|
إعدادية بنكيران ماض ٍعريق وحاضر كئيب !
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 15:09
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ملاحظة : إنه لا علاقة بين بنكيران رئيس الحكومة والإسم الذي تحمله هذه المدرسة . تاريخ ظهورت المدرسة العمومية بالمغرب ، كمؤسسة اجتماعية ، لتجسيد التضامن الوطني ، والعمل على توحيد المجتمع وضمان استمراريته من خلال اعتماد توجهات معرفية وقيمية وثقافية تؤسس وتبني الوعي الوطني والجماعي المشترك ، قديمة جدا عرفت حدتها مع الحركات التحرر والاستقلال ، وقد شكّلت المدارس والثانويات العريقة التي ضمتها مدينة فاس - العاصمة العلمية كما كانت تسمى إبان السبعينات – خير شاهد على تلك الحركية وذاك العطاء الثري ، والمنجم الهائل بما أفرز من الطاقات والمواهب المغربية المتعددة في كافة المجالات العلمية والإبداعية ، وعلى رأسها ثانوية مولي إدريس ، ومولاي رشيد ، والنهضة/بنكيران التي امتدت لتعكس عمق المنجز التعليمي اللافت الذي كان علامة فارقة في المسيرة التعليمية المغربية التي كانت تحتفظ ببصمتها الرصانة والفرادة .. ولعل مدرسة النهضة/بنكيران هي الصرح التعليمي الأبرز في مدينة فاس ، الذي ارتبطت وظيفته الأساسية إلى جانب القيام بمهام التثقيف والتوعية والتأهيل والإدماج ، إلى دمقرطة المعرفة ، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين لولوج المؤسسات التربوية والتخرج منها مؤهلين للاندماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع ، وذلك لأن النهضة/بنكيران لم تكن مجرد مدرسة كسائر ما عرفناه وعهدناه في غيرها من المدارس الأخرى ، وإنما كانت أول فضاء تربوي انصهرت فيه التلاوين الاجتماعية المختلفة والمتعددة ،-;- -;-وذابت طوائف أبناء كل الفئات والشرائح المجتمعية ، وأول المساحات المعرفية التي تراجعت فيها الفوارق الطبقية الى أبعد الحدود ،-;- -;-حيث كان الغني-;- -;-والفقير يجلسان بجانب بعضهما ليتعلما معاني الوطنية بلغة بسيطة لكن عميقة -;-تسري-;- -;-فطرياً وتلقائياً-;- -;-في-;- -;-وجدان تلاميذ صغار جاءوا من أقصى بوادي جبالة وحياينة وأولاد جامع-;- وغيرها من بوادي فاس الفسيحة -;-لتقي العلم والغرف من معينه ، ما شكل على مدى زمن طويل علاقات وتفاهمات فطرية فتحت فضاء الارواح لتنسج علاقات حفرت في النفوس ، وبكل بساطة وسذاجة ، صداقة لم تنتهِ-;- في كثير منها -;-إلى الآن ، لما عرفته من عمق المصداقية والتجذر الذي جعلها محصنة ذاتيا من الفرقة والتمزق-;- .. الشيء الذي لم يأتي من فراغ ، بل كان نتاج ما اتسمت به هذه المعلمة التربوية الشامخة من أطر مشرفة ومدرسين رائعين بذلوا قصارى الجهود من أجل تغذية تلامذة أروع –أصبح أكثريتهم قامات إبداعية مغربية يشار إليها بالبنان والامتنان - بألوان المعارف التي لم تكن حينئذ تتقوقع على المناهج المقررة المعتمدة على برامج تقليدية تعلم القراءة والكتابة وحفظ ما يكتب ، والتي اعتادت المدارس الأخرى أن تحاصر بها تلامتذها.. بل كانت مدرسة منفتح على فضاءات الثقافة العامة الأوسع لتعزيز ذهنية الطالب وصقل منظومته المعرفية ، بما يسهم بشكل جدي في تنمية وإنضاج شخصيته ، -;-وإثراء معارفه ، و-;-فتح السبيل مبكرا أمامه ليتعرف على قراءات أكبر من عمره الصغير ،-;- -;-حيث تعرف على قبل غيره على هوجو وتشالز وديكنز ثم قرأ الأم لجوركي-;-.-;-. لم تكن مدرسة النهضة/بنكيران ، مدرسة عادية ، بل كانت -;- أكثر من مدرسة ، وأنشط من أي مدرسة -;- ولجناها بمحبة عميقة لكي-;- -;-نلحق بالذين سبقونا من الأجيال ومروا بها فلا نكون اقل منهم وطنية أو اقل منهم ثقافة... مدرسة -;-أكثر فاعلية فتحت أمامنا و في-;- -;-سن مبكرة آفاق وعي-;- -;-وطني-;- -;-و-;-ثقافي-;- جعلنا نتعايش معها ليس كمدرسة فقط وإنما كتاريخ شكلنا وشكلناه في-;- -;-ذاكرة وعينا الأول ، الذي استشعرناه واستحضرناه بفضل أساتذتنا من الجنسيات المغربية والعربية المتعددة-;- ، وبفضل ما تمزيت به من منزلة متفردة دفعت بالكثير من العوائل الى انخراط أبنائها في صفوفها لينهلوا من نمير علومها ودروسها المتميزة .. ربما يتساءل بعض القراء عن سبب الكتابة عن هذه المدرسة دون غيرها ، وفي هذا الوقت بالذات ، والرد ببساطة سيكون لتنشيط ذاكرة الأجيال التي مرت بهذه المدرسة والتي ربما نسيت تلك المرحلة ، ودفعها لاستعادة قراءة سيرة ومسيرة التنوير الذي لعبته تلك المعلمة التربوية في-;- -;-بلادنا عامة ، وفي العاصمة العلمية على الخصوص ، ودعوة ، ومناشدة كل خريجي هذه المعلمة العظيمة من الطلاب والمسؤولين والمنتخبين الذين حملوا مشعل النضال والوطنية الأولى وكل المتعاطفين معهم إلى المحافظة عليها كشاهد على استنارة بلادنا واستنارة أهلها في-;- -;-ذلك الزمان-;- ، حتى لا -;-يكون مصيرها كمصير تلك الأمكنة التاريخية الأثرية التي-;- -;-تركناها تندثر وتتهدم وتموت واقفة كما يقال-;-.-;- ومن هنا أعيد دعوتي ومناشدتي –كما فعلت في مقالات سابقة- لتحويل هذه المعلمة إلى متحف يشهد على مرحلة من تاريخ التعليم في المغرب عامة وجهة فاس خاصة ،-;- -;-"متحفا-;-" يؤرخ -;-لذاكرة مكان وذاكرة زمان محلي لم-;- -;-ينفصل عن ذاكرة وطنه الجماعية ولا عن ثقافة عصره بل عصوره .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجدودية ثرية بالمعاني.
-
المراة عندهم ، والمرأة عندنا !!
-
الصحراء المغربية ودور الجمعيات المدنية
-
شعوب لا تقرأ !!!
-
ظاهرة نكران الجميل !!
-
بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !
-
أيهم أكثر نضالية ، عمالهم أم عمالنا ؟؟
-
فاتح ماي في فرنسا عيد مزدوج ، -رمانسية ونضال-.
-
رد على منتقد -لولا الجنس لانقطع الجنس -
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (5)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (4)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (3)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (2)
-
لماذا فقدنا الابتسامة ؟؟..
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (1)
-
لماذا تُذل المرأة نفسها وتتهم الرجل بذلك ؟؟
-
حين تهان المرأة ممن يفترض فيه حمايتها !!؟؟؟؟؟؟؟؟
-
الإنسان السعيد لا يشيخ !!
-
الدراجة الهوائية وسياسينا !!
-
لماذا أدمن ركوب القطار !! (5)
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|