أسامة مساوي
الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 03:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لدي بعض من الأصدقاء يقولون بالإلحاد-وهذا حقهم- لكن في الغالب ما أجد مواقفهم هذه مبنية على إشتهاءات وميولات, وليس على مجهود فكري رصين,حصيف يمكن أن يؤسِّسوا من خلاله لنسق متكامل من الأفكار. أجدهم-حينما أناقشهم- وقد اختاروا هذا التوجه,كمن يختار قميصا أو نوعا مفضلا من الشوكولا أوسندويتشا محشوا بالمَيُونيس بدل الكيتشوب مثلا...وهذا أمر لا يصح في مثل هذه الأمور حسب اعتقدادي,لأنه لايمكن أن يصمد ويعيش حينا من الدهر. بل الأرجح أن هذا التوجه لا يعدو أن يكون مراهقة سيكلوجية-ولا أقول فكرية- عابرة!
لماذا؟
فحينما أرجع مثلا لكتاب ’’تأملات ميتافيزيقة’’ للفيلسوف الفرنسي ’’روني ديكارت’’ وكذلك لبعض المقالات الفيزيائية التي تركها إسحاق نيوتون,أجد أن هؤلاء الفلاسفة الكبار-وغيرهم- عجزوا-بوَاسطة عُقولهم- على نُكران شيء اسمه الله, أوعلى الأقل قوة كبرى تقف وراء هذا الكون,ودورة أفلاكه السماوية,وأمور أخرى كأصل ماهية قانون الجاذبية وأصل تشكله ,وسر بقائه على حاله مند ملايين السنين والضَّامن لهذه السيرورة الدقيقة ,الحثيثة كما يقول عُمر الكون!
فما أصل قانون الجاذبية وأصل الأصل؟
هذا سؤال يقول عنه إسحاق نيوتن: أنا عجزت حتى أن أضع فرضية علمية ملموسة عن ذلك!
وهذا مثلا ديكارت يقول في ذات الكتاب المذكور الذي جاء كمساهمة في مؤتمر ليتران:
’’...أي شيء أنا إذن؟ أنا شيء مفكر,وما الشيئ المفكر؟ إنه شيئ يشكُّ ويفهم ويعي ويتصور ويحس أيضا ...وما دمت أُفكرفأنا إذن موجود ,وإذا كُنتُ موجودا فإما أن أكون أَوجدتُ نفسي أو أوجدني غيري, فإذا كنتُ أنا الذي أوجدتُ نفسي فإن فيَّ عيوبا ونقائص لا بد من تلافيها كي أصل إلى الكمال, ولكني رغم شوقي إلى الكمال لا أستطيع تحقيقه,وما دُمتُ لا أستطيع تحقيقه فأنا عاجز,ومادمت عاجزا عن تحقيق الكمال بنفسي ,فمن باب أولى أني أشَّد عجزا عن خلقِ نفسي بنفسي ,إذن فقد خلقني غيري,وهذا الغير لا بد أن يكون أكمل مني,لأن الناقص لا يخلق ماهو أكمل منه ولا يمكن أيضا أن يكون مماثلا لي,فلم يبق إذن إلا المطلق الواحد الذي هو الله’’
لذلك أجد أن المواقف-التي هي على العموم حق يجب أن يكون مضمونا- من المفترض أن تبنى على أرضية صلبة وليس على الهوى والإشتهاء(الكيتشوب والمايونيس) دون معاقبة أفرادها أو التهجم عليهم كما يحدث عندنا في دول العالم الإسلامي مثلا!
لماذا ؟
لأن الأفكار التي لا تغير جلدها تموت...مهما كانت ماهية هذه الأفكار,كما يقول فسلسوف المطرقة نيتشه. فلا داعي لقصف الجثت-الأفكار المهزوزة-بالرصاص!
أم أن ما يقوله ديكارت ونيوتن ونيتشه غير معقول؟
#أسامة_مساوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟