|
الموقف التركي من النفط الكردي، والاستقلال الاقتصادي والسياسي .. اسئلة تحتاج الى اجابات..!
سامان نوح
الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 14:30
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الموقف التركي من النفط الكردي، والاستقلال الاقتصادي والسياسي .. اسئلة تحتاج الى اجابات..! اذا لم تكن صاحب قرارك، فهل من الحكمة المخاطرة بمصيرك، اعتمادا على مصالح سياسية "متغيرة" ووعود حكومات "متقلبة" قد تصدق او لا تصدق..؟
سامان نوح اقليم كردستان يحث الخطى نحو الاستقلال الاقتصادي الكامل وحتى السياسي عن العراق، قيادته تعلن ذلك متكئة على النفط وما تستقطبه من شركات عالمية متنفذة وما يدره من عائدات مالية مغرية، لتهدد به كل يوم "لنا حق تقرير المصير مثل كل شعوب العالم". الحزب الديمقراطي صاحب مشروع الاستقلال، ماضي بكل قوة في تحقيق ذلك "الحلم التاريخي" للكرد ومتفائل بالنتيجة خلفه يقف جمهور كبير من المؤيدين البسطاء والتجار والساسة الطامحين، معتمدا في ذلك على دعم عشرات الشركات الأجنبية الكبيرة الباحثة عن امتيازات الاستخراج والتصدير، وبالدرجة الأكبر على تعهدات ووعود وسياسات تركية داعمة. الاتحاد الوطني، متخوف من المشروع ونتائجه اذا فقد الاقليم كل علاقة له مع بغداد، وتراجعت تركيا في لحظة ما عن وعودها. ويدعو العديد من قادة الاتحاد الى الدقة والتمعن والحذر الكبير، بوجود مشاكل عالقة مع العراق ومع عدم شفافية ملف النفط بما قد يأتي به ذلك من سلبيات. حركة التغيير، مؤيدة لخطط الانتاج والتصدير النفطي التي تشكل محور الانفصال، لكنها متحفظة على ادارة الملف النفطي بكل تفاصيله "لا شفافية في حجم الانتاج ولا في عائدات التصدير سواء بالشاحنات او بالانبوب التركي". سياسيون مستقلون عركتهم التجارب، مثل محمود عثمان قلقون من المشروع ومن وضع "كل البيض الكردي في سلة تركيا"، وهم يثيرون جملة تساؤلات عن مصلحة تركيا ودوافعها السياسية قبل الاقتصادية "هل تريد نسب ارباح كبيرة لا تقارن بالدولار الذي يدفعه العراق عن كل برميل نفط تصدره عبر ارضيها، وهل تريد فصل الاقليم عن العراق والحاقه بها لاحقا كولاية جديدة شبه مستقلة". كتاب ومثقفون من خارج قفص السلطة يحذرون من ويلات اموال النفط الكثيرة في بلد مجتمعه يعاني التخلف وغياب المؤسسات وضعف الديمقراطية "لا نريد ان نصبح كدولة خليجية غنية اقتصاديا وفقيرة بالحريات". ويقول اقتصاديون من خارج سرب خبراء السلطة، ان ما يصدره الاقليم سواء كان 500 الف برميل او مليون او اكثر، يمكن ان يصدره العراق ايضا الى تركيا وربما أكثر من ذلك، اي ان الـ 360 مليون دولار التي يمكن ان تحصل عليها تركيا من الاقليم يمكن ان تحصل عليها من العراق ايضا، الا اذا كان الاقليم وعد بمنح أكثر من دولار لتركيا عن كل برميل تصدره لها، في وقت ينقل مراقبون ان تركيا تطالب باكثر من 10 دولارات لنقل النفط الكردي الى موانئ التصدير التركية. الشكوك بشأن المصلحة التركية تثير بدورها اسئلة: - لماذا تريد تركيا بيع نفط الاقليم اذا لم تحصل على اموال اكثر بكثير عن كل برميل نفط؟ - ولماذا تفسد علاقاتها مع العراق بسوقه الكبيرة 25 مليون شخص، مقابل منح امتيازات كبيرة للاقليم بسوقه الصغيرة 5 مليون شخص؟ - ولماذا تدعم تركيا حصول الكرد على "استقلالهم الاقتصادي الكامل عن بغداد" فيما هي تمد جذورها في كل مفاصل الحياة في الاقليم وتكاد تحتله اقتصاديا وامنيا وثقافيا عبر آلاف الشركات النافذة وعبر تامين كامل احتياجات الاقليم الغذائية والمنزلية والانشائية والكهربائية والهندسية والزراعية من خلال صادرات تفوق السبعة مليارات دولار سنويا؟ - لماذا تركيا التي ماتزال لا تعترف بحقوق الكرد في كردستان الشمالية وتصر على اعتقال الزعيم الكردي عبدالله اوجلان، تريد ان تساعد الكرد في جنوب كردستان على بناء دولتهم؟ .. هل لأن اردوغان وحزب العدالة والتنمية فجأة شعر بأنه صديق للكرد، ام لأن وراء ذلك اهداف سياسية بعيدة؟ - ماذا لو كانت تركيا تريد عبر تعزيز حضور كرد العراق على حساب بغداد، تحويل الاقليم من جزء تابع للعراق الى جزء تابع لها "ولاية شبه مستقلة" تفرض عليها بعد حين ما تريد من سياسات، ولا تكتفي بجعلها سوقا لبضائعها كما هي اليوم وموردا للنفط الرخيص منها، بل حديقة خلفية لسياساتها في المنطقة؟. - هل حسب قادة الاقليم الذي يقول قادته ان تجربته ما تزال فتية كلما انتقد كاتب او صحفي غياب المؤسسات وانتشار الفساد وتراكم الأخطاء وتعرج ديمقراطيته واستمرار ثقافة الانفراد بالحكم والقرار... هل حسبوا نتائج تلك الاحتمالات المفزعة لتحويلنا من مواطنين في اقليم يتمتع بشبه استقلال عن العراق الى مواطنين في ولاية خاصعة ومحكومة بارادة الحكومات التركية. - وهل يمكن لقادة الاقليم ان يقرروا مصيره في الانفصال اقتصاديا او سياسيا عن العراق، في وقت ان أكثر من ثلث مناطقه مازالت محل نزاع مع حكومة العراق، وفيما نجاح قرار الانفصال اقتصاديا او سياسيا مرهون بقرار انقرة كونها النافذة الوحيدة للاقليم على العالم. - هل يمكن لاربيل ان تتخذ قرار الانفصال، أم ان انقرة وحدها يمكن ان تتخذ ذلك القرار؟ عبر السماح للنفط بالتدفق الى الاسواق من خلال اراضيها. النفط ذلك المورد الوحيد الذي سيؤمن حياة كريمة لشعب الاقليم، بعد ان ماتت الزراعة كليا، ولم تتقدم الصناعة خطوة واحدة للأمام، وزاد الجهل ثقافيا ودب الكسل في اجساد الاهالي بعد ان تعودوا على العمل السهل والرواتب الكبيرة القادمة من بغداد دون مقابل. - ماذا لو تغيرت الحكومة التركية ومعها تغيرت مواقفها من الاقليم؟.. وماذا لو تشنجت العلاقات مع حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة، تلك التي قبل سنوات وقف رئيس الاقليم يحذرها بالحرب لو تدخلت في شؤونه او حاولت التجاوز على اراضيه. - أخيرا، اذا لم تكن صاحب قرارك، وان كنت عاجزا عن توفير امنك الغذائي بغياب الزراعة، وامنك الاقتصادي بانعدام الصناعة في منطقة متوترة امنيا وضمن جغرافية مغلقة خطوط التصدير فيها محدودة، فهل من الحكمة المخاطرة بمصير شعب الاقليم بخطوة يراها البعض متسرعة وغير متكاملة، اعتمادا على "وعود سياسية" وخطط تتركز على تصدير النفط عبر اراضي دولة لم تكن ابدا حكوماتها صديقة للكرد بل ظلت تحسبهم حينا رعايا وحينا مجرد أتراك جبال. الموقف العراقي والدولي يتصور البعض ان قادة الشيعة ممن يحكمون العراق منزعجون للخطوات الكردية نحو الانفصال، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، ربما يكونون اول المباركين له، بشرط ان لا يكونوا هم المبادرين لاعلان الانفصال. قادة الشيعة يعرفون ان القادة والوزراء الكرد في بغداد لا يعملون للعراق بل لاحزابهم اولا وللكرد ثانيا، ويعرفون ان أصحاب القرار من قادة الكرد في الحكومة الاتحادية ببغداد لا يفكرون ببناء العراق الاتحادي الجديد ولا تشغلهم الا حصة الكرد في كل مشروع ومحور وموقع وزاوية في الدولة. كما يعرف القادة الشيعة ان الكرد ماضون في اول فرصة نحو الانفصال، بل هم يرون في الكرد عبئا على بناء دولتهم الشيعية، عبئا اقتصاديا وسياسيا وسكانيا، وهم يأملون بالخلاص من كل تلك الأعباء لبناء دولتهم الممتدة من ديالى شمالا والى البصرة جنوبا بلا شركاء يعدون عليهم الأنفاس، ليتفرغوا للصراع في اطراف بغداد وديالى وكربلاء مع العرب السنة. والقادة الشيعة مستعدون لتسليم المناطق المتنازع عليها في نينوى وفي كركوك، فهي خارج اراضي دولتهم الموعودة، وهي مناطق صراع عربي سني كردي واسعة، ليس للشيعة الا جيوب صغيرة فيها، يمكنهم التخلي عنها ليرتاحوا ويتركوا العرب السنة والكرد يتصارعون عليها او يتفاهمون حولها. بالمحصلة القادة الشيعة لن يرفضوا الاستقلال الكردي، بل سيلوحون باياديهم مودعين، فيما سيواجه الكرد تعقيدات كثيرة مع العرب السنة، وسيواجهون تقاطع مصالح اقليمية ودولية في منطقة ستظل ساخنة لعقود مقبلة وسيظل الناس فيها ضحايا صراعات هوياتهم وانتماءاتهم المذهبية والقومية والدينية. في النهاية نحن المواطنون من عامة الناس، ما علينا الا انتظار عام واحد، لكي ننعم بخيرات الانفصال الاقتصادي والسياسي، تلك الخيرات التي طالما حلمنا بها ومات على طريقها آلاف الكرد، فقد اقتربت ساعة جني الثمار وفق وعود أصحاب القرار.
ملاحظة: مع بدء تصدير النفط الكردي، بعد ثلاثة اشهر من قطع بغداد لحصة الاقليم من اموال النفط الاتحادي، ستجني حكومة الاقليم نحو تسعة مليارات دولار اذا صدرت نحو 250 الف برميل يوميا بسعر السوق، وهو رقم تقول انها قادرة على زيادته بعد اشهر قليلة، وسيذهب اكثر من مليار الى حقوق الشركات المنتجة ومبلغ اقل الى الشركات الناقلة، ليبقى نحو سبع مليارات ونصف لسكان الاقليم الذي كان سيحصل من بغداد على نحو 13 مليار دولار، لكن تلك الخسارة ستكون بسيطة ومحتملة لتحقيق هدف كبير. هذا اذا التزمت تركيا بوعودها، واذا نجحت وزارة المواد الطبيعية بضمان سقف التصدير ذلك (250 الف برميل)، علما ان الوزارة كانت تتحدث في عام 2013 عن انتاج 500 الف برميل في 2014 وتصدير نحو 400 الف منه الى الخارج، وكانت تتحدث عن انتاج مليون برميل في نهاية 2015 لكنها تتحدث اليوم عن انتاج ذلك الرقم (مليون برميل) في نهاية 2016 وعن رفع الانتاج الى 2 مليون برميل في 2018. علما ان هذه الوعود الطموحة والمتفائلة بالانتاج لم تقتصر على حكومة اربيل، فمثلها فعلت حكومة بغداد حين كانت تتحدث في 2011 عن انتاج تسعة ملايين برميل بعد سبع سنوات تراجعت الى ستة ملايين برميل وفق تعهدات اليوم وقد تتراجع اكثر. اشارة: منذ يوم الخميس (22/5) بدء تحميل النفط الكردي من ميناء جيهان التركي، الى الاسواق العالمية، ووفق ذلك يفترض ان تكون خزانات التصدير قد امتلأت الى النصف مجددا، اذا كانت خطوة قيادة اقليم كردستان حقيقية بتصدير 250 الف برميل يوميا وليست مجرد خطوة سياسية.
#سامان_نوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا بديل عن حكومة ائتلافية واسعة في اقليم كردستان
-
العصر الذهبي للتحالف الكردي- العربي
-
تركيا - حزب العمال الازمة المشتعلة والحل المفقود
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|