|
الحياد المراوغ منظمة العفو الدولية وإسرائيل
ابو فخر صقر
الحوار المتمدن-العدد: 2 - 2001 / 12 / 10 - 09:11
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تعتني منظمة العفو الدولية، عناية خاصة، بصوغ تقاريرها الدورية عن حماية الاشخاص المدنيين في اوقات الحرب كي تبدو كأنها شديدة الحياد. وتميل اللغة المستخدمة في هذه التقارير الى التكلف المبالغ فيه احيانا، كي لا تنبئ بأي خروج على الموضوعية والنزاهة. غير ان وقائع الحال في فلسطين ترغم اي تقرير من هذا الطراز، مهما يكن حياديا وموضوعيا، على الافصاح بجلاء تام، عن الجرائم الاسرائيلية المتمادية بحق الشعب الفلسطيني. ومنظمة العفو الدولية، بموجب صلاحياتها، لا تتخذ اي موقف سياسي إزاء القضايا السياسية. ولهذا تتجنب اتخاذ اي موقف من الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، او من حق الفلسطينيين في حمل السلاح، كطريقة مشروعة، للدفاع عن انفسهم. لكنها ما فتئت تشير الى ان احتلال مدينة القدس وقطاع غزة والضفة الغربية ((يشكل حقيقة جوهرية لفهم استمرار الفلسطينيين في المقاومة طوال 35 عاما)). ان غاية منظمة العفو الدولية هي مراقبة تنفيذ أحكام اتفاقية جنيف الرابعة الموقعة في العام 1949 بشأن حماية الاشخاص المدنيين في اوقات الحرب، ويستفيد السكان الفلسطينيون من هذه الحماية فائدة معنوية على الاقل. ومع ان السلطة الفلسطينية لم تصبح بعد عضوا كاملا في الأمم المتحدة، ولم توافق على اتفاقية جنيف والمعاهدات الدولية الاخرى المماثلة كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الا ان المنظمة تعتبر ان جميع هذه النصوص ملزمة لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية وللجماعات الفلسطينية المسلحة وللأفراد الفلسطينيين والاسرائيليين معاً. حنان الكلمات اختارت منظمة العفو الدولية لتقريرها الصادر في سنة 2001 عن الاوضاع الجارية في الاراضي الفلسطينية وإسرائيل عنوانا دافئا وحانيا هو: ((نفوس محطمة: مضي عام على الانتفاضة)). والتقرير يدين اسرائيل، بصراحة تامة، لقتلها ((الاغلبية العظمى (من الضحايا) بصورة غير قانونية))، ولأنها ((عرضت جميع الفلسطينيين في الاراضي التي تحتلها اكثر من ثلاثة ملايين شخص لعقاب جماعي)). ويشير التقرير، بجلاء ووضوح، الى ان الفلسطينيين المشاركين في التظاهرات او المتفرجين كانوا من اوائل الذين قتلوا خلال الانتفاضة (ص14). ثم يذكر ان عدد الضحايا من الجانبين بلغ حتى ايلول/سبتمبر 2001 نحو 570 فلسطينيا بينهم 150 طفلا، و150 اسرائيليا بينهم 115 مدنيا ومن هؤلاء 30 طفلا. ولا يتردد التقرير في ادانة المستوطنين الاسرائيليين الذين لم يتورعوا عن قتل الفلسطينيين والاعتداء عليهم، وأفلتوا، على الرغم من ذلك كله، من العقاب بصورة تامة. في المقابل يشير التقرير الى قيام الفلسطينيين بإطلاق النار عمدا على السيارات التي تحمل أرقاما اسرائيلية، والى قيامهم بتفجير القنابل في المطاعم ومراكز التسوق، ثم يقول: ((ان معظم الضحايا من الفلسطينيين قتلوا في ظروف لم تكن فيها ارواح أفراد قوات الامن الاسرائيلية معرضة للخطر)) (ص 14). ويضيف التقرير: ان ثمة ثقافة بين الجنود الاسرائيليين تروّج القبول بعمليات القتل غير المشروع (ص 23). وبعد ان يسرد حوادث قتل كل من محمد الدرة (12 عاما) في نيتزاريم، وأصيل عسلة (17 عاما) في عرابة بالجليل، وسامي ابو جزر (12 عاما) في رفح، ومحمد الشريف (16 عاما) في غزة يذكّر بأن نحو 40 صحافيا بينهم 30 صحافيا فلسطينيا، اصيبوا حتى تموز/يوليو 2001 بينما كانوا يغطون اخبار الانتفاضة، وبالرصاص الاسرائيلي بالطبع. إدانة عمليات القتل يصنف تقرير منظمة العفو الدولية عمليات القتل التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي كالتالي: اطلاق النار على التظاهرات. قتل الاطفال. الهجمات على المناطق السكانية. عمليات الاغتيال او ((الإعدام خارج نطاق القضاء)). عمليات القتل التي ارتكبها المستوطنون. وفي موازاة ذلك اشار التقرير الى تفجير مطعم سبارو للبيتزا في القدس (قتل فيه 7 اطفال بينهم خمسة من عائلة واحدة، وأصيب اكثر من مئة جريح)، وتفجير حوض الدلافين في تل ابيب (قتل فيه 27 شخصا وأصيب 84 بجروح). ووصف المحاكمات التي تجري امام محكمة امن الدولة العليا الفلسطينية بأنها احكام جائرة بشكل صارخ (ص 47) لأنها مقتضبة ولا تتضمن الحق في الاستئناف. كذلك تعرض التقرير الى قيام الاجهزة الامنية الفلسطينية باعتقال المتعاملين مع إسرائيل خلافا لاتفاق اوسلو الذي تنص المادة 16 منه على ان ((الفلسطينيين الذين اقاموا اتصالات مع السلطات الاسرائيلية لن يتعرضوا لأعمال المضايقة او العنف او الانتقام او المقاضاة)). والحقيقة ان السلطة الفلسطينية كي تتجنب التزام هذه المادة تعمد الى اعتقال المشبوهين بالتعامل مع اسرائيل من غير ان تقدمهم الى المحاكمة، إلا من كان منهم متماديا في تعامله مع الاستخبارات الاسرائيلية. وفي هذا السياق اشار التقرير الى إعدام 22 فلسطينيا من المتعاملين مع السلطات الاسرائيلية. التوصيات لم تأت توصيات منظمة العفو الدولية للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي متوازنة او متعادلة قط، بل مالت الى مصلحة الجانب الفلسطيني، فهو الطرف الضحية بلا ريب. فقد اوصى التقرير الجانب الفلسطيني بضرورة وضع حد لعمليات قتل المدنيين، وتخفيف جميع احكام الاعدام ومنع استخدام التعذيب ضد المعتقلين. أما توصياته للجانب الاسرائيلي فتعددت لتستقر على النحو التالي: احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان. الكف عن تنفيذ عمليات الاغتيال. التوقف عن اطلاق النار بصورة متهورة وعشوائية على السكان. الكف عن استخدام التعذيب ضد الموقوفين الفلسطينيين. وقف عمليات الاغلاق وحظر التجوال وهدم المنازل. إزالة الحواجز بين المناطق الفلسطينية.
#ابو_فخر_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|