من أجل خلفية ، أنظروا " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ( شيكاغو ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري 2009 ) لا سيما الأقسام 3-5 . بالأنجليزية على الأنترنت موقع
www.revcom.us
وبالعربية ، ترجمة شادي الشماوي على موقع الحوار المتمدّن ضمن كتاب " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " .
2- بوب أفاكيان ، " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا لكن الإنسانية بوسعها تجاوز الأفق " ( من هنا فصاعدا سيشار إليه " ليس بوسع العصافير أن تلد تماسيحا " ) .
3- مع ظهور الرأسمالية و تطوّرها ، واصل الفلاّحون الكثيرون فى العالم لعب دور هام فى الإنتاج العالمي و كانوا مهيمنين عدديّا ، لكن علاقات الإنتاج ما قبل الرأسمالية صارت بشكل متصاعد مدمجة فى إطار الرأسمالية و مرتهنة بها و متغلغلة فيها .
4- فريديريك إنجلز ،" ضد دوهرينغ " (دار التقدّم ، موسكو 1969) ص 316 -324 باللغة الأنجليزية . و باللغة العربية ص 312-330 وجملة " إن الفوضى تسود فى مجال الإنتاج الإجتماعي " ص 317 من طبعة دار التقدّم موسكو 1984.
5- كارل ماركس ، " العمل المأجور و رأس المال " فى ماركس إنجلز ، الأعمال المختارة 1 (، دار التقدّم ، موسكو 1973 ) ص 157 باللغة الأنجليزية .
6- كارل ماركس ، " رأس المال " المجلّد 1 ( نيويورك : الناشرون العالميون ، 1967 ) ص 555 باللغة الأنجليزية .
7- أنظروا بوب أفاكيان، " التناقض الأساسي و التناقض الرئيسي على النطاق العالمي " ، " العالم الثوري " 17 سبتمبر 1982.
8- ريموند لوتا / " إنحطاط أمريكا " ( بانربراس ، شيكاغو 1984 ) ص 40- 56 باللغة الأنجليزية .
9- ماركس ، " رأس المال " المجلّد 1 ، ص 300 باللغة الأنجليزية .
10- إنجلز ، " ضد دوهرينغ " ، ص 322 باللغة الأنجليزية .
11- ماركس ، " رأس المال " ، المجلّد 1 ، ص 555 باللغة الأنجليزية .
12- ماركس ، " رأس المال " ، المجلّد 1 ، ص 224 باللغة الأنجليزية .
13- كارل ماركس ، " غرندريسي " هاموندسوويرث ، بنغوان 1973 ، ص 552.
14- أنظروا العدد الخاص من " الثورة " ، " حالة طوارئ : نهب كوكبنا و الكارثة البيئية و الحلّ الثوري الحقيقي " ، 18 أفريل 2010.
15- ل. كيري تورنار و براندن فيشر ، " الإقتصاديات البيئية : تبذير الرجل الغني " ، " الطبيعة " عدد 451- ، 28 فيفري 2008 ، ص 1067-1067.
16- وليام كلاين 2007 ،" إرتفاع حرارة الكوكب و الثقافة : توقّعات التأثير على كلّ بلد ". ( واشنطن ، مركز التطوّر العالمي و معهد بترسن للإقتصاديات العالمية ).
17- أنظروا مثلا ، ريموند لوتا " تحوّلات و تصدّعات فى الإقتصاد العالمي و القوّة الكبيرة للنزاع : ما الذى يحدث و ما الذى يمكن أن يعنيه " جريدة " الثورة " 24 و 27 جويلية و 3 و 24 أوت 2008 ، خاصّة الجزء 1 ، و ريموند لوتا " الإعصار المالي يرجّ الرأسمال العالمي : فشل النظام و الحاجة إلى الثورة " جريدة " الثورة " ، 19 أكتوبر 2008.
18- ندعو القرّاء إلى دراسة النقاش فى " ملاحظات حول الإقتصاد السياسي : تحليلنا لثمانينات القرن العشرين و مسائل المنهج و الوضع العالمي الراهن " ( منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، شيكاغو 2000). الجزء الأوّل ، صفحات 7-30 أين يشخّص الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية المشاكل فى التحليل الذى أنجزه فى ثمانينات القرن العشرين لحركة الكتل الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و السوفيات بإتجاه الحرب. و الدروس المنهجية المستخلصة كجزء من تعميق إستيعاب المنهج العلمي .
19- بوب أفاكيان ، " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا... " .
20- بوب أفاكيان ، " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا... " .
=========================================



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – ال ...
- هل يجب أن نجرّم المهاجرين أم يجب أن نساندهم ؟
- هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي المجرم يحطّم كوكبن ...
- مقدّمة كتاب : مقال - ضد الأفاكيانية - و الردود عليه / الماوي ...
- خلافات عميقة بين الحزبين الماويين الأفغاني و الإيراني - الفص ...
- النساء فى مواجهة النظام الأبوي الذى ولّى عهده : الرأسمالية – ...
- 8 مارس 2014 : لنناقش هذه المقولات لبوب أفاكيان رئيس الحزب ال ...
- إيران : الذكرى 32 لإنتفاضة آمول – - لقد أثبت التاريخ منهم عم ...
- إيران : الذكرى 32 لإنتفاضة آمول – - لقد أثبت التاريخ من هم ع ...
- مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و ...
- مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و ...
- أساليب التفكير و أساليب العمل - الفصل 22 من - مقتطفات من أقو ...
- فهارس كتب شادي الشماوي- ( الماوية : نظرية و ممارسة - من العد ...
- طريق إفتكاك السلطة فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ...
- عن بعض أمراض المجتمع - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( المار ...
- الخطوات الفورية و إرساء إتجاه التغيير-- برنامج الحزب الشيوعي ...
- طبيعة الثورة و آفاقها- فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإير ...
- بعض التناقضات الإجتماعية المفاتيح - برنامج الحزب الشيوعي الإ ...
- الطبقات و موقعها فى سيرورة الثورة فى إيران - برنامج الحزب ال ...
- لمحة عن إيران المعاصرة - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الم ...


المزيد.....




- عوامل نجاح النظام في التحكم بوضع بالغ التوتر
- نا ب? ?اگواستني حزب و ??کخراو?کاني کوردستاني ئ?ران ل? ئ?ردوگ ...
- الاحتجاجات ضد الكهرباء تتصاعد والشيوعي يحذر من قمع التظاهرات ...
- ماذا لو انتصر اليسار في فرنسا ؟؟
- مباشر: وقفة احتجاجية أمام البرلمان للتنديد بالإبادة الجماعية ...
- عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري تحتج ب ...
- لبناء التحالفات شروط ومبادئ
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 561
- الفصائل الفلسطينية تحيي ذكرى مرور 40 يوم على استشهاد الرئيس ...
- غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي ...


المزيد.....

- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - حول - القوّة المحرّكة للفوضى - و ديناميكية التغيير ...النضال من أجل عالم مغاير راديكاليّا و النضال من أجل مقاربة علمية للواقع - ردّ أوّل على مقال - ضد الأفاكيانية -