|
اللاجئون الفلسطينيون وحق العودة …
محمود جلبوط
الحوار المتمدن-العدد: 1262 - 2005 / 7 / 21 - 08:46
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
إن ما حل بالفلسطينيين عشية وإبان النكبة الكبرى عام 1948 كان حصيلة المؤامرات الصهيونية والدوائر الاستعمارية التي رافقتها المجازر وعمليات الطرد العسكرية، ونتيجة ذلك نشأت قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا يقبعون لأكثر من نصف قرن في مخيمات اللجوء وديار الغربة أو يعيشون مهجرين قسراً في الوطن، فالشعب الفلسطيني عانى خلال 57 عاماً من التشرد، أقصى ويلات الحرب والاضطهاد، وإنكار الهوية الوطنية، والتمييز العنصري. فلقد نهبت حكومات إسرائيل المتعاقبة أملاك وبيوت اللاجئين الفلسطينيين، ودمرت قراهم وصادرت أراضيهم بشتى القوانين العنصرية الظالمة، وتنكرت لحقهم في العودة إلى أراضيهم وديارهم طبقاً للقرار الأممي 194 الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 1948، الذي تم التشديد على هذا القرار أكثر من مائة مرة من قبل الأمم المتحدة في العديد من القرارات اللاحقة وأبرزها القرار (513) لعام 1952، والقرار (2963) لعام 1972، والقرار (2452) لعام 1968 بالإضافة إلى القرار (3236) لعام 1974 الذي اعترفت الأمم المتحدة بموجبه بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وبحقه في الاستقلال والسيادة الوطنية، واعتبرت حق العودة للشعب الفلسطيني من الحقوق غير قابلة للتصرف. فقضية اللاجئين هي جوهر الصراع الفلسطيني العربي ـ الإسرائيلي، ولذلك فمن الطبيعي أن ينظر اللاجئون إلى مشكلتهم باعتبارها القضية الأولى، فاللاجئون ما زالوا يمثلون حتى الآن العدد الأكبر من المهجرين في العالم وأقدمهم في الشتات، إذ يبلغ عددهم حوالي 6 ملايين لاجئ يمثلون ثلثي الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل وما يفرزه هذا الاختلال من تعقيدات في عملية التسوية، وما يضعه من عقبات في طريقها، ورفض الفكر الصهيوني والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الاعتراف بالمسؤولية الأخلاقية والمعنوية عن خلق مأساة اللاجئين الفلسطينيين فإن المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، ملزم أخلاقياً بالضغط على إسرائيل لحملها على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ومبادئ القانون الدولي، بما يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم، على غرار ما حصل لاجئي البلقان وبعض اللاجئين في القارة الإفريقية وأفغانستان. فحق العودة من وجهة نظر قانونية هو من نوع المبادئ العامة التي ليست بحاجة إلى تكريس نصي من أجل الاعتراف بها، فقد ضمنته معاهدات جنيف الأربع والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 13 ـ الفقرة 2)، والميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 12 ـ الفقرة 4). وبغض النظر عن النتائج التي سوف تتمخض عنها العملية السلمية، فمن حق اللاجئين الفلسطينيين أن يرفعوا أصواتهم عالياً لإيصال مطلبهم المشروع في العودة إلى ديارهم باعتباره من الحقوق الوطنية المشروعة غير القابلة للمساومة أو التفريط، بوصفه مكوناً أساسياً من مكونات حق تقرير المصير لمجموع الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، رغم كل مشاريع التنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، التي حدثت خلال العقدين الماضيين مشروع "إيالون ـ نسيبة" مروراً بوثيقة "البحر الميت ـ جنيف"، وأخيراً "تصريحات الأخ محمود عباس/ أبو مازن" الذي يدعو فيها الدول العربية إلى تجنيس اللاجئين الفلسطينيين معتبراً أن التجنيس لا يعني التوطين ولا يتناقض مع حق العودة، وهذا هو اللعب بالنار، فلا يجوز لرئيس السلطة الفلسطينية أن يجتهد حول القضايا الثابتة التي لا تقبل أي جدل حولها فعودة اللاجئين الفلسطينيين أحد شروط التسوية، ولا يمكن الوصول إلى حل عادل وشامل ومتوازن للصراع العربي الفلسطيني ـ الإسرائيلي دون حل قضية اللاجئين الفلسطينيين عملاً بالقرار الأممي 194، وهذا مرتبط بجذور الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فهناك ترابط جدلي بين كل حقوق الشعب الفلسطيني، بين حق العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني، وأسبقية تحقيق أي من هذه الأهداف الوطنية لا يجب أن يكون على حساب أي من الأهداف والحقوق المتبقية، فحق عودة اللاجئين الفلسطينيين هو حق الذين طردوا أو خرجوا من ديارهم لأي سبب (عام 1948)، أو في أي وقت بعد ذلك في العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه، فحق العودة هو حق تاريخي ومقدس، لأنه ناتج عن وجودهم في فلسطين منذ الأزل وارتباطهم بالوطن، فالشعب الفلسطيني متمسك بحقه بالعودة إلى وطنه لأن كيان الإنسان وهويته مرتبطان بوطنه مسقط رأسه، ومدفن أجداده، ومستودع تاريخه، ومصدر رزقه، ومنبع كرامته. الشعب الفلسطيني يتذكر أنه في كل قضايا التحرر الوطني في التاريخ كان الشعب المحتل أضعف عسكرياً من القوة المحتلة، وفي كل هذه الحالات انتصر الشعب بإصراره على التمسك بحقه ومقاومته العنيدة رغم القوة العسكرية الهائلة لخصمه، يجب على الشعب الفلسطيني أن لا يفقد الأمل ولا يجعل اليأس والإحباط يتسلل إلى نفوسه، فهذا هو الدواء القاتل، بل يجب الإصرار على التمسك بحق العودة وعدم إسقاطه تحت أي ظرف من الظروف، فالمعركة طويلة والأعداء شرسون (إسرائيل، أمريكا) سيستمرون في محاربة الحقوق الشرعية للفلسطينيين بكل الوسائل، وعلينا أيضاً الدفاع عن حقوقنا بكل الوسائل، ستتغير الوجوه والمسميات والوسائل لأعدائنا، وستبقى المعركة مستمرة، فلنستعد لها دائماً ولنتذكر دائماً المقولة: "ما ضاع حق وراءه مطالب …".
#محمود_جلبوط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأي في العمل السياسي
-
مشاركة من يساري ديموقراطي يسكن مجاورا للعراق استجابة لنداء ا
...
-
قصة قصيرة................موعد
-
لنجد أشيائا مشتركة نقوم بعملها مع أولادنا لنا ولهم
-
لماذا يردني أهلي أن أبدو جيدا أمام الآخرين
-
لماذا لا يتركون أهلي فرصة لمبادراتي...؟؟
-
هل نصغي بما يكفي لأطفالنا ؟؟
-
ما أشبه المشهد السوري بالمشهد العراقي
-
قصة قصيرة جدا...
-
شعر....وبالذاكرة نقاوم
-
من ذاكرة معتقل سابق 21
-
زمن العولمة........زمن الكوليرا
-
رسالة إلى صديق..
-
حول مصافحة الأسد الابن مع رئيس الكيان الصهيوني
-
قصة قصيرة - شعور الغربة والوحدة
-
حوارية
-
قصة قصيرة
-
سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد
-
المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي
-
رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|