|
تأخير أقرار الموازنة العامة في العراق / مقاربة أخرى للسلبيات والأيجابيات
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 21:56
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تأخير أقرار الموازنة العامة في العراق / مقاربة أخرى للسلبيات والأيجابيات
إنّ لتأخير أقرار الموازنة العامة في العراق ، مثل أي بلد آخر ، نتائج وتبعات وآثارسلبية ، وهذه الآثار تقليديّة ، ومعروفة ، و يتم تداولها على نطاق واسع الان . ولكن ماذا عن الآثار الأيجابية لهذا التأخير ؟ وهل يمكن ان يكون لمثل هذا التاخير أثر ايجابي ، في ظل بيئة اقتصادية معينة ، ونمط معين لأدارة الأنفاق العام ، مثل هذا النمط السائد في العراق الان ؟ من وجهة نظر خاصة يمكن حصر ايجابيات هذا التاخير بما يأتي : 1- كبح الأنفاق العام بشكل عام ، والأنفاق التشغيلي غير المنتج بشكل خاص . 2- وقف نمو معدلات الأنفاق التشغيلي بوتائر متصاعدة عاما بعد عام ، وأبقاء حجم هذا الأنفاق في حدود حجمه في موازنة العام 3013 . وهو مطلب لم يكن بالأمكان تحقيقه لو لم يتأخر أقرار الموازنة حتّى الآن . 3- بالنسبة للجانب الأستثماري من الموازنة المتعلق باطلاق تخصيصات تنفيذ المشاريع الجديدة ، فأن عدم تنفيذ هذه المشاريع ، أو تاخير تنفيذها ، هو أفضل بكثير من تنفيذها بشكل غير سليم ، ويفتقر إلى ابسط متطابات الكفاءة والفاعلية . ان الكثير من هذه المشروعات يشوبها الفساد ، ويرتبط تنفيذها بهدر ضخم للمال العام . وتقف اسباب عديدة وراء ذلك ، اهمها ان هذه المشروعات لم تدرس دراسة متانيّة ، وتم سلقها على عجل ، ولم يتم التحقق من جدواها الأقتصادية والأجتماعيّة مقارنة بكلفتها . ومن الأسباب الأخرى ، ضعف وعدم كفاءة شركات المقاولات التي سيناط بها تنفيذ هذه المشروعات ، ووجود الكثير من الشبهات حول طبيعة عملها ، و حول حجم العمولات ، وطبيعة الصفقات التي تقدمها بشكل مباشر أو غير مباشر للأدارات التنفيذية التي ترتبط بها هذه المشروعات كلاً أو جزءاً . 4- ان رصد التخصيصات ، وانفاقها ، هو ما يتم التركيز عليه الآن ، ولا يتم التطرق الى جدوى أو كفاءة هذا الأنفاق ، وامكانية تحوله الى خدمة حقيقيىة ، وعائد فعلي عند مايسمى بـ " نقطة تقديم الخدمات " ، وبما يتناسب مع عبء هذا الأنفاق على الأقتصاد الوطني ، وكلفته على الموازنة العامة . 5- ان الأنتقال من " الأنفاق " بحد ذاته ، إلى " جدوى " و " كفاءة " هذا الأنفاق ، هو تجسيد للتحوّل من موازنة البنود التقليدية ( التي يتباكى على تأخير أقرارها الجميع الآن ، ومن منظور خدمة توجهاته السياسية ، او المصلحيّة الضيّقة ، أو الأثنين معاً ) إلى موازنة اخرى ، تعكس سياسية مالية واضحة المعالم للحكومة ، وبرنامجها الأقتصادي ، وأولوياتها الوطنية " السيادية " قبل أي أعتبار آخر . وهو ما لا يعكسه مشروع الموازنة العامة الأتحاديّة للعام 2014 المعروض على البرلمان الآن . 5- يتيح التأخير الفرصة لأعادة النظر بتجسيد تخصيصات الموازنة العامة لما ورد في خطة التنمية الوطنية ، والأستراتيجيات والسياسات الأخرى التي أقرها مجلس الوزراء ، وبكل مايرتبط بها من أهداف ، ومن برامج وانشطة لتحقيق هذه الأهداف ، وبما ينسجم ايضاً مع استراتيجية الموازنة العامة الأتحادية للسنوات الثلاث القادمة . وكلها امور لا صلة لها بمشروع الموازنة ، موضع الخلاف الان . 6- يُعّد التأخير مناسبة للبحث في ضرورة تعديل قانون الأدارة الماليّة لعام 2004 ، بكل ما ينطوي عليه من سلبيات ، حال البعض منها دون الخروج من عنق الزجاجة الذي اقحمت السلطتان التنفيذية والتشريعية نفسهما فيه ، وبالذات ما يتعلق منه بدور هاتين السلطتين " الدستوري " و " القانوني " في اعداد وتنفيذ واقرار الموازنة العامة الأتحادية . لقد تحول هذا المأزق " المالي " الى مأزق سياسي واقتصادي " سنوي" للعراق باسره من جهة ، ولوحدات الأنفاق والتصرف بالمال العام من جهة اخرى . 7- كما يعد التأخير مناسبة لأعادة التفكير مليا بما يمكن ان تكون عليه العلاقة " الماليّة " بين الحكومة الأتحادية ، وبين اقليم كردستان من جهة ، وبينها وبين المحافظات غير المنتظمة باقليم من جهة اخرى . لقد اثبت نمط التصرف بالفائض الأقتصادي الريعي " النفطي " ، وعملية توزيع هذا الريع من خلال رصد تخصيصات الموازنة العامة الأتحادية ، فشله الذريع في ارساء اسس وقواعد وتقاليد للعمل المالي والمحاسبي ، وتقاسم الثروات ، وتخصيص الموارد الوطنية بالحد الأدنى من الكفاءة ، بين هذه الجهات . والأخطر من ذلك ان الخلاف على رصد تخصيصات الموازنة العامة الأتحادية ، قد اصبح واجهة " ماليّة " للصراعات السياسية على السلطة والثروة ، وأساساً لعدم الثقة بين من يفترض انهم شركاء في بناء هذا البلد ، والحرص على تطوره ، واستدامة تنميته ، في أطار منظور وطني عام عابر للطوائف والأثنيات ، والأنقسامات العرقية والمناطقية . ان من شأن استمرار الجدل السنوي العقيم حول آليات توزيع الريع ان يفضي الى اضرارفادحة ، آنية ومستقبلية ، بالمصالح الوطنية العليا للعراق الموحد ، غير المنقسم على نفسه . 8- وأخيرا يمكن ان يشكل هذا التأخير فرصة للتاكيد على ضرورة الأسراع باقرار نمط ، أو اسلوب جديد ، لأعداد الموازنة العامة في العراق ، كبديل لموازنة " البنود " التقليدية ، المعمول بها منذ ما يقرب من مائة عام . وبهذا الصدد يمكن للجنة المشكلة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ان تمضي قدما في دراسة وبحث الخيارات المتاحة امامها حول هذا الموضوع ، بعد ان قطعتْ شوطا مهماً في انجازه . ولم يتبقى أمامها سوى اختيار اسلوب اعداد الموازنة " الجديد " الذي يتناسب مع خصوصيات وبنية عمل الهياكل الأدارية والمالية والتنظيمية في مختلف مؤسسات الدولة العراقية ، ويعمل على أصلاحها ، وتطويرها ، على نحو جذري في الوقت ذاته .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إبنةُ العَمِّ - مارك زوكربيرغ - العزيزة
-
لحظةُ حزنٍ .. وتَمُرّ
-
موجز تاريخ المحنة - 5 -
-
بُلبُلَ الحُلْمِ .. في - نارِنْجَةِ - أيّامي .
-
اليومَ لها .. وغداً ليسّ لي .
-
موجز تاريخ المحنة - 4 -
-
مفاهيم و مصطلحات .. و رؤى وانعكاسات
-
وضّاح العراق .. و وضّاح اليمن
-
أصابعها الطويلة .. التي تشبهُ الليل
-
حزب - الكَنَبَة - المصري .. وحزب - القَنَفَة - العراقي
-
بلدٌ مكسور .. قلبٌ مكسور .. روحٌ كسيرة
-
أنت وحيدٌ .. أنتَ وحدَك
-
موجز تاريخ المحنة - 3 -
-
بس لا هذا .. الراح يصير ؟
-
سيرة ُ - الطيّبين - القُدامى .
-
أحزانُ المصادفات السعيدة
-
موجز تاريخ المحنة - 2 -
-
العراق : - هوسات - .. و إنتخابات
-
الأشياءُ تأتي وحدَها
-
ميليشيا اليمام الأعزل
المزيد.....
-
الأفضل أداء في أوروبا.. هل أنقذت الهجرة الاقتصاد الإسباني؟
-
لمنافسة -يوروفيجن-.. بوتين يطلق مسابقة غنائية دولية في روسيا
...
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية كبيرة على الصادرات الصينية
-
ترامب يفتح الباب أمام بريطانيا لتجنب الرسوم الجمركية
-
ترامب: سيكون لدينا صندوق ثروة سيادي
-
المغرب يحقق إيرادات سياحية قياسية في 2024
-
غفلة إسرائيلية عن التمديد لنائب محافظ البنك المركزي
-
مزارعو غزة يتحدون دمار الحرب لإحياء سلة غذاء فلسطين
-
جوزيف عون: الإصلاحات الاقتصادية أساس بناء الدولة.. وحماية ال
...
-
مصر تسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الصناعات الغذائية خلال 2024
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|