مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 22:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في حياتي كلّها لم أدخل مسجدا ولا حدث وأن حضرتُ خطبة جمعة. وأعتبر نفسي محظوظا لأنّي تربّيت في أسرة لا علاقة لها بالإسلام إلاّ بالإسم وبإتّباع بعض العادات والتقاليد الموروثة في المجتمع التونسي والتي يقوم بها معظم التونسيين بحكم العادة لا أكثر ولا أقلّ. أعتبر نفسي محظوظا لأنّ الطريقة التي تربيت بها جنّبتني التعرض لتفاهة الإسلام في صغري ولولا تلك الطريقة لكان وقع غسل دماغي مثل كلّ هؤلاء الذين يعيشون حولي الآن ويعتقدون أنّ للسّماء أبوابا وأنّ الحمار يمكن أن يطير وأنّ آدم كان طوله سبعون ذراعا وأنّ الله يرى كل شيء ويقسم الأرزاق وأنّ العرب المسلمين هم خير أمة أخرجت للناس وكل هذه التفاهات المضحكة والمبكية في نفس الوقت. أعتبر نفسي محظوظا أيضا لأنّي ولدت في زمن حكم رئيس الجمهورية التونسية الأول الحبيب بورقيبة وعشت شبابي بين عهده وعهد الرّئيس الموالي زين العابدين بن علي، وهذان عهدان نضجت فيهما شخصيّتي وتطورت معارفي وتقدّم تفكيري بإتّجاه آفاق أخرى ما كانت لتخطر لي على بال لو كانت تونس وقتها بيد إحدى عصابات الإسلام (السّياسي أو غيره)...
قلت، في حياتي كلها لم أدخل مسجدا ولا حضرت خطبة (ولا أنوي فعل ذلك لا الآن ولا بعد مائة سنة)، ولكنني كنت دائما أتساءل، كلّما وقعت عيني على نقلٍ لخطبة الجمعة على التلفزيون: لماذا كلّ هذا الصّراخ الذي يأتيه الإمام وهو على المنبر؟ لماذا هذه النّبرة الغاضبة الحانقة وهذه الألفاظ المليئة تهديدا ووعيدا، كما لو كان بينه وبين المستمعين ثأر قديم؟
لم أجد أيّ جواب على أسئلتي تلك وبقيت الأسئلة عالقة في ذهني تتكرّر كلّما جاء يوم الجمعة وسمعت صراخ أحد الأئمّة في أحد المساجد... ولكن، عندما كبرت، فهمت السّبب. إنّها السّنّة النّبويّة الشّريفة...
يقول إبن قيّم الجوزيّة: "خطب صلى الله عليه وسلم على الأرض، وعلى المنبر، وعلى البعير، وعلى النّاقة. وكان إذا خطب، إحمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتدّ غضبه حتى كأنه منذِرُ جيشٍ يقول: "صبَّحكم ومسّاكم" ويقول: "بُعثت أنا والساعة كهاتين" ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: "أمّا بعدُ فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمّد صلى الله عليه وسلّم وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة" (إبن قيم الجوزيّة، "زاد المعاد في هدي خير العباد"، فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في خطبته، مؤسسة الرّسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثالثة، 1998، ص179)
إحمرار العينين، هيجان، صراخ، غضب، تهديد، وعيد... نفس العلامات التي نلاحظها على وجوه الأئمّة حتّى اليوم. لكن، أليس إحمرار العينين من علامات إصابة الكلاب بداء السُّعار (داء الكَلَبِ)؟
هل أورث محمّد بن آمنة لأتباعه كلّ أمراضه وعقده النّفسيّة، حتّى أصبحوا مسعورين مثله؟
وما فائدة الإستماع لشخص مسعور أصلا؟ أم هي المازوخيّة الإسلاميّة؟
--------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟