|
سياسة (1)
رمسيس حنا
الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سياسة "1" (تعريفات) "رمسيس حنا"
أريد بهذا المقال أن أوضح مفهوم السياسة حتى يتسنى للكثيرين من شبابنا لأن يعى ما هو مقدم عليه عند إتخاذه موقف معين من قضية ما عامة قد يلتبس عليه أمرها فيصبح فريسة سهلة الوقوع فى شراك الحيرة و الإرتباك فيكفر بكل القيم و الأخلاق و يهوى فى مستنقع التناقض الذى تعيشه مجتمعاتنا هذه الأيام بسبب إختلاط الأمور فى بعضها وعدم وضوح الرؤية السياسية فى هذه الفترة الحرجة من عمر أوطاننا و مجتمعاتنا فتضيع إستقلالية شخصيته و يعيش ردحاً طويلاً من الزمن باحثاً عن إكتمال نمو شخصيته و تكامل ذاته التى قد تتحول الى مسخ نتيجة للصراعات التى تنشأ فى عقله بين ما ينبغى أن يكون و بين ما هو كائن بالفعل. و من ثم يتم االفصل بين الشخصية المثالية التى يبتغيها و يحلم بها وبين الشخصة الفعلية التى يعيشها و التى فرضتها عليه ظروف الحياة بحالاتها السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية بما فيها من عدم إستقرار و خلوها من الأمن و الأمان لدرجة أنه يبدو فيها للشخص أنه عدو نفسه و هو يرى ان كل شيئ ينهار أمامه بعد إنهيار المثل و القدوة. لكنها السياسة – لعنها الله – هى التى تحول الأشياء الى نقيضها. فصديق الأمس يصبح عدو اليوم و عدو الأمس يغدو صديق اليوم و تختلط المشاعر و ترتبك القيم و تحل الريبة و الشك محل الثقة و الإطمئنان فى كل معاملاتنا فيخسر الأنسلن نفسه و ماذا ينفعه إذا ريح العالم كله و خسر نفسه؟
و لأن التحولات السياسية تلعب دوراً رئيسياً فى كل ما يعترى المجتمع من تغيرات، و لِما لهذة التحولات عظيم الأثر على حياة الأفراد فكان لابد لنا من تعريف السياسة أولاً. و حتى نخفف من دسامة محتوى الموضوع و وطئة السياسة فسوف نبدأ بهذا التعريف الساخر للسيلسة فى قصة معروفة يتداولها الناس فى الغرب.
كان لأب عدد أربعة من الأبناء تتفاوت اعمارهم من سن الشباب حتى مرحلة الرضاع. فكان الإبن الأكبر فى مرحلة الشباب، و الثانى فى مرحلة المراهقة، و الثالث فى مرحلة الطفولة، و أما الأخير فكان فى سن الرضاع. و كان البيت يضم الأسرة كلها، الوالدين (الأب و الأم و الأبناء) بالإضافة الى مربية الأطفال.
و فى ذات مساء توجه الطفل الصغير الى والده و قال له: "بابا، أريد أن أسألك سؤالاً." و كعادة الأطفال الأذكياء عندما يسألون والديهم أسئلة، يظن الوالدان أن إجابة مثل هذه الأسئلة قد تكون عسيرة الفهم على عقول الأطفال فى مثل هذا السن. و رغم تخوف الأب مقدماً من سؤال طفله إلا أنه تمالك شجاعته و قال لإبنه: "هات ما عندك من أسئلة، و لكن لا تتوقع منى أن أعطيك إجابة مباشرة، و لكن سوف أعطيك مثلاً أو موقف من واقع الحياة تستطيع أن تستخلص منه أنت الإجابة على سؤالك بنفسك و تخبرنى أنت بما توصلت إليه من إجابات. هل توافق على ذلك؟" و بعد برهة من التفكير أومأ الطفل برأسه دليل الموافقة على إقتراح والده و سأل الطفل والده: "ما هى السياسة؟"
و دون أن يخوض الأب فى تعريفات معانى و مصطلحات السياسة فى القواميس اللغوية أو الكتب الأكاديمية أو الفلسفية قال لإبنه: "تخيل معى أن بيتنا هذا يمثل الدولة و بما أننى الوحيد الذى يعمل لجلب المال و النقود فأكون أنا مصدر المال و بالتالى فأنا أمثل الرأسمالية فى هذا البيت."
"وبما أن أمك أو والدتك هى التى تدير البيت و تدبر إحتياجاتكم فهى تمثل الحكومة."
"و انت ترى الاَن أننى و أمك نعمل من أجل خدمتك أنت و أخوتك جميعاً و بالتالى فأنت و أخويك الأكبر منك سناً تمثلون الشعب أو الناس."
"أما أخوك الأصغر الرضيع فهو يمثل المستقبل الذى نتطلع إليه جميعاً. فرخاءه و نعيمه و بلوغه أهدافه يعنى أننا جميعاً قد حققنا أهدافنا من العيش فى رخاء ونعيم."
"و أخيراً يأتى دور المربية التى تقوم بجميع الأعمال المنزليىة من نظافة و إعداد الطعام و غسل الملابس نظير أجر أو مرتب شهرى تتسلمه من أمك "الحكومة" فهذه المربية تمثل الطبقة العاملة."
"و الاَن و بعد أن شرحت لك الموقف فى بيتنا الذى يعتبر صورة مصغرة من الدولة فكر جيداً فى هذا الأمر و ما اذا كان يمكنك من فهم مدلول السياسة و التعرف عليها جيدا."
و غادر الصبى الصغير حيث كان مع والده و إنصرف ليخلد الى النوم فى حجرته.
و فى ساعة متاخرة من الليل إستيقظ الصبى على بكاء و صراخ أخيه الرضيع. فتوجه نحو سرير الرضيع لكى يرى ما سبب بكائه و صراخه. فوجده مبللاً و متسخاً و غارقاً فى إخراجه. فهرول الصبى الى حجرة والديه فوجد أمه تغط فى نوم عميق فلم يشاء أن يوقظها لأنه يعلم مدى ما تبذله من جهد فى إدارة البيت و المجهود الذى تبذله معهم جميعاً فى قضاء حوائجهم. فخرج من حجرة والديه متوجهاً مباشرةً الى حجرة المربية فوجد باب حجرتها مغلقاً من الداخل. فنظر من ثقب الباب ويا هول ما رأى!! فقد رأى و الده يوَطِئَ "يعتلى" المربية أو يضاجعها. فأعتراه اليأس و أستسلم الصبى و كف عن محاولة مساعدة أخيه الرضيع و القى بنفسه فى سريره و إستسلم للنوم.
و فى الصباح التالى توجه الصبى الى والده قائلاً: "بابا، أعتقد أننى فهمت و عييت جيداً معنى السياسة الاَن." فقال الأب: "حسناً يا إبنى. و الاَن أريدك أن تعبر بكلماتك أنت ماذا يكون مفهومك لمضمون السياسة." فرد الصبى الصغير و قال: "حسناً، مفهوم السياسة يتضمن الحالة أو الوقت الذى تكون فيه الحكومة فى سبات عميق فتقوم الرلسمالية بركوب و مضاجعة الطبقة العاملة و من ثم يتم إهمال الناس او الشعب بينما المستقبل يغرق فى الغائط و البول و الوساخة."
عذراً عزيزى القارئ عن التعريف الذى توصل إليه الطفل لمضون السياسة ولكن هذا التعريف لا يبتعد كثيراً عن التعريفات الموجودة فى قواميس اللغة العربية و هاك بعض منها. فكلمة "سياسة" مشتقة من الفعل "يسوس" و الماضى "ساس". وهنا ندرج التعريفات الخاصة بالفعل "ساس" و مشتقاته و سوف تتعجب كثيراً أو تُصدم عندما تتعرف على هذه المعانى:
1- ترجمة و معنى ساس في قاموس المعاني. قاموس عربي عربي
) ساسَ: ( فعل سَاسَ ، يَسَاسُ ، مصدر سَوْسٌ سَاسَ الحَبُّ أوْ نَحْوُهُ : وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ ساسَت الشاةُ : صار القملُ في صوفها )ساسَ: ( فعل سُسْتُ ، أَسُوسُ ، سُسْ ، مصدر سِيَاسَةٌ سَاسَ الدَّوَابَّ : اِهْتَمَّ بِتَرْبِيَتِهَا وَتَرْوِيضِهَا والاعْتِنَاءِ بِهَا سَاسَ أُمورَ النَّاسِ بِالحَقِّ : تَدَبَّرَهَا ، تَوَلَّى تَدْبِيرَهَا وَتصْرِيفَهَا )ساس: ( اسم السَّاسُ : العُثُّ الذي يقع في الحبوب والطعامِ والصُّوف والثِّياب والخشب فيأكلها السَّاسُ : كلُّ شيء ائتكل السَّاسُ : الذي قد تَأَكَّلَ من الأسْنانِ السَّاسُ : السُّوسُ السَّاسُ : القادِحُ في السنِّ ، الضِّرْس
2- ترجمة و معنى ساس في قاموس المعاني. قاموس عربي عربي
• السَّاسُ - سَاسُ : السَّاسُ : العُثُّ الذي يقع في الحبوب والطعامِ والصُّوف والثِّياب والخشب فيأكلها . و السَّاسُ كلُّ شيء ائتكل . و السَّاسُ الذي قد تَأَكَّلَ من الأسْنانِ . و السَّاسُ السُّوسُ . و السَّاسُ القادِحُ في السنِّ و الضِّرْس .
3- ترجمة و معنى ساس في قاموس المعجم الوسيط
• ساسَ : ساسَ الحَبُّ والخَشَبُ ساسَ َ سَوْسًا : وقَع فيه السُّوسُ . و ساسَ الشاةُ : صار القملُ في صوفها . و ساسَ كثُرَ فيه . و ساسَ الناسَ ساسَ سِياسةً : تولّى ساسَ رياسَتهم وقيادتَهم . و ساسَ الدوابَّ : راضها وأدَّبَهَا . و ساسَ الأمورَ : دبَّرها وقام بإصلاحها . فهو سَائسٌ . والجمع : سَاسَةٌ ، وسُوَّاسٌ .
4- ترجمة و معانى ساس في قاموس المعجم الوسيط
• ساسَ يَسوس ، سُسْ ، سِياسةً ، فهو سائِس ، والمفعول مَسوس : • ساس النَّاسَ حَكَمهم ، تولّى قيادتَهم وإدارةَ شئونهم " كان الخلفاء الرَّاشدون يسوسون النَّاسَ بالعدل ". • ساس الأمورَ : دبَّرها ، أدارَها ، قام بإصلاحها " لم يحسن سياسة الشُّئون الدّاخليّة ، - يسوسون الأمورَ بغير عقل ... فينفُذ أمرُهُم ويُقالُ ساسه ". • ساس الدَّوابَّ : روّضها واعْتَنَى بها " يسوس خيولَ الأمير ".
5- ترجمة و معانى ساس في معجم اللغة العربية المعاصر
• ساس - سَاسَ : [ س و س ]. ( فعل : ثلاثي متعد ). سُسْتُ ، أَسُوسُ ، سُسْ ، مصدر سِيَاسَةٌ . 1 ." سَاسَ الدَّوَابَّ " : اِهْتَمَّ بِتَرْبِيَتِهَا وَتَرْوِيضِهَا والاعْتِنَاءِ بِهَا . 2 ." سَاسَ أُمورَ النَّاسِ بِالحَقِّ " : تَدَبَّرَهَا ، تَوَلَّى تَدْبِيرَهَا وَتصْرِيفَهَا . " مِنْ وَاجِبِ القَادَةِ أنْ يَسُوسُوا الشَّعْبَ بِالعَدْلِ ".
6- ترجمة و معانى ساس في المعجم الغني
• ساس - سَاسَ : [ س و س ]. ( فعل : ثلاثي لازم ). سَاسَ ، يَسَاسُ ، مصدر سَوْسٌ . " سَاسَ الحَبُّ أوْ نَحْوُهُ " : وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ . المعجم: الغني • ساس - يساس ، سوسا : - ساس الحب أو نحوه : وقع فيه السوس
7- ترجمة و معانى ساس في المعجم الرائد • ساس - يسوس ، سياسة : 1 - ساس الدواب : راضها وعني بها . 2 - ساس القوم : تولى قيادتهم وعني بأمورهم . 3 - ساس الأمر : قام به ، دبره . ن • ساس : 1 - ساس : سائس . 2 - ساس : سوس . 3 - ساس : ما أكل من الأسنان أو غيرها . • ساس الأمور : دبَّرها ، أدارَها ، قام بإصلاحها " لم يحسن سياسة الشُّئون الدّاخليّة - يسوسون الأمورَ بغير عقل ... فينفُذ أمرُهُم ويُقالُ ساسه ".
8- ترجمة و معانى ساس في المعجم عربي عامة
• ساس الدّوابّ : روّضها واعْتَنَى بها " يسوس خيولَ الأمير ". • ساس النّاس: حَكَمهم ، تولّى قيادتَهم وإدارةَ شئونهم " كان الخلفاء الرَّاشدون يسوسون النَّاسَ بالعدل."
و حتى نلتقى فى المقال القادم دمتم بخير و سلام. "رمسيس حنا"
#رمسيس_حنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهروب منه إليه
-
الصوفية المصرية
-
شخصية يسوع فى الألحان الفرعونية
-
أسبوع الألاَم خصوصية مصرية
-
همس الدولار -شِعر-
-
الطفل المشاغب يترافع عن عخان إبن كرمى (قصة قصيرة)
-
الطفل المشاغب عندما تم إعدام عخان إبن كرمى (قصة قصيرة)
-
عندما نصلى للدولار (شِعر)
-
ميلاد خطيئة
-
نقد مفاتيح سامى لبيب لفهم الوجود والحياة
-
-وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ- (قصة قصيرة)
-
محاربة من ورق
-
الطفل المشاغب وشجرة الطاعة (قصة قصيرة)
-
الى أمى -شجرة السنديان المسافرة- (شِعر)
-
طفل مشاغب فى أعياد الميلاد (قصة قصيرة)
-
إنهم لا يفقهون – الى مينا دانيال (شعر)
-
عندما تموت الجذور (قصة قصيرة)
-
أحلام يقظة (شعر)
-
خرجت لتزرع (شِعر)
-
بداية وتوجس (شِعر)
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|