عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 23:59
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
العلم وضروريات التعلم
التعلم أقدم تجربة خاضها الإنسان في وجوده الواعي والمحسوس على الأرض وقد تكون الدوافع الأولى للتعلم تختلف جذريا عن الدوافع التي تحملنا أن نتعلم الآن , لكنها تشترك في أس واحد هو إكتشاف الماحول والكشف الحقيقي عن وظيفة وجود الإنسان هنا في الزمان والمكان وعلاقة الأكتشاف بالمكتشف , الإنسان الأول يشبه الطفل اليوم وأمس وغدا في آلية التعلم وأعتماده على حصيلة التجربة الحسية ليس لأنه يريد التجريب ثم إثبات البرهان للتأكد من النتيجة المفترضة ولكن لمجرد التجربة وفهم لماذا صارت الأشياء هكذا ,يعني أن يجرب تلقائيا لا ليزيد من رصيده العلمي بل ليزيد من خبرته المعرفية التي تلح عليه بشكل فضول فوضوي.
فهو يخوض غمار التجربة بلا مقدمات وبدون خيرة سابقة بالماهية وليس لديه منهج تجريبي فهو يقتحم المجهول لأن رصيده في المعلوم شحيح جدا مما يقلل من فرص الأفتراض والمقارنة والبحث عن علة وسبب للتجربة , إنها الرغبة فقط بمعزل عن هدف التعلم ,رغبة تدفع لتوليد رغبة فتكون سلاسل من التجارب تتراكم محصلتها لتكون في النهاية رؤية أولية نامية وقادرة على النمو ومن ثم تشكل الخبرة في تحديد نوع التجربة وكذلك في أختيار الهدف ,ذلك لأن مفهوم مثل الحقيقة والعلم والمعلوم والمجهول مفردات لن تنضج حتى تمارس تحديداتها على التجربة الحسية وتوجهها إلى نمط محدد ومختار .
التعليم الذي ينتج العلم والعلم الذي يزيد من مجالات التعلم لا بد أن يكون كذلك في آلية أنتاجية مستمرة ومتصاعدة ومتنوعة ومشعة بأتجاهات مختلفة وإلا لا يمكن أن يوصف العلم والتعلم كذلك ما لم يؤدي إلى أنتاج نوعي وكمي متقدم في الكيفية والكونية او على الأقل مواز له في القيمة التجديدية والقدرة على الأنتاج ,السؤال الأهم هنا ما فائدة العلم والتعلم إن لم يكن قادرا على تجديد القواعد والأسس وتنويعها والدخول في نطاقات ضيقة تمهيدا للتوسع في الأثر المحتمل لها أو المخطط لها كي تصبح قاعدة العلم والتعلم أوسع وأكثر قدرة على تراكم الأنتاج وتراكم في المساحات التي يشغلها.
بعيدا عن الفلسفة اقول أن العلم قادر على تجديد الحياة بتجديد نفسه أولا ولا يتجدد العلم ما لم يكن هناك تواصل بين القواعد المنتجة له وتسخير الأنتاج لتوليد قواعد أكثر حداثة وأكثر مرونة في التناول , هكذا هي دورة العلم وأي انقطاع بين التعليم والعلم أو نشوء تقاطعات في نسيرة كل منهم سيؤدي حتما إلى تعقيد في سيرورة الحياة التي تشق تطورها بعاملي الزمن كمقدمة إرشادية والعلم كقائد لحركتها ,عليه تكون من ضروريات العلم أن يتسق منهجه نحو التراكم بشقيه من النوع والكم والأثر وهذا يتطلب منه أن يعود لأس العملية التعليمية ليحفزها بطرح أفق جديد وخارج سياق ما كان ويحكم المسيرة بقوانين لا تسمح للتعليم بالتوقف فضلا عن العودة للوراء.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟