|
مع هادى العلوى الذى جمع بين الماركسية و التراث الاسلامى و التصوف
ممدوح مكرم
الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 11:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
فى عام 2000 م كنت مسافرا للقاهرة / للتقديم فى دراسات عليا ( كلية الاقتصاد و العلوم السياسية ) و محاولة البحث عن عمل بعد إنهاء دراستى الجامعية ، عند بائع الصحف وجدت مجلة العصور الجديدة ، تصفحت عناوينها خارجيا وداخليا ، و اشتريت العدد. كان من أبرز المقالات ؛ مقال عن " الطائفية فى الوطن العربى " اشترك فى كتابته إثنين ؛ هادى العلوى ، و علاء اللامى. كانت المجلة تقدم ميزة لا تتوفر كثيرا فى دورياتنا الثقافية ؛ وهى نبذة عن كتاب و محررى العدد ، هادى العلوى مفكر عراقى ، ...وكذا أدهشنى هذا العمق و التناول التحليلى للظاهرة الطائفية ، بل و الجرأة فى هز عرش المقدسات القارة فى عقولنا ووجداننا، فمن هنا أحسست بعلاقة حميمية مع العلوى ، و بدأت أبحث له عن أعمال ، لأعرف من هو ذاك الرجل ؟؟ و وجدت فى مجلة النهج السورية فى أحد أعدادها .. عرض تحليلى و ملخص لكتابه الأشهر و الأهم " مدارات صوفية : تراث الثورة المشاعية فى المشرق" فزاد ذلك أكثر من حيرتى و من اندهاشى من هذا الرجل !! فهو يملك رؤية عميقة مستندة على عمق معرفى واسع بالتراث من جهة و التصوف من جهة أخرى و التحليل الماركسى من جهة ثالثة . ثم صياغة عباراته و كلماته ؛ فهو لجأ حتى لإعادة تصريف الكلمات ، و إن دل ذلك تمكنه الكامل من اللغة العربية ، و معرفته بجوهر قوانينها الداخلية . و القارئ لمدرات صوفية سيدرك ذلك . ولد هادى العلوى فى كرادة مريم ؛ أكثر المناطق فقرا فى العاصمة العراقية بغداد فى عام 1932 م ؛ فى أسرة شديدة الفقر و التدين ، حيث كان أبوه عامل بناء بسيط ، و جده السيد سلمان واحدا من الفقهاء ؛ الذى ترك مكتبة ضخمة تعج بكتب التراث، و كانت صدمة هادى العلوى عندما اكتشف بعد اطلاعه على مكتبة جده ؛ أن الإسلام يبيح التملك ، و بالتالى الطبقية ، و تقسيم الناس إلى خادمين و مخدومين، هذا الفقر الذى نشأ فى ظله ورؤيته لبؤس أهل بلدته ( فلاحون ) و لأسرته خاصة الوالدة ؛ جعله يكره الأغنياء و دولهم . بدأ فكره يتبلور على مقهى حسين الحمد فى لقائه بالقيادى الشيوعى فى الكرادة " شاكر جابر" الذى وجهه لقراءات أخرى ساهمت فى تشكيله الفكرى و الثقافى . درس العلوى التجارة و الاقتصاد ، و كان من المتفوقين ، سافر إلى الصين و درس تجربتها و كتب عنها فى كتابه " المستطرف الصينى " فهو كان من المولعين بالتاوية ( التصوف الصينى ) = التاو ( الطريق أو الحق ) = تاو تى كنج( الطريق و الفضيلة ) التى أرساها فيلسوف الصين العظيم لاو تسى . عرف عن العلوى تبحره المعرفى و ثقافته الموسوعية ، و التى استطاع أن يمازج بين التحليل الماركسى ، و التراث الإسلامى ، و التراث الصينى ، و تراث التصوف المشرقى فى عمومه. كان معارضا شرسا للسلطة و المال و الدين ( الثالوث المقدس ) الذى يسحق الفقراء و المهمشين ؛ وأدى به ذلك إلى العيش متنقلا من منفى إلى آخر ؛ حتى وافته المنية 23 أيلول 1998 م. قدم هادى العلوى ما يقرب من عشرين كتابا ، قضلا عن مقالات و أبحاث نشرت فى المجلات و الصحف العربية و العراقية ,من بين أعماله :- - مدارات صوفية : تراث الثورة المشاغية فى المشرق -الإغتيال السياسى فى الإسلام - محطات فى التاريخ و التراث - فصول من تاريخ الإسلام السياسى - تاريخ التعذيب فى الإسلام -تظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازى - شخصيات غير قلقة فى الإسلام و غيرها من كتب قيمة ..تمثل مشروعا فكريا و حضاريا ..لنهضة المنطقة العربية . قيمة هادى العلوى تتجلى قيمة هادى العلوى فى بحثه العميق ؛ عن جذور المشاعية فكرة و سلوكا فى تراثنا الوسيط ، و نقد المركزية الأروبية ، و الأصولية الدينية، كما أنه دخل مناطق شائكة فى البحث و الدراسة ، ليعيد تفكيك التراث بكل مكوناته ، و إعادة البناء على ما قدمه من إيجابيات . ليس مستغربا أن دعا إلى إنشاء جمعيات مشاعية فى العراق ، و أن يكون هناك وزارة مختصة بالمشاعات ، إيمانا منه بالإنسان المهمش و المقهور ؛ الذى تدهسه البرجوازية / الرأسمالية ..حتى و إن بدا ذلك منه حلما رومانطيقيا . عرف عنه حياته البسيطة و تواضعه الجم ، و طريقة عيشه التى تشبه عيش زهاد و متصوفة القرون الوسطى ، حتى لقب بحلاج القرن العشرين .فعندما مات لم بترك نقودا و لا عقارات .. لكنه ترك لنا تراث معرفيا يتعين علينا درسه جيدا ، و الإستفادة منه ، فى تعميق رؤيتنا لتراثنا ، و فى بناء كوادرنا الثورية على التواضع ، و حب الرفقة ، و حب البسطاء من الناس .. وكره التملك الخاص كما كان يكرهه و يمقته هادى العلوى . فهو نموذج للمثقف العضوى بالعبير الجرامشى ..الذى نحتاج لآلاف مثله ..فى مجتمعاتنا التى نخر فيها الخراب بفعل أنظمتها التابعة ، و أغنيائها المستغلين ؛ الذين يعملون لحساب الرأسمالية العالمية ، العدو اللدود للفقراء و المهمشين . هذه كانت بعض شذرات سريعة لا تفى الغرض ..عن مفكر و مناضل عظيم
#ممدوح_مكرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول إعادة الإعتبار للجيو-بو لتيكس
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|