|
الحصيد المخيب للحزب الشيوعي العراقي
رعد الرشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 20:33
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحصيد المخيّب متابعو المشهد الانتخابي، الذي جرت وقائعه في 30 نيسان المنصرم، صدمتهم نتائجه المتعلقة بالحزب الشيوعي العراقي، حيث تطامنوا على توقعات متفائلة بحصول مرشيحه، ضمن التحالف المدني، على أصوات تمكنهم من حصد 5 مقاعد، تم تداولها بين الشيوعيين واصدقائهم على أنها مسلمات انتخابية، للحد الذي دفع السكرتير الأول للحزب حميد مجيد الى التصريح ((نحن قادمون بقوة))، ولكن هذه القوة اضمحلت بعد الاعلان الرسمي عن النتائج، وباتت عتبا على سانت ليغو، الذي قال الشيوعيون أنفسهم قبل الانتخابات انه قانون منصف. ما الذي حصل حتى يخرج الشيوعيون بتبريرات وأرقام مشكوك في صحتها؟ جاسم الحلفي مرشح الحزب يتحدث على الفيسبوك عن أكثر من 17 ألف صوت حصل عليها لوحده في بغداد، ما يضعه في الترتيب السابع على العاصمة. لكنه، ويا للمفارقة، لم يحصل على مقعد واحد. الحزب يتحدث عن 250 ألف صوت في عموم البلد بلعها قانون "العم ليغو"، وبقية الرفاق الصنميين شربوا المقلب وملأت هوساتهم وأهازيجهم الفيسبوك حتى أوجعت الرؤوس. أجد أن ثمة لغط داخل التنظيم العتيد عن هذا الاخفاق التاريخي. (أرى خلل الرماد وميض نار). والفشل، هذه المرة، لن يمر عفو الخاطر، إن كان ثمة من حزب يبلغ عديد أعضائه مئات الألوف، كما تتحدث لغة الارقام الشيوعية. فلا بد من محاسبة تبدأ من رأس الهرم الذي انتشى بتسريبات كاذبة فتوهم القوة. وحيث أن القيادة الموجودة حاليا استطاعت أن تنأى عن الحساب في 2010 لعدم حصول الحزب على مقعد في انتخابات ذلك العام، غدا من الضروري حاضرا أن تبدأ المحاسبة والنقد قبل أن تطوي صفحة النسيان الحزب الشيوعي العراقي، الذي بات إرثه النضالي ملكا للشعب بوصفه ذاكرة العراق الحديث بعهوده الملكية والجمهورية، وليس بيتا متهالكا ورثته الشلة المتنفذة تعرضه للمساطحة تحت عناوين متنطعة لتحالفات غير موفقة. هذا التكرار الدوري للحصيد الشيوعي المخيّب، لا بُد من بُدٍ معه يتجاوز التبريرات المغفلة ليغدو عملية نقد ومراجعة تبدأ من عودة الحزب الى العلن بعد 2003، والانخراط في عملية ديمقراطية يجهل جميع المنخرطين فيها خريطتها. بدأ الشيوعيون وغيرهم من الاحزاب والكتل والافراد من خط شروع واحد، بميزة تحسب للشيوعيين، وهي تجارب رفاقهم في البلدان الديمقراطية التي كان عليهم أن يستفيدوا منها كإرث اممي، وكذلك وجود كثيرين منهم في الغرب واطلاعهم على آليات التحشيد للانتخابات، وهو ما يفتقده التيار الصدري مثلا. الا أن مشاركتهم وتحالفاتهم في ثلاث انتخابات كشفت عن معين ناضب جاءت النتائج متوافقة معه. وللتذكير فقط فإن ((أم المعارك)) قصرت عن أن تكون غطاءً للنظام المقبور وتبرير هزائمه، بل غدت مثارا للسخرية بعد أن قيدت في الذاكرة تحت عنوان ((أم المهازل)). فهل يرضى شيوعيو العراق أن يصبحوا مادة للتندر مع كل دورة انتخابية؟ بين الفائزين في انتخابات البرلمان الأخيرة، هناك اسماء حجزت لنفسها مقعدا بمجهود فردي، عرف كيف يدخل الملعب وما هو مزاج الجمهور، بعضهم لا يملك تاريخا يستند اليه ولا حزبا يتكأ عليه، يدعمه ويعقد التجمعات الجماهيرية للترويج له، كما فعل الحزب الشيوعي في نادي النفط، وعلى حدائق أبو نؤاس للترويج لمرشحيه. ولكن اخفاقهم ونجاح غيرهم يشير الى علة هيكلية داخل الحزب الشيوعي نفسه، تسربت من الوضع العام الذي يلف البلد، ولم يتحصن الشيوعيون ضده منذ أن رضي حميد مجيد موسى ومناوبه جاسم الحلفي أن يدخلا كـ(شيعة) الى مجلس حكم بريمر، وليس بوصفهم ممثلين لأعرق حزب علماني في البلد، يفخر الى اللحظة بأن مؤسسه وسكرتيره الأول مسيحي عراقي، وأن من بين أعضاء لجانه المركزية يهودا وكردا وعربا وتركمانا وسنة وشيعة وصابئة. لا ريب أن التخندق الطائفي والإثني ضرب أطنابه ليشمل أغلب العاملين في النشاط السياسي، وهو اليوم أكثر تغولا، وما عاد التصريح به مخجلا لأحد، بل بات عدم التصريح به يعد مثلبة، حتى أمست العلمانية، أحزابا وأفرادا، لا تقوى على الوقوف تحت مطرقته، وما عادت شعاراتها البدائية بذي نفع كغطاء فكري وفلسفي وتربوي يقوى على منافحة الشعبوية الطائفية التي تمتحها الفضائيات والخطب والفتاوى بعنفوان متجدد. هل كانت قيادة الشيوعيين تجهل هذا الذي تسرب الى خلاياها؟ أجزم أن بعضا من عناصرها القيادية كانت تلوك بمفردات الطائفية وتخيلاتها داخل أقبية الحزب، ولكن سياسة عظموا أنفسكم بالتغافل، وافتقار الحزب الى الأفكار المناهضة بشكل صريح للطائفية، ورفاق مؤهلين للاضطلاع بهذا الدور، وليس مجموعة من المنتفعين الذين اتخذوا من الحزب فندقا 7 نجوم يدر عليهم الامتيازات السخية، ويثرثرون باسمه لدواعي الوجاهة لا غير. أجد أن على العلمانيين الحقيقيين أن يسموا الاشياء باسمائها بوضوح تام وبمفردات تنتمي الى قاموس لا يحتمل التأويل أو الخوف، لا الهروب من (العلمانية) الى الدولة (المدنية) من دون التصريح بفصل الدين عن الدولة، والاكتفاء بشعارات وجلة كانت قاسما مشتركا لكل القوائم المتنافسة. ما الذي سيخسره الشيوعيون لو تمترسوا خلف علمانيتهم وانخرطوا في كفاح حقيقي لكسر طوق الورد، بدلا من مسك العصى من الوسط والنضال لكسب ود القوائم الكبيرة.
#رعد_الرشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إليك ما نعرفه عن اصطدام طائرة الركاب ومروحية بلاك هوك وسقوطه
...
-
معلومات سريعة عن نهر بوتوماك لفهم مدى تعقيد البحث عن حطام ال
...
-
أول تعليق من ترامب على حادثة اصطدام طائرة ركاب ومروحية عسكري
...
-
حوافه حادة..مغامر إماراتي يوثق تجربة مساره بوادي خطير في قير
...
-
كيف نجا قائد الطائرة إف-35 -الأكثر فتكا في العالم- بعد تحطمه
...
-
إيطاليا تعيد كنوزا عراقية منهوبة.. قطع خلدت ذكرى من شيدوا ال
...
-
FBI يستبعد العمل الإرهابي في حادث اصطدام طائرة الركاب بمروحي
...
-
بعد كارثة مطار ريغان.. الإعلام الأمريكي يستحضر آخر حادث كبي
...
-
جورجيا تنسحب من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بعد مطالباته
...
-
الائتلاف الوطني السوري يهنئ الشرع بتنصيبه رئيسا للجمهورية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|