|
واقعة ألطف و استشهاد الإمام حسين (عليه السلام)
بطرس نباتي
الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 14:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
واقعة ألطف و استشهاد الإمام حسين (عليه السلام) بطرس نباتي ملاحظة: مسألة مقتل الأمام حسين بن علي بن أبي طالب أثارت جدلا واسعا في أوساط مثقفينا، وبالأخص حول المسؤولية التاريخية التي يدعي البعض أنها دبرت بمؤامرة من قبل الدولة البيزنطية ، وكنت قد أعددت هذه الدراسة حينها عن مقتل الإمام وموقف المسيحيين من هذه الفاجعة ، وأرسلتها إلى إحدى الصحف المعتدلة التي تصدر في العراق ولكنها اعتذرت عن نشرها بدون أن تعلن عن السبب . المقدمة : في نظري أن ما يروج له بعض علماء الدين المسلمين ، بأن للنصارى ولدولة البيزنطة اليد الطولى في تدبير مقتل الإمام يرتقي إلى فكرة المؤامرة التي يعاني منها الفكر العربي خاصة والإسلامي بشكل عام ، ففكرة المؤامرة هذه التي تغزوا الفكر العربي ليست وليدة اللحظة أو كما يؤرخ لها بعض المفكرين العرب ، أي أن ولادتها جاءت بعد وعد بلفور ووهب فلسطين من قبل بريطانيا ليقيم فيها اليهود وطنهم القومي، أو ولدت مع الوجود الاستعماري وبالأخص الاستعمار البريطاني ، لقد ولدت فكرة المؤامرة قبل ذلك ، حيث معظم الأحداث في تاريخ ما بعد الميلاد يقوم العرب بتفسيرها وفق منهج المؤامرة ، ومنها ما ذهب روج إليه البعض بأن المسيحيين كان لهم دور في مقتل الحسين(ع) وكل التراجع والانحطاط الذي يشهده الفكر العربي القومي نستطيع ان نربطه بالأيمان المطلق لهذا الفكر بان هناك مؤامرات تحاك للقومية العربية في الخفاء وانه غير قادر أو محبط من التصدي لها دور سرجون المزعوم في ولاية الكوفة: في عهد معاوية بن أبي سفيان المتوفي سنة 21 هجرية ،كان سرجون بن منصور من نصارى الشام ، استخدمه معاوية في مصالح الدولة ، وكان أبوه منصور على بيت المال ( أي مسئولا عن المال في الشام في عهد هرقل الروماني قبل الفتح الإسلامي1) ، عند وفاة معاوية بن أبي سفيان.، أصبح (سرجون) في زمن يزيد ، (حسب نفس المصدر ) ( مولى) ، والمولى من ولى في العربية أي والاه أي ناصره ويطلق على العبد أي كان عبدا ليزيد أبن معاوية. . ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما دخل سرجون بهذا الصراع؟ ، يقال بأن مشورة سرجون ليزيد وإعطائه وصية المعاوية والتي كتب فيها بان يتولى ولاية الكوفة عبيدالله بن زياد ، والمصدر الذي يتناول الواقعة يصفها بالشكل الآتي : لما وصلت الكتب إلى يزيد ( أي كتب مبايعته كخليفة للمعاوية ، دعا سرجون مولى معاوية فقال له : ما رأيك أن حسينا قد وجه إلى الكوفة مسلم بن عقيل يبايع له ، وقد بلغني عن النعمان بن بشير ( والى السابق لولاية عبيدالله بن زياد) فمن ترى أن استعمل على الكوفة ؟ وكان يزيد عاتبا على عبيدالله بن زياد فقال له سرجون أرأيت معاوية لو نشر لك حيا ، أما كنت آخذا برأيه ؟ أجابه يزيد نعم قال: فأخرج سرجون عهد عبيـد الله بن زياد على الكوفة وقال: هذا رأي معاوية، مات وقد أمر بهذا الكـتاب.(2) استناد على هذه الواقعة أو الرواية يفسر بعض علماء الشيعة مقتل الحسين , ولنأتي على تشريح الواقعة لبيان مدى صحتها في نقل المعلومة: 1- جاء في المصدر الانف الذكر ، ان سرجون هذا كان ( مولى) في بيت يزيد وقبله كان يصاحب معاوية ووالده كان موضفا ماليا في الدولة البيزنطية ، لنحسب أن ما جاء في المصدر يتمتع بالمصداقية ، فهل يعقل أن خليفة كيزيد الذي عرف ببطشه وكونه أميرا للمؤمنين يأخذ بكلام عبد من عبيده . 2- متى حفظ الخلفاء المسلمين وصاياهم لدى الخِدم ، والعبيد، وخاصة إذا كان العبد هذا ذميا، إلم يكن يوجد دار القضاء شخص اخر ؟، وقد أشتهر هذا الدار في زمن الخلافة الاموية في الشام ، ألم يكن هناك أمناء سر يحفظون هذه الاشياء التي تعتبر من المقدسات ؟ وخاصة إذا كانت صادرة ممن يدعوا نفسه ( امير المؤمنين) وبالذات معاوية الذي اشتهرتاريخيا بكونه عدوا لدودا لدولة بيزنطا . 3- ألم يطلع علماء المسلمين على أحوال المتردية لللمسيحيين إبان الفتوحات الاسلامية؟ وخاصة ما كان يفعله قواد وأمراء الدولة الاسلامية وبالذات ابن عمر بن خطاب في الامصار التي كان يفتتحها ، الم يسمعوا بعهد نجران؟ وكيف أخذ منهم وعدا بأن يعيشون اذلاء في الدولة الاسلامية لا يعمرون كنيسة إذا تهدمت ولا معبدا ولا ديرا جديدا، ويفتحون بيوتهم وأموالهم أمام الجيوش الاسلامية وغيرها من الشروط المذلة ( 3) كي يعيشوا في ظل نظام الدولة الاسلامية . وما كانت عليه احوالهم في زمن حروب المعاوية مع البيزنطة. 4- إذا كان حال المسيحيين ( النصارى ومعهم اليهود بهذه الحالة المزرية) هل يعقل أن يسمع خليفة المسلمين النصح من ذمي واي ذمي ( عبد عند العائلة المالكة )؟ ولنتصور كم مثل سرجون هذا كانوا عبيدا وجواري وجاريات وغلمان في قصور الخلفاء وخاصة خلفاء بني أمية ، فهل يعقل أن يؤثر عبد من العبيد ، على حميع هؤلاء القادة الذين شاركوا في معركة الطف؟ ، وخاصة أنهم من الامراء ومعظمهم شهد المعارك إلى جانب على بن أبي طالب والد الحسين ، ولكنهم أرتدوا عنه قبل استشهاد الامام ، وسناتي على ذكرهم . 5- يبدوا من خلال ما بين ايدينا من مصادر أن هذه الفاجعة كان لها اسباب سياسية وكانت تهدف إلى إبقاء الخلافة الاسلامية في الشام محصورة في بيت معاوية تنتقل بالوراثة بين ابنائه بينما هذا يتعارض مع اسلوب الحكم في الدولة الاسلامية، وقد فضل المرتدون او الذين تنكروا في وعودهم للأمام الشهيد نتيجة الطمع بالرئاسة والقيادة ولتحقيق مصالح شخصية ، وهذا لا زال ساريا لحد يومنا هذا في البلدان الاسلامية ، عندما يتنكر الناس للمباديء وللوطن من أجل تحقيق مصالح آنية ، هذه الدنائة لا زالت فاعلة لحد الان. 6- كانت الفتوحات الاسلامية في بداية عهدها وعلى اشدها في العهدين الراشدي والاموي 632-732 والحدث الذي يتكلم عنه المصدر(اي مسألة سرجون أبن منصور) واقع في نفس تلك التواريخ اي في سنة 641 فالمصادر التي تتحدث عن الفتح الاسلامي تؤكد فتح عمورية وارمينية واذربيجان وصولا الى بحر القزوين كما فتحت مصر على يد عمرو بن عاص والاقاليم الساحلية الليبية ( طرابلس وبرقة ) وصولا إلى حصار قسطنطينية المعقل الرئيسي لدولة البيزنطا في الشرق، فهل يعقل في ضل تلك العداوة المستحكمة وهذه الحروب والعداواة التي رافقت تلك الفتوحات ، أن يُقَّرب والي الامويين شخصا له علاقة ببيزنطة في هذه الفترة بالذات؟ شيء من التاريخ عن واقعة الطف المأساوية: تولى أبن معاوية ( يزيد ) كخليفة للمسلمين كوريث لأبيه ،ولكن تنصيبه جوبه بمعارضة من قبل بعض المسلمين وكانت خلافة يزيد التي دامت ثلاث سنوات عبارة عن حروب متواصلة، ففي عهده حدثت ثورة كربلاء ثم حدثت ثورة في المدينة انتهت بواقعة الحرة ونهبت المدينة. كما سار مسلم بن عقبة المري إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وأصيبت الكعبة بالمنجنيقات. حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة المنورة يطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع "يزيد"(4) وصلت أنباء رفض الحسين مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفة التي كانت أحد معاقل القوة لشيعة علي بن أبي طالب وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. بعد تلقيه العديد من الرسائل من أهل الكوفة قرر الحسين أن يستطلع الأمر فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر. عندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الحسين بن علي ومعارضة لخلافة يزيد بن معاوية وحسب بعض المصادر الشيعية فإن 18,000 شخص بايعوا الحسين ليكون الخليفة ( راسل أشراف الكوفة الإمام الحسين – عليه السلام- ما يلي على الحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمسلمين اما بعد فجيء ،هلا فإن الناس ينتظرونك ، لا رأي لهم غيرك فالعجل..العجل.ثم العجل. العجل والسلام (5) ( العجل ثم العجل العجل والسلام) وهذا التكرار في رسالتهم لا يفيد غير العزم والتصميم طبعا، ولا شيء آخر. ونتيجة هذه المبايعة وتزايد شعبية عقيل في الكوفة (كتب بعض العملاء إلى يزيد ، ومن الكوفة أيضا، أن مسلم بن عقيل قد قدم إلى الكوفة وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) فإن يكن لك في الكوفة فأبعث إليها رجلا قويا ينفذ أمرك فإن نعمان بن بشير رجل ضعيف ، كتب يزيد إلى ابن زياد واليه في البصرة يطلب منه أن يذهب على الكوفة ليسيطر على الوضع ،واخذ يتهدد ويتوعد المعارضين والرافضين لحكومة يزيد6) ومن الأمور التي تأخذ بالعجب أن الذين كتبوا للحسين طالبين منه بالإسراع بالمجيء إلى الكوفة ومبايعته سرعان ما انقلبوا عليه وأصبحوا من أشد أعدائه. ولا تذكر المصادر سبب هذا التبدل سوى وصم التصرف بالخيانة والغدر، وخوفهم من بطش ابن زياد الوالي، ولكن استقراء لتاريخ وأحداث تلك الفترة ، كانت المصالح الشخصية وراء هذا التبدل ، بحيث دفعت بهؤلاء القادة حتى إلى قتل مسلم بن عقيل على يد بعض أتباع أبن زياد في الكوفة ، وكان هذا من احد الأسباب المباشرة بقدوم الحسين إلى الكوفة للمبايعة ، ثم للأقتصاص من قتلة عقيل ، وكان لأخوة عقيل دور في هذا الأمر، فقد سار الحسين إلى الكوفة رغم التحذيرات التي تلقاها بتبدل الأوضاع في الكوفة بعد مقتل مسلم، إلا أن شهامته وعزة نفسه أبيا ذلك مقررا التضحية بكل شيء من أجل إنقاذ البلاد الإسلامية من طغيان يزيد أولا والثأر لدماء مبعوثه وأقرب الناس إلى قلبه عقيل، هذه الأحداث التاريخية وغيرها التي مرت على العراق هي التي كانت من الاسباب المباشرة في تكوين النعرات الطائفية والدينية . الاحداث حسب تسلسلها التاريخي: ما نود ان نشير إليه بأن واقعة الطف حدثت حسب التاريخ الميلادي في 12/10/680، لقد دامت الحروب بين الدولة الاسلامية وبيزنطة طيلة عهد الامويين ومنذ تولي معاوية الخلافة ، حيث بدأ بإعداد الحملة الاولى في نفس عام توليه الحملة الأولى، وزودها بالعدد والعدة ، وجعل على رأسها ابنه وولى عهده يزيد، ولم يتخلف صحابة رسول الله ( عن الجهاد فى سبيل الله، فانضموا إلى هذه الحملة متمثلين أمام أعينهم، قول الرسول (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش) آملين أن يتحقق فيهم قول الرسول (أول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ) (7) واستمر القتال لحين محاصرة جيوش المسلمين للقسطنطينية عاصمة بيزنطة منذ عام 674 م إلى عام 680 م أي لمدة سبع سنوات ، وانتهى القتال بينهما حيث لم تتمكن جيوش المسلمين من السيطرة عليها في معارك شرسة اشترك فيها الأسطول الإسلامي وجيوش ومتطوعين(8) ، فإذا كانت واقعة الطف في عام 680 م ، فكيف ووسط هذا العداء المستحكم يسمع الوالي لنصيحة عبده سرجون؟ والذي يقال بأنه كان جاسوسا لبيزنطة) يا ترى ، وقد أطلعت مؤخرا (8) ( قبل نشر مقالي هذا على مقال او دراسة جادة ومهمة للأخ الباحث أبرم شبيرا في رده على الشيخ ، الذي خلص ببرهان جدير بذكره ألا وهو ( على ان بيزنطة لو كانت تتآمر على الدولة الأموية ، لكان الأفضل لها أن تنحاز بكل قوتها وثقلها السياسي إلى جانب الحسين وليس ضده ( حسب طبيعة المصلحة لدولة بيزنطا) جيش يزيد : حسب ما اوردناه في مقالنا عن أنشغال جيش يزيد بمحاربة العدو البيزنطي وحصاره للقسطنطينية وإنهاك جيشه هناك في تلك الحرب الطويلة ، يتعذر علينا اليوم وضمن السياقات المتعارف عليها آنذاك أن نسلم بأن القوات التي كانت تحارب البيزنطة هي التي عادت وقضت على ثورة الحسين ، وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة الاراضي والمسافات الشاسعة الفاصلة بين القسطنطينية وكربلاء ، ثم تنقل الجيش لم يكن طبعا عبر الوسائل الحديثة كالطائرات وغيرها ، والتنقل على الفرس يحتاج من المقاتلين سنوات وشهور لكي يقطعوها ومعهم معداتهم الحربية للوصول إلى أرض المعركة وبهذا الزخم. من هم قادة جيش يزيد؟ في أستعراضنا للمصادر الاسلامية أطلعنا على اسماء بعض القادة الذين كانوا على رأس هذا الجيش والجموع التي استخدموها قتالهم مع الامام حسين وتنفيذهم لهذه الجريمة التاريخية.
إن من قتل الحسين كما جاء في معظم المصادر الاسلامية هم: شمر بن ذي الجوشن هذا الشخص هو المتهم الأول في استشهاد الإمام ولا زال الشيعة في العاشوراء يلعنونه لأنه قطع رأس الحسين بالسيف هو وآخرون ، حيث نقرأ( 9): وأقدم عليه ــ الشمر ــ بالرجالة، منهم أبو الجندب ــ واسمه عبد الرحمن الجعفي ــ وسنان بن أنس النخعي، وخولي بن يزيد الاصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرِّضهم، فمرَّ بأبي الجندب وهو شاك في السلاح، فقال له: أقدم عليه، قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت! فقال الشمر: إليَّ القول ذا؟ قال: وأنت تقول لي ذا! فاستبا، فقال له أبو الجندب ــ وكان شجاعاً : والله لهممت أن أُخضخض السنان في عينك والمصادر تقول عنه أي (عن شمر) بأنه شهد حرب صفين مع الامام علي وهو من كتب إلى الحسين يدعوه للكوفة شبث بن ربعي: من الأشراف المعروفين، وكان له دور متميِّز في القتال إلى جانب علي عزرة بن قيس الاحمسي: من الذين كاتبوا الحسين أو بالأحرى الذين كتبوا إلى الحسين (عليه السلام)، وكان قد كلّفه عمر بن سعد بمحادثة الحسين عن سبب مجيئه فرفض استحياء لأنه كان قد كتب إليه بالمجيئ عبد الرحمن بن أبي سبرة يزيد بن الحرث بن يزيد بن رويم: من الذين كتبوا إلى الحسين بالقدوم إلى الكوفة حجار بن أبجر: من الشخصيات المعروفة بالانتهازية السياسية، فقد تجسّس مرَّة على الخوارج بشكل شخصي وعمرو بن الحجاج الزبيدي) ولو تعمقنا بالقراءة لعلمنا من هم هؤلاء الذين كانوا سببا في مقتل الامام الحسين وهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن استشهاده ، أنهم قادة وأشراف الكوفة وقد خاضوا حروبا وفتوحات مع علي بن أبي طالب وكان كل فرد منهم على رأس آلاف المقاتلين في حربهم ضد ابن علي بن أبي طالب وهم يعلمون من هو.. يقول أبو الفرج في روضة الواعظين: إن حامل رأسه ( أي رأس الحسين ) سنان بن انس قال ، فأقبل سنان لعنه الله حتى أدخل رأس الحسين عليه السلام إلى أبن زياد وهو يقول : أملأ ركابي فضة أو ذهبا إنا قتلنا الملك المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا وخيرهم أن ينسبون النسبا فأجابه أبن زياد : ويحك إذا علمت إنه خير الناس أبا واما فلم قتلته ، فضرب عنقه وعجل الله بروحه إلى النار .. وحسب رواية أخرى بأن شمر ذي الجوشن من قبيلة بني كلاب وأسمه شرحبيل بن قرط الضبيبي الكلابي وكان قد بايع علي بن ابي طالب وشارك إلى جانبه في معركة صفين بعد ذلك تمرد عليه وشارك في قتل الحسين، وهو الذي قطع رأس الحسين 0 وقد قتل بعد واقعة الطف، على يد المختار بن ابي عبيد الثقفي.
أهمية ثورة الحسين في التاريخ ثورة الحسين استمدت أهميتها التاريخية في كونها أول ثورة ضد الظلم والطغيان ثم لكونها حاربت مفهوم التوريث في الخلافة والذي لا يزال يمارس في بعض الدول الإسلامية ولكن تحت مسميات أخرى،أما تراجع أهل الكوفة عن دعم الحسين وتركه وحيدا مع آل بيته يسيمونهم شتى العذابات ، وخيانتهم له هي الأخرى دخلت التاريخ تحت يافطات الخيانة والجبن ونكث العهود ، مهما حاول علمائهم تبرير تخاذلهم هذا تبقى خيانتهم كشاهد تاريخي على هول الفاجعة ، هكذا ضمن هذه الأجواء الموبوءة تم دحر ثورة الحسين وقتل من كان معهم في واقعة الطف. موقف ( النصارى ) من ثورة الحسين وفاجعة كربلاء: وهناك روايات عديدة حول رأس الحسين عن تكلمه وهو مفصول عن الجسد مرفوع فوق الرمح أو وهو يقرأ سورة الكهف ، هناك رواية عن راهب نقرأ عنها في مجلد بحار الانوار(10) فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، فإذا بكف في حائط الدير تكتب: أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب قال: فجزعنا من ذلك جزعا شديدا وأهوى بعضنا إلى الكف ليأخذها فغابت، ثم عاد أصحابي إلى الطعام فإذا الكف قد عادت تكتب فلا والله ليس لهم شفيع وهم يوم القيامة في العذاب فقام أصحابنا إليها فغابت ثم عادوا إلى الطعام، فعادت تكتب: وقد قتلوا الحسين بحكم جور وخالف حكمهم حكم الكتاب فامتنعت وما هنأني أكله، ثم أشرف علينا راهب من الدير فرأى نورا ساطعا من فوق الرأس فأشرف فرأى عسكرا فقال الراهب للحراس: من أين جئتم؟ قالوا: من العراق، حاربنا الحسين فقال الراهب: ابن فاطمة بنت نبيكم وابن ابن عم نبيكم؟ قالوا: نعم، قال: تبا لكم، والله لو كان لعيسى بن مريم ابن لحملناه على أحداقنا، ولكن لي إليكم حاجة، قالوا: وما هي؟ قال: قولوا لرئيسكم: عندي عشرة آلاف دراهم، ورثتها من آبائي يأخذها مني ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل فإذا رحل رددته إليه، فأخبروا عمر بن سعد بذلك فقال: خذوا منه الدنانير وأعطوه إلى وقت الرحيل فجاؤوا إلى الراهب فقالوا: هات المال حتى نعطيك الرأس فأدلى إليهم جرابين في كل جراب خمسة آلاف درهم فدعا عمر بالناقد والوزان فانتقدها ووزنها ودفعها إلى خازن له، وأمر أن يعطى الرأس. فأخذ الراهب الرأس فغسله ونظفه وحشاه بمسك وكافور كان عنده، ثم جعله في حريرة ووضعه في حجره، ولم يزل ينوح ويبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس، فقال: يا رأس والله لا أملك إلا نفسي، فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدك. وراهب آخر يدعى ( قراقولس) الذي رأى رأس الحسين أثناء مسيرة السبايا من كربلاء إلى الشام ، حيث طلب هذا الراهب إيداعه في دير الرأس ببعلبك ولا زال الأثر حسب محفوظا ضمن ممتلكات متحف موسكو بروسيا (*) وبرأي أن الفن الكربلائي لهذه الواقع المتكون من دماء ورموز ورؤوس مقطوعة إنما قد استمد أولوياته من هذه اللوحة ، لكون الدين الإسلامي يحرم رسم المقدسات والرموز الدينية وغيرها، والفضل في بقاء وتطور هذا النوع من الفن يعود لهذا الراهب .. وهذا موقف آخر للمسيحيين تجاه الحسين ( عليه السلام) عثرة عليه في قراءات عديدة في فاجعة كربلاء ولا زال الأخوة الشيعة يرددونه في العاشوراء(12) لحد الآن: (فبعث عمر بن سعد لعنه الله في الجيش قائلا : فتشوا هل تجدون في الجيش كاتبا لا يعرف الحسين ولا يعرف محمد بن عبد الله و لا يعرف علي بن أبي طالب حتى يذبح الحسين؟ ففتشوا فوجدوا رجلا من النصارى فبعثه عمر بن سعد قائلا خذ هذا السيف و انطلق إلى ذلك الصريع وائتنا برأسه فأقبل ذلك الرجل حتى دنا من الحسين فعرف الحسين أنه من النصارى فقال له : أخا النصارى هل قرأت الإنجيل؟ قال : نعم , قال : أقرأت الاسم الفلاني و الفلاني قال : نعم , فقال الإمام الحسين : أتعرف من هم أصحاب هذه الأسماء؟ قال : لا ولكني اعلم أن النصارى يحترمونها ويقدسونها , فقال الإمام الحسين عليه السلام : أما الاسم الأول فهو اسم جدي محمد رسول الله صل الله عليه وسلم وأما الاسم الثاني فهو اسم أبي علي بن أبي طالب , فقال النصراني : أنت الحسين بن بنت محمد؟ قال الحسين : نعم , فقال النصراني : سيدي أنا اشهد أن لا اله إلا الله وان جدك محمد رسول الله ، وأنك عبده ووليه , فقال له الإمام الحسين عليه السلام : إذن خذ سيفك وذب عن حرم رسول الله. بينما هم كذلك، (13) وإذا بالشمر لعنة الله قد أقبل إلى الحسين عليه السلام, هذا والسيدة زينب عليها السلام منكبة عليه وتبكي وإذا بكعب الرمح بين كتفي السيدة زينب واللعين يقول لها : قومي عنه يا زينب , قالوا : وقعت السيدة زينب مغمى عليها فلما أفاقت وإذا برأس الامام الحسين على رأس الرمح , وإذا بشيبة الإمام الحسين مخظوبة بدمائه فصاحت : وآ اخاه وآ حسيناه) بهذه الدلالات والرموز والذكريات الأليمة، المترسبة في نفوس الشيعة من آل البيت وخاصة في العراق نالوا احترام المسيحيين ، لكونهم أقرب الناس مودة إليهم وأنهم منذ البداية أولوا لهذه الفاجعة الاهتمام الأكبر في بحوثهم ومقالاتهم . لذلك يأخذنا العجب مما ذهب إليه بعض أأمتهم حول مسؤولية النصارى في مقتل الحسين ، والذي يندرج في باب التحريض رغم محاولة البعض إيجاد تبرير حول كون نوايا هؤلاء سليمة ، وخاصة عندما يجدوا رموز وعلماء الشيعة ينبرون للدفاع عن وجود المسيحي في العراق من خلال توثيق علاقاتهم بالمراجع الدينية للمسيحيين أو من خلال الأحزاب السياسية ، وأود هنا أن اختتم ما طرحتُه ، بعبارة قالها المستشرق الانكليزي ( ادورد براون) في فاجعة الكربلاء .. (وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتّى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلِّها)
المصادر والمراجع 1- محمد كرد علي / الاسلام والحضارة العربية/ ج2 ص185 2- نفس الصدر الاول 3- مبعوث الحسين (ع) ص 11 نقلا عن مقتل الحسين للخوارزمي 4- محمد كرد علي المصدر الاول 5- مبعوث الحسين مصدر رقم (3) 6- حافظ ابن عساكر / تاريخ دمشق ص 161 7- هذا القول منسوب للنبي محمد ويقال بأنه موجود في البخاري ولكن الحقيقة ما هو موجود فعلا ليس كهذا القول وإنما جاء في صحيح البخاري في الجزء الثالث ( 1069)ما يلي: (حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقي حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام قال عمير فحدثتنا أم حرام: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ) . قالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال ( أنت فيهم ) . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصرمغفور لهم ) . فقلت أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال :لا 8- مقال للباحث ابرم شبيرا منشور في عنكاوا كوم من هو سرجون الذي قتل الأمام الحسين بن علي (سلام الله عليه) حسب إدعاء السيد مقتدى الصدر؟؟ .9 - تاريخ الطبري / تاريخ الامم والملوك / الجزء الرابع ص292 10- بحار الانوار ج 44 ص 334 11- مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، جمعها محمد حميد الله ـ دار النفائس ـ بيروت، الطبعة السادسة 1987. 12- تاريخ الطبري الجزء (3) 13 نفس المصدر السابق (الطبري) ص405 والصفحات اللآحقة حول قادة جيش زياد *البداية والنهاية - ابن كثير - الجزء الثامن - *– معلومة من مقال للفنان التشكيلي والرسام حسين احمد سليم بعنوان ابتكار مدرسة فن الرسم والتشكيل الحسيني.
#بطرس_نباتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في البدءِ كانَ الطّوفان/ بطرس نباتي
-
قراءة في بعض مفاصل الحكم في العراق
-
جميع خيرات وطننا، وكل سلطانكم أيها السادة...
-
العراق سفينة تطفوا فوق الخيرات ، ملاحوها لصوص
-
الانتماء إلى الوطن في روايات اليهود العراقيين
-
عندما عاد من فم الانهر الالهية
-
صرخة أبو ذر الغفاري بوجه الفاسدين
-
في البدءِ كانَ الطّوفان
-
همسة رقيقة في آذان المنظمات النسوية
-
مسلسل اضطهاد الاثنيات في ظل حكم طائفي
-
من نحن ؟ ما بين الأمس واليوم
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|