أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - لحسن أمقران - في ذكرى رحيل مهندس الاستقلال (1)














المزيد.....

في ذكرى رحيل مهندس الاستقلال (1)


لحسن أمقران

الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 17:46
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


عندما يختار البعض أن يعود بنا إلى فكر أضحى خارج سياق المستجدات وروح العصر ليمجده وينافح به، نجد أنفسنا مجبرين على توضيح بعض النقاط وإثارة الانتباه إلى باطن وعمق هذا الفكر وفلسفة صاحبه التي نشتم منها رائحة الابتزاز والخديعة التي تقوم على المتاجرة بقدسية الوطن والدين لمسخ الأوطان وتفقير أبنائها وتهميشهم، والسعي إلى استنبات قومية على أرض أراد لها أن تكون شيئا آخر ضدا على كل الحقائق التاريخية والأنتربولوجية.
ارتبط اسم الراحل بالقومية العربية وبالحركة الإسلامية الحديثة ممن دعوا إلى نوع من السلفية التجديدية، ولد بمدينة فاس في الثامن من يناير سنة 1910 من أسرة "عربية" "مسلمة" هاجرت من الأندلس إلى المغرب، واستقرت في القصر الكبير قبل أن تحل بمدينة فاس حيث اشتغل أبوه مدرساً في جامعة القرويين، وكان قاضياً، ومفتياً.
كان موقف الراحل من المسألة الأمازيغية بالمغرب واضحا لا يشوبه لبس ولا غموض، موقف يقوم على المعاداة والاجتهاد الفعلي لاجتثاث أهلها فكريا ووجدانيا على الأقل، وهذا أشد ما يمكن أن يقدم عليه شخص يحاول البعض اليوم أن يصوره لنا زعيما وبطلا ومحررا ووطنيا، كتب الراحل (2) قائلا أن "المغرب" عرف قبل الإفرنج ببلاد الأمازيغ أي "الوطن الحر"، إلا أنه يتعمد هو نفسه أن يصفه ب"المغرب العربي" في أكبر تناقض لنزوة الراحل مع واقع الأمر، وأكبر مغالطة مررها إلى جيل اليوم ممن لا يزال يوظف هذا الوصف الاختزالي. وأضاف يقول: عرف سكانه أسلاف البربر بالأمازيغيين، ومعناها أن أجدادنا أمازيغ، أي الرجال الأحرار فيما نحن نظل "بربرا" بما للكلمة من معنى وحمولة قدحية.
الراحل أبدع من بين ما أبدع نشيدا "وطنيا" تضمن في شطر منه: "... أليس إسلام الأمازيغ أبوه عربي؟"، إنها السياسة القديمة الجديدة التي تقوم على التضليل والمغالطة من خلال ربط الإسلام بالعروبة والعروبة بالإسلام، وهو توجه نجح في توريثه لدولة ما بعد الاستقلال الشكلي لتكرس بذلك فلسفة الراحل القائمة على استئصال واجتثاث الآخر المختلف.
إن تاريخ المغرب المعاصر في جزء كبير منه تزوير وطمس ممنهج للحقيقة، فبعض أبناء العائلات الفاسية هم من استقدم الحماية، هم من ولجوا وتكونوا في مدارس المستعمر في الوقت الذي سالت فيه الدماء الطاهرة لأحرار المغرب ممن آثروا حمل السلاح في وجه المستعمر، الأبناء نفسهم هم من أمروا بعد ذلك بقراءة اللطيف خلال الثلاثينيات لتضليل الشعب المغربي، هم من رفعوا "العريضة" مطالبين ب"إصلاحات"، وهم أنفسهم من ذهبوا الى مفاوضات "إكس ليبان" من أجل مساومة المستعمر وإجهاض نضالات جيش التحرير الذي يتحاشون الحديث عن وجوده.
بعد الرحيل الجزئي للمستعمر عن أرض الأحرار، انكشفت الحقيقة المرة، حقيقة معاداة من يريد لنا أن نفتخر به وزمرته للأمازيغ، كان ذلك صراحة سنة 1957، عندما خاطب أحد قادة الحزب الفاسي الاستقلاليين قائلا لهم: "أيها الإخوة إن جلاء الجيش الفرنسي قد تم، و إجلاء القواعد الأمريكية في الأفق، لكن المشكل الكبير: كيف يمكن جلاء البربر؟"
هل يمكن أن يكون مثل الكلام زلة لسان؟؟؟ أليست عبارة تنم عن حساسية مفرطة تجاه كل ما هو أمازيغي صدرت من لاوعي صاحبها؟؟؟ أليست هذه قمة العنصرية والشوفينية التي تستدعي تقديم اعتذار رسمي لهذا الحزب للشعب المغربي؟؟؟ فعلا، تم إجلاء "البربر" ليس عبر الترحيل الفعلي لهم عن أراضيهم ووطنهم، بل من خلال سياسة بربرية جديدة تعتمد تفقير من تجرؤوا على مواجهة الغزاة وتهميش هويتهم ولغتهم وثقافتهم وإقصائها باعتبارها الخيار المتاح .
لقد عمل الراحل ومن معه على إلغاء قرار تدريس اللغة الأمازيغية بإعدادية أزرو، كما ألغوا العمل بالظهير المنظم للعدالة وفق الأعـراف الأمازيغية الذي أصدره السلطان آنذاك، وتمكنوا من إغلاق معهد الدراسات الأمازيغية بالرباط كما أحالوا الأطر الأمازيغية على التقاعـد رغم عدم استيفائهم للسـن القانوني للتقاعد. تلامذة الراحل ظلوا أوفياء لنهجه الاستئصالي تجاه كل ما هو أمازيغي حيث تم التراجع عن مشروع قانون ينص على إحداث معهد للدراسات الأمازيغية، بعد أن تم التصويت عليه في البرلمان سنة 1978.
من جهة أخرى ظل فكر الراحل حيا ونجح مرة أخرى في جعل الأمازيغية طابوها محرما وجريمة تجر من يتجرأ على الخوض فيها إلى الاعتقال وسلب الحرية، وكذلك كانت حال علي صدقي أزيكو، الحزب الفاسي تعمد سن سياسة عقابية تعتمد التهميش الاقتصادي للمناطق الناطقة بالأمازيغية، ليشغل الأمازيغ بالخبز و"التنمية" وينسوا الهوية واللغة والثقافة. لقد تفنن الاستقلاليون في التخطيط للقضاء على الأمازيغية، وبالمقابل تم تمجيد وقائع "تاريخية" مشكوك في أهدافها وصحة الروايات حولها، وتجاهل ملاحم كبرى لا لشيء إلا لكون أبطالها من خارج دائرة "الحركة الوطنية" المزعومة .
لعل من قمة المروءة أن الأمازيغ يحترمون - من باب إيمانهم الراسخ بالاختلاف - موقف من يريد أن يبجل ويعظم المقاوم المناضل والزعيم والمفكر وغيرها من الألقاب الرخيصة في زمن المسخ، ومن قمة مروءتهم أنهم يحترمون - من باب القبول بالاختلاف دائما - رأي من يريد الاحتفاء برحيل الراحل الذي كان يكن العداء للغتنا وثقافتنا من تحت جلباب الفقيه الورع الواعظ التقي، السياسي الذي لم يجد حرجا في أن يقول يوما:
" ألوم أجدادي الذين كرسوا جهدهم للوعظ والإرشاد في السهول والوديان وتركوا لنا العجمة في الجبال"
في الختام، أرى لزاما على المغاربة أن يطالبوا الحزب بتغيير اسمه لأن "الاستقلال" ملك مشترك لكل المغاربة ولا يحق لحزب معين أن يحتكر هذا الوصف الذي يسمو على كل الانتماءات السياسية الضيقة، كما ندعو كل المنتسبين إلى هذا الحزب إلى تحيين مخيالهم الاجتماعي والعمل على مراجعة تعاطي حزبهم مع العديد من المسائل التي تغير سياق الحكم عليها في مغرب القرن الواحد والعشرين وتتقدمها المسألة الأمازيغية .
(1): المقصود هنا إنما هو الحزب وليس مكسب المغاربة بعد مرحلة المعاناة مع المستعمر.
(2) : انظر مؤلفه : الحركات الاستقلالية في المغرب العربي.



#لحسن_أمقران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعة وثمانون سنة بعد الظهير العاري من البربرية...
- الى فؤاد البعثية
- تآمر المغاربة أم هلوسة بن كيران
- الى أصحاب الأطروحات العدوانية من الاسلاميين
- كلمة في مرصد -تجريم- الأمازيغية
- أمازيغ الجزائر...قلوبنا معكم
- أيها الأمازيغ، أرض المغرب لا تتسع لكم...
- حماية العربية أم الاجهاز على الأمازيغية؟؟؟
- كلنا ضد العنصرية...
- الأسماء الأمازيغية... هل هي بداية الفرج؟؟
- العبث والعبث الأنكى...
- الأمازيغية وسؤال: ما العمل؟؟؟
- حفل تأبين الراحل أوسادن يجمع الأمازيغ بمدينة فاس
- في العيد الأممي للمرأة...
- يا أحرار...أنتم المعنيون
- في اليوم العالمي للغة الأم...
- في ذكرى تأسيس اتحاد مغاربي موؤود
- الأمازيغية تتبرأ من تصابي المكديّين وتهافت المهرطقين.
- عبد المالك أوسادن...وتنطفئ عنا كبرى الشموع.
- -برابرة- الإسلام السياسي


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - لحسن أمقران - في ذكرى رحيل مهندس الاستقلال (1)