أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء مهدي - شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !














المزيد.....


شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4465 - 2014 / 5 / 27 - 12:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



(ابتداءً، ودفعا لأي التباس محتمل، أشير إلى أن الاسم الوارد في العنوان، يرمز لسيدة عراقية آشورية كانت تعمل في إحدى شركات القطاع العام التجارية بوظيفة محاسبية. أخترت لها إسم شميرام حفاظاً على خصوصيتها).

عندما سمعت طرقة خفيفة على باب مكتبي، رفعت رأسي من أوراق حسابية كنت أراجعها، لأجد سيدة فارعة الطول ، ذات وجه جميل ارتسمت عليه ابتسامة ممزوجة بحزن عميق. ملابسها كانت تدل على حسن ذوقها وربما على مكانتها الإجتماعية وارستقراطيتها . طلبت منها أن تجلس ، وأشرت إلى الكرسي الموجود بجانب منضدتي.

جلست ، وقد بدا عليها الارتباك . . رحبت بها ، قاصداً أن أكسر حاجز الارتباك، فردت بابتسامة ثانية لم تخل أيضاً من القلق والارتباك.

ناديت - الفراش - وطلبت منه قهوتين، وعقبت طالباً منه أن يغلق باب الغرفة وراءه.

قفزت واقفة برعب ، وبدا الارتباك واضحاً عليها مرددة : لا أرجوك أستاذ ، لا تغلق الباب ، قلت : لماذا؟ أجابت : لا أستاذ لا الله يخليك ، تره آني خايفة.

- حسناً، اطمئني.

كان ذلك في اليوم الأول من مباشرتي العمل في الشركة التجارية التي نقلت لها بقصد تجميدي وظيفياً، الأمر الذي لم يكن خافياً عليّ، لأنني كنت أتوقعه . في ذلك الصباح، قصدت الشركة الجديدة حيث رافقني مدير إدارتها الذي كان على علم بقدومي إلى غرفة عملي دون أن يكلف نفسه عناء تقديمي لموظفي قسم الحسابات الذي سأديره. تركني بعد أن قدم الفراش لي ، فطلبت قهوة الصباح التي كنت حريصاً على التمتع بها مع سيكارة أو اثنتين.

وجدت نفسي محرجا وفي حيرة، ترى كيف سأقدم نفسي لموظفي القسم؟، وفجأة رن الهاتف.

- نعم
- صباح الخير أستاذ
- صباح الخير
- داعيك ضابط أمن الشركة
- والنعم
- ممكن أزورك أستاذ
- تفضل

دقائق معدودة ، وكان يقف أمامي ببدلة زيتونية ومسدسٍ ضخم الحجم، شككت أنه قادر على حمله.

- أهلاً وسهلاً أستاذ

- تفضل ، قلت

جلس، ونادى بنفسه على الفراش وبصوت أجوف: تعال جبار. . ولك جبار؟ روح جيب جايات. . يالله بسرعة.

هرول جبار إلى خارج الغرفة ، نظرت إليه فوجدته مركزأ نظراته عليَّ ، ربما بقصد التعرف على تقاطيعي وحفظها.

أذكر أنه قد قال الكثير، إلا أنني حاولت بعد ذلك أن أتذكر شيئاً مما قاله، ولكن عبثاً.

- أستاذ
- نعم
- بس نصيحة وحده
- ما هي؟
- دير بالك من فد بنية عندك بالحسابات.
- ليش؟
- يعني ، ما أكدر اكلك ؟ بس دير بالك من شميرام.
- حاضر، شكرا على نصيحتكم.

تركتني هذه الحالة في حيرة جديدة ، فكرت ملياً ، وفكرت ثانية ثم قررت أن أناديها ، وهذا ما كان.

قلت: هذه أنت إذن شميرام؟ قالت : نعم، ها أنت قد عرفتني. لقد كنت متأكدة من أنهم سيفعلون ذلك. قلت: من هم؟ قالت: أنت تعرفهم جيداً ، لقد علمنا أنهم قد – نفوك - إلى شركتنا لأنك لست منهم ، فأخبار سمعتك العملية والمهنية وخبرتك في شركتك الأصلية قد وصلتنا قبل أن تصلنا أنت. قلت: إذن إنكم هنا تعلمون كل شئ عني؟ لذا يجب أن اعرف كل شئ عنكم . . لقد حذروني منك بالذات قبيل دقائق معدودة ، لذلك قررت أن أبدأ بك لأنني مؤمن بأن عملي ونجاحي لن يتم بدونكم وعليّ إذن أن أعرفكم واحداً واحداً

من أنت يا شميرام ؟

حسناً ، سأختصر الأمر ، فأقول لك الحقيقة ، لأنني لم أعد أملك ما أخاف عليه. . أنا يا أستاذ ، خريجة جامعة الحكمة وتخصصي محاسبي ، وبعد تخرجي ، قررت السفر إلى الخارج لإكمال تحصيلي العلمي للحصول على درجة محاسب قانوني، وفعلاً حدث ذلك. وكنت أتردد على السفارة العراقية ، بقصد انجاز بعض معاملات السفر ، وقابلت مسؤولاً في السفارة بمستوى عال حزبياً وعسكرياً ودبلوماسياً ، وحدث أن تعلقنا ببعضنا رغم اختلاف الأديان. وما هي إلا شهور حتى تزوجنا. وفجأة ، تم تبليغ زوجي بقرار نقله إلى وزارة الدفاع في بغداد دون بيان السبب. عدنا لبغداد وتركت دراستي العليا ، وما هي إلا أسابيع حتى صدر قرار آخر بفصله من الحزب والجيش دون بيان السبب أيضاً. مررنا بظروف صعبة ، طرق زوجي كل الأبواب مستفسراً عن الأسباب التي أدت به إلى هذه الحالة. حتى أنني بدأت أشعر بأنني السبب في كل ما حصل له. عندها قررت أن أتصل بالسيد النائب "كان هذا اللقب يطلق على صدام حسين قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية"، وفعلاً حدث ذلك وذهبت لمقابلته.
كان يعلم كل شئ عن قضيتي ، قال لي أنه يعرف السبب الذي دعاني إلى مقابلته ، وأن السبب كله يعود إلى أنني من التبعية الإيرانية ، قلت له ولكنني آشورية ؟ والآشوريون هم عراقيو الأصل بإمتياز ، وربما أن أحد أجدادي قد هاجر إلى إيران بدواعي اقتصادية . قال لي: دعك من ذلك ، لن أستطيع مساعدتك ، وستجدين هدية لك عند السكرتير عند خروجك.

خرجت وفي يدي ألفاً من الدنانير. قررنا أن نفتتح متجراً لبيع لعب الأطفال ، وأن أبحث عن وظيفة، وها أنا هنا أمارس وظيفة كتابية وليست مهنية بمستوى يليق بشهادتي خاصة وانني عضوة في نقابة المحاسبين والمدققين العراقيين . أما زوجي فقد دخلت محله التجاري سيارة نقل للأزبال تابعة للبلدية فقضت عليه حالاً.

قلت : إذن هذه هي قصتك ، التي حذرني ضابط أمن الشركة منك بسببها.
طيبت خاطرها ، وأحسنت التصرف معها وخرجت والدموع تملأ عينيها . . .
في اليوم التالي ، أصدرت أمراً إدارياً بنقلها إلى وظيفة محاسب لكي تتولى مسؤولية شعبة حسابية متخصصة. .
في اليوم الثالث، وبخني مدير عام الشركة على تصرفي هذا.
وفي اليوم الرابع، وصلني استدعاء من مديرية أمن الكرادة !

بعد ثلاثة شهور تركت الشركة وتركت شميرام هناك ولم اسمع عنها حتى اليوم.



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني
- هل المسألة فيها -إنَّ-.. ؟!
- بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية!
- هوامش على دفتر . . . الإنتخابات!
- عزيزي . . . الناخب العراقي
- ملاحظات إنتخابية تفرضها ضرورات ديمقراطية !
- نحو إنتخابات عراقية ديمقراطية نزيهة
- الإنتخابات العراقية في الخارج .. ملاحظات تنتظر الاهتمام - مس ...
- صليوة !
- جمعية الحجي !
- هل يحارب الإرهاب بالإرهاب؟
- إفعلوا بالأرمن ماتشاؤون!
- يفعل الجاهل بنفسه ما يفعل العدو بعدوه
- «خالة سجليني الله يخليكي»
- لمصلحة من إرهاب مسيحيي العراق؟
- رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني
- مالم يقل في قضية التجسس الأسترالية الإندنوسية
- صور وسلوكيات من دروب الحياة
- فيضان بغداد . . . والولاية الثالثة
- -يوميات صحفي .... سائق تاكسي-


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء مهدي - شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !