أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الصادق الجهاني - حركة النهضة التونسية وحقوق المرأة















المزيد.....

حركة النهضة التونسية وحقوق المرأة


صلاح الصادق الجهاني

الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 18:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- موقف حركة النهضة التونسية من حقوق المرأة
عرفت قضايا المرأة وحقوقها في السنوات الأخيرة، اهتماماً على المستوى الوطني أو الدولي، وخصوصاً بعد انعقاد مؤتمر بكين العالمي، حول حقوق المرأة سنة 1995، وما صدر عنه من مقررات، ولدت سجالاً حاداً بين أنصار الكونية والحداثة، وحقوق المرأة من جهة ثانية، وقد أظهرت الحركة الإسلامية عموماً في تعاملها مع قضايا المرأة وحقوقها موقفاً يرفض مفاهيم الحداثة وحقوق الإنسان، من منطلق أن هذه المفاهيم ما هي إلا تغريب وغزو من ثقافة الغرب للثقافة الإسلامية وقيمها، وإشاعة الانحلال والإباحية في المجتمعات الإسلامية، وهذه الأطروحة ذاتها هى التي نجدها في كتاب تنوير المؤمنات، وهى أطروحة مشتركة لدى أغلب التيارات الإسلامية في المشرق، كما في المغرب العربي.
حيث يتم النظر في الغالب الأعم إلى مطالب النساء في الديمقراطية والمساواة على أنها دسائس غربية علمانية، وإلحادية صليبية، وبالرجوع إلى فصول هذا الكتاب يقول الشيخ ياسين، " إن حركة تحرير المرأة، ما هي في حقيقتها إلا تغريب وكفر وغزو ثقافي، ودعوة للإباحية والانحلال، وأن هذه الحركة في نظره جاء بها المستعمر، وكانت تجلياتها الأولى في كتابات قاسم أمين، في كتابه تحرير المرأة، والذي صدر سنة 1899م، بعد أن تكونت في المجتمعات الإسلامية طبقة استسلمت وانقادت وتميعت، ووقفت من الوافد الغازي موقف الاندهاش، ثم التخاذل، ثم الخنوع والانكماش، والاستباق إلى الهاوية.. . . سواء في ذلك رجال ونساء.والمقصود بحقوق المرأة هنا ليس الحقوق الأولية من تعليم ورعاية فقط بل المقصود المشاركة الكاملة للمرأة في العملية السياسية وحقها في تولي المراكز القيادية والا يفرض عليها أي شي تحت اي مسمي دون حق.
لقد كان موقف الحركة في السبعينيات من قضايا المرأة من الاختلاط، " بأنه سبيل للفجور، وأن حق المرأة في التعليم محدود، في ما يكفل القيام بوظيفتها الطبيعية - مثل شؤون المنزل ورعاية الأطفال واشتغالها - لا يجوز إلا عند شدة الحاجةـ وبشرط أن تكون لها المهنة الشريفة ".بينما كان موقفها في الثمانيات بعد المراجعةـ اعتبار وجود المرأة في المؤسسة أمراً واقعاً لابد من مواجهته بروح جريئة، واعتبار الممانعة في تعليم البنات تصوراً بدائياً ليس له أساس من الدين، ولا من المصلحة القول بالاختلاط بشروط إسلامية"، ولعل هذا الخطاب يُعطي مؤشراً على هذا التطور الكبير الذي طرأ على الحركة، فيقول مرشد حركة النهضة راشد الغنوشي: " لا بجنس ولا باللون، وإنما بالتقوى والعمل الصالح والكفاءة. ولا يخل بمبدأ المساواة توزيع الأدوار وتكاملها، وإنما الحضارة الحديثة هي التي استحدثت بنظرتها المادية للإنسان، خللاً بين الأدوار، فجعلت الأصل في نظرة الإسلام إلى الجنسين المساواة، والتفاضل. فجعلت من الانتاج الاقتصادي المكانة والميزان الأرفع، وحطت من الأدوار الأخرى، مثل الرعاية الاجتماعية، رعاية البيت والطفولة، في حين اعترف الإسلام بكل الأدوار، وكرم القائمين بها، ما أتقنوا عملهم وأخلصوا، حتى جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، والأمر هنا لا يعني أكثر من توزيع الأدوار وتكاملها بحسب المؤهلات الطبيعية، بمعنى الاعتراف بترتيب لأدوار المرأة وأولويتها، فليست التربية والأمومة قصراً على المرأة، ولا الإنتاج الاقتصادي، ورعاية الشؤون العامة، كالعمل السياسي والجهاد، قصراً على الرجل، وإنما هي الأولويات، كل ذلك متاح للكل إلا ما يحيف على سلم الأولويات، وإنما الفشل والخلل في الحضارة المعاصرة، بسبب إعطاء دور الإنتاج الاقتصادي القيمة العليا، والمعيار الأعظم، فانهارت الأسرة، حتى بدأ الحديث عن اتجاه أمم إلى الانقراض.



وأعجب ما في الأمر أن مجتمعاً إسلامياً حديثاً مثل تونس بدأ خبراء السكان فيه والصحافة يتحدثون عن اتجاهه صوب الشيخوخة، بسبب دفع قادته المنبهرين بالغرب دفعاً للانخراط الفج في تجربة تحديثية متشنجة و كان من مفرداتها الأساسية حرية المرأة، وهى من قبيل كلمات الحق التي أريد بها الباطل، أي التمرد على قيم الإسلام، قيم الأسرة والعفة والقناعة، لصالح قيم الاستهلاك والأنانية، والتمركز حول الفرد ولذاته ومكانته، بما جعل الأسرة مسرح صراع، انتهى بالسير قُدماً صوب الاستغناء عنها، والتنصل من أعبائها.

وشهدت تونس منذ عهد الاستقلال وخاصة في السياسة التي انتهجها الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة، والتي كان محورها الانبهار بالغرب، وما قام به من عملية انقلاب في المجتمع التونسي، وإرساء العلمانية، وتطبيقها في كل أوجه الحياة في تونس خاصة، اتصفت بعملية التغريب الكبرى، التي قامت في المجتمع التونسي، والذي حاول بورقيبة من خلال العلمانية، ترسيخ الحداثة، وقولبة المجتمع التونسي وفقاً للنموذج الأوربي وكان لنصيب المرأة من هذه العملية أن أصبحت تحظى بشكل كبير من الحرية، وتحصلت على مكاسب في جميع المجالات التي اقتحمتها، والتي كانت حكراً على الرجال فقط، وكذلك وجودها في المراكز القيادية، وما تحصلت عليه من قوانين وتشريعات مدنية، والتي أصبحت موضع حسد لكل النساء في المجتمعات العربية، وشاهدت نقلة كبيرة للمرأة في تونس، ولكن الأهم هو الانقلاب الفكري الذي حصل للمرأة في تونس من آثار هذه العملية، التي تعتبر ثورة في المجتمع التونسي، وخاصة للمرأة فإن الأهم هو تأصل متجذر للمفهوم الفكري لهذه الحرية لدى المرأة التونسية، والتي أبرزت جيلاً متحرراً ومؤمناً ومدافعاً عن هذه الإنجازات بقوة، وعن مبادئ العلمانية التي حققت لها هذه المكتسبات، فإن المرأة اليوم في تونس، تعتبر رائدة على مستوى الوطن العربي، وخاصة في المكتسبات وحجمها ويقول الغنوشي في ذلك: " لم تظهر الحركة الإسلامية في تونس في مجتمع بدوي تسوده علاقات الفطرة، بل ظهرت في مجتمع أرهقته الحضارة في عضده، ونخر كيانه تقليد الغرب، والجري وراء مظاهر زائفة لحضارة الغرب لقد خيل لزعماء البلاد كلهم الإعجاب بالغرب، أننا لن ننضم إلى ركب المتحضرين، حتى نسير سيرتهم في كل مظاهر حياتهم". ويقال في السياق نفسه: " أن الغنوشي في نهاية المطاف هو الابن غير الشرعي لبورقيبة، مثلما أن هذ الأخير هو الابن غير الشرعي للجمهورية الفرنسية الثالثة والرابعة، لكن الاثنين هما أولاً وقبل شيء نتاج المجتمع المدني التونسي، المتجذر في تقليد التواصل العريق بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهما أيضاً ممثلان لاستمرارية التقليد الإصلاحي لزعماء السياسة، مثل خير الدين، وللعلماء مثل الطاهر بن عاشور"( ).
بذلك تكون المرأة هي إحدى، أعمدة العلمانية المتجذرة في المجتمع التونسي، وهى من ضمن أهم شرائح المجتمع، التي تدافع عن هذه العلمانية، ولن تسمح أبداً بأن تعود عقارب الساعة إلى الخلف، ومتكسبة من وعي وثقافة، تقلل من فرصة الحركات والتيارات الإسلامية بأفكارها الدينية، عن احتواء المرأة في المجتمع التونسي، وتكون عنصراً فعالاً داخل هذه الحركات، مثلما تشهد الكثير من الحركات الإسلامية في الوطن العربي مثل مصر أو الجزائر، ولعل الحركة الإسلامية في تونس، وما تتمتع به من انفتاح وتفاهم لقضايا المرأة، التي اعتبرت بعضها واقعاً موجوداً فرض نفسه، ما هو إلا انعكاس لرؤية الحركة، وفهمها للمجتمع التونسي، والشوط الطويل الذي قطعته المرأة في تونس، وحجم المكتسبات والإنجازات التي حققتها المرأة في تونس.
وإن اعتبرت هذه المكتسبات جزء من عملية التغريب والفرنسة التي تعرض لها المجتمع التونسي، والتي تقاومها الحركات الإسلامية، وتتصدى لها، ولكن طبيعة البيئة للمجتمع التونسي، والواقع الموجود على أرضية المجتمع، فرضت نفسها، وتفاعلت معه حركة النهضة وتعد ملزمة بتطوير خطابها، وإيجاد مشروع إسلامي مقنع، أمام مشروع التغريب، مع الحفاظ على مكتسبات المرأة التي حُققت بعد الاستقلال.



#صلاح_الصادق_الجهاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة النهضة التونسية وقضية الديمقراطية
- حركة النهضة التونسية رؤية متطورة
- موقف جبهة الوطنية للانقاذ الجزائرية من قضايا الديمقراطية وال ...
- النخب السياسية والقضايا المصيرية (بين سيكس بيكووسد النهضة)
- بدايات ومراحل تطور حركة الإخوان المسلمين
- دراسة في مفهوم الاسلام السياسي
- موقف الحركة الوهابية من قضايا العنف والديمقراطية
- قراءات في ظاهرة الاسلام السياسي
- النص الإبداعي بين القيمة المضافة والمحكمة
- الوطن بين المصالحة الوطنية والعزل السياسي
- انتلجنسيا الزيف
- تقرير عراب الثورات العربية
- الخونة والابطال الجدد
- فرضية قابلة للتصديق
- انضمو الي اعتصام ميدان الشجرة
- الاسلام السياسي في السلطة بعد الاتتخابات
- العولمة والهوية .... علاقة متبادلة
- نبعاث القومية الاندلسية
- أول ثمار الربيع العربي
- اشكالية اعتراف الصين بالمجلس الانتقالي


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الصادق الجهاني - حركة النهضة التونسية وحقوق المرأة