|
هكذا توقع الاقتصاديون ....العراق في العقد التسعيني كوريا جنوبية أخرى
جاسم محمد كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 07:10
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
انطلق العراق إلى عالم الصناعة بعد تأميم النفط من شركات الاحتكار بعد مفاوضات شاقة كما يذكرها مرتضى سعيد عبد الباقي الذي كان آنذاك وزيرا للخارجية وبدا يشق طريقة للخروج من دول العالم الثالث بطريقة حرق المراحل ليلتحق بالصف الثاني من البلاد المتقدمة . وبدا الدولة العراقية آنذاك تعد العدة للانطلاق نحو المرحلة الجديدة .
نشرت روز اليوسف في عددها 2525 في 1-11- 1976 موضوعا تحت عنوان - لأول مرة في العراق - الحكام يحاسبون أنفسهم - من مراسلها فتحي خليل جاء فيه :-
" - عاش العراقيون أسابيع حافلة لم تقطعها إلا إجازة العيد يتحدثون لغة الأرقام والمعروف أن العراق قد دخل وبالذات بعد التأميم الكامل لثروته النفطية - غمار خطة تنمية طابعها طريق الاشتراكية ورغم أن الخطة قد أنجزت نجاحات ملحوظة إلا أن القيادة السياسية رأت ضرورة الأعداد لمرحلة المصارحة تناقش فيها عوامل تخلف الإنتاجية في تجربة التنمية واتخذت ندوة المصارحة شكل ندوة موسعة ذات نهج ديمقراطي لمناقشة عوامل النجاح والفشل ..... وبعد الحوار الذي دار كأنة عملية تشريح شاملة لتفاصيل العملية الإنتاجية ى انتهت الندوة بتوصيات دعمتها بعد ذلك بيانات سياسية أصدرتها قيادة الثورة وقيادة حزب البعث في العراق وقيادة الحزب الشيوعي "
وشهدت الساحة الاقتصادية نهضة على المستوى المعاشي تحملت فيها الدولة عبئ الدفع عن المواطن لكافة الخدمات المجانية كالكهرباء وخدمات الماء والتعليم إضافة إلى الخدمات الصحية خدمات النقل المتمثل بالباصات والحافلات وأدخلت الدولة النظام الغذائي إلى المدارس الابتدائية وتوزيع المبالغ النقدية على طلبة الجامعات بمبلغ 20 دينار مع السكن المجاني في الأقسام الداخلية مع العلم أن سعر طبقة البيض كان آنذاك دينار وربع الدينار وسعر كيلو لحم العجل ثلاثة أرباع الدينار .
وارتفع دخل المواطن العراقي كثيرا وبلغت نسبة الصرف للدينار العراقي متفوقا على الدولار الأميركي بمسبة 3-1 وتفوق الدينار العراقي لأول على الدينار الكويتي بنسبة دينار - دينار وربع . وتفوق النقد العراقي على العقار الثابت والسلعة وأصبحت السلعة والعقار شيئا ثانويا أمام النقد العراقي وبلغ فيض الميزانية لأكثر من 30 مليار دولار .
واستطاعت الصناعة العراقية من المضي في التصنيع الاستهلاكي لأكثر المنتجات الغذائية والكهربائية لسد حاجة السوق من المنتج العراقي وتقدمت خطوات كبيرة بنظام الامتياز مع الشركات الدانماركية ونظام التجميع مع الشركات اليابانية . وراقبت الدولة العراقية الوضع الدولي والتجارب الدولية عن كثب وانتشر في أكثر أدبياتها السياسية الإعجاب بالتجربة الاشتراكية الصينية والتجربة اليوغسلافية حاولت تقليد تلك التجربتين . ظهرت في منتصف السبعينات طبقة عمالية كبيرة تمثلت بالعمال المبتدئين إلى العمال المهرة فالمهنيين فالفنيين إلى المهندسين وكانت نسبة العمال في العمل المهني المنتج للبضاعة اكبر من نسبة العمال في المجال الخدمي ومضت الدولة كثيرا في هذا المجال بالتنسيق مابين وزارة الصناعة والتعليم العالي بافتتاح المعاهد التكنولوجية والكليات الهندسية لمختلف الاختصاصات الصناعية وأصبح التعيين مركزيا لكافة الخريجين . وتفوق الراتب للعامل في المجال الإنتاجي المنتج للبضاعة على راتب الموظف في المجال الخدمي بما يقارب ال60 دينار فأكثر من الراتب الاسمي إضافة إلى الامتياز والحافز ليصل المبلغ الصافي إلى أكثر من 100 دينار . وبلغ من نسبة العمال الكبيرة بان الدولة في ذلك الوقت وزعت القطع السكنية على الاختصاصات العمالية والمهنية فهناك حي العمال وحي المعلمين والأطباء والمهندسين .
واستفاد العامل والموظف العراقي كثيرا من هذه النهضة الاقتصادية بالحصول على سلف الزواج وقروض المصارف الاشتراكية لإنشاء بيوت السكن .
واستطاعت الزراعة العراقية من سد كافة احتياجات السوق من المواد الغذائية بنسبة 80 % وبقي السوق يعاني نقصا في المحاصيل الرئيسية كالقمح . الرز والسكر ولأجل ذلك جلبت الدولة الخبراء الكوبيين من اجل إنجاح زراعة قصب السكر في ميسان وإنشاء معمل للسكر هناك ونجحت التجربة كثيرا لكن المعمل لم بسد الحاجة الكاملة للعراق واحتاج العراق إلى مساحات أخرى لزراعة قصب السكر وثلاثة معامل جديدة لسد الاحتياج .
في نهاية العقد السبعيني بدا العراق يستعد للدخول إلى مجال الصناعة الثقيلة وصب المعادن وتشكيلها وهذه الخطوة بالغة الخطورة لان التراكم المعرفي في هذا المجال يؤدي بالضرورة إلى الصناعة الحربية والتفكير بما هو ابعد من ذلك بعد شراء العراق لمفاعل تموز الذري والتفكير بالطاقة النووية كطاقة للمستقبل .
وانتهجت الدولة الخطط الخمسية ونظام العقود طويلة الأمد لبناء اقتصادها وبلغ ذروة ذلك بالتفكير بإنشاء مترو بغداد الذي أعلنت الشركة المعنية بتنفيذه بان الانتهاء منة سيكون في عام 1990بينما سيكون انجاز المترو الذي يربط كل أجزاء الدولة العراقية في عام 2010 .
وبلغت السياسة الاقتصادية النقدية والمالية ذروتها عند الدولة العراقية عبر وزاراتها المعنية كالتخطيط والمالية والصناعة بمعرفة كل كميات السلع المستوردة التي تدخل السوق وأسعارها وكذلك معرفة كمية النقد الداخلة للسوق والمصروفة عبر المصارف وقنوات الصرف المركزي .
ومن شدة وثوق الدولة من نفسها قامت الدولة العراقية في نهاية العقد السبعيني بعملية توظيف كبيرة لكل العاطلين عن العمل وتوظيف كل من لا يملك دخلا حكوميا في مختلف الوظائف الخدمية . تطور الواقع الاجتماعي كثيرا في العراق وشهدت الساحة الثقافية العراقية خلو هذه البقعة لأول مرة من سلطة شيخ العشيرة والممارسات العشائرية ورجل الدين والمعمم وأصبح الدين تراث تاريخاني فقط ووصل الأمر بالدولة إلى إلغاء اللقب العشائري من التعامل في رسميات الفرد وأوراقه الشخصية . تخوفت أكثر دول المنطقة من العملاق العراقي الجديد الذي لو قدر له الزمن من المضي كثيرا لابتلع تلك المنطقة ووجدت تلك الدول في انتصار الثورة الإيرانية المفتاح الذي تدخل منة نحو الشباك العراقي وبلغت ذروة التآمر الأميركي مع بعض الأنظمة العربية أشدها بقطع الطريق على تلك التجربة بمسرحية إقالة الرئيس احمد حسن البكر وتولي صدام حسين السلطة وما أعقبة من حمام دم تمثل بإعدام وتصفية معظم أعضاء القيادة القطرية والوزراء من اليسار البعثي وقدوم سلطة مرتزقة جلها من الجهلة والأميين والأتباع الأذلاء للقائد الضرورة وبدا عبادة الفرد في العراق .
وما أن حل عام 1980 حتى بدأت شعلة العراق بالانطفاء شيئا بارتداء السلطة القمعية للبعث الصدامي لباس العسكر وتصفية كل الخصوم السياسيين والبدء بتدمير هذه التجربة بإجراءات خاطئة كتحويل العمال إلى موظفين أولا ثم عسكرة المجتمع عن طريق الجيش الشعبي وبلغت ذروة الهدم بشرارة حرب الثمان سنوات مع إيران التي أكلت اخضر الاقتصاد العراقي ويابسة وحولت العراق من دولة دائنة ذات خزين نقدي هائل إلى دولة غارقة في الديون وتدمير المصانع وتوقفها وتحويل العمال نحو المجال الخدمي والاعتماد فقط على ريع النفط وتدمير النمط الثقافي الذي بلغ ذروته بعودة شيوخ الدين والالتجاء إلى العشيرة ونهاية زمن التنوير بأحياء الموروث العشائري حتى وصل الأمر إلى ما هو علية اليوم من تلك النتائج المدمرة .
لو أن التجربة العراقية سارت بطريقها الصحيح بدربها الاشتراكي ولم تحصل مفاجئات التاريخ وعوائقه لكان عراق اليوم في قمة التاريخ وكوريا جنوبية أخرى كما توقع خبراء الاقتصاد قبل 30 سنة بكل ما للكلمة من معنى وربما دخل النادي النووي قبل جارته إيران بأعوام كثيرة ولكان عراقيو اليوم مثل نظرائهم الكوريين من الثقافة والفهم والمعرفة بدل أن تختل المعادلة ويذهب كل شي مع الريح وينزلوا إلى قاع التاريخ وحضيضه في العقد الأول من الألفية الثانية . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جاسم محمد كاظم
#جاسم_محمد_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في بلاد الهندوس .. عرفنا من هم برابرة الحضارة ومن هم بناتها
-
عقدنا السبعيني : ذلك العصر الذهبي الذي لن يعود
-
لاؤلئك الخاسرين الذين شتموا الناخب .. ثنائية - التذاكي والتغ
...
-
الديالكتيك المعاكس - حين يرتجع المجتمع من التنظيم الاشتراكي
...
-
ماركس . لينين .كيف تنتصر البروليتاريا على فلول البرجوازية ال
...
-
مجال عمل الحزب الشيوعي - اليوم وغدا - الواقع والطموح
-
لنكمل طريق -ماركس- بدل الاختلاف والخصام
-
أخي .. جاسم الأزيرجاوي _ لا تركبها محددة _ 1
-
لينين :- الاشتراكيون الديمقراطيون - أعداء الماركسية ومحرفيها
-
ماركس – لينين . التوافق والاختلاف
-
القيادي والعاطفي في التنظيم الشيوعي . أنا والرفيق النمري نمو
...
-
ماذا لو كنت سكرتيرا للحزب الشيوعي مكان - سلام عادل - ؟
-
الطاغية العراقي عبر التاريخ
-
المطرقة والمنجل .. ونهاية علم وراية الطوطم الحامي
-
هل كان سلمان الفارسي رافدينيا من العراق ؟
-
الطائفة ...التي لها الحق بامتلاك العراق ؟ ج2
-
الطائفة ...التي لها الحق بامتلاك العراق ؟ ج1
-
وأخيرا اقتنع والدي بان مذهبة المقدس - فاشوشي -
-
الذين تآمروا على الزعيم - لقد دق التاريخ بينكم عطر منشمٍ ِ -
-
حرب الطبقة -الارستقراطية المتوسطة - في العراق
المزيد.....
-
التقرير الصحفي الأسبوعي عن أخر تطورات العدوان وأشكال التضامن
...
-
وسائل إعلام إسرائيلية: سماع دوي انفجار قرب قيساريا ويجري الت
...
-
الإعلام العبري: سماع دوي انفجار قرب قيساريا شمال فلسطين المح
...
-
رحلة في تاريخ البيتزا.. من خبز الفقراء إلى موائد العالم
-
عرض ساعة ذهبية لجمال عبدالناصر مهداة من السادات في دار مزادا
...
-
تيسير خالد : يدعو وزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية الفلسط
...
-
حماس تعلق على حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يخلد الذكرى 39 الشهيد أمي
...
-
سفينة صواريخ إسرائيلية تعترض مسيّرة في المجال البحري قبالة س
...
-
م.م.ن.ص// قافلة تضامنية مع معركة المعطلين بتاونات في يومها
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|