|
بحث حول الغريزة
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 1263 - 2005 / 7 / 22 - 11:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعرف الغرائز ببساطة بأنها ميول (حوافز ) فطرية يمتلكها الكائن الحي دون سابق تعلم ، ولا توجد نظرية علمية تفسر مصدر تلك الغرائز ، يقر معظم العلماء بوجود قوة عليا تقف وراء تلك الأنشطة .. كل الكائنات الحية طورت تلك الأنشطة عبر تاريخ الحياة الطويل بكفاءة كبيرة وتحولت من مجرد فعاليات فسلجية إلى أوامر عصبية مخزنة في دوائر الجهاز العصبي المركزي ومن ثم إلى طيات الحامض النووي ( DNA ) لتصبح وراثية .. سلوك الغرائز ليس نشاطا واحدا وأنما مجموعة من الأفعال البسيطة المتسلسلة ، كل خطوة منها تكون محفز للخطوة التالية ، وتبدأ العملية غالبا بإفراز هورمون أو أنزيم معين .. تتمتع الغرائز المثالية كأنشطة تكفل لحاملها البقاء على قيد الحياة بعض المميزات منها : أولا / أنها فطرية محمولة على DNA ( مثلا تولد الكثير من الحشرات في فصل الربيع ولاتعرف آباءها و أمهاتها لأنهم يموتون في فصل الربيع . ثانيا / تتصف بالاتساق والتشاكل نفسه لدى أفراد الجنس الواحد ( مثلا جنس الكلاب والتي من ضمنها الدببة والثعالب ) ثالثا / تتميز بالاختصاصات فكل نشاط مختص في أداء فعل معين ( مثلا لا يعرف البشر غريزة الخوف بشكل عام ولكننه يشعر بالخوف فطريا من الموت ) . رابعا / لا توجه الأنشطة الغرائزية من خلال نتيجتها النهائية وهذا ما يعرف ( بحماقة الغريزة ) فمثلا الرجل لا يتصل بزوجته جنسيا من أجل الإنجاب ولكن من أجل إفراغ السائل المنوي المتجمع في أعضائه التناسلية . خامسا / توصف بالكمال المباشر وليس بصورة جزئية ( مثلا قد لا تكفي ملكية كوكب بكامله بالنسبة لغريزة التملك عند الإنسان . أنواع الغرائز : أولا / الغريزة الجنسية . ثانيا / الغريزة اللاجنسية وهي على أقسام : التملك ، الشك ، الإذعان ، حب الظهور ، الهروب ، الألفة ، حب الذات ، الخوف ، العاطفة الأبوية ، الفضول ، غريزة القطيع ( العيش ضمن جماعة ) .. الخ . ففرخ الدجاج مثلا حال خروجه من البيضة يبدأ بالتقاط الحبوب دون سابق تعلم ، بعض البشر يشعرون بالخوف – فطريا - من رموز بشرية ميتة ، الإنسان يكره العمل وأي جهد عضلي ، البشر يحبون التكرار والميل للتقليد .. تعتبر منطقة الهوا المركز الغريزي عند الإنسان ، المنطقة الأقدم تكوينا من مناطق النفس الأخرى ( الأنا والأنا العليا ) ويعتبرها السيد فرويد المنطقة اللحائية الأولية داخل الإنسان ، وهناك قوتين داخل الهوا قوة تتحرك نحو الأمام وتسمى باللبيدو أو الأيروس ( حب الحياة ) وقوة تتحرك نحو الخلف تسمى ثاناتوس ( غريزة الموت ) ، يعمل الأيروس على بناء الروابط بين مركبات النظام النفسي في طريق متطور وعلى العكس منه يعمل ثاناتوس على تفكيك تلك الروابط وإرجاع الإنسان للحالة اللاعضوية في دافع مستمر لتدمير كل شيء .. لا تخضع الغرائز لسلم الارتقاء وهذا أخطر ما في المسألة فالحشرات مثلا تملك نظام غريزي يتفوق حتى على الذي موجود عند الإنسان على الرغم من أن الحشرات في أسفل السلم التطوري والإنسان في أعلا السلم ..وتعطينا الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة أدلة علمية على امتلاك الجماعات البشرية البدائية على فعالية غرائزية عالية الشدة أكثر من الجماعات البشرية المتحضرة مثلا الزيادة السكانية في دول العالم المتخلف ( الثالث ) وعكسها في الدول المتقدمة التي تعاني من نقص سكاني حاد ، العلاقة بين الإدراك والغريزة تجري وفق معادلة عكسية وهنا تكمن المشكلة البشرية الكبرى - برأي الشخصي - وهي بحاجة إلى بحث خاص في المستقبل .. ترتبط الغريزة والهوا ككل في علاقة داينميكية مع اللاشعور من الناحية الوظيفية ليشكلان في النهاية عالم خاص تحكمه أثنين من الآلهة هما : الذاكرة المنسية والرغبات الغير المتحققة .. عالم الهوا و اللاشعور كان الأساس الأيدلوجي لمذهب السريالية في الفن الذي أعتقد منظريه بأنه الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود !!؟؟ وختاما أود الإشارة بعلاقة البيئة مع الأنشطة الغريزية التي يمكن أن تتحول تلك الأنشطة إلى عامل سلبي يؤثر في حياة الكائن الحي في حالة تعاكسها مع البيئة مثلا أزمة الجنس في الدول العربية والاحتقان النفسي المتولد منه ، الجيل العربي ضحية تاريخية لعصور طويلة من الخرافة والدجل وكانت الغريزة الجنسية الورقة الرابحة التي أستخدمها بمهارة مشعوذي الله والدين في كل عصر ، وتم اختزال القيمة الإنسانية المقدسة إلى مجرد مركبات هايدروكاربونية تنقسم وتتكاثر فقط عبر سلسلة مملة من تلال بشرية تشكو الفقر والعوز ولا هم لها ألا الافتراس والنهم ..
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات مثقف عراقي .. الجزء الثاني .. المرأة العراقية والوهم
...
-
الأليات الدفاعية النفسية .. مدخل
-
يوميات مثقف عراقي / الحلقة الأولى .. سوريالية أم عراقية
-
السريان .. حكاية حزن لاتنتهي
-
تعريف اللاشعور.. رحلة إلى بلاد العجائب
-
القائمة 169 ومنتخب البرازيل
-
المواطن العراقي والقومية العربية / علاقة من نوع خاص
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|