جمال عبد الفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 15:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سقط السيسى سقوطا شعبيا مدويا . . . تحت ضربات المقاطعة الشعبية المفاجاْة لكل اعداء الثورة . . . وسينعكس ذلك على نظام حكمة بتشققات وتفكك عميق اكثر من اى وقت مضى , وعلى الثورة وقطاعات واسعة من الشعب بمزيد من الوعى والثقة بالنفس , والاندفاع بموجة ثورية عنيفة وعاتية تتجاوز طموحات وحدود الموجات السابقة , ولن يجدى معها حيل والاعيب الموجات السابقة التى اغرقوا فيها الثورة . . ولن يتبقى امام الحكم القائم المازوم من مخرج الا الانقلاب العسكرى , او الحرب الاهلية المحكومة كما يراها السيسى ورجالة , لقطع الطريق على الثورة وانهيار نظامهم بعد الهزيمة الساحقة فى معركة "التتويج الرئاسى" .
ان المقاطعة الشعبية لانتخابات رئاسة الثورة المضادة الحالية جاءت تعبيرا عن نقلة نوعية فى الوعى الثورى لدى الغالبية الساحقة من الطبقات الكادحة والمفقرين . فلم تكن مجرد مقاطعة سلبية من الجمهور الواسع لعملية انتخابية فى ظروف عادية , ناتجة من تجربة طويلة , ادت لقناعة راسخة بعدم جدوى اى عملية انتخابية , والياْس من امكانية تغيير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الكارثية المعاشة فى ظل نظام حكم اسنبدادى جاسم على صدر الجميع من خلال لعبة الصناديق المفضوحة كما ايام حكم مبارك , فقد ولى زمانها , وزمان الديموقراطية التمثيلة بكل مؤسساتها فى البلدان الراسمالية المتقدمة والمتخلفة على حد سواء منذ سنين عددا , والتى لم تعد تولد غير الفقر والبطالة والجوع والحروب بالنسبة للغالبية الساحقة من البشرية . بل وتقدمت المقاطعة الشعبية الحالية , كحلقة فى العملية الثورية , موجهة بالاساس ضد الديكتاتور المتوج تزويرا والذى خبرتة الجماهير كحاكم , وخبرت سياساتة المدمرة والاجرامية منذ 30 / 6 /2013 , ورفضا لدولة العسكر وارهابها اليومى , وضد كل الاغنياء المؤيدين لحكمة , وضد محاولات خدم العسكر من لبراليين وناصرجية ويسارتية المستميتة فى تسويق جزار الثورة , وضد اعلامهم المضلل والمرتزق , وابتزازة اوسع الناس باقزع الشتائم والاهانات , لمقاطعنهم لتلك المسرحية المبتذلة , وارهابهم بالغرامة وسحب الجنسية من فرط الاحساس بالهزيمة.
كما فضحت المقاطعة الشعبية مازق الطبقة الراسمالية الراهن , والصراعات داخلها بين قطاع من رجال اعمال فترة مبارك وراسمالية الكاكى التى تعمل الان على الاستحواز على كل مصر, كمشروع اقتصادى لها , وترك الفتات لباقى الطبقة , لذا لم تصطف هذة القطاعات المضارة خلف الزعيم الجديد للطبقة , وحاولت ابتزازة اثناء عملية التصويت التى تمسك بالكثير من خيوطها , قبل ان تسير وراءة . خاصة ان هذة القطاعات تستطيع الهروب بما تبقى من رؤوس اموالها الى الخارج باسرع مما نتصور , وما فعلة سويرس ايام حكم الاخوان مازال ماثلا فى الاذهان . وما يفاقم مازق حكم السيسى وطبقة الاغنياء , استمرار الصراع بين السيسى ودولة العسكر وبين وجماعة الاخوان والعصابات الارهابية المتحالفة معها وداعميها الدوليين فى ظل ثورة شعبية يتصلب عودها وتترصد جميع اعدائها .
وقد نجم عن تلك المعركة الهامة , والوعى والتجربة الثورية المتحصلة عبر سنوات الثورة مزيدا من الفرز والاصطفاف الواضح بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة . باستثناء محاولات جماعة الاخوان الرجعية الفاشلة خلط الاوراق من جديد , بينها وبين قوى الثورة والشعب , المعاديان لها بحزم بعد تجربة حكمهم المرة , بقصد الاستخدام الواسع فى صراعها مع السيسى ودولة العسكر على شرعية الصناديق المزعومة , وسلطة القمع والاكراة , وعلى الثروة . ولكن الجماعة اصبحت مرفوضة من غالبية الجماهير الشعبية بشكل حازم , ولن يكن هناك مجال للخديعة وخلط الاوراق ثانية .
والنتيجة ان المقاطعة الشعبية الواسعة للاستفتاء على دستور الثورة المضادة . وثانية فى الاستفتاء على الديكتاتور الجديد قد اصاب المسار الشرعى برمتة فى مقتل . . ووضعته فيما يشبة حالة موت سريرى , فافقد حكم العسكر وكل قوى الثورة المضادة احد اهم اسلحتهم فى تصفية الثورة ودفنها على مدى اكثر من ثلاث سنوات , وسيظهر ذلك جليا لمدعى الثورية والانتهازيين والعجزة وضعاف البصر من كل صنف ولون فى مقاطعة شعبية واسعة لانتخابات برلمان الثورة المضادة القادم لعلهم ينتحرون , حال حدوثها اصلا !. . .
وعلى وقع تنفيذ برنامج التقشف المميت للفقراء والكادحين فى الايام القادمة , وعجز السيسى وداعمية من امراء النفط عن حلحلة جبال المشاكل الحياتية للاغلبية الساحقة من الشعب المصرى , ستشرع الثورة المنتصرة فى معركة تتويج الديكتاتور الجديد فى الايام القادمة الى الدخول لمعركة الاطاحة بالسيسى وبعسكرة , وكل نظام مبارك , اجهزة ومؤسسات وسياسات , ومعها ستطيح بكل قوى الثورة المضادة . ستكون معركة صعبة وطويلة مليئة بالعنف الثورى , على طريقة يوم جمعة الغضب العظيم فى 28 يناير 2011 , معركة تكسير عظام واسعة , حيث لن تسلم راسمالية الكاكى ودولتهم القمعية بسهولة , فهم يحاربون معاركهم الاخيرة , لذلك علينا ان نستعد لها , بالوعى الثورى باهداف الثورة ـ والتنظيم الثورى ـ وفى مقدمتها , مصادرة كل الثروات المنهوبة من قبل اسرة مبارك ورجال حكمة ورجال اعمالة وراسمالية العسكر وراسمالية الاخوان , واستعادة كل الاراضى المسروقة وشركات القطاع العام المخصخصة , وتشكيل محاكم ثورية لقتلة شهداء ثورة يناير من الشرطة والجيش ومليشيات الاخوان , وفاسدى دولة مبارك وناهبى الثروات , والافراج عن اسرى الثورة , والغاء اتفاقية كامب ديفيد , واسقاط الديون الاجنبية , وبناء دولة العدالة الاجتماعية فى الارض والعمل والاجور والسكن والغذاء والتعليم والصحة والثقافة , دولة الكادحين والفقراء , العمال وفقراء الفلاحين والحرفيين والمهنيين وفقراء المدن والارياف . دولة ثورية تقوم على الديموقراطية المباشرة واوسع الحريات الخاصة والعامة للطبقات الشعبية , واذا لم نعى جيدا درس ال18 يوم الاولى للثورة . فى من هم قوى الثورة الشعبية , ومن هم اعداء الثورة , عسكر ورجال دولة مبارك والاخوان المسلمين , وخدمهم من اللبراليين والقومجية واليسارتية الذين فرزتهم الثورة جيدا , والا ستدفع الثورة ثمنا غاليا , وربما الهزيمة . ان اسقاط النظام لا يعنى الاطاحة براْس النظام الحالى , السيسى , فقط كما فعلنا مع مبارك ومرسى , وانما يعنى بالتحديد الاستيلاء على كل اجهزة ومؤسسات الدولة من قبل الثوار , وتغيير الدولة بشكل جذرى , واقامة دولة ثورية لها قوانينها الثورية وعلى راسها حكومة ثورية مؤقتة , تقود معارك الثورة ضد قوى الثورة المضادة التى لن تسلم مصالحها وسرقاتها وحياتها المترفة بسهولة , وحتما ستخوض معارك حياة او موت من اجل هزيمة الثورة , واغراقها فى بحر من الدماء والصراعات الطائفية والجهوية والقبلية , حتى تطمس الطابع الاجتماعى للثورة . وفى مثل هذة الظروف الصعبة نتوقع ان يعود التحالف بين قطبى الثورة المضادة , العسكر ورجال دولة مبارك والاخوان , دفاعا عن مصالحهم المشتركة , مصالح كل طبقة الاغنياء الفاسدة , ونظام حكمهم الذى على وشك الانهيار تحت وقع ضربات الشعب والثورة الملهمة , والتى فاجاْت كل اعدائها المحليين والخارجيين وعلى راسهم الاستعمار الامريكى مفاجآت مدوية ثلاث مرات قبل المقاطعة الساحقة فى انتخابات رئاسة الثورة المضادة الحالية : 1 ـ الاطاحة بالطاغية مبارك , 2 ـ وابعاد مجلس طنطاوى ـ السيسى العسكرى من مقدمة المشهد السياسى 3 ـ ثم الاطاحة بحكم جماعة الاخوان فاشية الطابع من الحكم خلال عام . وهنا من الضرورى توضيح وضع الاخوان المسلمين الان , كقوى ثورة مضادة لمعرفة الاوزان الحقيقية لهذة القوى , حتى تكون حسابات قوى الثورة واقعية خلال معارك الثورة القادمة , وهى اصعب المعارك واكثرها دموية .
الاخوان المسلمون هزموا هزيمة ساحقة على يد الثورة والشعب فى 30 / 6, ولن تقوم لهم قائمة الا بعد سنولت طويلة مع فرض تغييرات عميقة داخلهم . . لن تسمح لهم ان يعودوا لوضعهم القديم باى حال من الاحوال , فلا تخشو عودتهم حتى ولو تحت حراب السيسى والعسكر فى لحظة من الصراع القادم , فلن تتكرر اخطاء الفترة الاولى من الثورة حيث ان وعى قوى الثورة كان ضعيفا واغلبة اصلاحى , فمرت خدعة ان الاخوان المسلميين برغم انهم قوى رجعية , لكنهم جزء من الثورة لوجودهم فى الميدان . الثورة ستتقدم الى الامام بخطوات واسعة . . . وستزيح من طريقها كل قوى الثورة المضادة . . .عسكر اخوان رجال دولة مبارك , وكل الخدم من اللبراليين والناصرجية واليسارتية . وهذا ليس تهوينا من حجم الاخوان الذى تراجع كثيرا , ولكنة يعبر عن حجم عداء الثورة والشعب للجماعة , ومقاطعة معاركهم مع العسكر والشرطة طوال الفترة الماضية على السلطة حتى ينهك كل منهما الاخر , واكتشاف الشعب استخدام العسكر هذة المعارك تحت زعم مكافحة الارهاب كفزاعة للثورة حتى يتمكن من القضاء عليها , ولكن هذة المعارك اضعفت الطرفين , وفضحت حقيقة معادتهما للثورة امام قطاعات واسعة من الشعب , وقوت الثورة , ووضعتها امام بدايات موجة ثورية جديدة تتسلح بمزيد من الوعى الاجتماعى الثورى , والتجربة الثورية الخلاقة التى كانت تحتاج لعشرات من السنين من التطور الطبيعى , وهذا مالم يدركة كثير من الثوريين القدامى , والمرعوبين من الثورة اصلا , والمنتظرين للثورة العمالية العالمية فى البلدان الراسمالية المتقدمة حتى يكون للثورة المصرية الشعبية حظا من النجاح قى اعرافهم الثورية ؟ كما جاءت بها كتبهم الصفراء , وهو ماستكذبة الايام القادمة لثورتنا . . التى فتحت ابوابا جديدة فى علوم الثورات والتنظيم , فى عصر ثورة المعلومات وتطور قوى الانتاج عالميا بشكل غير مسبوق . والمؤكد باعتراف اعداء الثورة الدوليين والمحليين ان المقاطعة الشعبية الواسعة هى بداية ثورة ثالثة , تعمل امريكا واسرائيل ودولة العسكر حسابها من الان . المجد للشهداء . . والنصر للفقراء والكادحين . . وانها لثورة حتى النصر . . .
#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟