|
نقطة واحدة للمفاوضات: انسحبوا ايها الغزاة من بلادنا
ارا خاجادور
الحوار المتمدن-العدد: 1265 - 2005 / 7 / 24 - 10:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان العجز عن تطوير الثورة الوطنية الديمقراطية في العراق، بعد ثورة 14 تموز 9581، سجل بداية الأزمات المتلاحقة في تاريخ حزبنا الشيوعي العراقي، الذي تحول حاليا الى كتل شيوعية، بكل معنى الكلمة. وهنا نسأل: أين أكثرية الشيوعيين كما و كيفا؛ داخل ام خارج تلك الكتل الشيوعية؟
وربما الأحاديث المتزايدة في هذه الأيام عن “العمل الحاسم” و “الثورة الشعبية” و “البوئر الثورية” و غيرها، التي كان من المفترض اللجوء اليها في فترة المد الثوري بعد 1958 وفي فترات اخرى لاحقة – طبعا حسب تصورات الشخص او الجماعة التي تقوّم تلك الحقب - تؤكد ما ذهبنا اليه، بصدد تحديد بداية ظهور الازمة العامة في حزبنا، ولكن الذي يهمنا من هذا الصخب، انه يؤشر على اتفاق، على تاريخ بداية الأزمة في “حزبنا” الذي كثرت كتله.
وأجد من الضروري هنا الاشارة الى ان معظم التقيمات اخذت طابعا ذاتيا، وليس محاولات لتقوّيم التجربة بروح موضوعية. ولا انكر ايضا؛ ان بعض المحاولات فيها قدر من الصحة؛ بمعنى التحري الجدي عن اسباب الخلل فينا.
قبل تراجع ثورة 14 تموز 1958 - بل حتى قبل قيامها- مر الحزب بمصاعب كبيرة، ولكنها لم تصل الى مستوى الازمة، ناهيك عن الازمة العامة. ومن اكبر تلك المصاعب التي مر بها، وسبقت الازمة العامة الراهنة، كان فقدان قيادة الرفيق فهد. وهنا لا نعني شخص الرفيق فهد و مهاراته السياسية و التنظيمية وحتى الاخلاقية فقط، وانما نعني منهج الرفيق فهد الذي جسد الربط بين الوطنية والطبقية، وبين العقيدة والسلوك، وبين البناء القيمي السائد في المجتمع، وبين البناء القيمي المنشود...الخ. وفي مقدمة مبادىء فهد كان يقف العداء الواضح، والصارم، و الصادق للامبريالية بكل تجلياتها، وأدواتها، وقبل ذلك بكل أهدافها.
ان الازمة العامة في الحزب التي حولت ما كنا نعتقده الحقيقة التنظيمية المطلقة، اي مقولة " اذا وجد حزبان شيوعيان في بلد واحد، فأن احدهما انتهازي" حولتها الى قضية فيها نظر. فما الحال بالنسبة الى وجود كتل شيوعية في بلد واحد؟ والانكى من ذلك، أن اغلبها معزولة عن الشعب، وأحدها طرف دائم و مواظب على الدوام في حكومات و دوائر الاحتلال، وبذلك يهدر الامجاد و التضحبات و المآثر و الدم المراق.
ان نظرة خاطفة نحو لوحة واقع الحركة الشيوعية العراقية، التي تضم قائمة طويلة، و حشدا من التيارات، وحتى الافراد الذين يشكلون موقفا شيوعيا، او يدعون ذلك، تُظهر للمتابع او المعني، ان قيادة الطرف الذي اندمج فيما يعرف بالعملية السياسية، قد قطع صلته بماضي و مستقبل الحزب الشيوعي العراقي الحقيقي، ويواصل ردة غورباشوف، التي تخلت عن النضال ضد الامبريالية، و الرجعية، و الصهيوتية، بل رفعت من قاموسها كل ما يمت للشيوعية بصلة.
وبعد فشل هذا الطرف في ايجاد ما يدعم سلوكه الشائن في خدمة الاحتلال في التجارب الشيوعية، او الانسانية بصفة عامة. ذهب احدهم الى اقصى الشرق، الى اليابان، ضمن وفد الجمعية الوطنية "المنتخبة" والمستوردة في الوقت نفسه، من اجل الاطلاع على منجزات الامبريالية، عندما تحتل الاوطان، وتنتهك الحرمات، وتدوس الانسان و الزرع و الضرع.
نقول للباحثين في اليابان عن مبرر لخدمة المحتل، سوف لن تجدوا ما يزين خياركم البأس، والفضيحة بكل المعايير، لا في تجارب الحرب العالمية الثانية، ولا في تجارب ما بعد انهيار جدار برلين. وذلك لاسباب عديدة؛ منها... ان البرامج المعدة للعراق و البلاد العربية و الاسلامية، غير البرامج التي اعدت لليابان و المانيا.
وان تجارب التحول الى اقتصاد السوق الحر في شرق اوروبا لا تناظر جريمة احتلال وطننا العراق. ولا اعضاء مجلس الحكم المنحل، والحكومة المؤقتة، و بعدها ذات"السيادة"؟؟؟ من طراز كونراد اديناور او الجنرال شارل ديغول، ولا لصوصكم من طراز البرجوازية الصناعية الالمانية، او الفرنسية، اواليابانية.
بات من المعروف اليوم ، ان الاصطفاف في العراق يقوم على اساس الموقف من الاحتلال، وان الاصطفافات الاخرى لا تمثل الا محاولة عرقلة امام نضال العراقيين، ولن يكتب لها النجاح. ونقول للذين انحدروا من مواقع الوطنية والدفاع عن الكادحين، الى مراتب بدائية، طائفية و عرقية، نقول لهم؛ لن تتحولوا الا الى ادوات تثير الشفقة، بيد الاحزاب العريقة في الطائفية، والنزعات العرقية المتطرفة، والمتمرسة في خدمة المحتل، والعمالة المكشوفة. وانه لشيء محزن ان يتحول البعض الى اساليب الدس و الوشاية ضد اشرف ابناء الشعب العراقي من مختلف التيارات و الاتجاهات، ان عزاء المناضلين الحقيقيين، ان للشعب ذاكرة، وان حبل الخيانة قصير.
اننا نعلن خلاصة واحدة، أن أسوء الأنظمة في العالم، هي تلك التي تدفع قطاعات من شعبها الى الاستقواء بالعدو الخارجي والى منح حتى المحتلين فرصة وذريعة لاثبات النوايا. وتلك الانظمة التي لا تترك للوطنيين مجالا للعمل و الدفاع عن الوطن. كما ان اسوء معارضة، هي تلك التي تستقوي بالقوى الامبريالية والخارجية على ابناء شعبها.
ان المحتل يُتيح حاليا فرصا للعمل السياسي، ويوزع الأرزاق، ويُقدم الخدمات، ويسمح بتحالف قوى اليمين الديني الطائفي بكل الوانه، وكذلك العرقي، وحتى تحالف قوى اليسار، أو قوى اليمين، أو عدم الانحياز. ولا يجد المحتل حرجا في استخدام حلفائه لبعض عبارات التمنع، والدعوات الديمقراطية، وخلق الحياة البرلمانية، ووضع الخطط الخمسية والعشرية، وحتى الأبدية، على شرط الا يمس الاحتلال بشئ. ولطالما يسمح ذلك بدك المدن العراقية يوميا.
وفي بعض الحالات، يسمح الاحتلال باطلاق الدعوات الى مغادرة الحلفاء" المحررين" من القوات "المتعددة الجنسيات" على ان يقرن ذلك، بعبارة الى أن يحين الظرف المناسب، أو تتوقف المقاومة و "الارهاب".
لقد قلنا أن التواطئ على المصالح الطبقية يقود الى الخيانة الوطنية. وان صراعنا مع الزمرة المهيمنة على اللجنة المركزية، والتي هيمنت على القرار الحزبي، تحت تأثير وضغوط و تآمر ودعم العديد من الاطراف المحلية والاقليمية والدولية، لم يظهر اليوم، ولم يكن بعد دخولهم في صفقة العار؛ المشاركة في مجلس الحكم،وما اعقبها من انحدارمتواصل. نعم ان دخولهم الى مجلس الحكم كانت الشعرة التي قصمت ظهرالبعير.
ان تحذيراتنا و صراعنا بدأ قبل اكثر من خمسة عشر عاما، وهذه الحقبة سُجلت في العديد من الوثائق، ففي رسالة مفتوحة، وجهت في عام1991 الى الرفاق والاصدقاء كافة، جرى التحذير من السياسيين الذين أصابهم اليأس والعجز، واعتبروا مقاومة الامبريالية لا طائلة تحتها، فوقعوا في الوهم الذي مفاده؛ أن أمريكا هي التي ستساعد الشعوب في التحرر والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
وقلنا بالحرف الواحد: "الرفاق الموظفون في حزبنا ظلوا يحملون لافتة الشيوعية لأنها بالنسبة لهم تمثل المكتب أو الدائرة التي يعملون بها، ولكن تم تحويل المرجع بعد غياب موسكو "النجمة الحمراء" الى واشنطن "متعددة النجوم"". "ان الموظفين في حزبنا طلبوا العون من واشنطن سرا وعلانية، بعد أن أعربوا أمام أولياء نعمتهم الجدد، بأنهم تخلوا عن مبادئ الاشتراكية "العتيقة"، واستفسر الأمريكيون عن سر بقائهم شيوعيين اذا"
ولقد حذرنا من زيارة حميد مجيد موسى الى واشنطن في عام1998 التي نفاها في البداية الى ان نشرها احمد الجلبي، وقلنا ان هذه الزيارة"لا تعكس اليأس فقط، وانما تعكس الجهل و غياب او ضعف الحس الوطني و اليقظة الثورية. واضفنا "اننا ندين الزيارة، وطريقة التفكير التي ادت اليها، وندين الزيارات الاخرى المماثلة لها، وندين التعويل على امريكا، وأكدنا على انها لا تنسجم مع طبيعة و تاريخ الشيوعيين العراقيين.
وبصدد النظام السابق، قلنا الكثير الذي كان الاخرون يخشون طرحه، وجاء في بيان عام 1991، "أن نظام الحكم الشمولي الدكتاتوري هذا لم يحرك ساكنا، وكأنما لم يحدث شيئا في هذا العالم، وفرض على شعبنا حربين مدمرتين أوصلت البلاد الى هذا الدرك المؤلم، ولم يستفد من التجارب التي عاشتها بلدان اوروبا الشرقية، ولم يدرك أنه لايمكن السيرضد منطق التاريخ، ان الحياة ستفرض التغيير لا محالة". ولن نستطيع ان نقدم اونزيد عما طرحناه سابقا حول النظام و طبيعته واساليب مواجهته.
ان هذا الموقف الواضح من النظام، لم يدفعنا الى التواطئ مع نظام الملالي في ايران أثناء أعوام الحرب معها. ولا الى السير خلف دبابات الاحتلال والعدوان الامريكي، لأننا نعرف الأهداف الامريكية الحقيقية. وما بين هاتين المرحلتين، لم نقبل طروحات النظام حول الشرعية الثورية الممزوجة بالقمع والاستبداد، وفي الوقت نفسه لم نتجاهل جريمة فرض الحصار الاقتصادي الاجرامي على الشعب العراقي، واعتبرنا الحصار جريمة ضد الانسانية، ومن أبشع اسلحة الدمار الشامل العدوانية، وكان شعارنا؛ لن نقبل باستبدال الدكتاتورية بالاحتلال، والان ايضا نحمل الدكتاتورية مسؤولية ترك اسواربغداد واطئة امام المحتلين.
وفور وقوع العدوان والاحتلال - وحتى قبل أن يبدأ - أدناه بكل ما نملك، وقلنا؛ هذه جريمة موجهة ليس ضد شعب العراق فقط، وانما ضد الانسانية كلها، وضد الاستقرار الدولي. وأدنّا جريمة حل الدولة العراقية، وفتح حدود البلاد أمام كل من هب ودب. ووقفنا ضد سرقة خيرات وتراث وممتلكات الشعب، وضد محاولة تمزيق الشعب العراقي عبر نظام المحاصصة سئ الصيت والنتيجة.
قبل الاحتلال الغادر لبلادنا، حذرنا جميع القوى "الوطنية" من مغبة خدمة مشاريع الاحتلال. ونؤكد اليوم ايضا، ان الاحتلال القائم حاليا، هو حسب فهمنا، جريمة غادرة ضد الشعب العراقي، وانه يستهدف خدمة الامبريالية الأمريكية في طورها الجديد، وهو خطوة في طريق الهيمنة على العالم بأسره، وهو أيضا محاولة بائسة لمنع قيام عالم متعدد الأقطاب، وان مقاومته حق و واجب على كل وطني. وقد جسد الاحتلال الراهن الشكل التقليدي للاستعمار المباشر، من حيث الوسائل والأساليب والأهداف. وقد اعتمد أساليب الحيلة والخداع والغدر، وكل القذارات الاستعمارية التقليدية منها والحديثة، وانكشفت بشكل صارخ دعايته الكاذبة، حتى لبعض الموهمين، أو الذين أوهموا انفسهم عن سابق عمد وقصد، ولا ندخل في هذه الخانة المأجورين، العلنيين منهم والسريين.
فالحداثة والديمقراطية وحقوق الانسان، التي اختارتها واشنطن للعراق، تجسدت في المحاصصة الطائفية، والقبلية، والعرقية، والعودة الى كل ما هو متخلف ورجعي ومعرقل. وتجسدت في السجون، والمعتقلات، والتعذيب، والاعتقال الكيفي، والتروبع الفردي والجماعي، وبقصف المدن والقرى الامنة، وفي غياهب السجون الاجرامية في بوكا وأبي غريب وغيرهما، حيث تمتهن كرامة الانسان والاوطان.
وعن عمد جرى تحطيم الصناعة والزراعة وكل الحياة الانتاجية في العراق، حيث بلغت نسبة البطالة 70% من القوى النشطة اقتصاديا، في محاولة لترك فرصة واحدة أمام الكادحين، هي العمل في المؤسسات القمعية، التي وظفت او- يراد لها- ان توظف ضد الشعب العراقي، وليس لحماية أمن المواطن والوطن.
كما جرى تدمير مشاريع الطاقة العراقية، سواء عبر الحصار الاجرامي قبل العدوان، وخلال القصف الوحشي الارهابي، ومن خلال ايقاف عمليات البناء لاحقا، وهذا من أجل الامعان في تدمير الحياة الانتاجية في العراق، ومن اجل اذلال المواطن، وتحويل حياته الى جحيم حقيقي فوق الأرض وبكل المعايير. والكل يسمع او يشاهد حاليا عمليات بيع الفقراء العراقيين للدماء والاحشاء من اجل توفير امكانية العيش الى حين.
ان الاحتلال جلب معه، اضافة الى المرتزقة، من تجار السياسة العراقيين، جلب معه الجوع، والفقر، ونقص أساسيات الحياة؛ كالماء والكهرباء والطاقة والعمل. ووفق فهمنا للوضع القائم، يوجد حل واحد وحيد، هو كنس الاحتلال، وان هناك موضوعا واحدا للمفاوضات معه، هو الجلاء عن الوطن العراقي المحتل، ودفع التعويضات عن جريمته، والاعتذارللشعب العراقي.
وأما حول وسائل الكفاح لكنس المحتل، فان كل الوسائل المتاحة مشروعة، وتعترف بها جميع الشرائع؛ من النضال المطلبي وحتى حمل السلاح. وان الجمع بين وسائل الكفاح مع بعضها في وقت واحد، ضرورة تمليها الظروف القائمة. وينبغي التأكيد على اهمية اختيار الاهداف في المعركة الراهنة، والحذر من استخدام اية وسيلة، لا تقع موقعا حسنا في وعي المواطنين، او تلك التي تقوم بها جهات تستهدف تشويه نضال الشعب العراقي من اجل سيادته واستقلاله. وينبغي تحريم العمليات التي تؤدي الى سقوط ضحايا بين المدنيين، الذين يشن النضال من اجل كرامتهم و حريتهم.
لقد أفرز الاحتلال العديد من الظواهر والسلوكيات، التي في نهاية المطاف تستهدف اخراج العراق حتى من الحياة نفسها، ليبقى مجرد بئر نفطي وحسب. وحاول المحتلون وعملاؤهم تمزيق الشعب العراقي من خلال القفز فوق الوطنية العراقية في محاولة خرقاء لزرع الطائفية والمذهبية والنزاعات العرقية المتطرفة. نقول بكل اعتزاز لو أن عمليات تأجيج التعصب في الطريقة التي جرت في العراق، جرت في أي بلد اخر، لربما اختلفت النتائج، ولربما اندلعت حروب اهلية .
نعم ان الاحتلال حقق تقدما في العراق، لكنه تقدم في اتجاه غاية في السلبية، فقد نقله من ناحية الفساد من الدول رقم 114 في التسلسل الدولي الى الدولة رقم 1 حيت بلغت نسبة الفساد في مؤسسات الدولة 80%، ورفع نسبة البطالة الى 70% من نسبة القوى النشطة اقتصاديا، ومن بلد ذي نظام دكتاتوري الى دكتاتوري و محتل، وحظ اول فيما تسميه الامبريالية الأمريكية بالحرب العالمية على الارهاب، والى بلد بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود، وهو البلد النفط الكبير، وان اهم المناقصات المطروحة في سوق العمل في العراق ، هي بناء سجون جديدة. وأضاف الاحتلال الى الاساليب التعذيب المعروفة في بلادنا، أساليب جديدة، تفتقت عنها العقلية الأمريكية "المتطورة".
وعن سابق قصد وعمد، جرى تخريب مؤسسات الدولة العراقية، وحلت بعض الوزارة بالكامل، خاصة وزارة الدفاع، وجرى نهب كل ما انتجه وبناه العراقيون، من سومر حتى يوم9 /نيسان/2003، الذي أعلنه خونة الشعب العراقي عيدا وطنيا. وبدأت حملة شعواء على البطاقة التموينية، التي هي اخر شعرة تربط كادحي العراق مع امكانية الاستمرار في الحياة.
وصادرالاحتلال أمن وأمان المواطن العراقي، وفي كل اجزاء العراق، مع بعض التفاوت المحدود هنا وهناك. وان بعض المدن العراقية، باتت هدفا للعدوان و للهمجية، يمارس فيها الاحتلال سادية التفوق العسكري والتقني. ورغم كل بشاعات المحتل، نرى بثقة حقيقية، ان يوم هزيمته على يد الشعب العراقي باتت قريبة، ولن يكون العراق معبرا، حتى تجاه اولئك الذين يتامرون على الشعب العراقي اليوم، ويعمقون جراحه الدامية.
كما أننا نرى في سياسة اجتثاث البعث، سياسة تقوم على الانتقام الشامل، وهي حرب على الأفكار، وليس لاحقاق الحق عبر المحاكم والقانون، ولمحاسبة من ارتكب جريمة ضد الشعب العراقي، او حتى ضد أي فرد عراقي. ونعتقد بان المحاسبة من اجل انصاف المعنيين والضحايا وحماية الشعب، ليس من مسؤوليات قوات الاحتلال وعملائه. أن للشعب العراقي وحده حق المحاسبة، وحق تقويم ادوارالأحزاب والأفراد. ومن الظواهر القائمة حاليا، عدم التميز بين الحزب السياسي وبين النظام السياسي. كماأن الغلبة ما زالت لسياسة عدو عدوي صديقي، ولشهوة التسلط والانتقام، وليس لتقديم النموذج الواعد، الذي ينقل العراق الى الممارسة الديمقراطية الفعلية.
أن الأحزاب الوطنية العراقية الحقيقية تعاني من صعوبات قاهرة، على يد قوات الاحتلال وعملائه ومن الأحزاب المندمجة، فيما يعرف بالعملية السياسية في العراق، وبعبارة أدق المندمجة في خدمة الاحتلال. كما ان الاحتلال من طرف اخر، سعى ويسعى بكل جهده أن تكون في واجهة الحياة السياسية العراقية، أحزاب عرقية وطائفية فقط ، من اجل الاجهاز على الفعل السياسي الوطني، وللاسف فقد اتسعت هذه السياسة لتشمل المساهمة الذليلة، لما يدعى بالحزب الشيوعي، الذي من المفترض انه يؤمن بحق الشعب في الحرية، ويدعي انه معاد للامبريالية ومدافع عن الكادحين، ان قيادة هذا الحزب دخلت الى قائمة أحزاب المندوب السامي الأمريكي" بريمر" كحزب طائفي. وهذا عار ما بعده عار، في قاموس الشيوعية، وحتى التقدمية في اطارها العام.
ان احزاب" بريمر" حاصرها و يُحاصرها الشعب العراقي في المنطقة الخضراء، وبقيت تحت حماية حراب المحتل، وهي لا تجرأ على الخروج الى شوارع بغداد، ناهيك عن النضال في صفوف الجماهير، ولكنها تحاولوا اتهام هذا الشعب، الذي حاولت جميع اطراف العملية السباسبة في المنطقة الخضراء اهانته، من خلال الادعاء، بأنه لم يستطع اسقاط النظام خلال 35 عاما، متجاهلين عن قصد وعمد كل العوامل الموضوعي، المحلية منها والدولية، التي سادت خلال الأعوام المذكورة، فالنظام كان في سنوات حكمه الأولى متحالفا مع الحزب الشيوعي العراقي، وفي مراحل أخرى متحالفا مع القوى القومية الكردية، وفي فترات مختلفة كان يحظى بدعم الشرق والغرب معا، ومن تلك السنوات كانت سنوات ارتفاع عائدات النفط، حيث كان سوق العمل في العراق يشغل ثلاثة ملايين عامل غير عراقي الى جانب اخوانهم العراقيين. فهل المطلوب من اخواننا العمال المصريين مثلا القيام باسقاط النظام حينذاك؟!!
ومن أجل طرد المحتل، يحق للشعب العراقي استخدام جميع الوسائل التي تحقيق أهدافه، ونؤكد هنا ان المقاومة العراقية الوطنية الباسلة، هي وهي وحدها، التي دفعت الغزاة الى تقديم تنازلات، وان كانت تلك التنازلات قد جاءت بالتقسيط، وتضمنت محاولات مكشوفة للالتفاف والمناورة؛ من خلال دفع بعض العملاء الى الواجهة، فجاء مجلس الحكم، ثم الحكومة المؤقتة، ثم الحكومة الحالية بديلا عن الحكم الامريكي المباشر. وليعلم خدم الاحتلال انهم تحولوا الان بفضل المقاومة الى عبء ثقيل على اسيادهم، وان الاحتلال سوف يضطر الى مفاوضة المقاومة الوطنية باتجاه ضمان انسحابه، ان عاجلا او اجلا، وليعلم الواهمون ايضا، ان الشعب العراقي في بغداد ثائر، وفي الجنوب يغلي، وفي كردستان يتململ. وان حركة الشعب العراقي، وان كانت لا تسير بسرعة واحدة في كل أجزائه، ولكنها تسير في اتجاه واحد، وصوب هدف واحد، هو طرد الاحتلال و عملائه.
نقول لمن يتوهم حقا، اوعن قصد؛ بأن حركة المقاومة خاضعة لبضع مئات جاءوا من الخارج، او انها تحمل برنامجا غير برنامج التحريروالثورة الوطنية الديمقراطية، ان ذلك الوهم او القناعة مجرد محاولة بائسة للتشويش والتشويه ليس الا، نعم نحن مع الجميع ندين الأعمال ذات الطبيعة الارهابية التي تستهدف المدنيين العراقيين، أيا كان مصدرها، ولكن ندعو في الوقت ذاته، ندعوا الى معرفة من الذي يقف وراء تلك الاعمال، وهي قطعا صادرة من جانب أطراف تريد اعاقة نضال الشعب العراقي، وتشويه صورة مقاومته الباسلة، لأن انتصار الشعب العراقي في معركته الراهنة، تعني نهاية تعيسة للقوى الامبريالية الظلامية المتوحشة في كل عواصم قهر واضطهاد واذلال الشعوب والانسانية.
ان موقفنا يقوم على ارضية الدعوة الى السيادة والاستقلال الكاملين، وكنس الاحتلال، ومطالبته بالتعويضات، والدعوة الى حملة دولية وعربية لاعادة اعمار العراق. وكل ذلك يتطلب قيام جبهة وطنية عامة ضد المحتلين، تحرر البلاد، وتقيم حكومة وطنية ديمقراطية، تقف على الدوام حائلا امام قيام نظام عميل، او ديكتاتوري، او طائفي. وتحمي و تحرس الحريات والحقوق السياسية والاجتماعية لكل الشعب العراقي، وتضمن الحقوق القومية العادلة للشعب الكردي في نظام ديمقراطي.
ارا خاجادور 23/7/2005
#ارا_خاجادور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعي المناضل هادي أحمد علي
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|