أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - كفاية بقر بقى !.. أفهموا يرحمكم الله















المزيد.....

كفاية بقر بقى !.. أفهموا يرحمكم الله


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 23:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان واضحا ومنذ أن تولى مرسى الأخوانى سدة الحكم أننا أمام مصر المنقسمة على نفسها وذاتها ... منقسمة بين مصر المتأسلمة الداعية الى دولة الخلافة التي خطب فيها مرسي أمام قصر الاتحادية، وبين مصر الكبرى والمدنية المتعددة الأطياف التي ملأت ميدان التحرير وميادين الإسكندرية والسويس التي تطالب بإسقاط حكم المرشد..... هذه الحقيقة لم يفهمها الأمريكان ولا اليهود فى اسرائيل الذين قايضوا في صفقة وقف إطلاق النار بغزة بين اسرائيل وحماس ....تلك الصفقة القذرة التي قبل فيها الإسرائيليون والأمريكان ما قدمه التنظيم الدولى للإخوان كورقة عمل تتلخص فى : نتوقف في غزة مقابل أن تطلقوا أيدينا في مصر!!!... وتوقف الإخوان (حماس) عن إطلاق الصواريخ في غزة وبشروط مجحفة ومهينة لحماس مقابل إطلاق يد التنظيم الدولى للإخوان في مصر.!!.. الإخوان يعتبرون تلك الصفقة القذرة فتحا مبينا !!... وتلك هى عادتهم فى قلب المفاهيم والمصطلحات دائما !!!... تلك الصفقة القذرة أعجبت أوباما لدرجة أنه أعلن إعجابه ببراجماتية مرسي ...والرجل البراجماتي في قاموس الأمريكان هو هذا الشخص الذي يقدم لهم ما يطلب منه وهكذا كان مبارك وبالأمس كان مرسي....تلك الصفقة القذرة أعجبت قادة اسرائيل لدرجة أن شيمعون بيريس و افيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل المتطرف قالاعن عن مرسي (إنه رجل دولة)...وعندما يمدحك ليبرمان وبيريس معا لا بد أن تعرف أنك تسير في الطريق الخطأ، أو أن لهذا المديح ثمنا قد دفع مقدما، والثمن الذي دفعه مرسي هو مقايضة مصر بغزة، ويا لها من مقايضة....

الجميع يظن ويتصور أن حرب اسرائيل على حماس هي حرب ضد حماس وحرب على غزة، ولكن الحقيقة أنها كانت حربا على مصر لقياس درجة حرارة نظام الإخوان الحاكم وقتها !!... لذلك صعدت اسرائيل المواجهة فى غزة مع حماس بقتلها القائد العسكري لكتائب القسام أحمد الجعبري وتدمير البنية التحتية لحماس وعندما لم يتحرك نظام الإخوان في مصر !!.. وأدركت اسرائيل أن النظام الاخوانى يستأسد على المصريين فقط !!..وبعد أن انكشف النظام الإخوانى إقليميا جاءت الصفقة القذرة التي أساسها الصمت في غزة مع رقابة إلكترونية أمريكية على الحدود والأنفاق مقابل إطلاق يد الإخوان في مصر..... بعدها أعلن مرسي قراراته القراقوشية التي جعلت منه الفرعون الذي لا يُسأل عما يفعل !! حيث لا يوجد رئيس في العالم لديه صلاحية الإعلان الدستوري وأن آخر ما يملكه الرئيس في تقاليد الديكتاتوريات العتيدة هو أن يصدر مرسوما بقانون !!....قرارات مرسى واعلاناته الدستورية جاءت أيضا لاختبار الامريكان والاسرائيليين !! حيث جاءت ردة فعلهما مطمئنة وغير مخيبة للنظام الاخوانى !!... على سبيل التحليل السياسى للاعلانات الدستورية القراقوشية التى اصدرها مرسى والتى لا يجوز الطعن عليها ولا يُسأل عما يفعل ولا يجوز حتى أن تناقش قراراته أمام القضاء فهذه ديكتاتورية فريدة من نوعها لم ترها المنطقة من قبل !!...بهذه الاعلانات الدستورية جمع مرسى بين شخصية صدام حسين ومبارك في شخص واحد !!...

واللافت للنظر أن مرسي كان يتخذ قراراته السلطوية القراقوشية دائما بعد مقابلة مسؤولين أمريكيين كبار!!... مرسى أقال طنطاوي و عنان بعد أن قابل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وألغى الإعلان الدستوري المكمل بعد مقابلة نائب وزيرة الخارجية الأمريكية ويليام بيرنز!!... مرسى كان يعرض عليهم خطواته بعدها يمنحونه الأذن بالتنفيذ ويمنحونه مساحة حرية أكثر ولا ينتقدونه.... أمريكا كل يوم كانت وما زالت تنتقد فاشية أحمدي نجاد الرئيس الايرانى الاسبق وعلي خامنئي وبشار الأسد على أنهم رموز الفاشية والديكتاتورية !!.. على الرغم من أن صلاحيات مرسي اثناء فترة حكمه وبناء على دستوره الجديد، أكبر من صلاحيات نجاد وخامنئي والأسد مضافا إليهم حسن نصر الله إذا أحببتالمقارنة .... فكيف تنتقد أمريكا الديكتاتورية هناك وتطلق ديكتاتورية الإخوان في مصر على هذا النحو غير المسبوق؟!.. لقد جمعت صلاحيات مرسي في دستوره جميع صلاحيات عبد الناصر والسادات ومبارك ... حيث يبدو الثلاثة بجوار مرسى وصلاحياته كأنهم رموز الحرية والديمقراطية أو كأنهم مثل توماس جيفرسون أبو الديمقراطية الأمريكية !!...مما لاشك فيه أن اعتماد مرسي على صفقة مصر مقابل غزة ومساندة الأمريكان والإسرائيليين له تعنى أنه عاد ليرتكب أخطاء مبارك نفسها مضافا إليها ذلك الشعب الذي تغير..... وكما أن أوباما وصف مرسي بالبراجماتي كان أوباما نفسه براجماتيا أيضا في موقفه في الأيام الأخيرة لحكم مبارك، عندما تخطى مبارك الحد الذي جعل الكتلة الحرجة من المجتمع تتخلى عنه، يومها قال أوباما لمبارك إن الآن تعني الأمس (now means yesterday)... كان يجب على مرسى أن يعرف أن الأمريكان لن يستطيعوا حماية مرسي وجماعته متى من انقلب الشارع عليهما.....فمن كان يسامح مبارك ويمنحه فسحة من الوقت لن يسامح مرسي ولن يفسح الوقت له.... مرسي بدأ في خطابه الأول وكل خطاباته ليس رئيسا لمصر بل رئيس جماعة الإخوان المسلمين أو رئيس تيار الإسلام السياسي فقط..... ومن هنا نرى أن الكتلة الحرجة ومركز ثقل المجتمع المصري ومعه ثقل الشرعية ابتعد بعيدا عن مرسي وعن الإخوان... مثل هذه اللحظة هي اللحظة التي وجد مبارك نفسه فيها وحيدا، وحتى أجهزة ديكتاتوريته فشلت في الوقوف في صفه أو في الدفاع عنه، وهذا ما حدث مع مرسي أيضا....

خذوا الكاميرا الى تركيا صاحبة النموذج الاسلامى فى أبهى صوره التي تطمح وتطمع الحركات الإسلامية المختلفة لتقليدها !! وتعالوا ندخل الى ميدان تقسيم الذى يرسم بريشته نهاية المشروع الإسلامي !!...ميدان تقسيم التركى أصبح علامة تجارية جديدة لحقبة جديدة وموجة جديدة، وهي موجة رسم ملامح نهاية الحكم المتأسلم والتيار المتأسلم كما يتصوره الداعون إليه من مالي إلى الصومال إلى أفغانستان إلى السودان إلى نظام «الإخوان» في مصر الذى سقط الى غير رجعة ....أهمية ما حدث وما يحدث وما سيحدث في ميدان تقسيم، هو أنه الميدان الذي يهز صورة النموذج الذي يدعو إليه التيار المتأسلم .... تقسيم لا يهز المشروع الإسلامي في صورته السيئة في الصومال أو أفغانستان أو السودان، ميدان تقسيم يضرب في مقتل النموذج الإسلامي السياسي في أبهى صوره في تركيا آخر معاقل الخلافة..... قد يقول نطع من أنطاعهم انكم تحاربون الاسلام !! .... لذلك ارد عليه قائلا : الاسلام منكم براء ...فالتيار المتأسلم هم دعاة العنف والتفجير والتفخيخ !!! اننا نحن المسلمين البسطاء لنا ديننا الحنيف....اما دينكم العنيف فلا علاقة له بنا....لا ندافع عنه ولا نقف معكم في صف واحد مهما كانت وسائل ابتزازكم لنا بدعوى ان الدين في خطر من حملات صليبية وصهيونية وغير ذلك.....ان الخطر علينا وعلى الاسلام يأتي منكم وحدكم.... لذلك علينا ان نقف دفاعا عن ديننا الحنيف ضد «دين» هؤلاء العنيف....مما لاشك فيه أن ميدان تقسيم التركى أصبح رمزا لهزيمة نموذج الإسلام السياسي للحكم في صورته الناصعة في تركيا ...وهذا يعنى بالضرورة وبالتبعية نهاية نموذج الإسلام السياسي في صوره السيئة في البلدان المختلفة في العالم الإسلامي.... مرسي و«إخوان مصر» أصبحوا ضحايا ما يحدث في تقسيم، وهم أيضا ضحايا رجب طيب أردوغان ونظامه الذي كانوا ينظرون إليه على أنه النموذج الذي يسعون إلى تطبيقه في مصر.....

من ميدان تقسيم نفهم بشكل مختلف ما حدث في ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر في القاهرة، حيث تظاهر آلاف الإسلاميين مساندة للرئيس الجالس وقتها على عرش مصر محمد مرسي....وهذا نادرا ما يحدث في العالم أن ينبري المتظاهرون تأييدا لرئيس في سدة الحكم، المظاهرات في الغالب تكون لمعارضة تحتج على نظام الحكم وسياساته، وهذا ليس في مصر فقط، وإنما في العالم كله..... الشارع للمعارضة وليس للحكم... أما إذا نزل أهل الحكم إلى الشارع فهم طوعا يتخلون عن مكانتهم كحكام، ويتحولون من تلقاء أنفسهم إلى معارضة.... لذلك ومن تلك النقطة الجوهرية تكون مظاهرات المتأسلمين فى رابعة العدوية هي التي بدأت في نزع الشرعية عن الرئيس وعن النظام..... الفكرة هي أن خروج المتأسلمين إلى الشارع في ضربة استباقية للمظاهرات التي دعت إليها حركة تمرد، هو في حد ذاته دليل ضعف لا دليل قوة..... فالشعوب تخشى من في الحكم، لأن معه الشرعية، ولكن يبدو وبعد ضربة تقسيم في تركيا، تمكن الارتباك من كل الحركات الإسلامية في المنطقة، إذا عطس نظام أردوغان في تركيا، أصيبت بقية الأنظمة والحركات الإسلامية التي أنتجتها، أصيبت هذه الحركات، بما فيها «إخوان مصر»، بالأنفلونزا.....ما كان في ميدان رابعة العدوية من مظاهرات، ليس استعراضا للقوة بل هو إعلان ضعف ووهن وخوف من قبل جماعة الإخوان المسلمين !!... لذلك ظهر نظام «الإخوان» مرتعدا خائفا من المظاهرات المضادة في يوم 30 يونيو !!... على صعيد أخر ليس بمستغرب أن يختار تيار الإسلام السياسي الاخوانى ، ميدان رابعة العدوية، ومن قبل اختار الساحة التى أمام جامعة القاهرة؛ وذلك لأن التحرير يفضح الأعداد !!.... فميدان التحرير يبتلع جماهير ميدان رابعة العدوية وجامعة القاهرة مجتمعين.... لذا يبدو أن المتأسلمين ولقلة العدد، أرادوا وقتها مليونية تلفزيونية من خلال زوم الكاميرا وليس من خلال الأعداد على الأرض..... ما حدث في رابعة العدوية، هو مؤشر ضعف ومحاولة للتغطية على قلة ممن يتبعون التيار الإسلامي في بلد قوامه 90 مليون نسمة.....

ميدان تقسيم قد يجعلنا نشهد الانهيار الثاني للنظام العثماني.....لقد انهارت الخلافة العثمانية في بداية القرن العشرين ومنذ ذلك الحين والمنطقة غارقة في دماء الإمبراطورية المنهارة حتى يومنا هذا .... كل حروب المنطقة بما فيها احتلال إسرائيل لفلسطين جاءت نتيجة لهذا النزف الشديد الذي عانت منه الإمبراطورية العثمانية حتى لفظت أنفاسها الأخيرة....مما لاشك فيه أن انهيار نظام أردوغان هو انهيار الصورة العصرية للخلافة التي يطمح «الإخوان المسلمون» لإقامتها فى مصروالعالم الاسلامى ويضحكون بها على السذج والبسطاء .... فمصر الفقيرة لا تقيم خلافة.... وليس لديها القدرة أن تفرض نموذجا.... ومن هنا يكون تأثير تركيا على مصر أكبر من تأثير مصر على تركيا.... لقد نجح الشعب المصرى في الإطاحة بحكم «الإخوان»... ولكن تقسيم سيقوض المشروع الإسلامي برمته ومن المنبع وفي أفضل نماذجه على الأرض.... فما يراه إسلاميو الشرق من إبهار في نموذج أردوغان، يراه الغرب نوعا من الرأسمالية البدائية التي لا تتورع في عمل كل شيء وأي شيء من أجل زيادة النمو... نموذج أردوغان كما يبدو من أوروبا هو نموذج الصين وعمالة الأطفال ومحاصرة المتظاهرين بالدبابات في ميدان تيانمين !!.... تقسيم تركيا هو تيانمين الصين.... أوروبا والعالم الحر يرى أردوغان بوجهه العثماني العنيف لا بدينه الإسلامي الحنيف.... فإذا كان النموذج الأعلى الذي يتطلع إليه «إخوان مصر» قد سقط أخلاقيا في نظر الغرب، فلا بد أن نظام الاخوان الأدنى تنظيميا والأقل اعترافا بحقوق الإنسان لن تقوم له قائمه مرة أخرى ....

نعم نظام الاخوان الأدنى تنظيميا والأقل اعترافا بحقوق الإنسان لن تقوم له قائمه مرة أخرى .... لانهم يدينون بالعنف الثقافي الذي أدى إلى خروج البعض في مظاهرات لتأييد مرسى والمطالبة بعودته لسدة الحكم مرة أخرى واغتالوا وفجروا وفخخوا سيارات لأجل عودة مرسى لسدة الحكم !!... مما يعنى أن هناك من يرى أن القتل أمر مبرر يجب التظاهر لتأييده.... بالطبع ليس هناك إنسان سوي يخرج إلى الشارع لتبرير القتل !!.. لكن فى المنهجية الفكرية لدى الاخوان نرى هذه الظاهرة من قبل من صفقوا لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري من قبل.... والآن يصفقون في مصر لعبود الزمر الذي قضى سجنا طويلا بعد إدانته بالضلوع في اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وخرجت في تونس بعد جنازة التونسي شكري بلعيد مظاهرات مضادة ممن طالبوا بعدم دفن بلعيد في مدافن المسلمين !!....العنف الثقافي ظاهرة موجودة والأدلة عليها في كل بلد عربي كثيرة، ولكن الغريب في الأمر هو كيف يخرج الناس لتبرير القتل، وكيف يكتب الكتاب لتبرير القتل، هذا هو اللغز البحثي الذي يجب أن نتناوله فى مقالاتنا !!.. كيف لإنسان سوي العقل والنفس أن يرى القتل مبررا ويشارك في تبريره؟ ....التفسير يكمن في نظرية العنف الثقافي الذى هو نوع من السرد أو طريقة الكلام أو الحديث في مجتمع يكون العنف مكونا أساسيا فيه لا يلبث هذا العنف الكلامي اليومي أن يصبح طريقة حياة ورؤية للنفس والكون، ثم تتسلل هذه الرؤية التي أصبحت سمة من سمات المجتمع إلى تشريعات تصبح قوانين تبرر العنف الجسدي... الإنسان بطبعه لا يستطيع رؤية دم أخيه الإنسان سائلا، لذلك تبذل الجيوش وقتا طويلا لإقناع الجنود الجدد بأن الذي سيقتلونه هو عدو أو شر مطلق أو مصدر تهديد لحياتهم، فإما تَقتل وإما تُقتل.. يتعلم الجنود في مراكز التدريب وفي الدورات وغيرها الإيمان المطلق لهذه العقيدة!!...

سأضرب مثلا هنا باسرائيل التى تحول فيها العنف الثقافى الى حقوق وقوانين !! حيث لا يرى الإسرائيلي الذي يقدم أفلام الهولوكوست من زاوية الظلم الإنساني من خلال مداعبة مشاعر العالم النبيلة التي ترى في هذا النوع من القتل جريمة ضد الإنسانية... فكيف لهذا الاسرائيلى الذى يتحدث عن حقوق الانسان ويداعب المشاعر ويدعي كل هذه الأحاسيس في مقام معلوم أن يقبل هو بشحمه ولحمه أن يقتل فلسطينيا ظلما ولا يرى الظلم؟!.... التفسير هو العنف الثقافي، حيث تعلم في المدرسة وشاهد في التلفاز وتحدث داخل محيط الأسرة حديثا جعل العنف ضد الفلسطيني أمرا طبيعيا في حديثه اليومي، رآه مبررا لأنه أخرج الفلسطيني من عالم الإنسانية وأدخله في عالم الهمجية، ومن هنا لم ير ظلما أو تأنيب ضمير في قتله أو التمثيل به.... إنها الثقافة العنيفة في جنوب أفريقيا العنصرية التي جعلت دستورها عنيفا ومحاكمها عنيفة وقضاتها عنيفين على عيونهم غشاوة تجاه ظلم الآخر بينما يقضون بالعدل فيما بينهم، أي بين أهلهم وعشيرتهم، أما ظلم الآخر المختلف فهو أمر مبرر.... هكذا تفعل الثقافة العنيفة في الإنسان؛ تحوله من إنسان سوي وحساس وربما شاعر رقيق تجاه أهله وعشيرته إلى قاتل وظالم تجاه من هم خارجها.... ونحن لسنا بمعزل عن هذا في ثقافتنا العربية !!حيث بدأنا في إنتاج لغة تجعل الآخر البعيد والمختلف معنا فى الرأى أو الدين أو اللون أو اللغة خارج عالم الإنسانية : «نحن في دار السلام وهم في ديار الحرب»، «نساؤهم حل لنا ومالهم وأهلهم»، هذا في قوانين علاقتنا بالآخر البعيد، أما اليوم فهذه الرؤية تتسرب إلى الآخر القريب عندنا، حيث بدأت حركات التكفير تفرق بين المسلمين أنفسهم..... فهذا جزء من الحراك الإسلامي وهذا علماني أو حداثي أو ليبرالي إن لم يكن كافرا ففي طريقه إلى الكفر، لذا يكون قتله مبررا، لذلك ركب القناصة من جماعة الاخوان وحماس وجماعات المتشددين في مصر فوق المباني وقتلوا إخوانهم من المصريين....

القتلة هؤلاء هم أناس بسطاء من الأحياء الشعبية ممن تراهم يبكون وهم يحملون أطفالهم إلى المستشفى في الظروف العادية، رقيقو المشاعر، ولكنهم بعد عملية الشحن بما يسمى «إسلامي» عند هؤلاء المتشددين تحولوا إلى وحوش وقتلة... حدث هذا لأن العنف الثقافي جرى فيهم مجرى الدم فلم يروا إنسانية من يقتلون.... من قتلوا قتلة شكري بلعيد في تونس لم يروا ابنته التي سيتركها خلفه ومصيرها أو مصير أمها، لأنهم مشحونون بالعنف الثقافي، صورة طفلة بلعيد وهي في حضنه محزنة لأي إنسان سوي، ولكن قتلوه لأن قلوبهم ماتت، والعنف الثقافي في أولى مهامه يميت القلوب ويبعدها عن الانسانية التى هى لب الديمقراطية ... فالديمقراطية هى أنسنة الانسان !!...ما حدث لشكري بلعيد وخرجت الجماهير في اليوم التالي لتبريره باسم النهضة سنراه فى كل مكان فى العالم الاسلامى !!.. فالعنف الثقافي يميت القلوب ويعمي الأبصار فيحجب رؤيتنا للظلم وإحساسنا به.... البداية ليست في مقاومة الإخوان أو غيرهم فقط بل البداية هي تفكيك العنف الثقافي في منظومتنا الثقافية والحضارية تلك الثقافة العنيفة ليست فقط مشرعنة، بل هي مصدر التشريع فى كل دساتيرنا . وإذا ما أصبح العنف في بلد مكونا أساسيا في الدستور والقوانين فقل على هذا البلد السلام.... إذن الحل يكمن فى بتفكيك منظومة العنف، وأولها مصدر التشريع فى الدساتير.... فلو كنا جادين فسنفعل ذلك، ولكن لدي شك كبير، لأن العنف الذي تشربناه منذ الطفولة كثقافة يمنعنا حتى من مناقشة الأخر والتحاور معه برقى فكرى !!... العنف الثقافى أسقط الإخوان في مصر وإلى الأبد، ومن خبر مسارات السياسة، يعرف أن الإخوان ركبوا على الطريق السريع إلى محطة النهاية..... ولكن بكل أسف إلى أن يصلوا إلى نهايتهم سيرتكبون حوادث سير أكثر بشاعة وتكرارا من حوادث القطارات في مصر....

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى







#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين كم المشاركة وكم التصويت
- امنحوا مصر والسيسى فرصة كى يتنفسا
- اسلام محمد عبدالحليم بطلا لمصر وافريقيا
- عندما يستخدم الإعلام كأفيون لتغييب العقل
- أكسروا حاجز الخوف من الطبقة الوسخة
- وشائج الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي
- طلاء البيت من الخارج لا يعني التغيير
- ما أشبه الليلة بالبارحة
- مجزرة استاد بورسعيد كادت أن تحدث فى استاد بيلا
- المغترب أيمن عطا الضادى
- قصص وحكايات مظلومة تاريخيا
- ابراهيم محلب بيلبسنا العمة وهو اخوانى
- ذي الخويصرة وأحفاده من الإخوان المسلمين خوارج العصر
- مشكلتك ايه مع السيسى
- الإعلام الجديد وكتاب الإخوان
- جريمة سرقة الآثار تعادل جريمة خيانة الأوطان
- رئيس مجلس مدينة بيلا ( كفرالشيخ) حرامى بدرجة شيخ منسر
- بأى منطق تحكمون وتفكرون!!!
- يا حمدين لقد وجدت الحمير لنركبها لا لتركبنا
- جابر نصار نصير التحرش


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - كفاية بقر بقى !.. أفهموا يرحمكم الله