|
القرآن يدعو للعنصرية
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4465 - 2014 / 5 / 27 - 12:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول القرآن : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } البقرة /178 ونأخذ من هذه الآية قوله : (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ) فالقرآن يشرعن الى ان هناك في الناس طبقة تعد من العبيد ،وهم ادنى منزلة من الذين سماهم الحر وجمعه احرار . ويفترض ان الناس متساوون بالآدمية لا فضل لابيض على اسود كما في الحديث . لماذا القرآن يصر على وجود عبيد ، وان كانوا بالفعل موجودون في عصر القرآن ؟ فهي دعوة واضحة للعنصرية والتمييز بين جنس البشر . وان الاسلام لم يستطع ان يحرر الناس العبيد حتى يصبحوا احرارا ، بل ان الحر اذا قتل عبدا لا يقتل به . وهذا اكبر تمييز عنصري مشرعن ، وسوف نتناوله في هذا البحث : يقول الفخر الرازي : ((أن المقصود من هذه الآية بيان أن بين الحرين والعبدين والذكرين والأنثيين يقع القصاص ويكفي ذلك فقط فأما إذا كان القاتل للعبد حراً أو للحر عبداً فإنه يجب مع القصاص التراجع . وأما حر قتل عبداً فهو قوده فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه بشرط أن يسقطوا ثمن العبد من دية الحر ويردوا إلى أولياء الحر بقية ديته . وإن قتل عبداً حراً فهو به قود فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد وأسقطوا قيمة العبد من دية الحر وأدوا بعد ذلك إلى أولياء الحر بقية ديته وإن شاءوا أخذوا كل الدية وتركوا قتل العبد )) . {راجع ذيل الآية في التفسير وقول الرازي} . ثم يقول : ((أن قوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى يوجب قتل الحر بالعبد إلا أنا بينا أن قوله الْحَرْبُ بِالْحُرّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ يمنع من جواز قتل الحر بالعبد هذا خاص وما قبله عام والخاص مقدم على العام لا سيما إذا كان الخاص متصلاً بالعام في اللفظ فإنه يكون جارياً مجرى الاستثناء )) . وكان مجتمع ما قبل الاسلام الذي يسمى جاهلي ، له وجهة نظر في القتل صحيحة ، اذ كانوا لا يفرقون بين الحر والعبد ولا بين المرأة والرجل بهذا الخصوص ، بل الكل عندهم متساوون في المنزلة والانسانية والمواطنة . وهو افضل بكثير ما شرعنه الاسلام من هذه الناحية . يقول القرطبي في تفسيره )) إن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعة فقتل لهم عبد قتله عبد قوم آخرين قالوا : لا نقتل به إلا حرا وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا وإذا قتل لهم وضيع قالوا : لا نقتل به إلا شريفا ويقولون : القتل أوقى للقتل بالواو والقاف ويروى أبقى بالباء والقاف ويروى أنفى بالنون والفاء فنهاهم الله عن البغي )) { راجع المصدر نفسه } فهذا الذي سماه القرطبي بغي هو عين العدالة فهو حكم لا يميز بين خلق الله ، فالحر والعبد والمرأة كلهم سواسية في الحياة والانسانية .
الاسلام لم يحرر العبيد وعندما جاء الاسلام لم يستطع ان يقضي على العبيد ولا حاول – الا محاولات بسيطة ، بل استمر على معاملة العبيد من ناحية البيع والشراء وغيرها ، وظلت الاسواق المختصة بهم عامرة ، حتى ان نبي الاسلام كان له العشرات من العبيد والاماء الذين استعملهم كخدم ، وجاء من بعده الخلفاء فظلوا على هذا المنوال . والدين الاسلامي يقولون انه جاء لتحرير الانسان من عبودية الانسان ، لكن نظام الرق ظل معمول به في جميع العالم الى القرن العشرين . وللظلم الذي لاقوه هؤلاء الفئة من المجتمع قامت لهم العديد من الثورات واعطوا آلاف الضحايا في سبيل الخلاص والتحرر ، ولعل ثورة الزنج بقيادة ابي السرايا سنة تسع وتسعون ومائة هجرية كانت من اعظم الثورات التي قامت بها الزنوج . بل الصحيح ان الاسلام عزز من استمرار العبيد وبقائه حيث الذي يقع اسيرا في حروب المسلمين يصير عبدا ، وتنطبق عليه ما على العبيد . يقول الدكتور عبد السلام الترمانيني :(( الرق – كما عرفه فقهاء الاسلام – عجز حكمي يصيب من يقع اسيرا في حروب مشروعة ، وبهذا التعريف يختلف الرق في شريعة الاسلام ، في مصدره ومفهومه ، عن قوانين وشرائع الشعوب الاخرى . فمصدره في الاسلام حروب مشروعة ، وهي قتال من يحارب المسلمين بعد تبلغ دعوته ، وهو في مفهوم عجز حكمي يصيب من يقع في هذه الحرب ، فيفقد اهليته القانونية ويكون مملوكا لمن يؤول اليه ، وهذا العجز موقت يزول بالفداء او بالعتق . وبذلك جعل الاسلام للرق مصدرا وحيدا اقام شرعيته على حرب من يعترض دعوته ويحاربها ، والغى ما سواه من المصادر الاخرى )) { الرق – ماضيه وحاضره ص 32سلسلة عالم المعرفة ، الكويت } . فالإسلام ، اذن زاد الطين بلة ، فبدل ان يقضي على الرق وينهيه اتخذ من الحروب ذريعة يستعبد بها الانسان الذي يقع في حروب المسلمين التي سماها الترمانيني حروب شرعية ، والصحيح ان الحروب بكافة اشكاله وصنوفها ومسبباتها هي تدمير للإنسان وتهديم بنية وهلاك مجتمع ، ويكفي ان الحرب العالمية الاولى والثانية خلفت آلاف القتلى والمعاقين ، ودمرت بنى تحتية ، وقضت على مجتمعات ، بل لعل تأثيرهما شاخصا الى اليوم هذا . واذن ، ذكر القرآن للعبيد دليل على بقاء العبيد (الرق) وان الاسلام ما كان من اولوياته تفكيك نظام الرق . لذلك نرى خلفاء المسلمين من الامويين الى العباسيين كل واحد منهم كانت له مئات بل آلاف العبيد والاماء قد اشتروهم من ميزانية الدولة . فقد ذكر لنا الطبري في تاريخه ، ان الخليفة العباسي هارون الرشيد كان يمتلك الف مملوك ، وكانوا يخصونهم احيالنا – أي يقطعون مذاكيرهم خشية خطر ذلك ، وهذه تعد جريمة كبرى يحاسب عليها القانون الدولي في عصرنا هذا .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النبي يترك اربعون جثة لم يوارها الثرى
-
النبي يخبر بانحراف اصحابه
-
كيف يصفي النبي خصومه ؟
-
القرآن .. واختلاف الرواة في ترتيب نزوله
-
النبي يهاب جماعة فيغدق عليهم اموالا
-
جد النبي يحكم على احد اولاده بالإعدام !
-
الموازنة : يللي اجلتوني يمتى تقروني
-
ذكر الجنة والنار
-
وهم الاعجاز القرآني
-
خديجة تسقي اباها خمرا لتتزوج النبي
-
النبي يتيما
-
نبي الاسلام اكثر الانبياء زوجات
-
ابن الكلبي ..وكتابه الاصنام (1)
-
ام حسين الدلالة تفوز بالانتخابات
-
القانون الجعفري ..اعادة سوق النحاسة
-
معارضو محمد
-
حتى نبي الاسلام لم ينصف المرأة
-
مرشحة برلمانية ...خط ونخلة وفسفورة
-
ابو لهب عم النبي ( قراءة في اوراق محظورة ) ( 6 )
-
انتخبوني ...لله يا محسنين
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|