أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ميشيل حنا الحاج - متى يتحرر لبنان من حبل -حريري- التف حول عنقه؟















المزيد.....

متى يتحرر لبنان من حبل -حريري- التف حول عنقه؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 12:02
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كل رؤساء الوزراء اللبنانيين السابقين، من "صائب سلام"، و"عبد الله اليافي"، و"رشيد كرامي" و"سامي الصلح" وغيرهم من رؤساء الوزراء السابقين الذين تولوا ادارة "لبنان" في مراحل مختلفة من تاريخه، سواء قبل الحرب الأهلية أو بعدها، أي بعد اتفاق الطائف، ومنهم أيضا أمين الحافظ، سليم الحص، عمر كرامي، شفيق الوزان ورشيد الصلح، كانوا جميعا مواطنين لبنانيين ويحملون جوازات سفر لبنانية، ولا ينتمون لجنسية أخرى. أما المرحوم "رفيق الحريري" الذي تولى رئاسة الوزارة للمرة الأولى في عام 1992، ثم تولاها مرة أخرى في عام 2000 الى عام 2004، فكان رئيس الوزراء اللبناني الأول الذي يعتقد بأنه كان يحمل جنسيتين: لبنانية وسعودية.
ويرجح هذا الاعتقاد، انه قد أمضى سنوات طويلة في السعودية، وعمل هناك في عدة حقول أبرزها الانشاءات والمقاولات، حيث يقال بأنه قد كلف ببناء عدة منشاآت للحكومة السعودية، وبعضها للعائلة المالكة.
وعندما عاد الحريري الى لبنان، كان يمتلك ثروة كبيرة قدرت بمليارات الدولارات، وهي مليارات ازدادت تضخما بعد توليه رئاسة الوزارة للمرة الأولى عام 1992 ، واحتفاظه لنفسه بمنصب وزير المالية فيها، ثم اشرافه وربما مشاركته سرا، بعملية اعادة بناء وسط بيروت الذي دمرته الحرب الأهلية والمسماة (عملية اعادة البناء) ب"السوليدير"، حيث فوضت باعادة بنائه شركات خاصة يعتقد أنه كان للحريري مساهمات كبرى فيها.
وما يهم في الأمر، أن الحريري العائد بثروة كبرى، وبما يعتقد أنه جواز سفر آخر هو جواز سفر ديبلوماسي سعودي، قد أدخل السعودية في عالم لعب دور سياسي هام ومؤثر على الساحة اللبنانية، بعد أن كان دورها ثانويا في الماضي، حيث كانت الجارة سوريا، هي الأكثر تأثيرا في الساحة اللبنانية، وهو نفوذ شاركتها فيه فرنسا، صاحبة الانتداب على سوريا ولبنان لسنوات طويلة، والتي نظر اليها مسيحيو لبنان نظرة ود معتبرين اياها الأم الرؤوم والحامية لهم. ولم يكن هناك من هو صاحب تأثير سياسي آخر في الساحة اللبنانية الا مصر في عهد "عبد الناصر"، وخصوصا بعد الوحدة بين سوريا ومصر، حيث كان لعبد الناصر مريدين كثر في لبنان وخصوصا بين طائفة السنة من أبنائها.
ويؤكد الدور السوري المميز في لبنان، أنه عندما نشبت الحرب الأهلية فيه، وتفاقمت الأمور الى درجة صدور قرار من الجامعة العربية بارسال "قوة ردع عربية" الى لبنان في مسعى لتحقيق الاستقرار فيه، فان تلك القوات قد شكلت بشكل رئيسي من القوات السورية، مع مشاركة بقوات أردنية وعراقية وسعودية، لم تلبث معظمها حتى انسحبت تدريجيا من الساحة اللبنانية، بحيث لم يبق فيه الا القوات السورية، التي لعبت آنئذ دورا هاما في حماية المسيحيين اللبنانيين رغم أنهم كانوا يناصبون سوريا العداء.
ومعركة "ضهر البيدر" الكبرى التي خاضتها القوات السورية في السبعينات ضد حلفائها الدائمين، أي ضد حركة التحالف الوطني باسم الجبهة الوطنية المكونة من المسلمين واليسار اللبناني والدروز والفلسطينيين، هي معركة معروفة، وقد سجلها التاريخ اللبناني. وقد سعت تلك المعركة للحيلولة، دون تقدم قوات التحالف الوطنية هذه نحو الجبل المسيحي المعادي لسوريا، والمعادي أيضا لقوات التحالف في نفس الوقت. ومثلها مؤازرة القوات السورية للقوات المسيحية اللبنانية المكونة بشكل رئيسي من حزب الكتائب، في معركتها ضد الفلسطينيين المتواجدين في مخيم "تل الزعتر"، والتي أدت الى مغادرة الفلسطينيين للمخيم الواقع في وسط منطقة مسيحية.
فالحرص السوري على حماية مسيحيي لبنان الذين يشكلون جزءا هاما من الشعب اللبناني، كان واضحا ولا مجال للمناقشة في صحته. وقد ظل الأمر كذلك حتى بعد وصول "الحريري" الى مركز رئاسة الوزارة، وبداية سعيه البطيء لفرض دور سعودي هام ومتزايد في الساحة اللبنانية.
واذا كان "رفيق الحريري" لم يفلح في حياته في تسعير الكراهية للسوريين تمهيدا، كما يرجح، لتعزيز الهيمنة السعودية في لبنان، فقد نجح في ذلك لدى مماته. اذ أنه فور اغتياله، نجح "آل الحريري" في تحقيق أهدافه من عزل النفوذ السوري، وتعزيز النفوذ السعودي، واحلاله محل النفوذ السوري ولو الى درجة محدودة. وقد حققوا ذلك بسرعة نتيجة توجيه الاتهام فورا الى "سوريا"، معتبرين اياها مسؤولة عن عملية الاغتيال تلك، مستندين الى اتهامات غير مؤكدة، بأن "الرئيس بشار" قد هدد الحريري بالاغتيال أكثر من مرة، وذلك اضافة الى ادعاءات استندت الى ما قرره التحقيق الدولي بأنه قد اكتشفها خلال التحقيق، وأفادت بأن حزب الله، حليف سوريا، كان ضالعا بعملية الاغتيال تلك.
ولم يتوقف أحد للتفكير ولو قليلا، ليلاحظ بأن سوريا كانت أكثر المتضررين من عملية الاغتيال تلك، وأن السعودية كانت أكثر المستفيدين منها، لكونها قد مهدت لطرد السوريين من لبنان، ولقيام "آل الحريري" بلف العنق اللبناني بحبل "حريري" تمثل بتزايد نفوذ وتأثير "آل الحريري" نتيجة ما شكلوه بما سمي بحزب الاستقلال كنواة لكتلة معارضة هي كتلة 14 آذار التي سعت لبسط الهيمنة على المقدرات اللبنانية. فكأن شيئا ما كان مخططا له ومعد سلفا.
فقد انطلقت فور عملية الاغتيال، ما سمي بثورة الأرز المطالبة برحيل السوريين، وبتقديم سوريا وحزب الله، لمحكمة دولية باعتبار أن ما حدث هو جريمة حرب، متناسين أن العديد من الزعماء اللبنانيين قد جرى اغتيالهم سابقا، ولم ترفع قضايا اغتيالهم لمحكمة دولية. وكان من هؤلاء الذين جرى اغتيالهم "رشيد كرامي" رئيس الوزراء الأسبق، و"رينيه معوض" رئيس الجمهورية المنتخب، و"بشير الجميل" الرئيس المنتخب أيضا، اضافة الى "كمال جنبلاط" زعيم الجبهة الوطنية اللبنانية.
فهذا التحرك المفاجىء والمنظم مسبقا كما يبدو، والممول بمليارات أبناء "رفيق الحريري" الآتية من السعودية، قد أثار شكوكا لد ى البعض، بأنه ربما وجدت أصابع سعودية وراء ما يجري، بحيث بات من الواضح أنها المستفيد الأول مما جرى، باعتبار أن عملية الاغتيال، لم تكن الا خطوة في مسعى لطرد النفوذ السوري، واحلال النفوذ السعودي محله. والمعروف في القانون الجنائي، أن المحقق يبحث دائما عن المستفيد فيوجه له الشك فالاتهام. أما في قضية اغتيال "رفيق الحريري"، فقد وجه الاتهام للمتضرر، وتم غض النظر عن المستفيد.
ولكن أغرب ما حدث كنتيجة لتلك الواقعة، هو أن بعض مسيحيي لبنان الذين حمتهم سوريا خلال الحرب الأهلية من مذبحة محتملة كانت مقدرة لهم، قد انضووا فورا تحت علم "آل الحريري" وحلفائهم من المسلمين السنة (أعداء الأمس)، وشاركوا فيما سمي ُ ب"ثورة الأرز" المعادية لسوريا، غير مدركين أن ما يحدث فعلا على أرض الواقع، هو مسعى للتخلص من السوريين، بغية احلال نفوذ سعودي وهابي سلفي محله، وهو نفوذ أكثر خطرا عليهم من أي تواجد سوري أثبت أكثر من مرة أنه قد لعب دورا حاسما في حمايتهم.
ولم يكن ذلك كله، الا الخطوة السعودية الأولى في توجيه الضربات لسوريا. اذ كانت عندئذ تعد سرا هي وحليفتها قطر، لتوجيه الضربة الأخرى لذاك البلد ، بمجرد اكتمال الاستعدادات لتوجيهها، وذلك بغية استئصال الدولة العربية الأخيرة في المنطقة، الممانعة للحلول الاستسلامية الأميركية للقضية المركزية، وهي قضية فلسطين.
وهكذا بدأ التمرد المسلح في سوريا في آذار 2011. واستمرت الحرب قائمة لمدة ثلاثة أعوام تدخلت أثناءها قوات من حزب الله اللبناني المنتمي للطائفة الشيعية، للقتال الى جانب القوات السورية. وهذا التدخل أثار اعتراضا من مجموعة 14 آذار التي تقودها جماعة الحريري والتي ضمت جزءا هاما من الطائفة المسيحية. وهنا وقع مسيحيو لبنان في خطأ آخر، بعد الخطأ الأول الذي تمثل بتبنيهم موقف الحريريين من تحميل سوريا المسؤولية عما حدث لرفيق الحريري.
فاعتراضهم على تدخل حزب الله في لبنان، كان خطأ فادحا، اذ كان يجدر بهم أن يقوموا بأنفسم بمناشدة حزب الله التدخل في سوريا لكونه تدخلا، على أرض الواقع، في معرض حماية لبنان من أخطار انتشار التكفيريين الاسلاميين في الأراضي اللبنانية، بما يحمله ذلك من أخطارعلى لبنان بشكل عام، وعلى مسيحيي لبنان بشكل خاص.
فمهما كان المصير الذي ستنتهي اليه الحرب الدائرة في سوريا، لن تكون نتائجه وتفاعلاته لمصلحة لبنان، وبالذات لمصلحة مسيحيي لبنان. فهذه الحرب، لا يمكن أن تنتهي الا لمصيرين محتملين وكلاهما مر في آثاره. والاحتمالان هما اما أن ينتصر تمرد الاسلاميين التكفيريين فيسيطرون على مقاليد الأمور في سوريا، واما أن يهزموا. وفي كلي الحالتين، فان النتيجة وبالية على لبنان. وسوف تكون أكثر وبالا اذا نزع سلاح حزب الله.
فاذا انتصر التكفيريون أو الجماعات الأخرى المنتمية للقاعدة، فانه بمجرد الاستقرار لهم في سوريا، سوف يبدأون بالتطلع نحو لبنان باعتباره المجال الحيوي لتوسعهم. واذا هزموا في تلك الحرب، فان لبنان سوف يتحول الى ملاذهم الأفضل للفرار من الجيش السوري الذي سيطاردهم حتى حدوده الدولية.
ولكن لماذا "لبنان" دون دول الجوار الأخرى لسوريا؟ فهناك ثلاث دول جوار أخرى يمكن اعتبارها مجالا حيويا لتوسعهم، أو لتكون ملاذا آمنا لهم في حالة اضطرارهم للفرار من ملاحقة الجيش السوري اذا ما هزموا أمامه.
والواقع أن السبب في كون الحدود اللبنانية هي الأفضل والأكثر احتمالا من حدود الدول الثلاث الأخرى للتوسع في حالتي النصر أو اللجوء في حالة الهزيمة، هو كونها الحدود الأكثر ضعفا مقارنة بحدود دول الجوار الأخرى. فالحدود التركية هي حدود لدولة داعمة لهم، وهي مصدر تزويدهم بالسلاح وبالمقاتلين، اضافة الى وجود جيش قوي لديها، وفيها قواعد أميركية ومرتبطة بحلف "الناتو". أما الحدود الأردنية، التي هي ايضا حدود لدولة جوار أخرى، فيحميها جيش قوي منظم ومدرب تدريبا حسنا، اضافة الى وجود بعض القواعد الأميركية داخل الأراضي الأردنية. ولا يختلف ا لأمر بالنسبة للحدود العراقية التي يتواجد فيها قوات مسلحة تصبح أقوى يوما بعد آخر، وها هي تقاتل فعلا "دولة العراق والشام الاسلامية" (داعش)، وسوف يكون هذا الجيش، خصوصا بعد شروع الولايات المتحدة بتزويده ببعض المعدات والمعلومات الاستخبارية، قادرا على مقاتلتهم، جنبا الى جنب مع مقاتلته لداعش. أما الحدود اللبنانية فهي الأضعف، والأسهل هضما، لعدم وجود جيش قوي ومسلح تسليحا كافيا ليحميها، فليس هناك من يقف في مواجهتهم، غير مقاتلي حزب الله الذين يشاركون أصلا في قتالهم على الساحة السورية.
لذا تبدو لبنان هي اللقمة السائغة والأسهل ابتلاعا، سواء انتصر التكفيريون في سوريا أو هزموا. وابتلاع لبنان أو السعي لابتلاعه، له مقدمات بانتشار بعض التكفيريين في "طرابلس"، المدينة الرئيسية في شمال لبنان، وكذلك في منطقة "عكار" القريبة من الحدود السورية. وهو انتشار يتم بمباركة وترحيب من جماعات الحريري، حيث طرح "سعد رفيق الحريري" نفسه زعيما لطائفة السنة وللمتحالفين معها وفي مقدمتهم مسيحيو لبنان.
ومن المرجح أن تؤدي سيطرة التكفيريين سواء من الداخل اللبناني، او من القادمين من سوريا، الى آثار وانعكاسات على اللبنانيين بشكل عام، وعلى مسيحيي لبنان بشكل خاص، الذين سيصبحون عندئذ من أهل الذمة، وسوف يضطرون لدفع الجزية، وتحجيب نسائهم، والتنازل عن الكثير من المميزات التي كانوا يتمتعون بها، وسوف يفقدونها لدى سيطرة التكفيريين على زمام الأمر في كل أو بعض لبنان.
ولعل الخلاف حول من يكون الرئيس المقبل للبنان، هو انعكاس واضح للصراع الذي ربما يمهد للفراغ السياسي، مما قد يشجع على التعجيل في توسيع رقعة المعركة لتشمل "لبنان" اضافة الى "سوريا"، خصوصا وأن مؤشرات المعركة في سوريا، توحي بأن الحسم فيها بات يقترب تدريجيا من الحسم، وهو على الأرجح، لا يبدو بأنه سيكون حسما لمصلحة المقاتلين الاسلاميين المتشددين التكفيريين، مما سيضطرهم الى نقل ساحة القتال الى موقع آخر، ليس فيه قوات جيش عسكرية قوية قادرة على قمعهم، أو هكذا يظنون، وتلك هي الساحة اللبنانية، رغم علمهم بأن مقاتلي حزب الله، سوف يتصدون لهم.
ومن هنا يصبح سبب الصراع على موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية واضحا. فالحريريون، ومن ورائهم أكثرية الطائفة السنية، وبعضا من المسيحيين المتحالفين معهم، والذين يشكلون مجتمعين تكتل 14آذار ، يتمسكون بالدكتور "سمير جعجع" مرشحا للرئاسة. ويتمسك الطرف الآخر، وهو تكتل 8 آذار الذي يضم حزب الله، وحركة أمل، وبعض السنة، وتكتلا مسيحيا كبيرا، بالجنرال "ميشيل عون"، القائد السابق للجيش اللبناني، مرشحا مقابلا، لاعتقادهم بأن خلفية "عون" العسكرية، وتحالفه مع حزب الله بمقاتليه، هما القادرين على مواجهة تطور نوعي كهذا يشمل بداية تسلل التكفيريين الى لبنان.
فكيف يمكن لطبيب ك"جعجع"، رغم خلفيته في قيادة ميليشيات "القوات اللبنانية" شبه العسكرية، أن يستوعب مخاطر كهذه تهدد لبنان، دون قدرة أو استعداد منه على التعاون مع قوات حزب الله، التي ستكون وحدها، ربما مع بعض التعاون من الجيش اللبناني، القادرة على مواجهة أخطار كهذه.
والواقع أن خطورة الوضع لا تخفى على المراقب الحيادي. فاذا لم يتم الاتفاق على رئيس للبنان، وظل الفراغ الرئاسي قائما، فان مستقبل لبنان كدولة مستقلة مستقرة يتمتع فيها المسيحيون بامتيازاتهم المعروفة، سوف يصبح مهددا. واذا تولى "سمير جعجع" الرئاسة، مع انعدام امكانية التعاون بينه وبين حزب الله وقوات حزب الله، ومع بقاء خطر التكفيريين القابعين على الحدود السورية اللبنانية قائما، من المرجح أن يؤدي بالبلاد الى الدمار، والى نجاح التكفيريين بالسيطرة تدريجيا على مواقع عدة في لبنان، ان لم يكن على كل لبنان، بما يتضمنه ذلك من خسارة مسيحيي لبنان لحريتهم في العبادة، وللكثير من امتيازاتهم السابقة.
ومن هنا يبدو أن الاحتمال الأفضل للحل، هو التوافق على انتخاب رئيس حيادي، أو رئيس قادر على التنسيق مع حزب الله، لكون قوات حزب الله، مع ضعف التسليح في الجيش اللبناني، ستكون (باعتبار أن هذا هو الواقع الذي لا بد من الاعتراف به)، الأقدر على مواجهة التكفيريين كما واجهتهم في سوريا، وواجهت من قبلهم القوات الاسرائيلية في عام 2006.
أما القول بأن هذا الواقع، انما يضع لبنان، وخصوصا مسيحيي لبنان، بين مطرقة حزب الله وسنديان التكفيريين، فهو غير صحيح، وهو قياس لا يجوز اللجوء اليه. فقد عاش مسيحيو لبنان ولسنوات طويلة بحرية تامة في لبنان، رغم تواجد حزب الله بقوته العسكرية، دون أن يؤدي ذلك الى التعرض للمسيحيين أو للمسلمين السنة بأي اعتداء أو هيمنة عليهم من قبل حزب الله.
ولست هنا في معرض الدفاع عن "حزب الله"، ولكني في معرض المقارنة الواقعية بين ما يعتقد أنه أخطار "حزب الله" التي لم يلمسها اللبنانيون أبدا في مجريات حياتهم اليومية، وأخطار التكفيريين التي لمسها السوريون في بعض المناطق التي سيطرت عليها قوات التكفيريين أو قوات تابعة للقاعدة، كمنطقة الحسكة وغيرها من المناطق السورية في شمال وشرق سورية، وهي المناطق التي سيطرت فيها قوات الاسلاميين المتشددين. فهناك قد فرضت الجزية على المسيحيين، وفرض الحجاب على نساء المسيحيين ومسلميها أيضا. كما تم جلد النساء في مواقع عامة، وقطع رؤؤس بعض الرجال لأسباب واهية، بل وجرى فرض حظر على تواجد حلاقين في المنطقة، لأن حلاقة اللحية للرجال، أمر مخالف للسنة النبوية بالمفهوم الوهابي لها.
ومن هنا يتبلور نوع الخطر المتوقع، على مسيحيي لبنان وعلى مسلميه، اذا استطاع التكفيريون التوصل للسيطرة على مقدرات الأمور في لبنان أو على بعض أجزائه. وامكانية سيطرتهم تصبح أكثر ترجيحا مع بقاء الفراغ الرئاسي فيه، مع أن انتخاب رئيس ملائم، ربما لن يلغي أيضا هذا الخطر. كل ما في الأمر أنه سيخفف من عواقبه ونتائجه واحتمالات تفوقه بسرعة كبيرة.
ومن هنا يتوجب على كافة الاتجاهات السياسية، اعادة تقييمها لموقفها من حزب الله، ومعاودة النظر في تأييدها لجماعة الحريري . حيث فرضت التطورات في المنطقة، وفي سوريا بالذات، اعادة تكييف للموقف من حزب الله الذي بات وجوده من الضروريات، على الأقل في هذه المرحلة بالذات.
أما من لم يعد وجوده ضروريا، بل وبات ضارا، فهو "الحبل الحريري" الملتف حول عنق اللبنانيين، وذلك نتيجة سعيه لاستدراج لبنان نحو سيطرة التوجه الوهابي السعودي المعزز بمقاتلين تكفيريين، قد لا يكون لديهم استعدادا لتفهم الطبيعة الخاصة في لبنان، وهي الطبيعة المتميزة التي فرضها تواجد هذا التعدد الطائفي فيه، ووجوب التعايش بأمان بين جميع تلك الطوائف. .



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا -السيسي- ؟ قراءة أولية في نتائج انتخابات الرئاسة المصر ...
- لماذا لا يكون المولود يهوديا الا ا ذا ولد من أم يهودية، وأخط ...
- مسيحيو لبنان الى أين؟ هل هم مدركون لما يفعلون؟ أم يغرقون في ...
- عندما يكتب تاريخ الحرب بقصائد شعر لونت حروفها بدم الضحايا ال ...
- هل الوضع في ليبيا -باهي- - -باهي-، أم خطوة نحو محاربة الارها ...
- دراما الانتخابات الرئاسية في مصر وسوريا ولبنان، والمخاطر الن ...
- ماذا يجري في سوريا ؟ حرب لتغيير النظام العلماني، أم مساع خبي ...
- التناقضات الأميركية بين موقف وموقف مشابه،وهل هناك دهاء مبيت ...
- هل تسعى دولة -خطر- لاستعادة اسمها دولة -قطر-، وما تأثير ذلك ...
- من يقف وراء ظهور وتأسيس حركات الارهاب في العالم؟
- هل تنتهي الحرب في سوريا؟ كيف ومتى؟ وما هي الاحتمالات الخمسة ...
- هل أصبحت أوكرانيا معضلة للأميركيين، حين أرادوها ورقة ضاغطة ع ...
- بعد التسجيل الصوتي لوزير خارجية تركيا في جلسة يجري فيها حبك ...
- هل تعد اسرائيل لمهاجمة سوريا من -الجولان- بالتعاون مع التكفي ...
- من يشعل الحروب من الرؤساء الأميركيين؟ الديوقراطيون أم الجمهو ...
- الأبعاد الحقيقية للصراع حول أوكرانيا
- المبدأ القانوني الجديد الذي ترسيه أميركا حول قضية شبه جزيرة ...
- المبدأ القانوني الدولي الجديد الذي ترسيه أميركا حول قضية شبه ...
- مع احتمال اطلاق سراح المطرانين قريبا، ألا يتوجب على المسئولي ...
- التعليقات الواردة حول مقالتي بعنوان: الأوكراني -نيكيتا خروتش ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ميشيل حنا الحاج - متى يتحرر لبنان من حبل -حريري- التف حول عنقه؟