|
في يوم التنوع الثقافي : حينما تكون الثقافة سلاحا بيد السلطة
دهام محمد العزاي
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 12:56
المحور:
المجتمع المدني
في يوم التنوع الثقافي : حينما تكون الثقافة سلاحا بيد السلطة دهام محمد العزاوي احتفلت الامم المتحدة بالامس بيوم التنوع الثقافي ، بهدف الترويج للثقافة بجميع اشكالها باعتبارها من حقوق الانسان وكونها اداة من ادوات تحقيق التنمية والتقدم في المجتمع ووسيلة لتحقيق التعايش والانفتاح والتسامح مع الثقافات والشعوب الاخرى . الثقافة باتت اليوم آلية فعالة لتحقيق السلم والامن على صعيد المجتمعات الوطنية اوعلى صعيد العلاقات الدولية ، فالثقافات المنغلقة على ذاتها والتي تؤمن بقيم عنصرية وليس لديها مشتركات للحوار والانفتاح والتعايش مع الاخر ، ستكون اداة من ادوات تدمير السلم الاهلي واثارة الكراهية والنزاعات الداخلية في مجتمعاتها ، وحينما يسعى رجال السلطة الى توظيفها لتقسيم المجتمع الى انصار ومعادين ، او توظيفها كغطاء لممارسة القتل والارهاب والتهجير ، فانها ستكون عاملا من عوامل تكريس الكراهية والنزاعات داخل المجتمع فضلا عن كونها وسيلة لاثارة الحروب والنزاعات الاقليمية ووربما الدولية . فثلاثة ارباع الحروب والصراعات التي حصلت وفق تقديرات الامم المتحدة كانت لاسباب ثقافية تتمثل بالاحقاد القومية وبالاستعلاء الثقافي لامة ما ونظرتها المتدنية للشعوب والجماعات الاخرى . اليوم العالمي للثقافة مر وبغداد تعيش واقعا ثقافيا مؤلما حيث هجرها مثقفوها بمختلف توجهاتهم بسبب اعمال العنف وسيادة الخطاب الثقافي الواحد الذي يصنف المثقفين في خانة الموالين اوفي خانة المعادين . بغداد التي شهد تاريخها انها كانت عاصمة ثقافية بامتياز تعايشت فيها مختلف الثقافات واللغات ، فكان بين اهلها من يتكلم اللغة السريانية واللغة اليونانية والعبرية فضلا عن اجادة اللغة الفارسية نظرا للروابط السياسية والادارية بين بغداد والامبراطوريات المتجاورة . اليوم تعيش بغداد تصحرا ثقافيا بعد ان قلت قيمة العلم فيها وضعف مستوى التعايش والتسامح بين اهلها ، وهجرتها النخب المثقفة من الادباء والفنانين والشعراء . بغداد التي تروي كتب التاريخ روايات عن مستوى التعايش والاندماج بين علمائها بغض النظر عن دينهم ومذهبهم ومعتقداتهم ، حيث كان يجتمع في زمن المامون وفي بيت الحكمة علماء لايعرف مثلهم في الدنيا علما وثقافة ومن مختلف الملل والمذاهب والتيارات الفكرية من سنة وشيعة وصابئة ويهود ومسيحيين وخوارج وزنادقة وغيرهم كانو يجتمعون فيتناشدون الاشعار ويتناقلون الاخبار ويتحدثون في جو من الود لاتكاد تعرف منهم ان بينهم هذا الاختلاف الشديد في دياناتهم ومعتقداتهم . فاين بغداد اليوم من تلك الاجواء حيث باتت الثقافة سلاحا بيد السلطة لادلجة المجتمع وفق رؤية احادية تقصي التعددية والتنوع الذي تميز به المجتمع العراقي طوال قرون خلت . حينما نستطلع تصورات الحكومات وصناع القرار في مختلف دول العالم نجد ان الانفتاح والتعددية والانغماس في ادوات العولمة بات ديدنها باعتباره مصدر قوة لمجتمعاتها وحالة صحية تغنيها وتثريها ، اذ تتجه الكثير من الحكومات لفتح ابواب التلاقح الفكري والتعايش الثقافي مع المجتمعات الاخرى وتقوم باستقطاب العلماء واقامة المهرجانات والندوات والمؤتمرات والبطولات الرياضية والمعارض الفنية والفكرية والتراثية وتفتح ابواب الهجرة والاستقرار لمختلف الجنسيات .نجد ان المجتمع العراقي يتجه بكل اسف نحو احادية الفكر والثقافة والراي ، حيث تعاني المكونات العراقية الاصيلة والتي كونت باديانها وثقافاتها الفرعية ومعتقداتها شخصية العراق الثقافية ، تعاني التهميش والاقصاء والابعاد من الحياة العامة وتتعرض بنيتها الثقافية ومعتقداتها الدينية والمذهبية للازدراء والشتم والانتقاص وتتعرض حريتها في العبادة للتضييق ومورست ضد ابناءها مختلف اشكال القتل والاعتقال والتهجير ، مما دفعها الى الابتعاد عن مفهوم المواطنة والتمترس للدفاع عن هويتها ومنظومتها الفكرية في ظل ممارسات اقصائية متواصلة لتحويل المجتمع العراقي الى مجتمع احادي الثقافة والفكر . لقد بات التنوع في العراق في خطر وكل يوم يفقد العراق ميزته الحضارية التي عرف بها ويتجه نحو التصحر الثقافي . انه قدر الثقافة حينما تكون سلاحا بيد السلطة وضحية للارهاب .
#دهام_محمد_العزاي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلام: ترامب يعتزم توقيع أمر تنفيذي للانسحاب من مجلس حقوق ال
...
-
الأونروا: الأوضاع الصحية بغزة متدهورة.. وأجساد المواطنين لم
...
-
اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام
-
الجامعة العربية تبحث ملف الأونروا
-
بيان عربي جديد ضد قرارات إسرائيل بحق الأونروا وتهجير الفلسطي
...
-
الجزيرة نت تكشف مصير الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى الخارج
...
-
أوكرانيا تطالب بإنقاذ أسراها من عمليات الإعدام الروسية
-
مستوطنون يقتحمون مبنى الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحت
...
-
مستعمرون يقتحمون مبنى -الأونروا- في حي الشيخ جراح
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|