|
لماذا تهتم اسرائيل بالاقتصاد الرقمي و الالكتروني ؟
ريهام عودة
الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 12:02
المحور:
الادارة و الاقتصاد
منذ عدة أعوام و اسرائيل تحرص على المشاركة بفاعلية و جدية في قمة منتدى دافوس الاقتصادية من أجل الترويج للاقتصاد الاسرائيلي و العمل على استقطاب مستثمرين جدد لتنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة مع رجال أعمال إسرائيليين فقد ألقى نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي خطابا طويلا أثناء مشاركته الأخيرة في مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي تم عقده في شهر يناير 2014 والذي تحدث عبره حول التجربة الاسرائيلية في مجال التنمية الاقتصادية المتعلقة بالأخص في مجال الابتكار الالكتروني و التكنولوجي أو الذي يمكننا أن نطلق عليه مصطلح الاقتصاد الالكتروني و الرقمي المتصل بالثورة التكنولوجية في مجال الاتصالات و الانترنت و تكنولوجيا المعلومات .
و ركز نتانياهو في خطابه حول أهمية الشركات الاسرائيلية الصغيرة المبتكرة في مجال الاتصالات و التكنولوجيا و التي بدأت تنمو بالتدريج في قطاع الأعمال الإسرائيلية حتى أصبحت تُصدر منتجاتها إلي الأسواق الخارجية في كل من أوروبا و أميركا و دول شرق أسيا.
لقد تباهى نتانياهو بفخر شديد أمام أبرز خبراء الاقتصاد بالعالم بمدى تقدم اسرائيل في مجال تكنولوجيا المعلومات و في قدرة الشركات الاسرائيلية الناشئة على منافسة كبرى شركات العالم في هذا المجال ، حيث اعتبر نتانياهو الاقتصاد الاسرائيلي بأنه جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي الذي بدأ يجذب كبرى الشركات العالمية للعمل في اسرائيل مثل شركات (IBM) وجوجل و ياهو الذي يرغب مدراءها بفتح أفرع لشركاتهم بإسرائيل.
ويدل هذا الاهتمام الاسرائيلي الكبير بالقطاع التكنولوجي و الرقمي على سياسة اسرائيل الاقتصادية الجديدة التي تتجه نحو تشجيع الأبحاث العلمية في مجال التقنيات و الانترنت حيث تطبيق تلك السياسة تُعد من ضمن الأهداف الاستراتيجية الاسرائيلية الكبرى التي تريد اسرائيل أن تحققها على المدى الطويل مثل أن تنافس الشركات الاسرائيلية الشركات العالمية الكبرى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات و أن يتم توسيع السوق الاسرائيلي الالكتروني و تصدير التكنولوجيا الامنية التي تبرع بها اسرائيل إلي كافة أنحاء العالم بما فيها الدول العربية.
ولو تساءلنا عن سبب اهتمام اسرائيل الشديد بالاقتصاد الرقمي أو الالكتروني فقد نجد الاجابة واضحة في البيانات و الخطابات السياسية التي تصدر عن مسئولين إسرائيليين حول ذلك الشأن ، خاصة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو عندما صرح عدة مرات خلال مشاركته في مؤتمرات دولية، أن من أهم أسباب اهتمام اسرائيل بالتكنولوجيا وأعمال الانترنت هو أنها تتطلع بأن تكون دولة رائدة في مجال التطور العلمي و تكنولوجيا المعلومات و أن تواكب الحضارة الحديثة و أخر المستجدات العلمية التي تحدث في العالم.
أما من الأسباب الاخرى لاهتمام اسرائيل بهذا النوع من الاقتصاد ، هو أنه لدى اسرائيل احتياجات عسكرية كبيرة تُلزمها بتوظيف عدد كبير من خبراء تكنولوجيا المعلومات و التعامل مع أجهزة و برامج الكترونية أمنية حساسة جدا و التي تتعرض أحيانا لاختراقات و محاولات قرصنة من أعداء اسرائيل، لذلك فإن تطور الاقتصاد الرقمي يرتبط ارتباطا كبيرا مع مسألة الأمن القومي الإسرائيلي و مع احتياجات المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، بالإضافة الي ذلك ترى الحكومة الاسرائيلية أنها بحاجة الي رقمنه جميع أجزاء الدولة لكي تتصل ببعضها عن طريق ألياف ضوئية سريعة حتى تحافظ على وحدة المدن الاسرائيلية وسد أي ثغرات أمنية. ومن أجل دعم مزيد من التطور التكنولوجي في اسرائيل قام نتانياهو مؤخرا بزيارة سريعة الي اليابان لكي يعقد صفقات اقتصادية وتجارية مع الحكومة اليابانية و الشركات اليابانية الكبرى مثل شركة (Panasonic) التي زار مقرها الرئيسي و التقى به مع رئيس مجلس ادارتها من أجل تشجيع الشركة للاستثمار بإسرائيل ، خاصة الاستثمار في مجال تطوير برامج حماية الفضاء الالكتروني أو ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية مصطلح “ Cyber”
وأخيرا نستطيع القول بأن اسرائيل رغم صغر حجمها الجغرافي وقلة عدد سكانها في منطقة الشرق الأوسط ، إلا و أنها تفوقت للأسف على عدة دول عربية كبرى لديها امكانيات بشرية هائلة و عقول جبارة يتم لقلة الوعي تهميشها و اهمالها في الوطن العربي ، فيشعر أصحاب تلك العقول المبدعة بالإحباط و يتجه عدد كبير منهم نحو الهجرة إلي الخارج ، حيث أنه من سخرية القدر أن لا يتم تقدير و احترام هؤلاء المبتكرين و المبدعين العرب من قبل قادة بلادهم ، بل يتم تجاهلهم و أحيانا يصل الأمر إلي محاربتهم .
لذلك أرى هنا أن وطننا العربي بأشد الحاجة إلي أن يستيقظ من الثبات العميق الذى لبث به منذ عدة عقود زمنية متتالية حيت اسُتهلكت طاقات الشعوب العربية عبر المعاناة اليومية من المشاكل الحياتية التي تتمثل بالفقر و البطالة و القيود المفروضة على حرية التعبير و الابداع ، فتم قتل روح الابداع و الابتكار عند الشباب العربي ، الذي أصبح ُجل همه الكبير أن يهاجر من بلاده لعله يجد فرصة عمل جيدة وأن ينعم بحياة كريمة .
لذا يجب على الدول العربية أن تعيد التفكير بأولوياتها الاقتصادية بحيث تكون من ضمن أهدافها مواكبة الحضارة الحديثة و العمل على تشجيع الشباب و المخترعين في المساهمة بدفع عجلة الاقتصاد الرقمي و التحرر من الاعتمادية على المنتجات و الاختراعات الخارجية ، فنحن الأن نعيش في عالم تكنولوجي وفضاء الكتروني واسع ، و سيأتي يوما لن نجد به قلم حبر أو ورقة لأن كل شيء سيتحول إلي رقمي أو الكتروني ، حتى الانسان ربما سيتحول جزء من عقله في المستقبل إلي عالم رقمي!
و أخيرا ، يجب علينا كعرب أن نطور أنفسنا و ان نركز على تعلم لغة العصر و اتقان تلك اللغة بشكل مهني و على أسس علمية من أجل مواكبة التطور العلمي و من أجل أن نساهم و لو بجزء بسيط في صناعة الحضارة الحديثة ، كما ساهم أجدادنا في السابق بصناعة الحضارات القديمة.
. ...
Thursday
#ريهام_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة المصالحة والتحديات الاقتصادية المقبلة
-
عمال غزة يكادون أن يشيخوا من شدة البطالة ....
-
الحرية الدينية: هل ستسمح إسرائيل لمسلمي غزة أيضاً للصلاة بال
...
-
فشل المفاوضات و عقاب إسرائيل الاقتصادي للسلطة الفلسطينية !
-
غزة : مختبر تجارب حربيه!
-
عنف المرأه ضد المرأه لا ينكر أيضاً
-
مفاوضات السلام و عقدة الأمن الاسرائيلية
-
أخلاقيات الحروب و النزاعات
-
حزب الله : الهدف الأول لإسرائيل
-
قوقعة غزة
-
الدولة المدنية و الدولة الدينية : وجهة نظر
-
خطاب هنيه فعلاً كان مهم ....
-
العدالة و حقوق الانسان في عالمنا العربي بين الواقع و التطبيق
-
ابتسامات شعوب العالم تدهش الفلسطينيين !
-
الشعوب العربية و صدمة المستقبل !
-
ما بين فتح و حماس ليس مجرد خصام بل اختلاف استراتيجي
-
السياسة و فن التفريغ النفسي لدى الشعوب
-
أمراء الجهاد و حلم الخلافة الإسلامية
-
هل تترقب أمريكا و اسرائيل سوريا قبل البدء بمحاسبة ايران ؟
-
المطالبة بعودة المفاوضات : وسيلة لتحقيق السلام أم هدف لحفظ ا
...
المزيد.....
-
ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا أكثر من 5%
-
ترامب: سنفرض رسوما جمركية على أوروبا
-
مساع حكومية لحماية العملة الوطنية في العراق وتعزيز أمنها الا
...
-
هل تترجم مذكرات التفاهم العراقية المصرية إلى منافع اقتصادية؟
...
-
هل يجب إرغام الاقتصاد السويسري على احترام حدود الطبيعة؟
-
رئيس مؤسسة النفط الليبية: نركز على تعزيز الإنتاج والشفافية
-
الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبي
...
-
الهند تلغي الضرائب على واردات العديد من المكونات الإلكترونية
...
-
ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي تفشل لأول مرة في تحقيق أهداف مل
...
-
ضمن حربه على التزوير.. العراق يعزز أمن عملته
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|