|
ليس دفاعا عن الأحزاب ( الكرتونية) ولكن بحثا عن الحقيقة
سمير الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 23:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يكثر هذه الأيام ترديد نغمة أن الأحزاب ورقية وضعيفة وأنها لا تمتلك برامج ولا وجود لها فى الشارع و أنه علي تلك الأحزاب أن تعرف حجمها، وهذا طبعا يقال عن كل الأحزاب التى انضوت تحت تحالف 30 يونيه بما فيها أحزاب جبهة الانقاذ والتى فتحت مقراتها لتمرد التى كانت بلا مقرات وبلا أى إمكانيات حتى سقط حكم المرشد حين أعلنت القوات المسلحة انحيازها للجماهير كما فعلت فى 11 فبراير 2011حين أجبرت مبارك على ترك السلطة، الحقيقة أن هذا الغثاء الإعلامي لا هدف له إلا تدمير ما بقى من أحزاب ما قبل 25 يناير( أحزاب ما بعد يناير لم تتبلور بعد) تلك الأحزاب التى ظلت محاصرة فى مقراتها وممنوعة من الاتصال بالناس منذ نشأتها التى انطوت على خدعة كبرى إذ جاءت ولادتها كمنابر داخل الاتحاد الاشتراكى أولا ضمن خطة إبعاد اليساريين والناصريين عن السلطة بمحض إرادتهم وهى طريقة السادات الذى كان يمكنه يجعلك تقتل نفسك وأنت تظن أنك تغزوا العالم، كان على السادات الذى أراد أن يغتال تجربة ناصر الاشتراكية أن يتخلص من وجود الاشتراكيين فى السلطة حتى ينفرد هو وجماعته بها لكى يسير فى الاتجاه المعاكس "فافتكس" قصة الثلاثة منابر، اليسار واليمين والوسط ثم تحولت تلك المنابر إلى أحزاب فانضم هو للوسط ( حزب مصر) الذى أصبح الحزب الوطنى بعد ذلك وأصبح اليسار حزبا خارج السلطة بقيادة الضابط السابق خالد محيى الدين ( سنقرأ بعد ذلك فى كتاب هشام السلامونى " الذين واجهوا ناصر والسادات كيف تم استبعاد عبد الرحمن الشرقاوى من الترشح لقيادة اليسار" )و خرج اليمين بقيادة الضابط السابق مصطفى كامل مراد من السلطة بمحض إرادتهم (وبحداقة) أنور السادات ومكره العبقرى فضمن له ذلك إزاحة كل قواعد الاشتراكيين واليساريين من السلطة بعد أن كان قد أطاح بقياداتهم فى انقلاب مايو 1971، ظل النظام السياسى يتعقب الأحزاب ويضيق عليها ويوجه لها ضربات أمنية ويلاحق أعضاءها ويضيق عليهم سبل الرزق حتى كان الانتماء لأحزاب علنية مثل التجمع أو العمل الاشتراكى أو سرية كالحزب الشيوعى المصرى أو التيار الثورى أو أى شىء خارج تعليمات أمن الدولة المعلنة وغير المعلنة، كان ذلك الانتماء يعنى أنك لن تترقى فى وظيفتك وأن ابنك لن يكون مُعيدا بالجامعة حتى وإن كان أول دفعته ولن يلتحق أى من أقارب الدرجة الأولى لا بالنيابة ولا بالكليات العسكرية ولا بأكاديمية الشرطة التى صارت فى عهد العادلى " أكاديمية مبارك"، فى يناير1977وُجهت لحزب التجمع ولليسار الماركسى والناصرى ضربة موجعة فتم اعتقال كل من كان يكتب حرفا يمكن أن يفهم منه أنه ضد الانفتاح والفساد ورب العائلة الرئيس المؤمن وحدث أن تبارى المصريون فى التبرؤ من اليسار ونشر استقالاتهم علانية فى الجرائد ليثبتوا للرئيس المؤمن أنهم يسيرون ليس بجوار الحائط الوطنى فقط ولكن داخله! بعدها حسم السادات خياراته المؤجلة وذهب إلى إسرائيل ثم حل البرلمان لمجرد أن 12 عضوا عارضوا الاتفاقية ( لا أحد من بطانة الكذب يشير إلى أن ذلك كان ضربة للحياة الحزبية الوليدة لأن النغمة الآن هى نغمة واحدة فقط وهى أن هذه الأحزاب( بنت ستين فى سبعين) ويجب عيها أن تحنى رأسها حين تعلوا الأغانى الوطنية التى تكتبها فرقة الإجماع الوطنى) ويكفى طبعا أن تفتح أياً من قنوات رجال الأعمال لتستمع لكلام عن الأحزاب وصراعها وضعفها وقلة حيائها، تجعلك تشعر أن عليك أن تنتحر إن كنت منتميا لأحدها، طبعا ساهمت كل الانتخابات الفردية فى عهد مبارك فى إضعاف الأحزاب المدنية بينما كان التحالف الاقتصادى الرأسمالى الريعى لرجال مبارك مع الإخوان يجرف الاقتصاد الوطنى ويجرف الحياة السياسية، وكانت الرحلات الاعتقالية للإخوان مجرد وسائل لتذكيرهم أن قبولهم كشركاء فى نهب الفقراء لا يعنى قبولهم فى السلطة ولعلكم تذكرون أن الإخوان كانوا يلتزمون فى أغلب المواقف فيدخلون الانتخابات تحت شعار( المشاركة لا المغالبة) وفى حين حُرم اليساريون والناصريون من الانضمام لهيئات التدريس جرى تعيين معظم الإخوان كأعضاء تدريس بمباركة أمن الدولة لأن المعلم الأول أنور السادات كان قد استخدمهم من قبل بالاتفاق مع التلمسانى للقضاء على النفوذ اليسارى داخل الجامعة، فى عهد مبارك أيضا جرى تأميم الأحزاب السياسية واستطاع الأمن أن يسيطر على معظم قياداتها وقدمت رشاوى التعيين بمجلسى الشعب والشورى لكى تتبع تلك الأحزاب سياسة الأسقف المنخفضة التى انخفضت حتى لعقت ألسنة القيادات المؤممة تراب السلطة واشتعل صراع تلك القيادات مع شباب تلك الأحزاب الذى جرى تحطيمه فى الحياة العامة وداخل الأحزاب فتصدعت الأحزاب وشهدت المقرات معارك بالأيدى والأحذية امتدت للأقسام والمحاكم كل ذلك برعاية ومباركة نظام مبارك، الذى فرغ كل المؤسسات من مضمونها وجعل مصر عزبة للعائلة الصغيرة ومن يدور حولهم، هل عرفتم الآن من الذى أضعف الأحزاب ؟ هل تأكدتم أن نغمة الهجوم العام والإهانة العلنية تهدف للقضاء على الحياة الحزبية برمتها بعد أن تم تشويه النضال السياسى بالسماح بالتمويل الأجنبى للجمعيات الحقوقية وللمجتمع المدنى مع أن ذلك يتم تحت سمع وبصر وبموافقة النظام إلا أن النظام السياسى يطلق أبواقه الإعلامية لتجريسهم وفضحهم باعتبارهم خونة وجواسيس!! وأخطر ما فى قصة التمويل الأجنبى أنها ساهمت وتساهم فى تشويه العمل السياسى والحقوقى وتقضى على فكرة العمل الطوعى التى تعتبر بالغة الأهمية لإنعاش الحياة الحزبية، وبعد حصول حمدين صباحى على نسبة ضئيلة من الأصوات فى الانتخابات الرئاسية التى جرت يومى 25 و27ثم امتدت بشكل مفاجىء ليوم آخر، اعتبر البعض زيفا وبهتانا وضلالا وتضليلا أن تلك النسبة التى حصل عليها حمدين صباحى تمثل حجم نفوذ الأحزاب فى المجتمع وهذا طبعا إفك مبين وتدليس عظيم، إذ أن معظم أحزاب اليسار واليمين والأحزاب الناصرية قد دعت لانتخاب المشير السيسى بناء على تحليلات مفادها الدفاع عن الوجود المصرى وإسقاط مؤامرة الإخوان والتنظيم الدولى المدعومة من أمريكا للقضاء على الدولة المصرية، وأشهد أننى كعضو قيادى فى اللجنة المركزية والمكتب السياسى لأحد تلك الأحزاب التى انضمت قيادتها لحملة صباحى أن 80% من عضوية هذا الحزب فى الأقاليم كانت تدعو لانتخاب المشير وأقامت له نفس المؤتمرات التى أقامتها للدستور وباستخدام نفس الأغنية الشهيرة فى الخلفية. هل أوضحت كيف أن النظام السياسى الذى يتهم الأحزاب بأنها بلا تأثير ولا جماهير هو السبب الرئيسى وراء هذا الضعف ؟ هل أوضحت أن الإرادة السياسة الحالية مازالت تشبه الإرادة السياسية لنظام مبارك سواء عن عمد أو بالقصور الذاتى وأن الإعلام الذى يردح للأحزاب تنطبق عليه مقولة الشاعر الفلسطينى العظيم محمود درويش---" حطوك فى حجر وقالو لا تسلم ورموك فى بئر وقالوا لا تسلم" أو تنطبق عليه مقولة جدتى الفلاحة المصرية "عليه أم يوسف" " من كتر بلاوينا جابوا اللى فيهم فينا"
#سمير_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشباب والمشاركة السياسية
-
اليسار وانتخابات الرئاسة
-
الانتخابات الرئاسية .... خنادق القتل المعنوى على الهوية
-
آمال عبد الباقى
-
رسالة السكرتير العام لجمعية الإخوة الإسلامية
-
أحداث دهشور...دماء عماد عفت ومينا دانيال
-
حزب الدستور........ طموح الجماهير وضعف البدايات
-
الإخوان هم الإخوان .. و-الصيف ضيعت اللبن-
-
عودة الإبن الضال
-
ثورة يناير ووزارة الداخلية المصرية
-
الدودة فى أصل الشجرة
-
الجيش والشعب يدُُ واحدة – بعد مضى عام هل لازال الشعار صالحا؟
-
مشروعان فى مصر
-
الإسلام السياسى بين فساد الاقتصاد وفساد الأخلاق
-
الأقباط المسلمون والأقباط المسيحيون
-
أزمة اليسار المصرى .... دوائر الخروج
-
الثقافة وثورة يناير
-
الثورة المصرية بين الأفراح والمآتم
-
عودة -القولبة- بعد الخامس والعشرين من يناير 2من 2
-
ماذا نفعل بعد عودة المكفراتية؟ 1 من 2
المزيد.....
-
الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة
...
-
عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير
...
-
كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق
...
-
لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟
...
-
مام شليمون رابما (قائد المئة)
-
مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
-
مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة
...
-
إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا
...
-
نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن
...
-
وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|